خطبة عن ( كتائب الحق )
سبتمبر 9, 2017خطبة عن قوله تعالى ( هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)
سبتمبر 9, 2017الخطبة الأولى ( اضْمَنُوا لِى سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ ..أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام أحمد في مسنده وحسنه الألباني : ( عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ : اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ ، وَأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ »
إخوة الإسلام
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الخير والفوز والفلاح لأمته ، ولذا جاء في الصحيحين واللفظ لمسلم (عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَثَلِى وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْجَنَادِبُ وَالْفَرَاشُ يَقَعْنَ فِيهَا وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِى ».وها هو صلى الله عليه وسلم يدلهم على بابا من أبوب الطاعات ، ليصوا به إلى أبوب الجنات ، ويضمن لهم به رضوان رب الأرض والسموات ، فيقول صلى الله عليه وسلم : « اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ : اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ ، وَأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ » إنه ضمان بضمان ، ووفاء بوفاء « اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ » ستا من الأعمال ، وما أيسرها ، وأبوابا من أ بواب الخير ،ما أخفها وما أسهلها ، فمن قام بهن في حياته ، وحافظ عليهن حتى مماته ، فالجنة له مضمونة ، وسبيله إليها مؤكدة ومأمونة ، فأما الخصلة الأولى من هذه الخصال فهي : ( اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ ) ، فالمؤمن صادق في حديثه ، ولا يعرف للكذب سبيلا ، ولا يزال محافظا على الصدق في حياته إلي أن يفضي به صدقه إلي الجنة ، وفي الحديث « قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا ». رواه مسلم . وعن أبي قُرادٍ السلَميِّ رضي الله عنه قال : كنَّا عندَ النبيِّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فدَعا بِطَهورٍ، فَغَمس يَدَه فَتَوضَّأَ، فتتبَّعناهُ فَحَسوْنَاهُ، فقال النبيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “ما حَمَلكُمْ على ما فَعَلْتُمْ؟ “. قلنا: حُبُّ الله ورسولِه. قال: “فإنْ أَحْبَبْتُمْ أنْ يُحِبُّكُمُ الله ورسولُه؛ فأَدُّوا إذا ائْتُمِنْتُم، واصْدُقوا إذا حَدَّثْتُم، وأحْسِنوا جِوارَ مَنْ جاوَرَكُمْ”. رواه الطبراني وحسنه الالباني ، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم (فإنَّ الصدْقَ طُمأْنِينَةٌ، والكَذِبَ رِيبَةٌ) رواه الترمذي. ومما يساعد المسلم على الصدق في الحديث ،عدم التحدث بكل ما يسمعه إلا إذا تأكد من تحققه ،وعلم أن في التحدث به مصلحة، واستحضار جزاء الصدق ، وعقوبة الكذب ، وأن الانسان مسؤول عن أقواله وأفعاله، قال الله تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) {ق:18}، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ » رواه البخاري ومسلم. ويحذرنا صلى الله عليه وسلم من الكذب ويبين لنا عقوبته ، ففي صحيح البخاري عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (…. وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ …) ، فعلى العبد المسلم أن يتذكر دائما أن حصائد الألسن هي من أعظم الأسباب في الوقوع في النار ، ففي سنن الترمذي ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ». قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ « كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ». فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ »
أيها المسلمون
وأما الخصلة الثانية فهي : (وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ ) ، يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ) الاسراء 34، وروى مسلم في صحيحه : (حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ قَالَ مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلاَّ أَنِّى خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِى – حُسَيْلٌ – قَالَ فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ قَالُوا إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا فَقُلْنَا مَا نُرِيدُهُ مَا نُرِيدُ إِلاَّ الْمَدِينَةَ. فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللَّهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلاَ نُقَاتِلُ مَعَهُ فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ فَقَالَ :« انْصَرِفَا نَفِى لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَنَسْتَعِينُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ ». وفي سنن أبي داود : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ ». فالوفاء بالوعد والالتزام بالعهد ، سمة من سمات المؤمنين ، وعلامة من علامات المتقين ، فهم لا يعرفون خلفا في الوعود ولا نقضا للعهود , والوفاء صفة أساسية في بنية المجتمع المسلم , حيث تشمل سائر المعاملات , فالمعاملات كلها والعلاقات الاجتماعية والوعود والعهود تتوقف على الوفاء , فإذا أنعدم الوفاء انعدمت الثقة وساء التعامل وساد التنافر .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( اضْمَنُوا لِى سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ ..أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وأما الخصلة الثالثة فهي: (وَأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ ) ، قال الله تعالى في محكم آياته : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) الاحزاب 72 ،، وفي سنن البيهقي قال صلى الله عليه وسلم : « لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ » ، فأداء الأمانة , من أعظم الصفات الخلقية التي مدح الله أهلها ، وأثنى على القائمين بها , وهي من كمال إيمان المرء وحسن إسلامه , وبالأمانة يحفظ الدين والأعراض والأموال والأجسام والأرواح والعلوم وغير ذلك , وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: « الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ » رواه ابن ماجة . فإذا سادت الأمانة في المجتمع عظم تماسكه , وقوي ترابطه, وعم فيه الخير والبركة . ومما يساعد على أداء الأمانة والكف عن ظلم الناس استشعار مراقبة الله وعظمة وخطورة حقوق المخلوقين وأنها لا تغفر إلا بالتوبة والتحلل من أصحابها، وأن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ ». رواه أبو داود ، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة علامة من علامات النفاق، فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاَثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ » رواه البخاري ومسلم. ، وأما الخصلة الرابعة فهي (وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ ) ، فحفظ الفروج من الزنا , حفظ للنسل , ومحافظة على الأنساب , وطهارة للمجتمع , وسلامة من الآفات والأمراض . قال الله تعالى في وصف المؤمنين : ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) (5) :(7) المؤمنون ، أما الخصلة الخامسة من هذه الخصال العظيمة فهي (وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ ) ،فغض البصر من النظر إلي الحرام يورث العبد حلاوة الإيمان ونور الفؤاد ,وقوة القلب , وزكاء النفس وصلاحها , وفيه وقاية من التطلع للحرام والتشوف للباطل ., قال تعالى :{ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } النور : 30 ,31 ، وأما الخصلة السادسة فهي (وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ) فكف الأيدي ,عن إيذاء الناس ،أو الاعتداء عليهم ،أو التعرض لهم بسوء ,أو عن مدها إلى الحرام ، كل هذا دليل على نبل الأخلاق وكريم الآداب وطيب المعاملة , وأما مد الأيدي بالبطش والقتل والسرقة والربا والغش وغيرها فكل ذلك مهلكة للعبد ، ففي سنن الترمذي (عَنْ أَبِى مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يُصِيبُ عَبْدًا نَكْبَةٌ فَمَا فَوْقَهَا أَوْ دُونَهَا إِلاَّ بِذَنْبٍ وَمَا يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ ». قَالَ وَقَرَأَ ( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) الشورى 30.
الدعاء