خطبة عن: رحمة الله (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا)
ديسمبر 8, 2018خطبة عن احذر مخالفة الرسول (وَجُعِلَ الذُّلُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي)
ديسمبر 8, 2018الخطبة الأولى ( طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي.. طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَنِي)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى ابن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ رَجُلاً قَالَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ طُوبَى لِمَنْ رَآكَ وَآمَنَ بِكَ. قَالَ « طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي ثُمَّ طُوبَى ثُمَّ طُوبَى ثُمَّ طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَنِي ».
إخوة الاسلام
إن من أجلَّ نِعَم الله على عباده، ومن أعظم مِننه على خلقه أن بعث في هذه الأمة رسوله المصطفى، ونبيُّه المجتبى محمد بن عبدالله – صلوات الله وسلامه عليه – بعثه داعيًا ونذيرًا، ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، فبلَّغَ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأُمَّة، وجاهد في الله حقَّ جهاده، حتى أتاه اليقين، وقد ختم الله به الرسالات، وهدى به من الضلالات، وعلَّم به من الجَهَالات، وفتح برسالته أعينا عُميا، وآذانا صمًّا ،وقلوبًا غُلفًا، ورفع له ذكره ،وأعلى له شأنه، وجعل الذِّلة والصغار على من خالفه ،وقد بعثه الله رحمة للعالمين؛ ليحيي القلوب الميتة بدعوتهم إلى دين الله ،وهدايتهم إلى صراط الله المستقيم؛ قال الله تعالى : ﴿ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾ [الطلاق : 10 – 11]. وقد افترض الله – جل وعلا – على العباد الإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا) (136) النساء، ولا يصح إيمان من آمن بالله ولم يؤمن برسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، أو غيره من الأنبياء عليهم السلام كما فعل أهل الكتاب أو غيرهم ، فقد جاء في شرح الطحاوية لابن أبي العز: قوله: ( ونؤمن بالملائكة والنبيين، والكتب المنزلة على المرسلين ، ونشهد أنهم كانوا على الحق المبين ) .كما روى الإمام أحمد : (عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَنْ سَمِعَ بِي مِنْ أُمَّتِى أَوْ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ فَلَمْ يُؤْمِنْ بِي لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ » ،
والإيمان بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم : يشمل تصديقه, وطاعته, واتباع شريعته ، ومن الإيمان به صلى الله عليه وسلم : اعتقادُ أنه مبلِّغ عن الله تعالى كما قال الله تعالى : ﴿ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [العنكبوت : 18]. واعتقاد أنه صلى الله عليه وسلم بلغ ما أمر به أتمَّ البلاغ وأكمله، ولم يترك خيرًا إلا دلَّ الأمة عليه، ولا شرًّا إلا حذَّرها منه، ومن الإيمان به : اعتقاد أنَّ الدين الذي جاء به هو دين الإسلام الذي لا يرضى الله جل وعلا – ولا يقبل دينًا سواه؛ قال الله – تعالى -: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران : 19]، وقال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران : 85]. ومن الإيمان به : اعتقاد أنه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، فلا نبي بعده؛ قال الله تعالى : ﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾ [الأحزاب : 40]، وفي مسند أحمد أن :(عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِى يَقُولُ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْماً كَالْمُوَدِّعِ فَقَالَ :« أَنَا مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ أَنَا مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ – ثَلاَثاً – وَلاَ نَبِيَّ بَعْدِى..) ،ومن الإيمان به : اعتقاد أنه واسطةٌ بين الله وبين خَلْقه في إبلاغ دينه وبيان شرعه، وليس واسطةً في العبادة وجلب المنافع ودفع المضار، فإنه ليس شيءٌ من ذلك إلا لله – تبارك وتعالى. ومن الإيمان به : اعتقاد عموم رسالته ، وأنه رسول للعالمين كما قال الله تعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ﴾ [سبأ : 28]، وقال الله تعالى : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء : 107]. ومن الإيمان به : اعتقاد فضله، وأنه أكمل الناس طاعة لله، وأعلمهم بالله واتقاهم لله، وأنه صلى الله عليه وسلم أحسن الناس قِيلاً، وأقومهم حديثًا، وأطيبهم وأزكاهم عملاً ، وروى البخاري في صحيحه قوله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِاللَّهِ أَنَا » ، ومن الإيمان به : محبته، وأنه أولى بكلِّ مؤمنٍ من نفسه، وتقديم محبَّته – صلى الله عليه وسلم – على محبة النفس والوالد والولد والناس أجمعين؛ قال الله تعالى -: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب : 6]. وفي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ » ، ومن الإيمان به : تعزيره وتوقيره ونُصْرته؛ قال الله تعالى -: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الفتح : 8 – 9].
أيها المسلمون
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : « طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي ثُمَّ طُوبَى ثُمَّ طُوبَى ثُمَّ طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَنِي ». فقد اختلفت آراء العلماء فيمن رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير أولئك، فيمن لم يحصل له إلا مجرد المشاهدة، هل من أفراد الأمة من يكون أفضل منه أم لا؟ قال ابن حجر:” والذي يظهر أن من قاتل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو في زمانه بأمره أو انفق شيئا من ماله بسببه لا يعدله في الفضل أحد بعده كائنا من كان، وأما من لم يقع له ذلك فهو محل البحث، والأصل في ذلك قوله تعالى: ( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (الحديد: 10) ، والخلاف وقع على قولين: القول الأول : ما ذهب إليه ابن عبد البر وغيره من المتكلمين إلى أن الأفضلية إلى المجموع وليست للأفراد واستدلوا ببعض الأحاديث ومنها : ما رواه الحاكم والامام أحمد :(حَدَّثَنِي أَبُو جُمُعَةَ قَالَ تَغَدَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَمَعَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ. قَالَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ أَحَدٌ خَيْرٌ مِنَّا أَسْلَمْنَا مَعَكَ وَجَاهَدْنَا مَعَكَ قَالَ « نَعَمْ قَوْمٌ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِى يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي » ، وما رواه مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ « السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا ». قَالُوا أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ ». فَقَالُوا كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ « أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلاَ يَعْرِفُ خَيْلَهُ ». قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ أَلاَ لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلاَ هَلُمَّ. فَيُقَالُ إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ سُحْقًا سُحْقًا ». وفي سنن الترمذي بسند حسن ، قال صلى الله عليه وسلم : (فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَزَادَنِي غَيْرُ عُتْبَةَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ رَجُلاً مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ قَالَ « لاَ بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ ». وروى مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِى لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِى يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي.. طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي وَلَمْ يَرَنِي)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما القول الثاني: وهو قول الجمهور، أن الأفضلية بالأفراد، واستدلوا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : « لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي ، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ »، وروى مسلم : (عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ قُلْنَا لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّىَ مَعَهُ الْعِشَاءَ – قَالَ – فَجَلَسْنَا فَخَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ « مَا زِلْتُمْ هَا هُنَا ». قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ ثُمَّ قُلْنَا نَجْلِسُ حَتَّى نُصَلِّىَ مَعَكَ الْعِشَاءَ قَالَ « أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ ». قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَكَانَ كَثِيرًا مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ « النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِى مَا يُوعَدُونَ ». وفيه أيضا : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُمْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَيَقُولُونَ. نَعَمْ فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُمْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ ثُمَّ يَغْزُو فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ فَيُقَالُ لَهُمْ هَلْ فِيكُمْ مَنْ رَأَى مَنْ صَحِبَ مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَيَقُولُونَ نَعَمْ. فَيُفْتَحُ لَهُمْ ». وفي سنن ابن ماجة : (كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمَقَامُ أَحَدِهِمْ سَاعَةً خَيْرٌ مِنْ عَمَلِ أَحَدِكُمْ عُمْرَهُ.
أيها المسلمون
والقول الراجح هو قول جمهور العلماء أن أفضلية الصحابة على الأفراد ، كما أن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء فلا يقاس عليه .. وسبق لهم من الفضل على لسان نبيهم ما ليس لأحد بعدهم، وفي مسند أحمد (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ فَوَجَدَ قَلْبَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَاصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ فَابْتَعَثَهُ بِرِسَالَتِهِ ثُمَّ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ فَما رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَناً فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ وَمَا رَأَوْا سَيِّئاً فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ. فللصحابة الكرام فضائل لا يشاركهم فيها أحد، فهم قد رأوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهم خير القرون بنص الحديث، وهم الواسطة بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين من جاء بعده من أمته، وهم الصفوة التي أختارها الله لنبيه، وهم الذين قاموا بنشر الدين، فكل خير لهم فيه نصيب. وأما حديث أبي أمامة رضي الله عنه :” وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرات” فالحديث غاية ما فيه الدعاء لمن لم يره صلى الله عليه وآله وسلم أكثر ممن رآه لا يدخل على فضل من لم يراه على من راه ؛ وإنما يمكن أن يقال أن من لم يراه هو في حاجة لدعاء أكثر لتثبيته على الطريق المستقيم.
الدعاء