خطبة عن اسم الله ( الْمُتَكَبِّرُ والْكَبِيرُ )
نوفمبر 4, 2017خطبة عن (طلب العلم ومنزلته) (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا)
نوفمبر 4, 2017الخطبة الأولى ( لَا تَلْعَنُوهُ ؛ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : (عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، : ” أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا ، وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ ، فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا ، فَأَمَرَ بِهِ فَجُلِدَ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ : اللَّهُمَّ العَنْهُ ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لاَ تَلْعَنُوهُ، فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )، وفي رواية عند البزار : (عَنْ عُمَرَ ، أَنَّ رَجُلا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللهِ ، وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا يُضْحِكُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَلَدَهُ فِي الشَّرَابِ فَأُتِيَ بِهِ يَوْمًا فَجَلَدَهُ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : اللَّهُمَّ الْعَنْهُ مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) .إخوة الاسلام
أظن أن الكثير منكم ،قد شاهد أو سمع كلمات هذا الرجل المسلم في إحدى جلسات برلمان أحدى الدول الاسلامية ،حين اقترعوا على مادة في دستورهم تجيز( حرية سب الدين ) فوقف هذا النائب وهو يصرخ بأعلى صوته ،مخالفا ومعارضا لكل الأعضاء الموجودين ، وهو يقول : ( أنا أعصاكم لله ، ولكن والله ، لن تمر هذه المادة إلا على جثتي ) ، وقد توقفت عند قول هذا الرجل : ( أنا أعصاكم لله ) فهو يقر بأنه من أصحاب المعاصي ، بل ويعترف بأنه قد يكون أعصى رجل من بين الحاضرين ، ولكنه مع ذلك فهو يقول : (ولكن والله ، لن تمر هذه المادة إلا على جثتي )، لأنها تخالف الدين ، بل وتحقره ، وتقلل من شأنه، وتجيز سبه دون عقوبة ،وذكرتني كلمات هذا الرجل بقصة هذا الحديث الذي صدرت به هذه الخطبة ، وقد جاءت رواية أخرى لهذا الحديث في غير البخاري ، وفيها بعض الزيادات ، فقد روى أبو يعلى في “مسنده” ، وأبو نعيم في “الحلية” ، والضياء في “المختارة” عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه : ” أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا ، وَكَانَ يُهْدِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُكَّةَ مِنَ السَّمْنِ ، وَالْعُكَّةَ مِنَ الْعَسَلِ ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا يَتَقَاضَاهُ جَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِ هَذَا ثَمَنَ مَتَاعِهِ ، فَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يَبْتَسِمَ وَيَأْمُرَ بِهِ فَيُعْطَى ، فَجِيءَ بِهِ يَوْمًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ ، فَقَالَ رَجُلٌ : اللَّهُمَّ الْعَنْهُ ، مَا أَكْثَرَ مَا يُؤْتَى بِهِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَلْعَنُوهُ ؛ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)
أيها المسلمون
إن الأمة الاسلامية مليئة بأناس مثل هذا أو ذاك ، إنهم مسلمون خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، ومع ذلك ، ورغم غلبة الشهوات عليهم، فهم يتحينون كل فرصة لنصرة دينهم ، وخدمة إسلامهم ، والتكفير عما تقترفه أيديهم، نعم قد تزل بهم القدم، وقد تغلبهم الشهوة، ولكنهم مع ذلك، ربما ملكوا من محبة الله ورسوله ،مالا يملكه بعض من يدعيها تزكيةً لنفسه ،وتفاخراً على بني جنسِه ، وفي الحديث المتقدم فهذا الرجل العاصي لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُبدي له وجهًا عابسًا، ولا قولاً فاحشًا، ولا تأنيبًا موجعًا، بل الرواية تذكر عنه أنه كان يُضحكُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فمع كونه شارب خمر ومنتهكًا لحرمة من حرمات الله، فشرب الخمر كبيرة من كبائر الذنوب، إلا أن طرافة أفعاله وفكاهته وحبه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، تجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يخفي ما جبل عليه من إعطاء النفس حقها من المرح والمُزاح، فضحكته وتبسمه صلى الله عليه وآله وسلم جزء من دعوته وبعض من سجيته ، وهنا قال رجل من القوم مخاطبًا ذلك الرجل “اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به”. عندها تتوقف تلك البسمة والضحكة لتتناسب قسمات وجهه صلى الله عليه وآله وسلم مع النهي الصارم “لا تلعنوه” ليكشف لهم عليه الصلاة والسلام عن شيءٍ لا تراه أعينهم، ولم يصل إليه حدسهم، ولم تفلح فيه فراستهم، إنه أمر خفي لا يكاد يطلع عليه إلا بوحي من الله “إنه يحب الله ورسوله” فيقول قائل : كيف قرّت واستقرت هذه المحبة في قلب ذلك الرجل مع وجود تلك المعصية الموجبة للحد؟ والاجابة : نعم، قد تجتمع المحبة لله ولرسوله مع المعصية أو غيرها مما بُلي به الناس، فهم ليسوا ملائكة، ولكن ذلك الاجتماع لا يقر به إلا ذوو المنهج السليم والأخلاق الحميدة ممن ترسخت عقولهم في سيرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعامله مع من دونه من أمته. وقد ذكرت لنا كتب السير قصة قريبة الشبه بقصة هذا الصحابي ، وهي قصة أبي محجن ، وأبو محجن هو صحابي أيضا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم ، وكان أيضا مبتلى بشرب الخمر، وكان يجاء به فيجلد ، ثم يجاء به فيجلد ، ولكنه كان يعلم أن هذا لا يعفيه من العمل لدينه أو القيام بنصرته ، فإذا به يخرج مع المسلمين إلى القادسية جنديا يبحث عن الشهادة في مظانها ، وفي القادسية يجاء به إلى أمير الجيش سعد بن أبي وقاص وقد شرب الخمر، فيحبسه سعد حتى تنق المعركة ؟!. وكان الحبس عقوبة قاسية آلمت أبا محجن أشد الألم حتى إذا سمع ضرب السيوف ووقع الرماح وصهيل الخيل وعلم أن سوق الجهاد قد قامت ، وأبواب الجنة قد فتحت جاشت نفسه وهاجت أشواقه إلى الجهاد ،فنادى امرأة سعد بن أبي وقاص قائلا : خليني فلله علي، إن سَلِمْتُ أن أجيء حتى أضـع رجلي في القيد، وإن قُتِلتُ استرحتم مني . فرحمت أشواقه ، واحترمت عاطفته وخلت سبيله ، فوثب على فرس لسعد يقال لها : البلقاء ، ثم أخذ الرمح وانطلق لا يحمل على كتيبة إلا كسرها، ولا على جمع إلا فرقه ، وسعد يشرف على المعـركـة ويعجب ويقول : الكرُّ كَرُّ البلقاء ، والضرب ضرب أبي محجن ، وأبو محجن في القيد . حتى إذا انهزم العدو عاد أبو محجن فجعل رجله في القيد ، فما كان من امرأة سعد إلا أن أخبرته بهذا النبأ العجاب وما كان من أمر أبي محجن ، فأكبر سعد – رضي الله عنه – هذه النفس ، وهذه الغيرة على الدين ، وهذه الأشواق للجهاد ،وقام القائد سعد بن أبي وقاص بنفسه إلى هذا الشارب للخمر ، ليحل قيوده بيديه الطيبتين ويقول : ” قم فو الله لا أجلدك في الخمر أبدا ، وأبو محجن يقول : وأنا والله لا أشربها أبداً ” (الإصابة في تمييز الصحابة والبداية والنهاية )
أيها المسلمون
إن الأمة الاسلامية بحاجة إلى ذلك العالم الرباني الذي يأخذ بأيدي أولئك الشاردين ، وينمي ما في نفوسهم من خير ومحبة وتقوى، ويعترف بإحسان المحسن مهما كان نسبه وانتسابه، دون ازدراء بقول ذلك أو تلك ممن ابتلي ببعض المعاصي متى ما ادعى حبه لله ورسوله.ويُروى عن أبي نوّاس، ذلك الشاعر الذي عُرف بمجونه وإدمانه على الخمر والمنكرات، فقد رآه بعض الصالحين بعد موته فقال له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بأبيات قلتها في النرجس، حيث قال فيه :
تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليكُ
عيونٍ من لجين شاخصاتٍ بأحداقٍ هي الذهب السبيكُ
على قُضُبِ الزبرجدِ شاهداتٌ بأن الله ليس له شريكُ
وها هي كتب العقيدة ، وخطب الوعظ ، وغيرها ، لم تظلم أبا نواس ولم تبخسه حقه ، فقل أن تجد كتابًا في العقائد والرقاق إلا ويسوقون تلك الأبيات مساق المذكّر بالله وبما يشهد لوحدانيته ،وهذا هو الذي ينبغي للمسلمين التعامل به فيما بينهم ، قال تعالى : (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) النساء (40)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لَا تَلْعَنُوهُ ؛ فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن أصحاب المعاصي والْمُقَصِّرِينَ بِحَاجَةٍ لِاحْتِوَائِهِمْ وَالْقُرْبِ مِنْهُمْ، وَتَذْكِيرِهِمْ، وَتَوْجِيهِهِمْ؛ لَا أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْكَبَائِرُ -وَرُبَّمَا الْمُوبِقَاتُ- سَبَبًا فِي إِبْعَادِهِمْ، وَالِابْتِعَادِ عَنْهُمْ، فَالْقُرْبُ مِنَ الْمُقَصِّرِ فِيهِ مُحَاصَرَةٌ لِلْأَخْطَاءِ وَتَقْلِيلُهَا، فَرُبَّمَا رَأَى مِنْ إِقْبَالِ مَنْ حَوْلَهُ عَلَى الْخَيْرِ مَا يُحَرِّكُ جَوَانِبَ الْخَيْرِيَّةِ فِيهِ، وَيَجْعَلُهُ يَنْدَمُ عَلَى أَخْطَاءِ الْمَاضِي. فَحِينَ أَفْشَى حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاتُّهِمَ حِينَهَا بِالنِّفَاقِ، أَبْرَزَ فِيهِ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْقَبَةَ شُهُودِهِ بَدْرًا. كما في البخاري (قَالَ صلى الله عليه وسلم لعمر : « إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ » وَحِينَ طَعَنَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ فِي مَالِكِ بْنِ الدُّخْشُنِ بِالنِّفَاقِ، وَبَرَّرَ ذَلِكَ أَنَّ وَجْهَهُ وَنَصِيحَتَهُ لِلْمُنَافِقِينَ، نَهَاهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: “لَا تَقُلْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَدْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، يُرِيدُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ”. فَهَذِهِ الْإِشَادَةُ فِيهَا تَحْرِيكٌ لِلْخَيْرِ الَّذِي فِي كَوَامِنِهِمْ، وَتَحْفِيزٌ لِلثَّبَاتِ عَلَيْهِ، لَا أَنْ نَجْعَلَ مِنَ الْأَخْطَاءِ وَالتَّجَاوُزَاتِ زَنَازِينَ ضَيِّقَةً نَحْبِسُهُمْ فِيهَا، وَنَذْكُرُهُمْ بِهَا، فَلَا يُعْرَفُونَ وَلَا يُذْكَرُونَ إِلَّا بِهَا. فهذا الْمُقَصِّرَ والْمُخْطِئَ قَدْ يَشْعُرُ بِذَنْبِهِ، فَيُورِثُهُ ذَلِكَ نَدَمًا وَانْكِسَارًا وَإِقْبَالًا، فَتَكُونُ حَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ حَالِ كَثِيرٍ مِنَ الطَّائِعِينَ، فِي رِقَّةِ قَلْبِهِ، وَمُرَاقَبَتِهِ، وَخَوْفِهِ، وَإِقْبَالِهِ عَلَى فِعْلِ الْخَيْرِ. ومن الملاحظ في الحديث المتقدم في الخطبة أن النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبْقَى لِلرَّجُلِ مَعَ جُرْمِهِ حَقَّ الْأُخُوَّةِ، فَقَالَ: “لَا تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ” إِذًا، فَكُلُّ مُخْطِئٍ مَهْمَا وَقَعَ فِي الْكَبَائِرِ وَالْمُوبِقَاتِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي دَائِرَةِ الْإِسْلَامِ، فَتَبْقَى لَهُ حُقُوقُ الْأُخُوَّةِ، فَتُجَابُ دَعْوَتُهُ، وَيُعَادُ إِنْ مَرِضَ، وَتُتَّبَعُ جِنَازَتُهُ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْحُقُوقِ. قال شيخ الإسلام :(كثير من أهل الشهوات فيهم من المحبة لله ورسوله ما لا يوجد في كثير من النساك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في خمار الذي كان يشرب الخمر كثيرا : لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله ) جامع الرسائل فالتوجيه النَّبَوي الكريم في هذه الأحاديث منهجٌ قويمٌ في كيفيَّة التعامُل مع أصحاب المعاصي، وسياج منيع لمن يعجب بعمله، وتزهو نفسه إذا رأى غيره على معصية، فقد روى مسلم في صحيحه : (عَنْ جُنْدَبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَدَّثَ « أَنَّ رَجُلاً قَالَ وَاللَّهِ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لِفُلاَنٍ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ مَنْ ذَا الَّذِى يَتَأَلَّى عَلَىَّ أَنْ لاَ أَغْفِرَ لِفُلاَنٍ فَإِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِفُلاَنٍ وَأَحْبَطْتُ عَمَلَكَ ». فمَنِ الذي يعلم ما يؤول إليه حال ذلك العاصي غير الله؟! فقد يختم له بخير، ويختم لغيره بشرٍّ؛ كما في الحديث المتفق عليه: (فَوَ الَّذِى لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا ».
الدعاء