خطبة عن قوله تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً)
يناير 12, 2019خطبة عن (التكافل والتضامن الاجتماعي) وحديث (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا)
يناير 19, 2019الخطبة الأولى ( سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – قَالَ : خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – يَوْمًا فَقَالَ : « عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ، وَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَرَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ أُمَّتِى ، فَقِيلَ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ . ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ . فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ لِي انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا . فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ ، وَمَعَ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ » . فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ ، فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالُوا أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِي الشِّرْكِ ، وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَلَكِنْ هَؤُلاَءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ : « هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ ، وَلاَ يَكْتَوُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ » . فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « نَعَمْ » . فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا فَقَالَ « سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ »
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الحديث النبوي الشريف ، والذي يحمل البشرى للمؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ،ويحفزهم فيه على تحقيق التوكل على الله تبارك وتعالى ، والاعتماد عليه ، وبداية : ففي قوله صلى الله عليه وسلم : (عُرِضَتْ عَلَىَّ الأُمَمُ فَجَعَلَ يَمُرُّ النَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلُ وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّجُلاَنِ ، وَالنَّبِيُّ مَعَهُ الرَّهْطُ ، وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ، .. ) ، ففي هذا شاهد ودليل على أن الله تبارك وتعالى أطلع رسوله صلى الله عليه وسلم على بعض الغيبيات ، وبعض مشاهد يوم القيامة وأحداثها العظام ، ليزداد إيمانا ويقينا، ويخبر بها أمته ليكونوا على علم ودراية ، واستعداد لها ، بالعمل الذي يؤهلهم ليكونوا من أصحاب النعيم . وفيه شاهد أيضا على أن الأنبياء والمرسلين السابقين ، كان أتباعهم من المؤمنين بهم قلة قلية ، وأن أمة نبي الله موسى عليه السلام كثير عددها ، وعظيم سوادها . وأما أمة محمد صلى الله عليه وسلم فهي أعظم الأمم قدرا ومنزلة وعددا ، وهي الأمة الآخرة بعثا ، السابقة غيرها دخولا إلى جنات النعيم ، ففي الصحيحين : ( أن أَبَا هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « نَحْنُ الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » ،وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (ثُمَّ قِيلَ لِي انْظُرْ . فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ لِي انْظُرْ هَكَذَا وَهَكَذَا . فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ فَقِيلَ هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ.. ) ، ففي هذا دليل رفعة منزلة هذه الأمة ، وشاهد على أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم هي أكبر الأمم عددا في دخول الجنة ، ويؤيد ذلك الكثير من الأحاديث التي رُويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ففي صحيح مسلم : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ،قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ » قَالَ فَكَبَّرْنَا. ثُمَّ قَالَ « أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ » قَالَ فَكَبَّرْنَا. ثُمَّ قَالَ « إِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَسَأُخْبِرُكُمْ عَنْ ذَلِكَ مَا الْمُسْلِمُونَ فِي الْكُفَّارِ إِلاَّ كَشَعْرَةٍ بَيْضَاءَ فِي ثَوْرٍ أَسْوَدَ أَوْ كَشَعْرَةٍ سَوْدَاءَ فِي ثَوْرٍ أَبْيَضَ ». وفي مسند أحمد وغيره : (عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ – وَقَالَ عَفَّانُ مَرَّةً – أَنْتُمْ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ صَفًّا »
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : (فَقِيلَ هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ ، وَمَعَ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) ، فهذه منقبة أخرى من مناقب هذه الأمة ، ومنزلة أخرى من منازلها الرفيعة ، فذلك من فضل الله تعالى على هذه الأمة الميمونة المباركة ، وذلك فضل يؤتيه من يشاء ، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ ، أُوتِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا ، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ، ثُمَّ أُوتِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا إِلَى صَلاَةِ الْعَصْرِ ، ثُمَّ عَجَزُوا ، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ، ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ أَيْ رَبَّنَا أَعْطَيْتَ هَؤُلاَءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ، وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلاً ، قَالَ :قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لاَ ،قَالَ فَهْوَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ » ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم صفات وأخلاق هؤلاء السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب فقال صلى الله عليه وسلم : « هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ ، وَلاَ يَكْتَوُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ » . ومعنى (لاَ يَتَطَيَّرُونَ ) : أي : لا يتشاءمون والتطير مأخوذ من الطير العرب كانوا يتشاءمون بالطيور، حتى لو أراد الإنسان منهم عملاً كسفرٍ أو بيعٍ أو زواجٍ ونحو ذلك؛ أمسك طيراً فأطلقها، فإن ذهبت يميناً، قال: هذا خير وبركة، وأقدم عليه، وإن ذهبت شمالاً ، قال: هذا شؤم وشر فتركه .. (وَلاَ يَسْتَرْقُونَ ) : أي : لا يطلبون من أحد الرقية. (وَلاَ يَكْتَوُونَ ) : أي : لا يطلبون الكي، ولا يسألون غيرهم أن يكويهم (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) : أي : من أخلاقهم التوكل على الله ، وهذه هي الصفة الواضحة المهمة، وهي أهم صفات السبعين ألفاً أنهم يتوكلون على الله (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) [الأنفال:2] ،وصفاتهم المذكورة تدل على ذلك ، فهم ( لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون ) ،وهذه كلها تدل على أنهم متوكلون على الله، وعندهم الصدق في الالتجاء إليه ، واعتماد القلب عليه ، وفي هذا تحقيق للتوحيد، فالتوكل على الله هو: الثقة بوعده، واليقين بقضائه، وابتغاء الرزق بالأسباب، مما لا بد له منه من مطعم ومشرب، وتحرز من عدو بإعداد السلاح، وبإغلاق الباب من اللص، ونحو ذلك، ولكن لا يطمئن قلب المتوكل على الله إلى الأسباب، ولا يعتقد أنها تجلب نفعاً، أو تدفع ضراً، بل السبب والمسبب فعل الله -تعالى-، والكل بمشيئته عز وجل، فالله خلق الأسباب، وخلق آثار الأسباب، وخلق المسببات، ولا يجري شيء إلا بمشيئته عز وجل. ومن الملاحظ الآن : أن أكثر الناس يتوكلون على الأسباب؛ فقلبه معتمد على الطبيب، وعلى الدواء، وعلى التخطيط للمشروع، وعلى … والذي يركن إلى الأسباب قادح في توكله على الله، والذي لا يتخذ أسباباً بالكلية، جاهل بالتوكل على الله، وقد بين العلماء سبب عدم طلب هؤلاء السبعين ألفا لهذه الأمور : ( لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون ) ، فقالوا : الدافع لهم إلى ذلك : قوة اعتمادهم على الله -عز وجل-، فهم يعتمدون على الله اعتماداً تاماً. والدافع لهم إلى ذلك : عزة نفوسهم عن التذلل لغير الله، فهم لا يريدون أن يذلوا أنفسهم لغير الله، ولا يلجؤوا إلى بشر، وهم لا يريدون أن يفتحوا على أنفسهم أي باب تعلق بغير الله؛
أيها المسلمون
وفي الحديث المتقدم : (فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « نَعَمْ » . فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ أَمِنْهُمْ أَنَا فَقَالَ « سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ » وفي هذا شاهد ودلالة على حسن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلما طلب عكاشة بن محصن رضي الله عنه من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدعو له بأن يكون من السبعين ألف الذين يدخلون الجنة من غير حساب ولا عذاب فقال له : أنت منهم ـ،وقد قتل شهيدا رضي الله عنه في حروب الردة , ثم سأله رجل آخر من الصحابة أن يدعو له بأن يكون منهم فأجابه عليه الصلات والسلام « سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ » خشية منه على أن يطلبها من ليس أهلا لها . وفي هذه الكلمة دلالة على حسن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم حيث أجابه بكلمة طيبة وافية بالمقصود
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولنا جميعا – معشر المسلمين – بشارات نبوية في هذا الحديث وغيره ،فأمّا هذا الحديث ، فإنّ له رواية عظيمة وزيادة كريمة ،جاءت في مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وابن ماجة من حديث أَبِي أُمَامَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : “وَعَدَنِي رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلا عَذَابٍ مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا وَثَلاثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ” نسأل الله سبحانه أن يجعلنا منهم . فإذا حسبت سبعين ألفا مع كلّ ألف من السبعين ألفا فكم يكون العدد الإجمالي لمن يدخل الجنّة دون حساب ؟؟ وكم عدد كلّ حثية من حثيات الرّب العظيم الكريم الرؤوف الرحيم ؟؟ نسأل الله أن يجعلنا في تلك الأعداد .
أيها المسلمون
ومن الفوائد والدروس والعبر المستفادة والمستخلصة من هذا الحديث : أولاومن فوائد الحديث : أهمية التوكل على الله، وأن ترك الاكتواء أفضل، وترك التطير واجب، وأن ترك الاسترقاء هو الأفضل. ومن فوائد الحديث: ثانيا : فضل أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- على بقية الأمم، كما وكيفاً. فأما الكم، فإن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى أهل الجنة من أتباعه يملؤون كل الآفاق، آفاق السماء، أكثر من الذين مع موسى. وأما الكيفية، فهم متوكلون على الله؛ لا يسترقون ولا يتطيرون، هذه فئة خاصة. ومن فوائد الحديث: ثالثا : أن موسى ومن معه ( من الصالحين والعباد والشهداء، والعلماء من بني إسرائيل) يلوننا في الأفضلية، ومن فوائد الحديث: رابعا : في الحديث تسلية للنبي -صلى الله عليه وسلم- حين رأى الأنبياء، وبعض الأنبياء ما معه إلا الرجل والرجلان، وليس معه أحد، فيعلم عند ذلك فضل الله عليه، وشرفه عند الله ومكانته؛ بأن جعل أتباعه أكثر الأمم، وأكثر من أتباع أي نبي آخر. ومن فوائد الحديث: خامسا : أن كل أمة تحشر مع نبيها يوم القيامة ، ولنا من البشرى أن نحشر مع نبينا صلى الله عليه وسلم وهو صاحب الشفاعة العظمى ، واللواء المعقود ، والحوض المورود .ومن فوائد الحديث: سادسا : ويؤخذ منه فائدة دعوية مهمة جداً، وهي: أن عدد الأتباع ليس دليلاً على نجاح الداعية، فربما يقوم الإنسان بالدعوة ويجتهد ويدعو ويبذل، ولا يستجيب له أحد، وألا يغتر الشخص بالكثرة ، قال الله تعالى :(وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) [الأنعام: 116] ، وقال الله تعالى : ( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ) [يوسف: 103]. ومن فوائد الحديث: سابعا : في الحديث: علم من أعلام نبوة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومعجزة من معجزاته، وبرهان على نبوته عليه الصلاة والسلام، وأنه يوحى إليه ،فقد أخبر: أن عكاشة منهم، وعكاشة لا ارتد ولا غير، ولا بدل، واستمر، ومات شهيداً -رضي الله عنه-، ومن فوائد الحديث: ثامنا : كذلك في الحديث: استعمال المعاريض ففي قوله صلى الله عليه وسلم: « سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ » ليس المانع الحقيقي أن عكاشة سبقه، ولكن المانع أنه عليه الصلاة والسلام خاف أن ينفتح الباب، فيسأل هذه المرتبة شخصٌ ليس من أهلها، فقال: « سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ » ، ومن فوائد الحديث: تاسعا : في الحديث دليل على حسن خلق النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أيها المسلمون
ألا فتخلقوا بخلق التوكل على الله ، وعليكم بالثقة بوعده، واليقين بقضائه، وابتغاء الرزق بالأسباب ، فالعمل بالأسباب لا يقدح في توكل العبد المؤمن .
الدعاء