خطبة عن الصحابي: (زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ)
مايو 5, 2018خطبة عن ( الإسلام يعلمني )
مايو 5, 2018الخطبة الأولى (الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الترمذي في سننه وغيره (عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ ».
إخوة الإسلام
لقد عنيت السنة النبوية المطهرة بالأخلاق عناية عظيمة، ويظهر ذلك جليا من خلال أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فهي توضح مكانة مكارم الأخلاق في الشريعة الإسلامية ، حاثةً على التمسك بها. ولِما كان للخُلُق الحسن من مكانة عظيمة ،فقد جعله رسول الهدى صلى الله عليه وسلم أفضل شيء في ميزان العبد يوم القيامة، بل درجته توازي درجة الصائم القائم، وفي المقابل أخبر صلى الله عليه وسلم أن الله يكره الخلق السيء ، والفحش والبذاءة ، وهي لا تليق بمؤمن يسجد لله ،ويرجو رحمته، فمن لوازم الإيمان التحلي بالأخلاق الكريمة ،والصفات النبيلة ،والتي يحبها الله ورسوله. قال عليه الصلاة والسلام: «ما من شيءٍ يُوضَعُ في الميزانِ أثقلُ من حُسْنِ الخُلُقِ، وإن صاحبَ حُسْنِ الخُلُقِ ليبْلُغُ به درجةَ صاحبِ الصومِ والصلاةِ» رواه الترمذي ،وقال عليه الصلاة والسلام: «ما شيءٌ أثقلَ في ميزانِ المؤمنِ يومَ القيامةِ مِن خُلُقٍ حسنٍ، وإنَّ اللهَ يبغضُ الفاحشَ البذيءَ» صحيح الترغيب؛ وقال عليه الصلاة والسلام: «إنَّ المؤمنَ ليُدْرِكُ بحُسْنِ خُلُقِه درجةَ الصَّائمِ القائمِ» رواه أبو داود ، ” ، أي الصائم نهاره والقائم ليله في طاعة الله ، وإنما أعطى صاحب الخلق الحسن هذا الفضل لأن الصائم في النهار ،والمصلي في الليل يجاهدان أنفسهما في مخالفة حظهما، وأما من يحسن خلقه مع الناس ،مع تباين طبائعهم وأخلاقهم ،فكأنه يجاهد نفوسًا كثيرة، فأدرك ما أدركه الصائم القائم فاستويا في الدرجة بل ربما زاد عليهما .
أيها المسلمون
وفي الحديث الذي صدرت به هذه الخطبة ، يقول صلى الله عليه وسلم : « الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ ».قال ابن الأثير : (الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ) أي هو ليس بذي مكر ، فهو ينخدع لانقياده ولينه ، وهو ضد الخب ،وقال المناوي: (المؤمن غِرٌّ). أي: يغُرُّه كلُّ أحد، و يغُرُّه كلُّ شيء، ولا يعرف الشَّرَّ، وليس بذي مَكْر ولا فطنة للشَّرِّ، فهو يَنْخَدع لسَلَامة صَدْره، وحسن ظنِّه، وينخَدع لانقياده ولينه. (كَرِيمٌ). أي: شريف الأخلاق. (وَالْفَاجِرُ) . أي: الفاسق. (خِبٌّ لَئِيمٌ). أي: جريء، بخيل ،لجوج ،سيئ الخلق، يسعى في الأرض بالفساد، فالمؤمن المحمود: من كان طبعه الغَرَارة، وقلَّة الفِطْنة للشَّرِّ، وترك البحث عنه، وليس ذلك منه جهلًا، فهو « غِرٌّ كَرِيمٌ » لأنه لا يشغل نفسه بتتبع الأمور التي يكون فيها مضرة ، أو الأمور التي ليست حسنة ، فيشغل نفسه بها، وهو: «كريم»؛ لأن كرمه هو الذي يدفعه إلى أنه لا يشغل نفسه بمثل هذه الأمور، وأما الفاجر: فمن عادته الخُبث والدَّهاء ،والتَّوغل في معرفة الشَّرِّ، وليس ذا منه عقلًا
أيها المسلمون
والمؤمن لا يستطيع أن يسع الناس بماله مهما بلغ، ولكن بسط الوجه ،والبشاشة والأخلاق الحسنة ،مقدور عليها لمن وفقه الله تعالى ، يقول صلى الله عليه وسلم : «إنكم لن تَسَعوا الناسَ بأموالِكم، ولكن يَسَعهم منكم بَسْطُ الوجهِ، وحُسْنُ الخُلُقِ» (صحيح الترغيب)؛ بل نجد أن الخلق الحسن له مكانة عظيمة إذا عمل به المرء، حيث يرفعه إلى مرتبة عظيمة وهي محبة الله له، ويا له من شرف عظيم ،وكرم جزيل ،ما يعطيه الله لذلك العبد العامل بتلك السجايا الكريمة، وروى الإمام أحمد في مسنده (جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ قَالَ « أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً » ، حتى رسول الهدى صلى الله عليه وسلم يحبه ويكون قريبًا من مجلسه يوم القيامة، فيا له من شرف عظيم أن يحبك الرسول الكريم ويقربك من مجلسه، ففي سنن الترمذي بسند حسن (عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَىَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ » قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ قَالَ « الْمُتَكَبِّرُونَ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الْمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ وَالْفَاجِرُ خِبٌّ لَئِيمٌ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فليكن المؤمن حريصًا على اكتساب الخلق الحسن ،مجاهدًا نفسه ،ومروضًا لها ،حتى يصبح لها سجية ،وعليه أن يردد دعاء الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم : (عَنْ عَلِىِّ بْنِ أَبِى طَالِبٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ قَالَ « وَجَّهْتُ وَجْهِىَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. أَنْتَ رَبِّى وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِى وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِى لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لاَ يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ». وَإِذَا رَكَعَ قَالَ « اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِى وَمُخِّي وَعَظْمِى وَعَصَبِي ». وَإِذَا رَفَعَ قَالَ « اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ ». وَإِذَا سَجَدَ قَالَ « اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِى لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ». ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّى أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ».
الدعاء