خطبة عن الصحابي: (سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو)
فبراير 16, 2019خطبة عن (انتبه انتبه: أنت الآن مراقب)
فبراير 16, 2019الخطبة الأولى ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه (عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » قُلْنَا لِمَنْ قَالَ « لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ». وروى البخاري في صحيحه ” : (عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَلَى إِقَامِ الصَّلاَةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ)
إخوة الإسلام
هذا حديث عظيم الشأن، وعليه مدار الإسلام ،لا يجاوزه؛ لكثرة معانيه، بل قالوا: ليس في كلام العرب كلمة مفردة يستوفى بها المعنى المراد هنا غير النصيحة ،وفي قوله صلى الله عليه وسلم : « الدِّينُ النَّصِيحَةُ »، فالمقصود بالنصيحة : (هي إرادة الخير للمنصوح له ، وهي الإخلاص في الشيء والعناية به، والحرص على أن يؤدى كاملًا تامًا ، لا غش فيه ولا خيانة ) ، وهكذا يجب أن يكون المؤمن في أعماله ، ناصحًا لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ، وقال بعض العلماء : قوله صلى الله عليه وسلم : « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » : يعني أن معظم الدين وجل الدين النصيحة , وهذا على أخذ نظائره , كقوله صلى الله عليه وسلم : « الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ » رواه الترمذي. فالدين هو النصيحة في جميع ما أوجب الله، وفي ترك ما حرم الله، وهذا عام يعم حق الله، وحق الرسول ،وحق القرآن ،وحق الأئمة ،وحق العامة. وفي قوله صلى الله عليه وسلم :« لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ». فالنصيحة لله هي توحيده سبحانه وتعالى ، وإخلاص العمل له ، من صلاة وصوم وحج وجهاد وغير ذلك، ، وألا يعبد معه سواه، بل يعبده وحده، وينصح في هذه العبادة ويكملها. فمن النصيحة لله : صحة الاعتقاد في وحدانيته ،وإخلاص النية في عبادته ،وتنزيهه عن جميع النقائص والعيوب ،وإثبات أسمائه وصفاته على الوجه اللائق به ،وتوحيده في أفعاله ،وعدم الإشراك به أحدا من خلقه ،وتحكيم شرعه ،والقيام بطاعته ،واجتناب معصيته ،والحب فيه ،والبغض فيه ،وتعظيمه ،وخشيته ،ورجاؤه ،ومحبته ،وجهاد من كفر به، والاعتراف بنعمه ،وشكره عليها. ومن النصيحة لكتاب الله : الإيمان بأنه كلام الله حقيقة ،نزل به جبريل ،على رسوله صلى الله عليه وسلم ،ولا يشبهه شيء من كلام البشر ، وتعظيمه وتلاوته حق التلاوة ،والذب عنه ،والتصديق بأخباره ،والوقوف مع أحكامه ،وتحليل حلاله ،وتحريم حرامه ،والإيمان بمتشابهه ،والعمل بمحكمه ،وتدبر معانيه ،والاعتبار بمواعظه ،وتعلمه وتعليمه ،ونشر فضائله وأسراره وحكمه ،والاشتغال بتفسيره ،وفق مراد الله ومراد رسوله ،ورد انتحال المبطلين عنه ،وتحريف المبتدعين ، وغلو الغالين. ومن النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم : الإيمان به ،وتصديق أخباره ،وطاعة أوامره ،واجتناب نواهيه ،وتعزيره ،وتوقيره ،وتعظيمه حيا وميتا ،والذب عن سنته ،ونشر أحاديثه في الورى ،والرد على كل من أساء إليه وآذاه ، واتباعه في كل كبير وصغير ، وتقديم محبته على محبة النفس والولد والناس أجمعين ،وعدم الخروج على شريعته ، واعتقاد أنه سيد الخلق وخاتم الأنبياء ، وعدم إطرائه والغلو في محبته ورفعه فوق منزلته التي أنزله الله تعالى ، قال تعالى : ( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) الحشر 7، وقال تعالى : ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ) الاحزاب 21،
أما نصيحة أئمة المسلمين : فقد قال النووي في شرح صحيح مسلم :” مُعَاوَنَتُهُمْ عَلَى الْحَقِّ ، وَطَاعَتُهُمْ فِيهِ وأمرهم به ، وتنبيهم وَتَذْكِيرُهُمْ بِرِفْقٍ وَلُطْفٍ ، وَإِعْلَامُهُمْ بِمَا غَفَلُوا عَنْهُ وَلَمْ يَبْلُغْهُمْ مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَتَرْكُ الْخُرُوجِ عَلَيْهِمْ ، وَتَأَلُّفُ قُلُوبِ النَّاسِ لِطَاعَتِهِمْ ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمِنَ النَّصِيحَةِ لَهُمُ : الصَّلَاةُ خَلْفَهُمْ ، وَالْجِهَادُ مَعَهُمْ ، وَأَدَاءُ الصَّدَقَاتِ إِلَيْهِمْ ، وَتَرْكُ الْخُرُوجِ بِالسَّيْفِ عَلَيْهِمْ إِذَا ظَهَرَ مِنْهُمْ حَيْفٌ أَوْ سُوءُ عِشْرَةٍ ، وَأَنْ لَا يُغَرُّوا بِالثَّنَاءِ الْكَاذِبِ عَلَيْهِمْ ، وَأَنْ يُدْعَى لَهُمْ بِالصَّلَاحِ ” وقال ابن رجب رحمه الله : ” النصيحة لأئمة المسلمين: معاونتُهم على الحق ، وطاعتُهم فيه ، وتذكيرهم به ، وتنبيههم في رفق ولطف ، ومجانبة الوثوب عليهم ، والدعاء لهم بالتوفيق، وحث الأغيار على ذلك ” “جامع العلوم والحكم” – وأما النصيحة للمسلمين : قال ابن رجب : ” النصيحة للمسلمين: بأن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه ، ويشفق عليهم ، ويرحم صغيرهم ، ويوقر كبيرهم ، ويحزن لحزنهم ، ويفرح لفرحهم ، وإن ضره ذلك في دنياه ، كرخص أسعارهم ، وإن كان في ذلك فوات ربح ما يبيع في تجارته ، وكذلك جميع ما يضرهم عامة ، ويحب ما يصلحهم ، وألفتهم ودوام النعم عليهم ، ونصرهم على عدوهم ، ودفع كل أذى ومكروه عنهم) ، ومن النصيحة لعامة المسلمين : إرشادهم إلى مصالحهم ،وتعليمهم أمور دينهم ودنياهم، وتعليم جاهلهم ،وتذكير غافلهم ،وإسداء النصح لهم ،وستر عوراتهم ،وسد خلاتهم، ونصرتهم على من ظلمهم ،ومجانبة الغش والحسد لهم ،وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ،ويكره لهم ما يكره لنفسه ، ومن أجل أنواع النصح لله ولرسوله وأشرفها : رد الأهواء والبدع المضلة بالكتاب والسنة والرد على أهل البدع المخالفين لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن النصح هو منهج الرسل ( عليهم السلام )، فكلهم قد نصح أمته ،ونحن نشهد إن رسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة ،ونصح الأمة ،وتركنا على المحجة البيضاء ،ليلها كنهارها ،لا يزيغ عنها إلا هالك ،ولتكن النصيحة –أخي المسلم – بالأسلوب الجميل ،الذي فيه الإشفاق على من تؤدى النصيحة له ،وقد قال الله تعالى :(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) النحل 125، واحذر أن تكون النصيحة بالفضيحة ،والتنفير ،والتعيير ،فمن كلمات الامام الشافعي في ذلك :
تعمدني بنصحك في انفرادي ….. وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ….. من التوبيخ لا أرضى استماعه
وإن خالفتني وعصيت قولي ….. فلا تجزع إذا لم تعط طاعه
أيها المسلمون
وللنصيحة آداب ، ولعل من أبرزها: ألا تنصح الناس في العلن: فكما ورد في الآثار “النصيحة أمام الملأ فضيحة”. ولا تركز على السلبيات دون الحسنات. ولا تكثر من وضع اللوم على الآخرين. وسلم بخطئك حين تخطئ: وفي الحديث: « التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ » رواه ابن ماجة وغيره ، وألفت النظر إلى الأخطاء تلميحاً لا تصريحا ، ولا تعامل الناس باستعلاء ، وابتعد عن نسب الفضل لنفسك. واحذر من النقد المباشر.
أيها المسلمون
ومن الفوائد التي نستخلصها ونستلهمها والتي يرشد إليها هذا الحديث :– أن الدين الإسلامي كله قائم على التناصح والنصيحة. ومن فوائد الحديث : – أن النصيحة من الإيمان. – وأن النصيحة كلمة جامعة لخيري الدنيا والآخرة، بل هي رسالة الأنبياء إلى أممهم، فما من نبي إلا نَصَحَ أمته. ومن فوائد الحديث : – انحصار الدين في النصيحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « الدِّينُ النَّصِيحَةُ » – وتحريم الغش؛ لأنه إذا كانت النصيحة هي الدين ،فالغش ضد النصيحة، فيكون على خلاف الدين،
الدعاء