خطبة عن ( الإسلام علمني )
أبريل 7, 2018خطبة عن (قصة بقرة بني إسرائيل دروس وعبر)
أبريل 7, 2018الخطبة الأولى ( أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه: أن (طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ، ثَائِرُ الرَّأْسِ ، يُسْمَعُ دَوِىُّ صَوْتِهِ ، وَلاَ يُفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلاَمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – – صلى الله عليه وسلم – « خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ » . فَقَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ « لاَ ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ » . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « وَصِيَامُ رَمَضَانَ » . قَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهُ قَالَ « لاَ ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ » قَالَ وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – الزَّكَاةَ . قَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ « لاَ ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ » . قَالَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ »
إخوة الإسلام
من المعلوم أنه إذا قام الإنسان بحق الله تعالى وحق العباد عليه؛ فَشَهِدَ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا عبده ورسوله، وأقام الصلاة، وآتى الزكاة، وصام رمضان، وحج البيت فهو على خيرٍ، وقد أتى بما أوجب اللهُ سبحانه وتعالى عليه، بشرط أن يكُفَّ عن جميع المُحَرَّمَاتِ ، وهو من أهل الجنة إن شاء الله تعالى؛ قال الله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر: 32]، قال الإمام ابنُ كثيرٍ في تفسيره: “يقول تعالى: ثُمَّ جَعَلْنَا القائمين بالكتاب العظيم، المُصَدِّقِ لما بين يديه من الكتب، الذين اصطفينا من عبادنا، وهم هذه الأمة، ثم قسمهم إلى ثلاثة أنواع، فقال: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} وهو: المُفَرِّط في فعل بعض الواجبات، المُرْتَكِبُ لبعض المُحَرَّمَات، {وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} وهو: المؤدِّي للواجبات، التَّارِكُ للمُحَرَّمَات، وقد يَتْرُك بعض المستحبات، ويفعل بعض المكروهات، {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} وهو: الفاعل للواجبات والمستحبات، التارك للمُحَرَّمَات والمكروهَات وبعض المُبَاحَات. وقال علي بْنُ أبي طَلْحَةَ، عن ابن عباس في قوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} قال: هُمْ أُمَّةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وَرَّثهم الله كُلَّ كِتَابٍ أنزله، فَظَالِمُهُمْ يُغْفَر له، ومُقْتَصِدُهُم يُحَاسَبُ حِسَابًا يسيرا، وَسَابِقُهُمْ يدخل الجنة بغير حساب”. وقد وَرَدَتْ أحاديثُ كثيرةٌ دالَّة على ذلك ، ومنها هذا الحديث الذي صدرنا به هذه الخطبة ، والذي رواه البخاري في صحيحه أن (طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَقُولُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ، ثَائِرُ الرَّأْسِ ، يُسْمَعُ دَوِىُّ صَوْتِهِ ، وَلاَ يُفْقَهُ مَا يَقُولُ حَتَّى دَنَا ، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلاَمِ ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِى الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ » . فَقَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ « لاَ ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ » . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « وَصِيَامُ رَمَضَانَ » . قَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهُ قَالَ « لاَ ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ » . قَالَ وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – الزَّكَاةَ . قَالَ هَلْ عَلَىَّ غَيْرُهَا قَالَ « لاَ ، إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ » . قَالَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ »، وفي نفس المعنى والسياق ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي عبد الله جابرِ بن عبد الله الأنصاريِّ رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “أرأيتَ إذا صليتُ المكتوباتِ، وصُمْتُ رَمَضَانَ، وأحللت الحلال، وحرَّمْتُ الحرام، ولم أَزِدْ على ذلك شيئًا، أدخل الجنة؟ قال: نعم”. ومنها أيضا ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة: ”أن أعرابيًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دُلَّنِي على عمل إذا عَمِلْتُهُ دخلتُ الجنَّةَ، قال: “تعبد الله لا تشركُ به شيئًا، وتقيمُ الصلاة المكتوبة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان”، قال: والذي نفسي بيده لا أَزِيدُ على هذا شيئًا أبدًا ولا أَنْقُصُ منه، فلما ولَّى قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا”. قال النووي في “شرح مسلم”: “ويحتمل أنه أراد أنه لا يُصَلِّي النافِلة مع أنه لا يُخِلُّ بشيء من الفرائض وهذا مُفلِح بلا شك، وإن كانت مواظبته على ترك السنن مذمومة، وترد بها الشهادة عند بعض الأئمة، إلا أنه ليس بعاصٍ بل هو مُفْلِحٌ ناجٍ”،
فإذا أتى المسلم بأركان الإسلام ، واستقام على أمر الله ،فهو من أهل الجنة، وإن كان لا يَليق بالمسلم الاستمْرَارُ على ترك السنن والمندوبات؛ لأنَّ المرءَ لا يَسْلَمُ من التفريط في القيام بالفرائض على الوجه الأكمل كما بَيَّنَّا؛ فتكون السنن والنوافل جبْرًا لما فرَّط فيه من شأن الفرائض، وإن كان اقتصارُهُ على الفرائض على الوجه الأكمل سبيلا لنجاته، ولكن الأَوْلَى به الحرصُ على هذا الخير العظيم؛ قال تعالى في الحديث القدسي: “ولا يزال عبدي يَتَقَرَّبُ إليَّ بالنوافل حَتَّى أُحِبَّهُ” رواه البخاري ، وقال بعض العلماء ، في قوله : (قَالَ فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ وَاللَّهِ لاَ أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلاَ أَنْقُصُ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ » ، قيل : هذا الفلاح راجع إلى قوله لا أنقص خاصة ، والأظهر أنه عائد إلى المجموع بمعنى أنه إذا لم يزد ولم ينقص كان مفلحا لأنه أتى بما عليه ، ومن أتى بما عليه فهو مفلح ، وليس في هذا أنه إذا أتى بزائد لا يكون مفلحا لأن هذا مما يعرف بالضرورة فإنه إذا أفلح بالواجب فلأن يفلح بالواجب والمندوب أولى . فإن قيل : كيف قال : لا أزيد على هذا ، وليس في هذا الحديث جميع الواجبات ولا المنهيات الشرعية ولا السنن المندوبات ؟ فالجواب أنه جاء في رواية البخاري في آخر هذا الحديث زيادة توضح المقصود قال : فأخبره رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بشرائع الإسلام ، فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد ولا أنقص مما فرض الله – تعالى – علي شيئا . فعلى عموم قوله بشرائع الإسلام ، وقوله : مما فرض الله علي ، يزول الإشكال في الفرائض .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الملاحظ في هذا الحديث : أنه في سؤال الصحابي عن الاسلام، ما يبين أهمية سؤال المؤمن عن الأعمال التي يتعبد لله بها ،وتدخل صاحبها الجنة، وهذا يدل على كمال الحرص والاهتمام بنعيم الجنة ،واشتغال القلب بهم الآخرة ،وحسن العاقبة والمآل ، ووجود هذا في قلب المؤمن علامة على صدق إيمانه ،وإخلاصه، وتعلقه بالله ،وإيثاره الآخرة الباقية ، على الدنيا الفانية ،وهكذا كان السلف رضوان الله عليهم قلوبهم حية ، مشتاقة للجنة ،ومسافرة عن الدنيا ،وموقنة أنها راحلة ،وكانت أقوالهم وأفعالهم تدور على هذا الأصل ،وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم أشد الناس تعلقا بالله وزهدا في الدنيا واشتغالا بهم الآخرة ، وفي سنن الترمذي (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ نَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً . فَقَالَ « مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا ». وكانت حاله صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر عجبا ، ففي البخاري (عَنْ عُقْبَةَ قَالَ صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا ، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ فَقَالَ « ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي ، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ » ، ومما يلاحظ أيضا :أنه في الحديث دليل على أن من التزم أداء الفرائض وترك المحرمات دخل الجنة ،وأهم الفرائض المباني الكبرى في الدين الصلاة والزكاة والصوم والحج وبر الوالدين وصلة الرحم كما استفاض ذلك في السنة النبوية المطهرة ، ففي البخاري( عَنْ أَبِى أَيُّوبَ رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ . قَالَ مَا لَهُ مَا لَهُ وَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَرَبٌ مَالَهُ ، تَعْبُدُ اللَّهَ ، وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ ، وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ » ، وكذلك اجتناب الكبائر من أعظم أسباب دخول الجنة كما في النسائي ( أَخْبَرَنِي صُهَيْبٌ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَمِنْ أَبِى سَعِيدٍ يَقُولاَنِ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا فَقَالَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ أَكَبَّ فَأَكَبَّ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا يَبْكِى لاَ نَدْرِى عَلَى مَاذَا حَلَفَ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فِي وَجْهِهِ الْبُشْرَى فَكَانَتْ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ ثُمَّ قَالَ « مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَيَصُومُ رَمَضَانَ وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ إِلاَّ فُتِّحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَقِيلَ لَهُ ادْخُلْ بِسَلاَمٍ ».
ومن الملاحظ أيضا : أن الحديث دل على أن الاقتصار على أداء الفرض يكفي في دخول الجنة ، ولا يشترط في دخول الجنة الإتيان بالسنة فمن حافظ على الصلوات الخمس والزكاة ورمضان والحج واقتصر على ذلك ولم يتطوع بالنوافل دخل الجنة وكان في رتبة المقتصد من أهل الإيمان ويدخل في منزلة أهل اليمين في الجنة لكن من أتى بالسنن وأكثر من النوافل كان أفضل منه وأعلى منزلة في الجنة لأنه في رتبة السابق بالخيرات ويدخل في منزلة السابقين بالجنة ،فينبغي للمؤمن أن يأت بالفرائض والسنن ولا يفرط في فضلها لتكفر خطاياه وتسد خلله في الفريضة وترفع درجاته في الجنة. الملاحظة الرابعة : أن أسباب الطاعات تكون مدخلة للعبد الجنة من أول وهلة إذا لم يتلبس العبد بشيء من الكبائر التي تحرمه وتمنعه من دخول الجنة كما جاء ذلك مفسرا في بعض الأحاديث كما في مسند أحمد (عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الْجُهَنِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَهِدْتُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ وَصَلَّيْتُ الْخَمْسَ وَأَدَّيْتُ زَكَاةَ مَالِي وَصُمْتُ شَهْرَ رَمَضَانَ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا كَانَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ هَكَذَا – وَنَصَبَ إِصْبَعَيْهِ – مَا لَمْ يَعُقَّ وَالِدَيْهِ ». وكذلك كل ما ورد من الأحاديث التي توجب عدم دخول الجنة بالكبائر كالعقوق والكبر والنميمة فإذا تغشى المسلم الكبائر وأصر على السيئات ولو مع فعل الطاعات استحق الوعيد وتعرض للحساب والعقوبة ودخل النار ليمحص وتكفر سيئاته إلا أن يتغمده الله برحمة من عنده ويعفو عنه ،والحاصل أن نصوص الوعد والثواب ،لا تنفذ إلا بالخلو من نصوص الوعيد والعقاب ،فلا بد من تقييد النصوص المطلقة ،والعمل بنصوص الوعد ،ونصوص الوعيد ،كليهما على حد سواء ،والنظر إليهما باتزان واعتدال ،وعدم إهمال شيء منهما ،وهذا هو تحقيق مذهب أهل السنة والجماعة ،الذي أجمع عليه أئمة السنة في سائر العصور، خلافا للذين أعملوا الوعيد وأهملوا الوعد ، والمرجئة الذين أعملوا الوعد ، وأهملوا الوعيد.
الدعاء