خطبة عن حديث (أَيُّ الإِسْلاَمِ خَيْرٌ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلاَمَ)
فبراير 23, 2019خطبة عن (سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ)
مارس 2, 2019الخطبة الأولى ( أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين واللفظ لمسلم : ( أن جَابِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ». وفي الصحيحين :(عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ قَالَ : « مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ».
إخوة الإسلام
إن المسلم الحقيقي : هو الذي تظهر عليه آثار الإسلام وشعائره ، وأماراته، وهو الذي يكف أذى لسانه ويده عن المسلمين، فلا يصل إلى المسلمين منه إلا الخير والمعروف. ومن المؤسف والمحزن ، أن تنظر في واقع المسلمين اليوم ، فتجد الرجل محافظاً على أداء الصلاة في وقتها، وقد يؤدى حق الله في ماله ، ويسعى في قضاء حوائج الناس، وقد تجده من حجاج بيت الله الحرام ومن عُمّاره، ولكن مع هذا الخير كله ، تجده لا يتحكم في لسانه ، ولا يملك زمامه، فيقع في أعراض الناس ،ويمزق لحومهم، وتجده ، لا يستطيع أن يملك لسانه عن السب ،والشتم ، واللعن، ونسي هذا المسكين قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلاَ اللَّعَّانِ وَلاَ الْفَاحِشِ وَلاَ الْبَذِيءِ » رواه الترمذي ، فمثل هذا النوع من الناس : قد فقد صفة من أبرز وأهم صفات المسلم الحقيقي، وهي سلامة الناس من لسانه . وهناك نوع آخر من المسلمين ،يختلف عن النوع السابق ،فقد تجده يحكم لسانه ، ولكنه يؤذى المسلمين بيده، فيضرب بيده أبدان المسلمين، ويعتدي على أموالهم فيسرقهم، أو يسلبهم حقوقهم ، أو يظلمهم ، فهذا أيضاً قد فقد إمارة من الإمارات الظاهرة ،والتي تدل على حسن إسلام المرء ، وعلى كمال إيمانه ، وهي سلامة الناس من يده . وفي سنن الترمذي بسند صحيح : (عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَوْمًا قَرِيبًا مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيرُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ. قَالَ :« لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ عَظِيمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ وَتُؤْتِى الزَّكَاةَ وَتَصُومُ رَمَضَانَ وَتَحُجُّ الْبَيْتَ ». ثُمَّ قَالَ :« أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ وَصَلاَةُ الرَّجُلِ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ ». قَالَ ثُمَّ تَلاَ (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) حَتَّى بَلَغَ (يَعْمَلُونَ) ثُمَّ قَالَ :« أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ». قُلْتُ :بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ .قَالَ :« رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ». ثُمَّ قَالَ : « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ». قُلْتُ :بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ :« رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ » . ثُمَّ قَالَ :« أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ». قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ :فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ ،قَالَ :« كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ». فَقُلْتُ :يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ :« ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ » ، وعلى هذا فلا يكتمل إسلام عبد ، حتى يحب المسلمين ،ويترك إيذاءهم بلسانه، ويترك إيذاءهم بيده ، ويشغل لسانه ويده في الأعمال التي يكون فيها نفع له في الدنيا والآخرة، فيُعمل لسانه في تلاوة كتاب الله ،وفي ذكره سبحانه وتعالى، ويُعمل بلسانه في الأمر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،ونشر العلم النافع ،أو تقديم النصيحة والمشورة المفيدة النافعة أو غير ذلك من المصالح التي تعود بالنفع العاجل على المرء ،وعلى إخوانه المسلمين. ولو تحقق هذا لصار المسلمون آمنين ، ولصار مجتمع المسلمين مجتمعاً فاضلاً على ما يحب الله ورسوله.
أيها المسلمون
فهذا الحديث يبين لنا جلياً : أن ترك إيذاء الناس علامة من علامات الخير في هذا الشخص، وأنه بذلك يتقرب إلى ربه، عن طريق الإحسان إلى الآخرين، فإنه يحق لكل إنسان أن يعيش بسلام، وأن يخالط الناس بأمان، ويتعايش معهم بمحبة واستقرار، وأن الذي يؤذي الآخرين : سواء بلسانه ، أو بيده، يكون قد خالف هذا المفهوم، وعليه أن يراجع نفسه ، ويحاسبها ، ويصوّب طريقها، ومن كان هذا الحديث له منهجا ونورا أبلجا : فاز بالجنة ، ونجا من النار, إذ لا يمكن أن يخون ،أو يسرق, أو يقتل, أو يحقد, أو يغتاب ،بل هو مع المسلمين ،يعاملهم كنفسه ،يحب لهم ما يحب لها – ونصب عينيه ، ما جاء في الصحيحين : (عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ: مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن كان هذا الحديث له منهجا : تراه مجتنبا للشبهات, طيب المطعم ،يترك ما يريبه ، إلى ما لا يريبه , واضعا أمام عينيه أن : المسلم كله حرام ،دمه, وماله, وعرضه, لا يحقر أخاه, ولا يسلمه, ولا يخذله, ولا يهضمه حقه . فإذا ذكر عنده أخوه المسلم ، قال خيرا ،أو صمت, يكرم ضيفه ،ويؤدم جاره, ويتقي الله حيثما كان, ويتبع السيئة الحسنة , ويخالق الناس بخلق حسن, وتراه يراقب الله تعالى ، فالله يعلم سره و نجواه, فيستحي منه أن يعلم في قلبه غشا لمسلم, أو غلا لمؤمن, أو حسدا, أو خيانة ، أو سعيا لضرره ، فيستحي من مولاه أن يراه حيث نهاه ، أو يفتقده حيث أمره. وهذا الحديث الشريف يبين أيضا : أن السلام الذي يُطْلَب من المؤمن ليست فقط سلامة القول ، ولا سلامة اليد، فهذه ثمرة لما وراء ذلك ، وهي سلامة القلب، وسلامة القلب أن يكون خاليًا من الأضغان و الأحقاد، بل أن يكون عامرًا بمحبة الخير للناس فإنه ، ولذلك من الضروري أن يعتني المؤمن بهذه الخصال ،وأن يحققها في قوله ،وعمله ،لأن ذلك يبلغه من مراتب العلو ،والسمو ،والصلاح في دينه، والصلاح في مسلكه ،ما لا يدركه بسائر الخصال.
الدعاء