خطبة حول (الاهتمام بالآخرين : مظاهره وفوائده)
مارس 5, 2022خطبة حول (رؤيتنا للقتال الدائر بين أعدائنا) مختصرة
مارس 5, 2022الخطبة الأولى ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (4) الفتح ، وقال الله تعالى : (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) (31) المدثر
إخوة الإسلام
القرآن الكريم: أساس رسالة التوحيد، والمصدر القويم للتشريع، ومنهل الحكمة والهداية، والرحمة المسداة للناس، والنور المبين للأمة، والمحجة البيضاء التي لا يزغ عنها إلا هالك ،وموعدنا اليوم إن شاء الله مع آية من كتاب الله ، نتلوها ، ونتفهم معانيها ، ونسبح في بحار مراميها ، ونعمل إن شاء الله بما جاء فيها ، مع قوله تعالى : (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ) (31) المدثر : أي : وما يعلم جنود ربك وعددهم وكثرتهم إلا هو تعالى ، لئلا يتوهم متوهم أنهم تسعة عشر فقط ، كما قد قاله طائفة من أهل الضلالة والجهالة ، والواجب أن يتلقى المؤمنون ما أخبر الله به ورسوله بالتسليم ، فإذا كنتم جاهلين بجنوده ، وأخبركم بها العليم الخبير ، فعليكم أن تصدقوا خبره ، من غير شك ولا ارتياب . فله سبحانه وتعالى جنود محتشدة في سماواته وأرضه ، يسخرها كيف يشاء , بل له جنود داخل مخلوقاته ذاتها ، لا يعلمها إلا هو , يدبر الأمر سبحانه ، ويسير الممالك العلوية والسفلية , ويعز من يشاء ، ويذل من يشاء بيده الملك , لا يغالبه أحد ،ولا يقدر عليه أحد، وهو وحده القادر على كل شيء ، له العزة والقوة والجبروت ، والملك والملكوت ، وله سبحانه الحكمة البالغة في تدبيره لشؤون خلقه ، وفي قيوميته على عباده. والمؤمن إذا تلى وتدبر هذه الآية الكريمة ، زال عنه الخوف من أعداء الاسلام ، فقد يحاول أعداء الإسلام بث الرعب والخوف في قلوب أمة الإسلام ، من خلال استعراض جندهم وآلياتهم وجيوشهم ، والسؤال : كم جندهم إلى جوار من جنده السموات والأرض ؟ ، يقول الله تعالى : (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) (4) الفتح.
وقد قص علينا ربنا جلت قدرته ، نماذج لأقوام ما عرفوا تلك القاعدة العظيمة ،فسلط الله عليهم جندا من جنده ،فهؤلاء قوم نوح : لما كذبوا رسولهم ، وأعرضوا عن سبيل ربهم ، أرسل الله عليهم جندا من جنده ، ألا وهو الماء ، فأغرقهم ، وأخبرنا الله عن ذلك بقوله تعالى : (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ (14) وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ) (11) :(16) القمر وبنفس الماء أهلك طاغية من أكبر طغاة البشرية ، إنه فرعون وجنده ، ذلك الذي ظن أنه قد تفرد بالتصرف في الكون ، فقال مقولته الخبيثة : ( وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) الأعراف 127. فماذا كانت النتيجة ، قال الله تعالى 🙁 فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ ) القصص 40. وقبل أن يأخذهم الله ويهلكهم بالماء ، أرسل عليهم الجبار سبحانه أصنافاً من جنده ، ليعتبروا ويعودوا ، وكانوا في كل مرة يعلنوا توبتهم ، حتى إذا كشف الله عنهم عادوا ، ومن تلك الجنود ما ذكره الله لنا بقوله تعالى : (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ) الاعراف 133. وهذا أبرهة الحبشي الأشرم غرته قوته وجيشه وفيلته ، فسار لهدم الكعبة فأرسل الله عليه جندا من جنده ،وأخبرنا عن حاله ، فقال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) (1) :(5) الفيل
ومن جند الله الريح : وقد أهلك الله بها قوم عاد الذين اغتروا بقوتهم ، فقالوا في غرور وكبر ، يخبرنا العليم سبحانه عنهم بقوله تعالى : (مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ) فصلت 15، فأرسل الله عليهم الريح فلما رأوا مقدمتها كانوا لا يزالون في سكرتهم وغرورهم ، قال الله تعالى : (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (24) ،(25) الاحقاف ، وقال الله تعالى : (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ) (6): (8) الحاقة ،وإذا كان الله تعالى قد أهلك أقواما بالريح فقد نصر الله تعالى بالريح أيضا رسولنا صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب ، قال الله تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) (9) الاحزاب ، هكذا كانت ريحاً شديدة باردة ، أطفأت نارهم ، وهدمت خيامهم ، وقلبت قدورهم ، فما عاد يقر لهم قرار ، فعادوا خائبين من حيث أتوا ،ولم ينالوا من المؤمنين ما كانوا يقصدون ، فهزم القوي بالريح جندهم ، وقصم قاصم الجبابرة ظهرهم ، وفي الصحيحين : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « نُصِرْتُ بِالصَّبَا ، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ »
أيها المسلمون
إن جنود الله في السماوات والأرض لا تعد ولا تحصى ، فهي كنعم الله علينا ، ومن جنود السموات : السماء الدنيا : فهي التي يتدفق منها جيوش الله إلى أهل كوكب الأرض إذا ما زاد فسادهم ، وكثر فسقهم ، فهذه السماء سخرها الله تعالى لحماية أهل كوكب الأرض من زيادة الأشعة فوق البنفسجية ،حيث يأتينا جزء يسير ليستفيد بها الانسان ، وكذلك تقوم السماء الدنيا بحماية أهل كوكب الأرض، فتحميهم من النيازك التي تسقط بين حين وآخر ، فيصيب بها الله تعالى من يشاء ، وهذه السماء الدنيا تحفظ الاكسجين لأهل كوكب الأرض وإلا فإذا انشقت هذه السماء ،لهرب الأكسجين ،ويموت الناس اختناقاً ، كما هو الحال على القمر ،حيث لا يوجد اكسجين ، وهذه السماء الدنيا تسقط ماء طهوراً ، ليسقي الزرع والحيوان والانسان ، فإذا ما انشقت السماء هرب بخار الماء خارج السماء الدنيا ،ومن ثم تتصحر البحار والمحيطات ،وتموت جميع الخلائق عطشاً
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم يأتي جندي آخر من جنود السماء ، وهو الريح ، فمن المهام الحياتية للريح أنها تعمل لواقح بين الأشجار والزهور فتتكاثر ، والانسان اليوم يستخدم الرياح في استخراج طاقة الرياح ليعمل بها في حياته كطاقة نظيفة ،كما أن هذه الرياح هي التي تنقل السحب الممطرة إلى مواقع الأرزاق وإلا لو سكنت الرياح ،لسقطت الأمطار في البحار والمحيطات ، ولما استفاد بها الانسان ، أما عن المهام العقابية للريح : فهي قوة تدميرية للمدن والسفن المبحرة ، كما أنها تقوم على انتشار الحرائق ، ومن جنود الله تعالى في الارض : الأنبياء والرسل ( عليهم السلام) فقد حملوا الأمانة وابلغوها إلى أهل كوكب الأرض وجاءت معهم الكتب المنزلة ، ثم يأتي بعد الانبياء والرسل من جنود الله الشهداء في سبيل الله ،فإنهم جاهدوا في سبيل الله الذين يحاربون الله ورسوله ، ويصدون الناس عن سبيله ، ثم يأتي من جنود الله البحار والمحيطات ،فهذه البحار اذا فجرت فإنها تغطي كل ما امامها من مدن ودول ،ومن جنود الله تعالى في الارض : البراكين البرية ، والبراكين البحرية ،وهي وإن كانت خامدة اليوم ،ولكنها قابلة للاشتعال ،وإلقاء الحمم ،فهي تأتمر بأمر الله وحده لا شريك له في كل ما يأمر ، ومن جنود الله تعالى في الأرض : الزلازل الكبرى التي لا تترك أحداً إلا وقد ابتلعته ، ثم يأتي الجوع وهو جندي يسبب الفناء الكامل لجميع الخلائق من الانسان إلى الحيوان إلى الاسماك ، فكلها تنتظر لطعام والذي يطعمها هو الله وحده ، ومن جنود الله تعالى في الارض : الخوف فهو من اقوى جنود الله على الارض ، ومن جنود الله تعالى في الأرض : الجراثيم المختلفة ،وعلى رأسها الجمرة الخبيثة ،والايدز وما نجهله من الأمراض
الدعاء