خطبة عن ( تربية الأولاد تربية إيمانية )
يونيو 18, 2017خطبة عن (أهمية تربية الأولاد في الاسلام)
يونيو 18, 2017الخطبة الأولى ( كيف نربي أبناءنا على الفطرة الإيمانية السليمة)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) التحريم (6)
إخوة الإسلام
تناولت معكم في اللقاء السابق أهمية تربية الأولاد ، واليوم إن شاء الله نتعرف على كيف نربي أبناءنا على الفطرة الإيمانية السليمة : (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ) الروم 30، فأقول : للتربية مجالات شتى منها : التربية الإيمانية ،والتربية الأخلاقية ،والتربية النفسية ،والتربية الجسدية ،وغيرها ، واليوم إن شاء الله نبدأ بالتربية الإيمانية ، والمقصود بالتربية الإيمانية هي ربط الولد وهو صغير بأصول الإيمان ،وتعويده على أركان الدين ،وتعليمه مبادئ الشريعة الاسلامية ، والتربية الإيمانية هي أساس كل خير ،فمجتمع المسلمين لا يعاني من قلة الأقوياء في الجسم ، ولكنه يعاني من قلة الأمناء والأتقياء والأطهار ، يعاني من قلة من يخشون الله ،ويراقبونه في أعمالهم ،حتى عم الفساد كل موقع وكل مكان ، لذلك ، كان لابد أن يربى أبناؤنا على أن الله مطلع على خلقه و(إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ) آل عمران 5 ،وأنه سبحانه : (جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) آل عمران 9 ، وفيه : ( تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) البقرة 281 ، فلابد أن يربى أبناؤنا على أن الذي يعطي ويمنع هو الله ، والذي يضر وينفع هو الله ،وأنه سبحانه متفرد بالوحدانية فلا شريك له ولا ند له ، وهذا هو لقمان الحكيم يربي ابنه تربية إيمانية ، يقول سبحانه (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (12) وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) لقمان 12،13 ، فأول ما ربى به لقمان ولده 🙁 يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ) ، فمعرفة الله ،وتوحيد الله رأس كل خير ، وعليه تؤسس كل الأعمال ، فهذا الذي نراه يذبح لغير الله ، أو ينذر لغير الله ، أو يطلب المدد والعون من غير الله ،أو يستغيث إذا أصابه ضر بغير الله أو يطلب الشفاء من غي الله ،أو يدعو لتفريج الكرب وإزالة الهموم غير الله ، كل أولئك تربوا في صغرهم على غير توحيد الله ،ولو وجدوا من يربيهم على التوحيد الخالص وعدم الاشراك بالله ،ما وقع منهم عمل أو قول يخالف عقيدة المؤمن ،ويشرك مع الله غيره (يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)
إخوة الإسلام
وقد يسألك ولدك الصغير من الذي خلق الخلق ؟ فتجيبه الله ، فيقول لك ،لماذا لا نرى الله ؟ فقل له : هل أنت حي ؟ فيقول لك نعم ، فقل له ما سر الحياة فيك ؟ يقول الروح ، قل له ، هل ترى الروح ؟ فيقول لا ، فقل :هذه مخلوقات لا تستطيع رأيتها فكيف تستطيع أن ترى الخالق عز وجل ؟ وهذه الكهرباء والجاذبية الأرضية لا تراها العين ، فليس كل ما لا تراه العين فهو غير موجود ، لذلك يحكى أن مدرسا شيوعيا لا يؤمن بالله أراد أن يدعو بعض طلابه المسلمين للشيوعية ويثبت لهم أن الله غير موجود ،فقال لهم : أترون هذه السبورة ؟ أترون الباب ؟ أترون الاستاذ ؟ قالوا :نعم، قال :إذن هي موجودة ، ثم قال لهم : أترون الله ؟ قالوا : لا ، قال إذن فالله غير موجود ،،، فقام إليه أحد التلاميذ تربى على التوحيد ، وعلى الإيمان بالله الخالق ، فقال : إخواني التلاميذ، هل ترون الباب ؟ أترون الشباك ؟ أترون السبورة ،أترون الأستاذ؟ قالوا نعم ، قال إذن هي موجودة ، ثم قال : هل ترون عقل الأستاذ ؟ قالوا :لا ، قال :فعقل الأستاذ غير موجود إذن فالأستاذ مجنون ،وقد يسألك ولدك ما الدليل على وجود الله ؟ فقل له قول الأعرابي حين سألوه كيف عرفت الله؟ فقال ( البعرة تدل على البعير و الأثر يدل على المسير ،فكيف بسموات ذات أبراج وارض ذات فجاج ،وبحار ذات أمواج ،ألا يدل ذلك على العلي الكبير ) ،وإذا سألك ولدك من خلق الله ؟ فقل له الخالق لا يخلق فهو الأول والآخر
أيها الموحدون
ومن التربية الإيمانية أن نربي أولادنا على مراقبة الله وخشيته ،وأنه سبحانه قادر على كل شيء كما قال لقمان لولده ( يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) لقمان 16هكذا نغرس في قلوب صغارنا أن الله معهم في كل مكان ، يسمع قولهم ،ويرى عملهم ، لذلك عندما أراد بعض الحكماء أن يختبر أولاده ، فأعطى كل واحد منهم تفاحة ، وقال لهم اذهبوا وكلوها في مكان لا يراكم فيه أحد ، فأكلوها جميعا إلا واحدا قال ذهبت في كل مكان فوجدت الله معي
ايها الموحدون
ومن التربية الإيمانية أن نربي أولادنا على حب الله ورسوله ، فنحكي لهم القصص التي تبين نعم الله وتفضله على عباده فهو الذي أطعمنا من جوع ،وسقانا من ظمإ ،وكسانا من عري وأغنانا من فقر ، وعلمنا من جهل وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنه ،فهو واهب النعم ومستحق للشكر والحب والطاعة والعبادة ، ومن الحكايات العجيبة في هذا الشأن ، أن أرملة صالحة كانت تربي ابنتها على حب الله وشكره فتضع لها الطعام تحت غطاء ،ثم تقول لها ، قولي باسم الله ، اللهم أطعمني ، فتكشف الغطاء فتجد الطعام ، فتربى عند الصغيرة اعتقاد بأنها لو قالت ذلك في أي وقت أطعمها الله ،وتشاء المقادير أن تتعرض الأم لحادث سير وتنقل للمستشفى فاقدة الوعي ثلاثة أيام ، والطفلة لا تدري أين أمها فكانت تقول الدعاء فتجد الطعام فلما أفاقت أمها وعادت الى البيت سألت طفلتها من كان يطعمك فكانت المفاجأة أنها كانت تقول الدعاء فتجد الطعام نعم أطعمها من لا يرد من سأله ولا يخيب من رجاه ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق 3
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( كيف نربي أبناءنا على الفطرة الإيمانية السليمة)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن التربية الإيمانية أن نربي أولادنا على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك استجابة وتنفيذا لقوله كما في البخاري « لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ »، ولكي ينشأ أولادنا على حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلابد أن نعلم أولادنا سيرته وأخلاقه وغزواته وجهاده وصفاته صلى الله عليه وسلم وذلك حتى يتأسى الأطفال بها ، وكذلك سيرة أصحابه رضوان الله عليهم جميعا وحتى يرتبط الأبناء بتاريخ الأمة ويفخروا بها ، لا كما وصل الآن حال أولادنا ،فهم لا يعرفون شيئا عن حال وأمجاد أمتهم ولكن إذا سألت أحدهم عن المغنين والمغنيات والمطربين والمطربات واللاعبين والممثلين والممثلات ،فهم يحفظونهم عن ظهر قلب فهم نسوا الحق وتعلقوا بالباطل ، يقول الصحابي الجليل سعد بن ابي وقاص ( كنا نعلم أبناءنا غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم كما نعلمهم السورة من القرآن )
أيها الموحدون
ومن التربية الإيمانية أن نغرس في قلوب أبنائنا اللجوء إلى الله والاستعانة به وهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم عبد الله بن عباس وهو صغير التوجه الى الله ،كما في مسند الامام احمد : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَكَبَ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْماً فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« يَا غُلاَمُ إِنِّي مُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ وَإِذَا سَأَلْتَ فَلْتَسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ » هكذا يربي الرسول هذا الغلام ليشب على التوحيد الخالص والإيمان الثابت ونستكمل الموضوع إن شاء الله
الدعاء