خطبة عن (وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)
نوفمبر 13, 2023خطبة عن (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ)
نوفمبر 13, 2023الخطبة الأولى (وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا وَمَنَعَتِ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ »
إخوة الإسلام
ففي هذا الحديث بيان لما سوف يصير إليه حال الأمة الاسلامية والعالم أجمع، فتمنع الزكاة، ويتهاون الناس في الصلاة والصوم والحج وغيرها، ففي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ». وتنقض عرى الاسلام عروة عروة، ففي مسند أحمد: (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لَيُنْقَضَنَّ عُرَى الإِسْلاَمِ عُرْوَةً عُرْوَةً فَكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَةٌ تَشَبَّثَ النَّاسُ بِالَّتِى تَلِيهَا وَأَوَّلُهُنَّ نَقْضاً الْحُكْمُ وَآخِرُهُنَّ الصَّلاَةُ »، وهكذا يتخلى المسلمون عن دينهم، ويتبعون اليهود والنصار والكفار في كل أفعالهم،
(وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ)، فها هي الأرض تعود مرة أخرى إلى كفرها وضلالها، وظلمها وفسادها، ففسدت الأخلاق، وعم الظلم والفساد، وفعلت الفواحش، وشربت الخمور، وانتشر الزنا، والربا، والكذب والغيبة والنميمة، والحسد والكراهية، وقطيعة الأرحام، بل وانتكست الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها: فتحول الرجل إلى امرأة، والمرأة رجلا، وانتشر فعل قوم لوط، فتزوج الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، بل وأصبح الكلب مكرما، والانسان مهانا، وتزوج الانسان بالحيوان، وأصبحت المرأة هي التي تعمل، والرجل عاطلا، واشتعلت نار الحروب، فعم القتل والهرج والدمار، وانتشرت الأمراض والأوبئة، وظهر الفساد في البر والبحر والجو، فترتب على ذلك أن تغير مناخ الأرض، فجفت الأنهار، وأجدبت الأرض، وانتشرت الزلازل والأعاصير المدمرة، وخسفت الأرض من تحت الأقدام،
وهكذا عادت البشرية إلى أسوإ مما كانت عليه في الجاهلية الأولى، وأصبحت البشرية في حاجة ماسة إلى من يعيدها إلى الإسلام مرة أخرى، ويقيمها على الدين والقسط والعدل، ويعيدها إلى الفطرة السليمة، والأخلاق الكريمة، وهذا ما أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: ففي صحيح ابن حبان: (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه حتى تضيق عنهم الأرض الرحبة وحتى يملأ الأرض جورا وظلما لا يجد المؤمن ملجأ يلتجئ إليه من الظلم، فيبعث الله عز وجل رجلا من عترتي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض لا تدخر الأرض من بذرها شيئا إلا أخرجته ولا السماء من قطرها شيئا إلا صبه الله عليهم مدرارا)،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الاسلام قادم من جديد، وأن هذا الفساد والضلال والكفر الذي نراه الآن قد انتشر في هذا الزمان، فإن مصيره إلى الزوال، ففي مسند أحمد: (قَالَ حُذَيْفَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ ».
نعم سوف تكون خلافة على منهاج النبوة قبل قيام الساعة، يُحكم فيها بالقسط والعدل، وتخرج الأرض بركتها وخيراتها، ففي صحيح مسلم: (ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ وَرُدِّى بَرَكَتَكِ. فَيَوْمَئِذٍ تَأْكُلُ الْعِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِقِحْفِهَا وَيُبَارَكُ فِي الرِّسْلِ حَتَّى أَنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإِبِلِ لَتَكْفِي الْفِئَامَ مِنَ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْبَقَرِ لَتَكْفِي الْقَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنَ الْغَنَمِ لَتَكْفِي الْفَخِذَ مِنَ النَّاسِ)، وفي مسند أحمد: (رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلاَ يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلاَ وَبَرٍ إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلاَمَ وَذُلاًّ يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ »
وقد ندرك هذا الزمان أو لا ندركه، فما عليك أيها المسلم إلا أن تتمسك بدينك وعقيدتك إلى أن تلقى الله تعالى وأنت على ذلك، وكن على ثغر من الثغور، تدافع عن دينك، وعقيدتك، وتعبد ربك، وتدعو إليه، وتبلغ الاسلام وتقتدي برسولك صلى الله عليه وسلم وتتبع سنته، وتتلمس خطاه، حتى يأتي وعد الله، والله لا يخلف الميعاد.
الدعاء