خطبة عن اسم الله ( الْمُؤْمِنُ )
أكتوبر 21, 2017خطبة عن الصحابي ( حَرَامُ بْنُ مِلْحَانَ )
أكتوبر 21, 2017الخطبة الأولى ( لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه؟ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الترمذي (عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكَهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ ». وأخرج ابن أبي الدنيا أيضًا وأبو يعلى من حديث أنس رضي الله عنه أنه قال: “استُشهد رجلٌ منا يوم أُحد، فوجد على بطنه صخرة مربوطة من الجوع، فمسحت أمه التراب عن وجه، وقالت: هنيئًا لك يا بني الجنة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما يدريكِ لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه، ويمنع ما لا يضره) ،وأخرج ابن أبي الدنيا والطبراني: “أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أحَد الصحابة يزوره في مرضه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أبشر يا كعب )، فقالت أم كعب: هنيئًا لك يا كعبُ الجنة ، فقال صلى الله عليه وسلم: (وما يدريك يا أم كعب؟! لعل كعبًا قال ما لا يعنيه، أو منع ما لا يُغنيه) ،وروى الترمذي : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ تُوُفِّىَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ يَعْنِى رَجُلٌ أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَوَلاَ تَدْرِى فَلَعَلَّهُ تَكَلَّمَ فِيمَا لاَ يَعْنِيهِ أَوْ بَخِلَ بِمَا لاَ يَنْقُصُهُ »
إخوة الإسلام
في هذه الأحاديث السابقة وغيرها من الأحاديث ممن تحمل نفس هذه المعاني قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام ، ومنهج واضح يسير عليه المسلم في حياته، وهي أنه : على المسلم أن يأخذ بما يعنيه ويشتغل به ، وأن ويترك ما لا يعنيه ويتجنبه، فلو أن المسلم التزم بهذا المنهج ، وتلك القاعدة، لفاز بخير كثير ، ولسلم من شر كثير، في دنياه وآخرته ، وفي الصحيحين : (عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ ، وَوَأْدَ الْبَنَاتِ ، وَمَنَعَ وَهَاتِ ، وَكَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ » ، فعلى المسلم ألا يتكلم إلا بما فيه خير ومصلحه ،عاجلة أو آجلة ، قال الله تعالى : (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) (114) النساء ، فأقوالك مُحصاة عليك ، وستُحاسب عليها، فإن كانت صالحةً ،جنيت منها الخير عاجلاً وآجلا، وإن كانت سيئة ،جنيت منها الشر عاجلاً وآجلا ، وروى مالك في الموطإ : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلَمِةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ يَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ ». فعلى الإنسان ألا يتكلم إلا بما فيه مصلحه لنفسه ، ومصلحة لإخوانه ، بأن يأمر بالمعروف ، أو ينهى عن المنكر، أو يعلم الجاهل ، أو يذكر الغافل، وفي سنن الترمذي بسند حسن (عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَىَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلاَقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَىَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّى مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ وَالْمُتَفَيْهِقُونَ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْنَا الثَّرْثَارُونَ وَالْمُتَشَدِّقُونَ فَمَا الْمُتَفَيْهِقُونَ قَالَ « الْمُتَكَبِّرُونَ » ، فالمسلم يشتغل بذكر الله ، وبتلاوة القرآن ،بالتسبيح والتهليل والتكبير ، فإن ذلك ذخر له عند الله سبحانه وتعالى، وعليه أن يتجنب الكلام السيء ، ففي سنن الترمذي بسند صحيح يحدث الصحابي الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قَالَ « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ كُلِّهِ وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ ». قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلاَمُ وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ ». ثُمَّ قَالَ « أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ». قُلْتُ بَلَى يَا نَبِىَّ اللَّهِ قَالَ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ « كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ». فَقُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ». فعلى المسلم أن يكف لسانه إلا فيما يرضي ربه ، وأن يحفظ جوارحه فهو عنها مسئول، قال تعالى : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) الاسراء 36، نعم فالإنسان مسئول عن هذه الحواس ،وعن هذه الأعضاء ، لذا جاء في الحديث : “مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ” رواه أحمد وغيره ، وفي سنن الترمذي : ( عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَفَعَهُ قَالَ « إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ : اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا ». ، وفي الموطإ :(حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ دَخَلَ عَلَى أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَهُوَ يَجْبِذُ لِسَانَهُ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مَهْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ ). وها هو الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: والذي لا إله غيره , ما على الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان. وفي سنن الترمذي (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ قَالَ « أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه؟ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وكثير من الناس في هذا الزمان من يتساهل في الكلام ،ولا يلقي له بالاً ، ولا مآلا ، ولا اهتماما ، ويتلقف الكثير منهم الشائعات والأكاذيب من هنا وهناك ، ويروجها بين الناس ، وقد قال الله تعالى في هؤلاء : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ) النساء 83، أي : يذيعه بين الناس ، وقال الله سبحانه وتعالى محذرا من ذلك : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) النور 19 ، ألا فأنقذوا أنفسكم وأهليكم من هذه الأخطار ، فإنكم مسئولون عنهم يوم القيامة، قال صلى الله عليه وسلم: “كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وصاحب البيت رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” رواه البخاري ومسلم ، فاتركوا ما لا يعنيكم ، واشتغلوا بما يعنيكم ويفيدكم ، وما ينفعكم وينفع مجتمعكم وإخوانكم ، ويجلب لكم الخير في الدنيا والآخرة ، فاسعوا بالإصلاح بين الناس، واسعوا بما ينفع الناس من الأمر بالصدقات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتذكروا دائما قوله صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلاَمِ الْمَرْءِ تَرْكَهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ ». (ما يدريكِ لعله كان يتكلم فيما لا يعنيه، ويمنع ما لا يضره)
الدعاء