خطبة عن الصحابي: (حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ )
أبريل 14, 2018خطبة عن: من أخلاق المسلم :(الاستقامة)
أبريل 14, 2018الخطبة الأولى ( فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : ( أن حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ – رضى الله عنه – فَقَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِي الْفِتْنَةِ ؟ قُلْتُ أَنَا ، كَمَا قَالَهُ . قَالَ إِنَّكَ عَلَيْهِ – أَوْ عَلَيْهَا – لَجَرِيءٌ . قُلْتُ : « فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ وَالنَّهْىُ »
إخوة الإسلام
الْفِتْنَة فِي كَلَام الْعَرَب : هي الِابْتِلَاء وَالِامْتِحَان وَالِاخْتِبَار، قَالَ الله تَعَالَى : { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} التغابن (15) ، (16) ، والْفِتْنَة المراد بها في هذا الحديث المتقدم ذكره : هي ذنوب المسلم المتعلقة بأهله وولده ، وجاره، فهذه الذنوب عُبر عنها بالفتنة، وذنوب المرء في أهله وولده تتمثل في :التقصير في حقوقهم ، أو فَرْط مَحَبَّته لَهُمْ ، أو شُحّه عَلَيْهِمْ، أو شُغْله بِهِمْ عَنْ كَثِير مِنْ الْخَيْر ، أَوْ لِتَفْرِيطِهِ بِمَا يَلْزَم مِنْ الْقِيَام بِحُقُوقِهِمْ ،وَتَأْدِيبهمْ ،وَتَعْلِيمهمْ ،فَإِنَّهُ رَاعٍ لَهُمْ ، وَمَسْئُول عَنْ رَعِيَّته ، وقال الزين بن المنير : الفتنة بالأهل ،تقع بالميل إليهن ،أو عليهن في القسمة ،والإيثار حتى في أولادهن ، ومن جهة التفريط في الحقوق الواجبة لهن، وأما فتنة المرء في ماله فتتمثل في : في البخل بماله على الفقراء والمحتاجين ، وكذا الاسراف والتبذير ، والشح على الأولاد ،والأهل ،وغيرها من صغائر الذنوب ، وأما فتنته في جاره فمنها : سوء الجوار مع جاره، وحسد جاره، والمفاخرة مع جاره ، فهذه الفتن ، وتلك الذنوب تكفرها الصلاة ،والصدقة ،والصيام، ومن المعلوم أن هذه الذنوب هي من الصغائر، أي صغائر الذنوب، يعني من الأمور التي لا بد أن يتعرض لها الإنسان في حياته ، فَهَذِهِ كُلّهَا فِتَن تَقْتَضِي الْمُحَاسَبَة ، وَهي ذُنُوب يُرْجَى تَكْفِيرهَا بِالْحَسَنَاتِ ، كَمَا قَالَ الله تَعَالَى : { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (114) ،(115) هود ، ولقوله تعالى (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا) (31) النساء
أما كبائر الذنوب ، والمظالم التي هي من حقوق الخلق ، فلا تكفرها الأعمال الصالحة، وإنما يلزمها التوبة والأوبة والندم والرجوع إلى الله ،ورد الحقوق إلى أهلها ،والتحلل من أصحابها ،فحقوق الخلق لا بد منها، ولذا جاء (القيد) في بعض الأحاديث بقوله صلى الله عليه وسلم : (ما اجتنبت الكبائر) أو (ما لم تغشَ كبيرة) ،ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الصَّلاَةُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ ».وفي صحيح مسلم :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ « الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ ». وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى قَتَادَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ « أَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالإِيمَانَ بِاللَّهِ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ ». فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تُكَفَّرُ عَنِّى خَطَايَايَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « نَعَمْ إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ » . ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَيْفَ قُلْتَ ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّى خَطَايَايَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « نَعَمْ وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ إِلاَّ الدَّيْنَ فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ لِي ذَلِكَ ».
أيها المسلمون
فالذنوب التي تحصل بسبب المعاشرة والمخالطة ، فلا بد أن يحصل شيء من هذه الأخطاء والذنوب الصغيرة ، فهذه الذنوب تكفرها الأعمال الصالحة ،كغيرها من صغائر الذنوب ،كما في الحديث الصحيح (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ« الصَّلاَةُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا لَمْ تُغْشَ الْكَبَائِرُ » رواه مسلم. وقد وردت أحاديث متعددة تبين أن (الصَّلاَةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ وَالنَّهْىُ » تكفر هذه الذنوب ، ومما جاء في الصلاة قوله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) (114) هود ،وما رواه البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهَرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ ، يَغْتَسِلُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسًا ، مَا تَقُولُ ذَلِكَ يُبْقِى مِنْ دَرَنِهِ » . قَالُوا لاَ يُبْقِى مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا . قَالَ « فَذَلِكَ مِثْلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، يَمْحُو اللَّهُ بِهَا الْخَطَايَا » .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومما جاء في تكفير الصدقة للذنوب ، قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (271) البقرة ، وما رواه الحاكم في المستدرك وصححه الذهبي (قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من أطعم أخاه خبزا حتى يشبعه و سقاه ماء حتى يرويه بعده الله عن النار سبع خنادق بعد ما بين خندقين مسيرة خمسمائة سنة) ، ومما جاء في تكفير الصوم للذنوب ما رواه مسلم في صحيحه (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم …صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ». أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فثوابه عظيم ، وأجره كبير ، قال الله تعالى : (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) (164) ،(165) الأعراف
أيها المسلمون
أكثروا من (الصَّلاَة وَالصَّوْم وَالصَّدَقَة وَالأَمْر وَالنَّهْى ) فإنهن يكفرن المعاصي والذنوب ، ويرفعن في الدرجات ، ويقربن العبد من الرب المعبود ، وفي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ. وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآنِ – أَوْ تَمْلأُ – مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالصَّلاَةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ».
الدعاء