خطبة عن الصحابي: (حَبِيبُ بْنُ زَيْدٍ)
أبريل 7, 2018خطبة عن (وقفات وتأملات في سورة قريش)
أبريل 7, 2018الخطبة الأولى حديث (فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما ( عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ » . فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ – تَعْنِى وَجْهَهَا – وَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ قَالَ « نَعَمْ تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا »، وجاء بنحوه عند مسلم من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن نَبِيًّ اللّهِ قال: “نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلاَ، أَوْ سَبَقَ، يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ”. ولمسلم أيضا من حديث عائشة رضي الله عنها بنحوه وفيه قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: “إِذَا عَلاَ مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالَهُ، وَإِذَا عَلاَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أَشْبَهَ أَعْمَامَهُ”.
إخوة الإسلام
إن المتأمل والمتدبر في هذه الأحاديث المتقدمة يتبين له أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين لأمته كل ما تحتاج إليه من شرائع وأحكام، ولو كان ذلك في أدق أمورها وأخصها ، وأنه صلى الله عليه وسلم لم يترك أمرا ،ولا طريقا ، يقربنا إلى الله ، إلا وأرشدنا إليه ،ودلنا عليه ،ولم يترك أمرا يقربنا من النار ،إلا وحذرنا منه. وفي قول الصحابية الجليلة : (أُمُّ سُلَيْمٍ ) رضي الله عنها : (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ) ، فالمعنى المقصود : أي : أن الله تعالى لا يمتنع من بيان الحق، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ﴿ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ﴾ [الأحزاب: 53]، فالله عز وجل يبين الحق ،ويوضحه للناس ،وهو سبحانه يوصف بالحياء ،ولكن الحياء لا يمنعه أن يبين لعباده ما به صلاحهم ،كما أن الحياء لا يمنع العباد أن يسألوا عما أشكل عليهم من أمر الدين، (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ) وقد قدمت أم سليم هذا القول تمهيداً لعذرها في ذكر ما يستحيا منه من شأن النساء ، والحياء خلق يبعث على ترك القبيح ويمنع من التقصير في حق الغير ، والدين كله حياء ، ولكن هذا لا يمنع الانسان ( رجلا كان أم امرأة ) أن يسأل عن دينه ، ففي صحيح البخاري ( باب الْحَيَاءِ فِي الْعِلْمِ) ، قَالَ مُجَاهِدٌ : لاَ يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ مُسْتَحْىٍ وَلاَ مُسْتَكْبِرٌ ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ ، وأما قولها رضي الله عنها : (فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ ) أي :إذا رأت المرأة في المنام أنها تُجَامَع ، فهل تغتسل للجنابة ، فالاحتلام: هو ما يراه النائم ويُخَّيل إليه أنه يجامع ،فينشأ عن ذلك أحياناً إنزال المني من الرجل أو المرأة .فكانت إجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على سؤالها : « إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ » وفي رواية (نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ): أي إذا أبصرت الماء وهو المني والمقصود تحقق وقوعه ، فالمرأة أو الرجل إذا تحقق من نزول الماء ، في المنام أو في اليقظة ، وجب عليه الغسل، ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « إِنَّمَا الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ »، أي إذا نزل ماء الرجل أو المرأة وجب الغسل . وهنا (غَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ – تَعْنِى وَجْهَهَا – وَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ ) ،وتغطيتها رضي الله عنها لوجهها فهذا دليل على الحياء ، وهذا أدب من آداب النساء عند سؤالهن عما يستحيا منه، وفي رواية :” فقالت لها : يا أم سليم فضحت النساء ” ،
فالحياء من الإيمان، والحياء لا يأتي إلا بخير، لهذا حث الإسلام على التخلق بخلق الحياء، وفي الوقت الذي دعا فيه الإسلام إلى التخلق بهذا الخلق الكريم دعا إلى الجرأة في العلم وفي الحق، عملا بقوله تعالى: { وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ } [الأحزاب: 53] ،فالعلم يضيع بين الكبر والحياء، ولا يتعلم العلم مستحي، ومن هنا نجد الرجال والنساء في عهده صلى الله عليه وسلم يسألون عما يحتاجون من أمور دينهم ودنياهم، وأما قولها رضي الله عنها: (وَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ ) فهي تتعجب، وكأنها لأول مرة تعلم أن المرأة تحتلم ، وقد يكون في ذلك دليل على أن بعض النساء لا يحتلمن ،فكانت إجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم : « نَعَمْ تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا » ، واجابته صلى الله عليه وسلم تشتمل على الكثير من المعاني ، ومنها : قوله (نَعَمْ ) ، فهذه هي الاجابة على سؤالها (وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ ) ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (تَرِبَتْ يَمِينُكِ ) ، فهو صلى الله عليه وسلم بقوله ذلك إما أنه يشكرها ويشجعها على أن تسأل عما يستحي منه البعض ، أو أنه صلى الله عليه وسلم قالها متعجبا من جهلها بهذا الأمر ، أو زاجرا لها ومنكرا ومستعظما لسؤالها ، وقوله صلى الله عليه وسلم (تَرِبَتْ يَدَاكِ): فالمعنى :أي: ألصقت بالتراب من الفقر، وهذه من الألفاظ التي يطلقها العرب ولا يريدون بها ظاهرها. وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم قالها ولم يرد بها الدعاء كقوله (ثكلتك أمك يا معاذ) ،فهي من الألفاظ التي تجري مجرى اللسان ولا يراد بها معناها الأصلي وتطلق عند الزجر أو الإنكار أو الاستعظام أو التعجب.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم قال صلى الله عليه وسلم مدللا على أن للمرأة ماء ينزل منها حال الجماع أو حال الاحتلام : (فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا ) ، وجاء في روايتين للإمام مسلم قال صلى الله عليه وسلم : “نَعَمْ، فَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَهُ؟ إِنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظٌ أَبْيَضُ، وَمَاءَ الْمَرْأَةِ رَقِيقٌ أَصْفَرُ، فَمِنْ أَيِّهِمَا عَلاَ، أَوْ سَبَقَ، يَكُونُ مِنْهُ الشَّبَهُ”. وفي الرواية الأخرى : “إِذَا عَلاَ مَاؤُهَا مَاءَ الرَّجُلِ أَشْبَهَ الْوَلَدُ أَخْوَالَهُ، وَإِذَا عَلاَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَهَا أَشْبَهَ أَعْمَامَهُ”. فكأنه صلى الله عليه وسلم يقول لهن : ألستما تشاهدان شبه الولد بأمه أحيانا ،كما تشاهدان شبهه بأبيه أحيانا؟ فقالتا: نعم، قال: فمن أين يأتي شبهه بأمه إذا لم يكن لها ماء وشهوة يلتقي بماء الرجل وشهوته؟، وحين سأل اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن ذلك ، وقالوا: لا يعلمه أحد إلا نبي أو رجل أو رجلان ، فكان جوابه صلى الله عليه وسلم على سؤالهم دليلا على صدق رسالته، ففي الصحيحين (حَدَّثَنَا أَنَسٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلاَمٍ بَلَغَهُ مَقْدَمُ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – الْمَدِينَةَ ، فَأَتَاهُ يَسْأَلُهُ عَنْ أَشْيَاءَ ، فَقَالَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ نَبِيٌّ مَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَمَا بَالُ الْوَلَدِ يَنْزِعُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ قَالَ « أَخْبَرَنِي بِهِ جِبْرِيلُ آنِفًا » . قَالَ ابْنُ سَلاَمٍ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ . قَالَ « أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُهُمْ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ ، فَزِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ ، وَأَمَّا الْوَلَدُ ، فَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ نَزَعَتِ الْوَلَدَ » . قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ) ، وفي هذا القول اعجاز علمي ، ودليل على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، فلم يتوصل العلماء إلى ذلك إلا من وقت قريب ،فالطب لا ينكر أن المرأة تحتلم كما يحتلم الرجل، ولا ينكر أن المرأة تفرز عند شهوتها ماء رقيقا أصفر، بل إن أوربا لم تكتشف مشاركة ماء المرأة لماء الرجل في تكوين الجنين إلا عام 1667م حين اكتشف عالم التشريح (الفلورنسي ستينو) البويضة عند المرأة، ثم تابع العلم اكتشافات وراثة الطفل لأبويه في الصفات،
الدعاء