خطبة عن ( اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ) مختصرة
أغسطس 21, 2021خطبة حول حديث (أخاف على أمتي ثلاثا) مختصرة
أغسطس 23, 2021الخطبة الأولى ( اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام احمد في مسنده وصححه الألباني 🙁أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ الْمَوْتُ وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْفِتْنَةِ وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقُلُّ لِلْحِسَابِ»
إخوة الإسلام
في هذا الحديث النبوي يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرين قد جُبل عليها ابن آدم وهما : (كراهية الموت ،وكراهية الفقر وقلة المال) ،ثم بين صلى الله عليه وسلم أن كراهيته لهما نابع من حب ابن آدم للحياة ،وحبه للغنى ،وأيضا: لعدم فهمه للحكمة منهما، ففي قوله صلى الله عليه وسلم 🙁اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ الْمَوْتُ وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنَ الْفِتْنَةِ) فقد يفتن المرء في دينه فيرتد ويكفر بعد إيمانه ، فيكون الموت خير له من الكفر وَإِلَيْهِ أَشَارَ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ: «إِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ»، ومن المعلوم أن كراهية الموت أمر جبلي في بني الانسان ،ففي مسند أحمد وغيره 🙁عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ » فَقَالَتْ عَائِشَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرَاهِيَةُ لِقَاءِ اللَّهِ أَنْ يَكْرَهَ الْمَوْتَ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَكْرَهُهُ. فَقَالَ « لاَ لَيْسَ بِذَاكَ وَلَكِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْضَهُ فَرَّجَ لَهُ عَمَّا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ ثَوَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَرَامَتِهِ فَيَمُوتُ حِينَ يَمُوتُ وَهُوَ يُحِبُّ لِقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَاللَّهُ يُحِبُّ لِقَاءَهُ وَإِنَّ الْكَافِرَ وَالْمُنَافِقَ إِذَا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْضَهُ فَرَّجَ لَهُ عَمَّا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهَوَانِهِ فَيَمُوتُ حِينَ يَمُوتُ وَهُوَ يَكْرَهُ لِقَاءَ اللَّهِ وَاللَّهُ يَكْرَهُ لِقَاءَهُ»وفي الحديث القدسي كما في البخاري :« إِنَّ اللَّهَ قَالَ: ..وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ،يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ»، وهكذا يتبين لنا أن كراهية الموت أمر قد طبع عليه الناس، ولكن الإنسان العاقل هو الذي يدرك أن الدنيا دار ابتلاء ،وأنها سجن المؤمن ،وأن لقاء الله خير من الإقامة في دار الأذى والأحزان.
وليكن معلوما للإنسان: أنه لن يموت إلا مرة واحدة : فإذا خفت من الموت فلن يعجل أجلك ،وإذا لم تخف من الموت فلن يتأخر يومك ، ففي سنن ابن ماجة 🙁عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ ». وأعلم أن كل شيء يحدث بقدر الله سبحانه وتعالى كما في مسند أحمد وغيره : قال صلى الله عليه وسلم (وَلَو أَنْفَقْتَ جَبَلَ أُحُدٍ ذَهَباً فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَلَوْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَدَخَلْتَ النَّارَ). فلماذا الخوف من الموت والنظرة إليه على أنه فراق الدنيا ونعيمها ولذاتها إلى تعب وشقاء ،ولماذا لا تنظر إلى الموت على أنه لقاء الحبيب بحبيبه ،فأنت ستلقى أغلى محبوب ،ستلقى الله الذي آمنت به بالغيب ،ستلقى الله أرحم الراحمين ،الجواد ،الكريم ،الذي أعد لعباده المتقين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ،فما الذي يخيفك ؟ فهذا حبيبك الله سبحانه وتعالى الذي طالما عبدته ودعوته وسجدت له ،رغبا ورهبا ،وكنت مسارعا بالخيرات مشتاقا للقائه، فلماذا الخوف ؟ فالموت ليس عقابا للمؤمن بل هو راحة للمؤمن ،ففي الصحيحين 🙁أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ فَقَالَ «مُسْتَرِيحٌ ، وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ» قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ قَالَ «الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ ،وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلاَدُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ»، فأنت يا مؤمن تنظر للموت على أنه راحة بعد خدمة وتعب في هذه الحياة إلى المكافأة والمجازاة . قال معاذ بن جبل رضي الله عنه حينما استشعر سكرات الموت ” يا حبيبي أرفق بحبيبك ” وهذا بلال رضي الله عنه لما كان يحتضر قالت ابنته: واكرباه وامصيبتاه قال لها : لا كرب على أبيك بعد اليوم ، غدا ألقى الأحبة محمدا وصحبه .
أقول قولي وأستغفر الله
الخطبة الثانية ( اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ)
الحمد لله رب العالمين .وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم نأتي إلى قوله صلى الله عليه وسلم : (وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقُلُّ لِلْحِسَابِ ) ،ففتنة المال من الفتن العظيمة التي يقع فيها الناس، وهذه الفتنة عظم رسول الله ﷺ شأنها، ففي سنن الترمذي : (عَنْ كَعْبِ بْنِ عِيَاضٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِى الْمَالُ»، وفي الصحيحين :(قَالَ: فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ. وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ». وبعد وفاة رسول ﷺ، بدأت الفتوحات وانهالت الأموال على الصحابة ، فلم يفتنوا بها ،ففي صحيح البخاري :(أن أَبَا وَائِلٍ قَالَ عُدْنَا خَبَّابًا فَقَالَ هَاجَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – نُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ ،فَوَقَعَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ ، مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَتَرَكَ نَمِرَةً فَإِذَا غَطَّيْنَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلاَهُ ،وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ ،فَأَمَرَنَا النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – أَنْ نُغَطِّىَ رَأْسَهُ ،وَنَجْعَلَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الإِذْخِرِ ،وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهْوَ يَهْدُبُهَا) ،وفي رواية له 🙁 ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا مَا بُسِطَ – أَوْ قَالَ أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا مَا أُعْطِينَا – وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا ، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِى حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ)، فالصحابة لم تتغير نفوسهم بالمال ،
أما عن حال المسلمين اليوم فحدث ولا تمل ،فقد أصابتنا فتنة المال، وشغلنا جمع المال عن ذكر الله وعن الصلاة ،ففي الصحيحين (يَقُولُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «لَوْ كَانَ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لاَبْتَغَى ثَالِثًا ،وَلاَ يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ ،وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ» وقيل في معنى(لا يملأ جوفه إلا التراب): أنه لا يزال حريصا على الدنيا حتى يموت ويمتلئ جوفه من تراب قبره”.
الدعاء