خطبة عن قوله تعالى (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ)
أبريل 6, 2019خطبة حول حديث (مِفْتَاحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللَّهُ)
أبريل 6, 2019الخطبة الأولى ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ )، وفي رواية للبخاري : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَعَنَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ ، وَالْمُتَرَجِّلاَتِ مِنَ النِّسَاءِ وَقَالَ « أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ » . قَالَ فَأَخْرَجَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فُلاَنًا ، وَأَخْرَجَ عُمَرُ فُلاَنًا)
إخوة الإسلام
جاءت شريعتنا بتحريم تشبه الرجال بالنساء ،وتشبه النساء بالرجال ، بل وجاء التغليظ في النهي عن ذلك ، حتى لعن النبي صلى الله عليه وسلم أولئك المخالفين للفطرة التي خلقهم الله تعالى عليها ، فتشبه الرجال بالنساء ، أو تشبّه النساء بالرجال ، هو كبيرة من كبائر الذنوب ، إذ لا يَرِد الوعيد الشديد ،واللعن ، الذي هو الطرد ،والإبعاد عن رحمة الله ،إلا على كبيرة من كبائر الذنوب ،فلا يجوز للمرأة أن تتشبّه بالرجال ، فيما اختصوا به، ولا يجوز للرجال أن يتشبهوا بالنساء فيما اختصصن به ، ومن فعل شيئاً من ذلك ،فقد عرّض نفسه لِلّعن ، وهو الطرد والإبعاد عن رحمة الله التي وسعت كل شيء . ومن الحكمة في النهي عن التشبه : أن الله تعالى جعل للرجال على النساء درجة، وجعلهم قَوّامين على النساء، وميزهم بأمور قَدَرية، وأمور شرعية ،فقيام هذا التمييز ، وثبوت فضيلة الرجال على النساء، مقصود شرعاً وعقلاً. فتشبُّه الرجال بالنساء يهبط بهم عن هذه الدرجة الرفيعة، وتشبه النساء بالرجال يبطل التمييز، فالله تعالى خلق الرجال والنساء ،وفرق بينهما في التكوين الخلقي والخُلقي ، الرجل له طبيعة، والمرأة لها طبيعة ،وأيضاً، فتشبه الرجال بالنساء بالكلام واللباس ونحو ذلك: من أسباب التخنث، وسقوط الأخلاق، ورغبة المتشبه بالنساء في الاختلاط بهن، الذي يخشى منه المحذور. والعكس كذلك . وهذه المعاني الشرعية، وحفظ مراتب الرجال ،ومراتب النساء، وتنزيل كل منهم منزلته التي أنزله الله بها، مستحسن عقلاً، كما أنه مستحسن شرعاً. قال الإمام النووي رحمه الله في “مرقاة المفاتيح”: “مِنْ يَتَكَلَّفُ أَخْلَاقَ النِّسَاءِ وَحَرَكَاتِهِنَّ وَسَكَنَاتِهِنَّ وَكَلَامِهِنَّ وَزِيِّهِنَّ، فَهَذَا هُوَ الْمَذْمُومُ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ لَعْنُهُ ” وقال الإمام القاري : ” (الْمُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ) : فِي الزِّيِّ وَاللِّبَاسِ وَالْخِضَابِ وَالصَّوْتِ وَالصُّورَةِ وَالتَّكَلُّمِ وَسَائِرِ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ ، إِذَا لَانَ وَتَكَسَّرَ، فَهَذَا الْفِعْلُ مَنْهِيٌّ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ . وروى أبو داود وأحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ ) . وقال بدر الدين العيني رحمه الله في “عمدة القاري” :” تشبّه الرِّجَال بِالنسَاء فِي اللبَاس والزينة الَّتِي تخْتَص بِالنسَاء مثل : لبس المقانع ، والقلائد ، والمخانق ، والأسورة ، والخلاخل ، والقرط ، وَنَحْو ذَلِك ،مِمَّا لَيْسَ للرِّجَال لبسه، .. وَكَذَلِكَ لَا يحل للرِّجَال التَّشَبُّه بِهن فِي الْأَفْعَال الَّتِي هِيَ مَخْصُوصَة بِهن كالانخناث فِي الْأَجْسَام والتأنيث فِي الْكَلَام وَالْمَشْي ” وسئل علماء اللجنة الدائمة برئاسة الشيخ ابن باز : هناك رجال يمثلون نساء ويجري بثه في التلفزيون ، فما رأي فضيلتكم في ذلك؟ فأجابت اللجنة : ” لا يجوز ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. وقد أُنكر ذلك على الإعلام ..” “فتاوى اللجنة الدائمة”
أيها المسلمون
فمن المحزن والمؤسف ، أنه بدأت تتفشّى في المجتمعات الإسلامية ظواهر بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام وقيمه، ومما زاد في انتشارها تعدّد وسائل الإعلام ، وتلقي الناشئة والشباب من الذكور والإناث هذه السلوكيات السّيّئة، ومن ذلك تشبّه الرجال بالنساء، أو تشبّه النساء بالرجال ،وهي كبيرة من الكبائر ،الذي هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله. ومن الواضح أنّ هذه الظاهرة ليست وليدة الصدفة، ولكنها نتاج التطوّر الحاصل في المجتمعات، ومن أسبابها نقص الإيمان ،وقلّة الخوف من الله، والتربية السيئة، والتقليد الأعمى، والقدوة السيئة وغير ذلك. وهذا التشبّه قد يكون في اللباس ،أو في المشية ،أو في الأدوار الواجبة على الرجل والمرأة ، بحجة تبادل الأدوار والنوع الإنساني. وهذا الفعل على ما فيه من عقوبة إلهية ،وفتاوى علمية بتحريمه ،هو مناف للفطرة السوية ، ومخالف لقواعد السلوك الاجتماعي ،وعدوان وطغيان على إنسانية الإنسان. فالله -جل جلاله- حكيم في تدبيره قال تعالى: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} (الليل: 3-4). فهذا السعي المقصود هو حركة الإنسان في هذا الكون ، والقيام بدوره من التمكين والاستخلاف في الأرض. فإذا خالف الإنسان في أساس تكوينه ،وانقلب مسخاً بين الذكورة والأنوثة، وتابع هؤلاء الشواذ في الآفاق ،سيكون ذلك الفعل وبالاً على نفسه، وأسرته ، ومجتمعه.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ، وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومما يؤسف له أن تنشأ مظاهر هذا التشبّه المرفوض بين شباب المسلمين من خلال وسائل الإعلام، التي تقدّم الماجنين والفاسقين، على أنهم قدوة، وتقدّم التعرّي والتشبّه بأبشع صوره وأقبحها على أنه طريق إلى النجومية والشهرة ،وغير ذلك مما يخدعون به شباب المسلمين. ولاشك أن هذا من كيد أعداء الدين والفطرة خاصة (اليهود)، وقد نصوا عليه في البروتوكول الرابع، والبروتوكول الثالث عشر من بروتوكولات حكماء بني صهيون، وسعيهم الحثيث لذلك، ودعوا إلى أهميته ونشره بين شباب المسلمين، ونجحوا مع الأسف الشديد في اصطياد كثير من شباب المسلمين، ولذا فإن من واجبنا أن نقوم بالاتجاه المضاد، وأن نوجد إعلاماً إسلامياً صادقاً يخاطب الشباب بغريزتهم، وأريحيتهم، وتوجهاتهم، وميولهم، وطبائعهم، خطاباً شبابياً نقياً صافياً، لأن هؤلاء الشباب غصنٌ طريٌّ يقبل التوجيه والنصح والإرشاد، ولكنه بحاجة إلى مخلص غيور، وبحاجة إلى رفيق حكيم يستطيع أن يعتني بهم عناية تامة. وهذا هو الطريق الأمثل أن يسلك بالشباب صراط الله المستقيم، وأن يسلك بهم سبيل الدعوة إلى الله، وأن يشجعوا، وأن تتضافر جهود رجال المال لإيجاد إعلام عالمي قوي رصين يعزّز القيم الفاضلة في النفوس، ويسهم في الارتقاء باهتمامات الناس، ويمكّن للخير بينهم، لأن الإعلام هو لغة التخاطب في العصر الحديث. ومن أساليب الوقاية اختيار الرفقة الطيبة للأبناء منذ الصغر، وتقوية علاقة الوالدين بأهل رفيق أبنائهم، فإن استطعنا ذلك ،فنحن كسبنا من يسير معنا لتحقيق أهداف سامية، بالإضافة إلى إشباع الحاجات النفسية لهم منذ الصغر : كالحاجة للحب ، والحاجة للتقدير ، والحاجة للأمان ، وغيرها.
الدعاء