خطبة عن (عاقبة المترفين)
نوفمبر 12, 2023خطبة عن (غرور العلم وطغيانه)
نوفمبر 12, 2023الخطبة الأولى (عَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى الترمذي في سننه بسند حسنه: (قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ». قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: (إسناده حسن)، وقد ضعفه آخرون.
إخوة الإسلام
إن المتدبر لهذا الحديث النبوي الكريم، تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم لأمته عدة نصائح: أولها : ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم: (بَلِ ائْتَمِرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ): ففي ذلك حض على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر: فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم أمور الدين، وبه استحقت هذه الأمة الاسلامية الخيرية على سائر الأمم، قال الله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ) {آل عمران:110}. وقال الله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة:71]. فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الواجبات الإسلامية التي يترتب عليها صلاح المجتمع وسلامته ونجاته في الدنيا والآخرة ، فهو سفينة النجاة، كما في صحيح البخاري: (عن النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ – رضي الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَثَلُ الْقَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ فَقَالُوا لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا ،وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا. فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا»، وفي صحيح مسلم: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ». هذا وقد ذم الله تعالى من ترك هذا الواجب من كفار بني إسرائيل، ولعنهم على ذلك، فقال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [المائدة :78-79]،
أيها المسلمون
وهذا الحديث النبوي فيه التحذير من صفات مذمومة، وهي ما جاءت في قوله صلى الله عليه وسلم: (حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ): فقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحَّاً مُطَاعَاً»: يَعْنِي: إذا رأيت النَّاسَ قد غَلَبَ عَلَيْهِمُ الشُّحُّ والبخل وَالحِرْصُ عَلَى جمع المَالِ، وَالتَّنَافُسُ في تَحْصِيلِهِ، فاحذر أن تكون منهم، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ الحشر (9). فالشح أو البخل هي الصفة الأولى التي ذمها رسول الله وحذر منها، أما الصفة التالية: فهي في قَوْلُه صلى الله عليه وسلم: «وَهَوَىً مُتَبَّعَاً»: يَعْنِي: إذا رأيت النَّاسَ قد اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ، وَلَمْ يَتَّبِعُوا مَا جَاءَ عَنِ اللهِ، وَعَنْ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، بَلْ أَعْرَضُوا عَنْ كِتَابِ اللهِ، وَعَنْ سُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ الكِرَامُ رَضِيَ اللهُ تعالى عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ فاحذر أن تكون منهم. أما الصفة المذمومة التالية فهي: َقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «وَدُنْيَاً مُؤْثَرَةً»: يَعْنِ: فإذا رأيت النَّاسَ يُؤْثِرُونَ الحياة الدنيا، وَيَحْرِصُونَ عَلَيْهَا، وَيُؤْثِرُونَ العَاجِلَةَ عَلَى الآجِلَةِ، وَيُحِبُّونَ العَاجِلَةَ وَلَا يَهْتَمُّونَ بِالآجِلَةِ، وَيَحْرِصُون عَلَيْهَا وَيَغْفَلُون عَنِ الآخِرَةِ. فقد قال تعالى: (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) (16)، (17) الأعلى، إذا رأيت ذلك فاحذر مخالطتهم، حتى لا مثلهم، أما الصفة المذمومة التالية، والتي حذر منها رسول الله فهي: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ»: أَيْ: أَنْ يُعْجَبَ الإِنْسَانُ بِرَأْيِهِ، وَلَا يُعَوِّلَ عَلَى نُصُوصِ الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِنَّمَا يعمل برَأْيِهِ، وَيترك الحَقُّ وهُوَ مَا جَاءَ في الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فإذا رأيت ذلك فاحذر أن تكون من أصحاب الهوى، فيضلك عن سبيله.
أيها المسلمون
وفي هذا الحديث النبوي الكريم، يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موقف المسلم عند فساد الزمان، وعند انتشار الصفات والاخلاق المذمومة، وحين يعجز المسلم عن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، أو يتضرر تضررا كبيرا بسبب ذلك، فحينها عليه بالعزلة، فيقول صلى الله عليه وسلم: (حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَإِعْجَابَ كُلِّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعِ الْعَوَامَّ): يقول العلماء: والعُزلة في آخر الزمان أركانُها ثلاثة- كما قال الإمام الخطابي في كتابه (العُزلة) وهي : (أن لا تدع الجمعة ولا الجماعة. وأن تختار الأصحاب اختياراً دقيقاً، وتخالط الناس كلهم، لكن لا تختار من هو خاصةُ نفسك إلا بمعيار دقيق. وأن تتركَ التبقر والتوسعَ في المباحات). هذه هي العُزلة بأركانها الثلاثة. وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «فَعَلَيْكَ بِنَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ الْعَوَامَّ»: يَعْنِي: عِنْدَ ذَلِكَ عَلَيْكَ أَنْ تَجْتَهِدَ في خَلَاصِكَ وَنَجَاتِكَ، وَتَدَعَ عَنْكَ النَّاسَ، وَذَلِكَ لِقِلَّةِ الجَدْوَى وَالفَائِدَةِ؛ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ هَذِهِ الأُمُورُ التي انْشَغَلُوا بِهَا عَنِ الاسْتِجَابَةِ وَالالْتِزَامِ بِمَا جَاءَ عَنِ اللهِ وَعَنْ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، ويقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) { المائدة:105} ـ ومن المعلوم أن هذه الآية قال فيها كثير من الصحابة (كابن مسعود وغيره) أن تأويلها لم يأت زمنها بعد، وقال إنه ما دامت قلوبكم واحدة وأهواؤكم واحدة ولم تلبسوا شيعا ولم يذق بعضكم بأس بعض فأمروا وانهوا، فإذا اختلفت القلوب والأهواء، وذاق بعضكم بأس بعض، فامرؤ ونفسه ـ
ولا شك أن هذا الوقت لم يأت بعد فما زال الناس ـ في زماننا هذا ـ بخير، ولا زلنا نرى أثر الدعوة إلى الله سبحانه، وأثر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من دخول بعض الناس في دين الله، واستجابتهم لأمره سبحانه، وإقبالهم على الخير، وانفضاضهم عن الشر، وكل هذا ظاهر لا ينكر، هذا مع التنبيه على أن الضرر الذي يسقط وجوب الأمر والنهي، إنما هو الضرر المعتبر الذي يتأذى به الناس عادة، أما مجرد الأذى اليسير كالجدال ونحوه فهذا لا يسقط وجوب الأمر والنهي، إذ أن جميع الواجبات الشرعية لا يخلو القيام بها عن مشقة معتادة.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (عَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وفي هذا الحديث النبوي الكريم يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا: حال المؤمنين المتمسكين بدينهم في أيام الفتن، وآخر الزمان، وأيام الصبر، ويبين الأجر العظيم المترتب على ذلك، فقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: (فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلاً يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ): يَعْنِي: إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامَاً الصَّبْرُ فِيهَا عَظِيمٌ، مِمَّا يَحْصُلُ مِنْ فِتَنٍ في تِلْكَ الأَيَّامِ ، فَالقَابِضُ عَلَى دِينِهِ فِيهَا كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ، يَعْنِي: مِنْ شِدَّةِ الأَهْوَالِ وَالفِتَنِ، فَالذي يَكُونُ عَلَى الجَادَّةِ يَكُونُ غَرِيبَاً بَيْنَ النَّاسِ، وَالقَابِضُ عَلَى دِينِهِ فِيهَا كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ. فالذي يَقْبِضُ عَلَى الجَمْرِ تَجِدُهُ يَتَمَلْمَلُ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُبْقِيَ الجَمْرَ في يَدِهِ، بَلْ يُرِيدُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهُ، فَالذي يَصْبِرُ عَلَى دِينِهِ في ذَلِكَ الزَّمَانِ كَالقَابِضِ عَلَى الجَمْرِ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ فِيهِ شِدَّةً، وَالجَمْرُ يُحْرِقُهُ وَيُؤْلِمُهُ، وَلَكِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُتَمَسِّكٌ بِدِينِهِ كَصَبْرِ القَابِضِ عَلَى الجَمْرِ. وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «لِلْعَامِلِ فِيهِمْ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ»: «لِلْعَامِلِ فِيهِمْ» يَعْنِي: في ذَلِكَ الوَقْتِ، مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ، وقيل مثل عمل الصحابة.
وقد يسأل سائل: كيف نجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي بين أيدينا اليوم: (فَعَلَيْكَ بِخَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعِ الْعَوَامَّ)، وبين قوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ»: فنقول: لا منافاة بين الحديثين، فالإنسان مأمور أن ينهى عن المنكر، وأن يأمر بالمعروف حسب طاقته، كما قاله النبي -عليه الصلاة والسلام-: من رأى منكم منكرًا؛ فليغيره بيده، فإن لم يستطع؛ فبلسانه، فإن لم يستطع؛ فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان، هذا الواجب مع الاستطاعة. ومتى لم يستطع ذلك، ووقع عليه ضرر كبير؛ سقط عنه ذلك، فمتى لم يستطع الإنكار باليد، ولا باللسان؛ سقط عنه، وصار مسؤولاً عن نفسه، وعن جهاد نفسه، وعن استقامتها على الطريق، وعن صيانتها عما حرم الله.
الدعاء