خطبة عن قوله تعالى (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا)
مارس 2, 2019خطبة عن (حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ .وحَقُّهُمْ عَلَيْهِ)
مارس 2, 2019الخطبة الأولى ( لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ شَيْءٍ فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ الْعَاقِلُ فَيَسْأَلَهُ وَنَحْنُ نَسْمَعُ فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ قَالَ « صَدَقَ ». قَالَ فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ قَالَ « اللَّهُ ». قَالَ فَمَنْ خَلَقَ الأَرْضَ قَالَ « اللَّهُ ». قَالَ فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ. قَالَ « اللَّهُ ». قَالَ فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَخَلَقَ الأَرْضَ وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا. قَالَ « صَدَقَ ». قَالَ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمْرَكَ بِهَذَا قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا زَكَاةً فِي أَمْوَالِنَا. قَالَ « صَدَقَ » . قَالَ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمْرَكَ بِهَذَا قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي سَنَتِنَا. قَالَ « صَدَقَ ». قَالَ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. قَالَ « صَدَقَ ». قَالَ ثُمَّ وَلَّى. قَالَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ وَلاَ أَنْقُصُ مِنْهُنَّ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ ».
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الحديث النبوي الشريف ، وما تضمنه من أحكام ، وما أرشد إليه من آداب ، وما حواه من درر ولآلئ عظام . فقد نهى الله تعالى المؤمنين عن الإلحاح في سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن التعنت فيه، وعن الإكثار منه فيما لا ضرورة إليه، بقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101] ، واستجابة لله ورسوله فقد أحجم الصحابة عن السؤال تحرزا أن يقعوا فيما نهوا عنه، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحجامهم تقصيرا في حق أنفسهم، وحبسا لها عن استجلاء ما تحتاجه من أمور، واستيضاح ما خفي عليها من المبهمات، فطلب منهم أن يسألوه، فهابوا أن يسألوه، رغم تشوقهم للسؤال، وتمنيهم مجيء الأعراب العقلاء من البادية ليسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يسمعون. وفي هذه الظروف، وفي سنة ثمان أو تسع من الهجرة بعث بنو سعد بن بكر ضماما ليأتيهم بخبر الإسلام وشرائعه مشافهة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن بلغتهم هذه الأمور على لسان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبينما الصحابة جلوس في المسجد حول رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل ضمام على بعيره، فأناخه في رحبة المسجد وعلى بابه، ثم عقله ودخل، فقال: أيكم محمد؟ فأشار له الصحابة وقالوا: هو هذا الرجل الأبيض المتكئ . (فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَتَانَا رَسُولُكَ فَزَعَمَ لَنَا أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَكَ قَالَ « صَدَقَ ». قَالَ فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ قَالَ « اللَّهُ ». قَالَ فَمَنْ خَلَقَ الأَرْضَ قَالَ « اللَّهُ ». قَالَ فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ. قَالَ « اللَّهُ ». قَالَ فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَخَلَقَ الأَرْضَ وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا. قَالَ « صَدَقَ ». قَالَ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمْرَكَ بِهَذَا قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا زَكَاةً فِي أَمْوَالِنَا. قَالَ « صَدَقَ ». قَالَ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمْرَكَ بِهَذَا قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي سَنَتِنَا. قَالَ « صَدَقَ ». قَالَ فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. قَالَ « صَدَقَ ». قَالَ ثُمَّ وَلَّى. قَالَ وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ وَلاَ أَنْقُصُ مِنْهُنَّ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ ».
أيها المسلمون
وأما قَوْلُهُ : ( فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ لَعَلَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ مُخَاطَبَتِهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بِاسْمِهِ قَبْلَ نُزُولِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا) النور 63، عَلَى أَحَدِ التَّفْسِيرَيْنِ أَيْ : لَا تَقُولُوا يَا مُحَمَّدُ ، بَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ ،وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قوله (يَا مُحَمَّدُ) بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ ، وَلَمْ تَبْلُغِ الْآيَةُ هَذَا الْقَائِلَ . وَقَوْلُهُ : ( زَعَمَ رَسُولُكُ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْسَلَكَ قَالَ صَدَقَ ) فَقَوْلُهُ : (زَعَمَ ، وَتَزْعُمُ) مَعَ تَصْدِيقِ رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إِيَّاهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنْ زَعَمَ لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْكَذِبِ وَالْقَوْلِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ ، بَلْ يَكُونُ أَيْضًا فِي الْقَوْلِ الْمُحَقَّقِ ، وَالصِّدْقِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ ، أما قَوْلُهُ : ( قَالَ : فَمَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ ؟ قَالَ : اللَّهُ ، قَالَ : فَمَنْ خَلَقَ الْأَرْضَ ؟ قَالَ : اللَّهُ ، قَالَ : فَمَنْ نَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ وَجَعَلَ فِيهَا مَا جَعَلَ ؟ قَالَ : اللَّهُ .قَالَ : فَبِالَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَخَلَقَ الْأَرْضَ وَنَصَبَ هَذِهِ الْجِبَالَ ، آللَّهُ أَرْسَلَكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : وَزَعَمَ رَسُولُكَ أَنَّ عَلَيْنَا خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِنَا وَلَيْلَتِنَا ، قَالَ : صَدَقَ . قَالَ : فَبِالَّذِي أَرْسَلَكَ آللَّهُ أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ) . وقد ظهر من خلال هذا الحوار حسن سؤال ضمام ورجاحة عقله في عدة أمور منها : أنه اعتذر بين يدي سؤاله بأنه سيدقق في السؤال، ومنها حسن تدرجه حيث بدأ بما يدل على توحيد الربوبية ثم الألوهية، ومنها تكرار سؤاله بالقسم والتقرير لعظم ما يسأل عنه، ولذا يقول عمر في رواية: ” ما رأيت أحدا أحسن مسألة ولا أوجز من ضمام”، وقَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ : هَذَا مِنْ حُسْنِ سُؤَالِ هَذَا الرَّجُلِ وَمَلَاحَةِ سِيَاقَتِهِ وَتَرْبِيَتِهِ ; فَإِنَّهُ سَأَلَ أَوَّلًا عَنْ صَانِعِ الْمَخْلُوقَاتِ مَنْ هُوَ ثُمَّ أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِهِ أَنْ يَصْدُقَهُ فِي كَوْنِهِ رَسُولًا لِلصَّانِعِ ، ثُمَّ لَمَّا وَقَفَ عَلَى رِسَالَتِهِ وَعِلْمِهَا أَقْسَمَ عَلَيْهِ بِحَقِّ مُرْسِلِهِ ، وَهَذَا تَرْتِيبٌ يَفْتَقِرُ إِلَى عَقْلٍ رَصِينٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَمْ يَأْتِ إِلَّا بَعْدَ إِسْلَامِهِ وَإِنَّمَا جَاءَ مُسْتَثْبِتًا وَمُشَافِهًا لِلنَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وقال جماعة: لم يكن ضمام مسلما وقت قدومه، وإنما كان إسلامه بعد مراجعته، وأنه جاء مستثبتا من الأخبار التي وصلتهم، وحملوا قوله آمنت بما جئت به.. على أنه إنشاء وابتداء إيمان، لا إخبار بإيمان سبق منه. واستدلوا على دعواهم برواية (زعم رسولك لنا أنك تزعم ) والزعم في الأصل القول الذي لا يوثق به، كما استدلوا برواية حتى إذا فرغ قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله .وقد رجع ضمام إلى قومه، فأخبرهم، وقال لهم إن الله قد بعث رسولا، وأنزل عليه كتابا، وقد جئتكم من عنده بما آمركم به وأنهاكم عنه. فأطاعوه وأسلموا ، ولذلك قال ابن عباس: ما سمعنا بوافد قط أفضل من ضمام بن ثعلبة فوالله ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره رجل أو امرأة إلا مسلما.
أيها المسلمون
والمتأمل لهذا الحديث يتبين له فضل الصدق وثمرته ، فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاجابة عن اسئلته قال الرجل: ( وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ وَلاَ أَنْقُصُ مِنْهُنَّ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ ». فيا لها من ثمرة عظيمة للصدق ،الصدق في الاعتقاد ،والصدق في القول ،والصدق في التطبيق بالعمل المشروع ، المتلقى عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم . فهذه بعض ثمار الصدق ، فهو يهدي في الحياة الدنيا الى البر ،وهو الجامع لكل خصال الخير ،ويفوز صاحبه بالمنازل العالية عند الله تبارك وتعالى ،خالدين في جنات تجري من تحتها الانهار ،قد نالوا اعظم مطلوب ،وهو فوق هذه المنازل ، ألا وهو رضا الله تعالى عنهم ، قال الله تعالى: (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (119) المائدة ، وفي الصحيحين : (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا ،) ، وفي الصحيحين: عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ . يَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ . فَيَقُولُ هَلْ رَضِيتُمْ فَيَقُولُونَ وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ . فَيَقُولُ أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ . قَالُوا يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَيَقُولُ أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الفوائد المستخلصة ، والدلائل المستنبطة من هذا الحديث : أولا: في هذا الحديث دليل على حرص الصحابة – رضي الله عنهم -على تعلم الدين، وأدبهم في امتثال النهي حين نهوا عن السؤال في القرآن: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ﴾ [المائدة: 101] ، ثانيا : في الحديث دليل على وجوب الصلوات الخمس، والزكاة، والصوم، والحج لمن استطاع إليه سبيلا. ثالثا : أن الحديث فيه بشارة لمن التزم بهذه الواجبات بأن يدخله الله الجنة، حيث قال الرجل: (وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَزِيدُ عَلَيْهِنَّ وَلاَ أَنْقُصُ مِنْهُنَّ. فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « لَئِنْ صَدَقَ لَيَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ ». وفي هذا سعة فضل الله تعالى على عباده، رابعا : أخذ بعض أهل العلم من هذا الحديث : فضل طلب علو الإسناد، ووجه ذلك أن ضمام بن ثعلبة ومن معه من قومه جاءهم من يدعوهم ،ويبين لهم الإسلام ، وهذا ظاهر في الحديث ، إلا أن ضمام أراد أن يسمع من النبي – صلى الله عليه وسلم – مشافهة وبلا واسطة. خامسا : أن الحديث فيه دلالة على حسن خلق النبي – صلى الله عليه وسلم – وتعليمه وصبره على ذلك، فإن هذا الرجل قال له (يا محمد) فناداه باسمه مجردا ، وأيضا في رواية البخاري بين أنه سيشدد عليه في المسألة ولكن تأدب بعد ذلك وقال: ” فلا تجد علي في نفسك” والنبي – صلى الله عليه وسلم – في ذلك لم ينهره ،أو ينهاه ، وإنما أجابه بالحق الذي أمر بتبليغه ،مع أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قد أرسل إليهم رسولا ، ليعلم قوم هذا الرجل الإسلام.
الدعاء