خطبة عن (قصة السامري ،وعبادة العجل دروس وعبر)
مارس 31, 2018خطبة عن ( الإسلام علمني )
أبريل 7, 2018الخطبة الأولى ( لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : (عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلاَّ أُجِرْتَ عَلَيْهَا ، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ »
إخوة الإسلام
في هذا الحديث النبوي الشريف ، يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل عمل صالح يبتغي به الإنسان وجه الله -عز وجل- فإنه يؤجر عليه، ولو كان ذلك في أهله وعياله، ولا يشترط أن يكون ذلك في الفقراء والمحتاجين فحسب . ففي قوله صلى الله عليه وسلم : (إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ)، فهنا يصرح الرسول صلى الله عليه وسلم بالقصد والإرادة والنية، وأن تكون نيته طلب مرضاة الله -عز وجل-، وفي بعض الأحاديث الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانفاق على الأهل لم يرد فيها لفظ (تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ ) ، وذلك مثال ما رواه البخاري في صحيحه (عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لِي مِنْ أَجْرٍ فِي بَنِى أَبِى سَلَمَةَ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ ، وَلَسْتُ بِتَارِكَتِهِمْ هَكَذَا وَهَكَذَا ، إِنَّمَا هُمْ بَنِىَّ . قَالَ « نَعَمْ لَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ » ،وكذلك حديث من أشفقت على كلب وسقته فغفر الله لها ،ففي صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِىٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِى إِسْرَائِيلَ ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ ، فَغُفِرَ لَهَا بِهِ » ، ففي هذه الاحاديث وغيرها لم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عبارة : (تَبْتَغِى بِهَا وَجْهَ اللَّهِ) ، ولم يذكر أنها احتسبت في هذا، وأنها أرادت به وجه الله -عز وجل. وكذلك هذه المرأة التي قسمت التمرة بين بناتها ، كما في صحيح مسلم (عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا فَأَطْعَمْتُهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا فَذَكَرْتُ الَّذِى صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ ». وهكذا قد جاءت بعض هذه الأحاديث مقيدة بقوله صلى الله عليه وسلم : (تبتغي بها وجه الله)، وبعضها غير مقيد، ولهذا يقال – والله تعالى أعلم-: إن ما أنفقه الإنسان في هذه الوجوه يؤجر عليه، ولو لم يقيد بهذا اللفظ ،لأن ظاهر هذه الأحاديث يدل على هذا المعنى، وإذا قصد به ما عند الله فهذا أكمل وأتم، وإلا فالإنسان يؤجر في كل عمل صالح ، مالم يبتغي به وجه غير الله ،ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم : (وَفِى بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ « أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ ».
أيها المسلمون
وفي هذا الحديث أيضا يشير وينبه الرسول صلى الله عليه وسلم على أَنَّ الْمُبَاح إِذَا قَصَدَ بِهِ وَجْه اللَّه تَعَالَى صَارَ طَاعَة ، وَيُثَاب عَلَيْهِ ، وَقَدْ نَبَّهَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا بِقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حَتَّى اللُّقْمَة تَجْعَلهَا فِي فِي اِمْرَأَتك ) ؛ لِأَنَّ زَوْجَة الْإِنْسَان هِيَ مِنْ أَخَصّ حُظُوظه الدُّنْيَوِيَّة وَشَهَوَاته وَمَلَاذه الْمُبَاحَة ، وَإِذَا وَضَعَ اللُّقْمَة فِي فِيهَا فَإِنَّمَا يَكُون ذَلِكَ فِي الْعَادَة عِنْد الْمُلَاعَبَة وَالْمُلَاطَفَة وَالتَّلَذُّذ بِالْمُبَاحِ ، فَهَذِهِ الْحَالَة أَبْعَد الْأَشْيَاء عَنْ الطَّاعَة وَأُمُور الْآخِرَة ، وَمَعَ هَذَا ،فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ إِذَا قَصَدَ بِهَذِهِ اللُّقْمَة وَجْه اللَّه تَعَالَى ، حَصَلَ لَهُ الْأَجْر بِذَلِكَ ، فَغَيْر هَذِهِ الْحَالَة أَوْلَى بِحُصُولِ الْأَجْر إِذَا أَرَادَ وَجْه اللَّه تَعَالَى ، وَيَتَضَمَّن ذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَان إِذَا فَعَلَ شَيْئًا أَصْله عَلَى الْإِبَاحَة ، وَقَصَدَ بِهِ وَجْه اللَّه تَعَالَى يُثَاب عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ كَالْأَكْلِ بِنِيَّةِ التَّقَوِّي عَلَى طَاعَة اللَّه تَعَالَى ، وَالنَّوْم لِلِاسْتِرَاحَةِ ؛ لِيَقُومَ إِلَى الْعِبَادَة نَشِيطًا ، وَالِاسْتِمْتَاع بِزَوْجَتِهِ وَجَارِيَته ؛ لِيَكُفّ نَفْسه وَبَصَره وَنَحْوهمَا عَنْ الْحَرَام ؛ وَلِيَقْضِيَ حَقّهَا لِيُحَصِّل وَلَدًا صَالِحًا ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” وَفِي بُضْع أَحَدكُمْ صَدَقَة “، وقد فطن إلى ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانوا يحتسبون عند الله نومهم ، كما يحتسبون عنه صلاتهم وتلاوتهم للقرآن ، ففي الصحيحين (قَالَ فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ قَالَ أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنَ النَّوْمِ ، فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي ، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي )، وقد استنبط النووي من هذا الحديث : أن الحظ إذا وافق الحق لا يقدح في ثوابه ،لأن وضع اللقمة في في الزوجة يقع غالبا في حالة المداعبة ، ولشهوة النفس في ذلك مدخل ظاهر ، ومع ذلك إذا وجه القصد في تلك الحالة إلى ابتغاء الثواب حصل له بفضل الله . قال : وإذا كان هذا بهذا المحل – ما فيه من حظ النفس – فما الظن بغيره مما لا حظ للنفس فيه ؟ وقال : وتمثيله باللقمة مبالغة في تحقيق هذه القاعدة ; لأنه إذا ثبت الأجر في لقمة واحدة لزوجة غير مضطرة فما الظن بمن أطعم لقما لمحتاج ، أو عمل من الطاعات ما مشقته فوق مشقة ثمن اللقمة الذي هو من الحقارة بالمحل الأدنى . فيا أيها الساعي على أهلك وولدك أنت تتصدق كل يوم أعظم الصدقات ،بما تنفقه عليهم ، بل إن خروجك وعملك وشغلك وتعبك هو في سبيل الله ، ففي سنن البيهقي (عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : مَرَّ بِهِمْ رَجُلٌ فَتَعَجَّبُوا مِنْ خُلُقِهِ فَقَالُوا : لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَتَوُا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْهِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى وَلَدٍ صِغَارٍ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيُغْنِيَهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ». وفي رواية :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا شَابٌّ مِنَ الثَّنِيَّةِ فَلَمَّا رَأَيْنَاهُ بِأَبْصَارِنَا قُلْنَا : لَوْ أَنَّ هَذَا الشَّابَ جَعَلَ شَبَابَهُ وَنَشَاطَهُ وَقُوَّتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ فَسَمِعَ مَقَالَتَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« وَمَا سَبِيلُ اللَّهِ إِلاَّ مَنْ قُتِلَ؟ مَنْ سَعَى عَلَى وَالِدَيْهِ فَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَنْ سَعَى عَلَى عِيَالِهِ فَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَنْ سَعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيُعِفَّهَا فَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَنْ سَعَى عَلَى التَّكَاثُرِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ الشَّيْطَانِ ». ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية :” من أحب أن : يلحق بدرجة الأبرار ويتشبه بالأخيار .. فلينوِ في كل يوم تطلع فيه الشمس نفع الخلق ، فيما يسر الله من مصالحهم على يديه , وليطع الله في أخذ ما حل ، وترك ما حرم , وليتورع عن الشبهات ما استطاع ، فإن طلب الحلال والنفقة على العيال باب عظيم , ﻻ يعدله شيء من أعمال البر “
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وإذا كان هذا هو أجر المنفق على أهله ، فعلى الجانب الآخر فإن المقصر في حقهم ، والبخيل عليهم ، والمانع منهم وهو عامد لذلك ،إنما هو على خطر عظيم ،واثم صريح ، بل إن الامتناع من النفقة الواجبة محرم ،بل من كبير الذنوب : قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ” أخرجه ابن حبان ،وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ ». رواه مسلم. فأهمس في أذنك أيها البخيل على أهله وزوجته وعياله ، والمقتر عليهم ، دعني أسألك : من ينفق على ابنائك إذا انت لم تنفق عليهم وأذكرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِى أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ ». قال المناوي في فيض القدير: ومقصود الحديث الحث على النفقة على العيال وأنها أعظم أجراً من جميع النفقات . وجاء في مسند أحمد: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا أَطْعَمْتَ نَفْسَكَ، فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ وَلَدَكَ، فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ زَوْجَتَكَ، فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ خَادِمَكَ، فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ)
الدعاء