خطبة عن حديث (مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ)
أكتوبر 19, 2019خطبة عن قوله تعالى (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)
أكتوبر 19, 2019الخطبة الأولى ( أَنْ لاَ تَدَعَ تِمْثَالاً إِلاَّ طَمَسْتَهُ وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى الْهَيَّاجِ الأَسَدِيِّ قَالَ ،قَالَ لِي عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ : أَلاَّ أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : ( أَنْ لاَ تَدَعَ تِمْثَالاً إِلاَّ طَمَسْتَهُ وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ ) .
إخوة الإسلام
لقد كرَّم الدين الاسلامي الحنيف المسلمَ ميتاً ، كما كرَّمه حياً، فأمر بتغسيله ،وتطييبه ، وتكفينه، ثم الصلاة عليه ، ومواراته في القبر. كما نهى الاسلام عن امتهان القبور، فحرَّم المشي أو القعود عليها، ودعا إلى زيارتها، والسلام على أهلها، والدعاء لهم .ففي صحيح مسلم : (عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ. كما حَرِص الدين الاسلامي القويم على عقائد الناس وتوحيدهم، فسدَّ أبواب الفتنة ،ومنع ما يؤدي إلى الغلوِّ في القبور ، أو أصحابها، فنهى عن الصلاة في المقابر، وتشييد البناء والقباب عليها، كما أمر بتسوية القبور المشرفة، فقد أرسل النبي (صلى الله عليه وسلم) الرُّسل في سبيل ذلك ، كما هو واضح في الحديث الذي بين أيدينا اليوم ، والذي رواه مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى الْهَيَّاجِ الأَسَدِيِّ قَالَ ، قَالَ لِي عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ : أَلاَّ أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : ( أَنْ لاَ تَدَعَ تِمْثَالاً إِلاَّ طَمَسْتَهُ وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ ) . قال النووي في شرح صحيح مسلم: (وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ ): فيه أن السنة أن القبر لا يرفع على الأرض رفعا كثيرا، ولا يسنم، بل يرفع نحو شبر ويسطح ، وهذا مذهب الشافعي ومن وافقه، ونقل القاضي عياض عن أكثر العلماء أن الأفضل عندهم تسنيمها وهو مذهب مالك. وقال ابن الهمام في فتح القدير: هذا الحديث محمول على ما كانوا يفعلونه من تعلية القبور بالبناء العالي وليس مرادنا ذلك بتسنيم القبر بل بقدر ما يبدو من الأرض ويتميز عنها وقال القاضي زكريا الأنصاري في أسنى المطالب، بعدما بين أفضلية التسطيح: ولا يخالف ذلك قول علي رضي الله عنه: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته، لأنه لم يرد تسويته بالأرض، وإنما أراد تسطيحه
أيها المسلمون
وإن الغلو في الصالحين ، وبناء القباب والمساجد على قبورهم ، كان من أهم الأسباب التي ساعدت على انتشار دعاء غير الله عز وجل ، وكانت سببا في فساد عقائد الكثير من الناس ،فقد قال ابن جرير في تفسيره لقوله تعالى : (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) (23) نوح ، قال : ( كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح ،وكان لهم أتباع يقتدون بهم ، فلما ماتوا ، قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم : لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم ، فصوروهم ، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر ، فعبدوهم ، وقد روى الإمام مسلم أيضا في صحيحه (أَنَّ ثُمَامَةَ بْنَ شُفَىٍّ قَالَ كُنَّا مَعَ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ بِأَرْضِ الرُّومِ بِرُودِسَ فَتُوُفِّىَ صَاحِبٌ لَنَا فَأَمَرَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ بِقَبْرِهِ فَسُوِّىَ ثُمَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْمُرُ بِتَسْوِيَتِهَا ).
أقول قولي هذا ، وأستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية ( أَنْ لاَ تَدَعَ تِمْثَالاً إِلاَّ طَمَسْتَهُ وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أَنْ لاَ تَدَعَ تِمْثَالاً إِلاَّ طَمَسْتَهُ وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ ) . ففي هذا الحديث دليل قاطع على وجوب تسوية القبور والتحذير من رفعها ، فما بالك بالبناء عليها المساجد والقباب ، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ وَأُمَّ سَلَمَةَ (رضي الله عنهما) : (ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالْحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ: إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمْ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) متفق عليه. قال ابن رجب (رحمه الله) في “فتح الباري”: “هذا الحديث يدل على تحريم بناء المساجد على قبور الصالحين”. وعَن عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ (رَضيَ اللهُ عنهما) قَالَا: (لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: (لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا) رواه البخاري. وقال ابن كثير (رحمه الله) في “تفسيره”: “وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) أنه لما وجد قبر دانيال في زمانه بالعراق، أمر أن يُخفى عن الناس، وأن تُدفن تلك الرقعة التي وجدوها عنده”؛ وذلك حفاظاً على عقائد الناس وتوحيدهم، حيث أن أهل فارس كانوا يغلون فيه، فأمر(رضي الله عنه) بإخفائه خشية الغلو فيه مرة ثانية.
الدعاء