خطبة عن حديث (اعْقِلْ الناقة وَتَوَكَّلْ)
أبريل 16, 2019خطبة عن الخصومات (عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ)
أبريل 16, 2019الخطبة الأولى ( الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنه – قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم :« الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ »
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم إن شاء الله مع هذا الهدي النبوي الشريف ، والذي يرغبنا فيه صلى الله عليه وسلم في الجنة ، ويحذرنا فيه من النار، فكل مسلم يرغب في دخول الجنة ، والنجاة من النار، فهذه أمنية كل مسلم ، ومقصد كل تقي ، وقد يتصور البعض أن طريق الجنة طويل وشاق ، ويحتاج إلى أعمال متعبة ،وجهود مضنية، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم يبشرنا بأن الطريق إلى الجنة سهل ميسور على من يسره الله عليه ، وقريب لمن وفقه الله تعالى وأعانه عليه. فقوله صلى الله عليه وسلم : « الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ ) ، فشراك النعل: هو السير الذي على ظهر القدم ، وهو قريب جداً من الإنسان ، ويضرب به المثل في القرب، وكذلك الجنة قريبة المنال ، فقد يتكلم الإنسان بالكلمة الواحدة من رضوان الله عز وجل ،لا يظن أنها تبلغ ما بلغت، فإذا هي توصله إلى جنة النعيم، فقد روى البخاري في صحيحه :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً ، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ) ، فالجنة قريبة من أهل الطاعات ، وهي قريبة من المؤمن ، فيبشر بها عند الممات
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : (وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ ) ، أي : هي أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، فالإنسان ربما يتكلم بالكلمة ،لا يلقى لها بالاً ،وهي من سخط الله ،فيهوى بها في النار كذا وكذا من السنين، وهو لا يدري، وما أكثر الكلمات التي يتكلم بها الإنسان غير مبال بها، وغير مهتم بمدلولها، فترديه في نار جهنم، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : (وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لاَ يُلْقِى لَهَا بَالاً يَهْوِى بِهَا فِي جَهَنَّمَ » قال ابن حجر: «فينبغي للمرء أن لا يزهد في قليل من الخير أن يأتيه ،ولا في قليل من الشر أن يجتنبه٬ فإنه لا يعلم الحسنة التي يرحمه الله بها ، ولا السيئة التي يسخط الله عليه بها»
أيها المسلمون
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلاَنَةَ تَذْكُرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاَتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِى جِيرَانَهاَ بِلِسَانِهَا ، قَالَ « هِيَ فِي النَّارِ ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلاَنَةَ تَذْكُرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلاَتِهَا وَأَنَّهَا تَصَدَّقُ باِلأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ وَلاَ تُؤْذِى جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ « هِيَ فِي الْجَنَّةِ ». فالجنة درجة عالية تحتاج إلى صعود، والطريق إليها حف بالمكاره ، والمكاره هي المشاق التي تحصل عند القيام بالعبادة ، كالذهاب إلى الصلوات، والصيام، وإنفاق المال، والصبر على أقدار الله وقضائه، والكف عن الشهوات، وغض البصر، وحفظ الفرج، فهذه كلها مكاره، ولكن الإنسان تغلب على هذه المكاره، واستطاع أن ينتصر عليها ، لم يكن بينه وبين الجنة شيء، فلا يحتقر الإنسان أي عمل يصنعه، ولا يحتقر أي معصية يفعلها، فقد تكون تلك المعصية سبباً في هلاكه، وقد تكون تلك الطاعة سبباً في نجاته، قال علي رضي الله عنه وأرضاه: (إن الله أخفى اثنتين: أخفى الله أولياءه في عباده، فلا تدري من تلقاه أيهم ولي لله، وأخفى رضاه في طاعته، فلا تدري أي طاعة أطعت الله بها كانت سبباً في رضوان الله تبارك وتعالى عليك ).
أيها المسلمون
فما أقرب الجنة للعبد المؤمن ، وما أيسرها على من وفقه الله، وفتح له أبواب الطاعة والخير. وما أقرب النار للمخذول الشقي الذي أوبقته الذنوب وفارقه عون الله وتوفيقه. فالجنة قريبة المنال، سهلة الطريق، والوصول إليها ليس بالأمر العسير على من يسره الله عليه، وكذا النار أعاذنا الله منها، قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: الجنة سهلة بتصحيح القصد وفعل الطاعة، والنار سهلة بموافقة الهوى وفعل المعصية ،فسلعة الله الجنة ثمنها بين أيدينا، ولا يعجِز عنها أحد، ولا يردنا عنها أحد ، ولا يزاحمنا عليها أحد، ولكنها سلعةٌ ثمينة لا تمنح لكل أحد؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ». رواه الترمذي
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن كثرة الطاعات واجتناب المحرمات من أسباب دخول الجنة ،فالجنة سهلة قريبة المنال، ولكنها تحتاج من طلابها أن يؤثِرُوها على الدنيا، بأن تكون هي همَّهم، ويكون سعيُهم لها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من أحب دنياه أضرَّ بآخرته، ومن أحب آخرته أضرَّ بدنياه؛ فآثِرُوا ما يبقى على ما يَفْنى )؛ رواه أحمد ، وعَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِى طَالِبٍ قَالَتْ : مَرَّ بِي ذَاتَ يَوْمٍ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ ،فَمُرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ وَأَنَا جَالِسَةٌ. قَالَ « سَبِّحِي اللَّهَ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ لَكِ مِائَةَ رَقَبَةٍ تُعْتِقِينَهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَاحْمَدِي اللَّهَ مِائَةَ تَحْمِيدَةٍ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ لَكِ مِائَةَ فَرَسٍ مُسْرَجَةٍ مُلْجَمَةٍ تَحْمِلِينَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ،وَكَبِّرِى اللَّهَ مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ لَكِ مِائَةَ بَدَنَةٍ مُقَلَّدَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ وَهَلِّلِي اللَّهَ مِائَةَ تَهْلِيلَةٍ – قَالَ ابْنُ خَلَفٍ أَحْسِبُهُ قَالَ – تَمْلأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلاَ يُرْفَعُ يَوْمَئِذٍ لأَحَدٍ عَمَلٌ إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِ مَا أَتَيْتِ بِهِ ». رواه أحمد ، وقَالَ أَبُو ذَرٍّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاذَا يُنَجِّي الْعَبْدَ مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: الإِيمَانُ بِاللَّهِ، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ مَعَ الإِيمَانِ عَمِلٌ، قَالَ: يُرْضَخُ مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فَقِيرًا، لا يَجِدُ مَا يُرْضَخُ بِهِ؟ قَالَ: يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَيِيًّا لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْرُوفِ، وَلا يَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ: يَصْنَعُ لأَخْرَقَ، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَخْرَقَ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَصْنَعَ شَيْئًا؟ قَالَ: يُعِينُ مَغْلُوبًا، قُلْتُ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ ضَعِيفًا، لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُعِينَ مَظْلُومًا؟ فَقَالَ: مَا تُرِيدُ أَنْ تَتْرُكَ فِي صَاحِبِكَ مِنْ خَيْرٍ ، تُمْسِكُ الأَذَى عَنِ النَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ دَخَلَ الْجَنَّةَ؟ قَالَ : مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَفْعَلُ خَصْلَةً مِنْ هَؤُلاءِ، إِلا أَخَذَتْ بِيَدِهِ حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ.
الدعاء