خطبة عن (الأذان: معناه وحكمه وفضائل الأذان والمؤذنين)
مارس 31, 2018خطبة عن(كن كيفما شئت فأنت من تصنع حياتك الآن بيديك)
مارس 31, 2018الخطبة الأولى (إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلاَمَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلاَمَهُ ، فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا »
إخوة الإسلام
في هذا الحديث النبوي الشريف دعوة إلى كل مسلم إلى أن يحسن إسلامه ، وحسن الإسلام معناه: الاستمرار عليه والعمل بتعاليمه؛ فيقال هذا إسلامه حسن وهذا أحسَنَ في الإسلام ، وإحسان الإسلام أيضا : أن يأتي المسلم بالواجبات، وأن ينتهي عن المحرمات، وهي مرتبة المقتصدين، قال الله تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) فاطر (32) ومن إحسان الإسلام : أن يكون على رتبة الإحسان في العبادة ، والتي جاءت في حديث جبريل المعروف كما في الصحيحين : قَالَ مَا الإِحْسَانُ قَالَ « أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ » ، فالذي يحسن إسلامه هو الذي وصل إلى مرتبة الإحسان، إما على درجتها الأولى: درجة المراقبة، أو على كمالها ،وهي: درجة المشاهدة. فإذا وفق الله العبد فأسلم ، ودخل في دين الله ، وحسن اسلامه ، كان الجزاء والتوفيق من الله ، فإن الله –تعالى- يمحو عنه سيئاته ولو كانت كفرا وشركا ، ففي صحيح مسلم ، يقول صلى الله عليه وسلم : « أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلاَمَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ » ،فالعبد إذا أسلم وحسن إسلامه فإن الله –تعالى- يغفر له كل سيئة كان قد عملها فيما سبق وكل سيئة كان زلفها يغفرها الله ويمحو عنه أثرها؛ ،ثم بعد ذلك يجازيه على ما يعمله بعد الإسلام فيثيبه على الحسنة بعشر ،وعلى السيئة بواحدة ،إلا أن يغفرها الله؛ فالله –تعالى- ذكر مضاعفة الحسنات ، فقال تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) القصص 84، وقال تعالى: (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (160) الانعام ،فهذا من فضل الله –تعالى- أنه يجعل الحسنة بعشر أمثالها ،فيزيدها لعبده إذا حسن إسلامه؛ وأما السيئة فتأبى حكمته وفضله وعدله أن يزيد فيها ،فلا يثيبه ،ولا يعاقبه إلا على سيئة واحدة ، يثيبه على الحسنة بعشر أمثالها ،وعلى السيئة بمثلها ،وقد يتجاوزها الله –تعالى- ويمحوها ولا يهلك على الله إلا هالك؛ وكذلك لا شك أن الحسنات يضاعفها الله –تعالى- زيادة على العشر في بعض الأسباب ، كالحسنات في رمضان ،يضاعفها الله أضعافا كثيرة؛ ففي صحيح مسلم :« كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِى بِهِ )، وقد يضاعف الله تعالى الحسنة إلى سبعمائة ضعف كما ذكر ذلك في النفقة في سبيل الله كما في قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (261) البقرة ، وكذلك المضاعفة في الأماكن الفاضلة كالحرمين فإن المضاعفة فيهما أضعافا كثيرة؛ كذلك أيضا السيئة لا يضاعفها ولكن إذا كانت في مكان محترم أو وقت محترم فإنه يعظمها يعظم ذنبها يعظم جرمها ويعاقب عليه عقوبة أشد من العقوبة التي على تلك السيئة في غير ذلك المكان أو في غير ذلك الزمان وذلك لأنه امتهن الأماكن المقدسة ولم يعطها حرمتها ، وفي مسند أحمد (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَصَلاَةٌ فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ ».
أيها المسلمون
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِمِثْلِهَا » دل ذلك على أن تنوع الثواب مبني على تنوع الإحسان، فدرجة الاسلام والإحسان تختلف من شخص لآخر ،فهم فيه متفاوتون ،لتفاوت الفضل والمرتبة ،والأجر على ذلك ، فقال صلى الله عليه وسلم: ” إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ ” ،فمن أسباب مزيدها إلى سبعمائة ضعف أن يكون إحسانه للإسلام عظيما؛ ولهذا قال ابن عباس وغيره من المفسرين: (إن الحسنة بعشر أمثالها لكل أحد). يعني: لكل مسلم ، كما في قوله -جل وعلا- : (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) الانعام 160، ثم قال: (أما من أحسن إسلامه فإنه يضاعف) ، كما في قول الله -جل وعلا-: ( وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ) النساء 40، وهذا تقرير صحيح، فإن الناس في درجة الإحسان والإسلام على مراتب.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (إِذَا أَحْسَنَ أَحَدُكُمْ إِسْلاَمَهُ فَكُلُّ حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ لَهُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم أمته إلى أمور ،إذا فعلها العبد، كتب الله له بسببها الأجر العظيم، كما في الصحيحين واللفظ لمسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. فِى يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ. كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِىَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَمَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ فِى يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ ». وروى مسلم في صحيحه (عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي أَبِى قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ ». فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ قَالَ « يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ ». فهناك أحاديث كثيرة، كلها تدل على كتابة الملائكة الحسنة بعشر أمثالها إلى ما يشاء الله من التضعيف، والسيئة بمثلها، وهذا ما قرره القرآن الكريم ، كما في قوله تعالى : (مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاء بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [ الأنعام:160] بل تكرم الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين بما هو فوق هذا كله، حيث أنه يأمر باستمرار الكتابة في صحيفة حسنات العبد المؤمن ،الذي يشغله عن عبادته التي كان يعتادها سفر ،أو مرض أو أي شاغل آخر، ففي مسند الإمام أحمد (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا اشْتَكَى الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ قِيلَ لِلْكَاتِبِ الَّذِى يَكْتُبُ عَمَلَهُ اكْتُبْ لَهُ مِثْلَ عَمَلِهِ إِذْ كَانَ طَلِيقاً حَتَّى أَقْبِضَهُ أَوْ أُطْلِقَهُ ».
الدعاء