خطبة عن (قصة بقرة بني إسرائيل دروس وعبر)
أبريل 7, 2018خطبة عن : من أخلاق المسلم :( الاحسان )
أبريل 7, 2018الخطبة الأولى (وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِى الْقُبُور )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : (انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ « مَا مِنْ شَيْءٍ كُنْتُ لَمْ أَرَهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا حَتَّى الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ – لاَ أَدْرِى أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ – يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ – أَوِ الْمُوقِنُ لاَ أَدْرِى أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ – فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى ، فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا ، فَيُقَالُ نَمْ صَالِحًا ، فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنًا ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ – أَوِ الْمُرْتَابُ لاَ أَدْرِى أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ – فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى ، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ » .
إخوة الإسلام
إنّ الموت حقيقة لا مراء ولا شك فيها ، وعلينا أن نستعد له من الآن ، وأن نقوم بجميع الأعمال الصّالحة استعدادا لتلك اللحظة، ألا وهي لحظة الموت، وما بعدها من حياة القبر ،والبعث والنشور، ثم الحياة في دار الخلود. والموت ليس بالشيء المخيف بالنسبة للإنسان المؤمن ،المتيقّن بأنّه إذا عمل صالحاً في الدّنيا ،فسيلقى صالحاً في الآخرة، وأنّ رحمة الله تعالى ستتنزّل عليه، وأنّ أعماله ستنير عليه قبره إلى يوم القيامة، وتسهّل عليه الإجابة على أسئلة الملكين، وسينال يوم القيامة الثّواب والأجر على ما عمل من الصّالحات، وسيكون أجره عظيماً. قال الله تعالى:” وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ “، التوبة 72.وأمّا الكافر الذي كذّب بدين الله تعالى، وبما جاء به رسوله – صلّى الله عليه وسلّم – واستكبر، وأصرّ على كفره، فإنّ الله تعالى سيجازيه أشدّ الجزاء، وسيكون قبره يوم موته ظلمةً عليه، قال الله تعالى:” وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً ” الكهف 28.
وفي هذا الحديث المتقدم يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سوف نقدم عليه في قبورنا ، فيقول صلى الله عليه وسلم : (وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي الْقُبُورِ مِثْلَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ – لاَ أَدْرِى أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ – يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ – أَوِ الْمُوقِنُ لاَ أَدْرِى أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ – فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى ، فَأَجَبْنَا وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا ، فَيُقَالُ نَمْ صَالِحًا ، فَقَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُؤْمِنًا ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ – أَوِ الْمُرْتَابُ لاَ أَدْرِى أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ – فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى ، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ »،فكل انسان سوف يفتن ويختبر ويمتحن في قبره ، وهي آخر فتنة يمر بها المرء في حياته ، فان وفق وهدي فيها ، فما بعدها أيسر ، وإن لم يوفق ، ولم يهتد ، كان ما بعدها من الأهوال أشد وأعظم ،ففي سنن الترمذي بسند حسن (كَانَ عُثْمَانُ إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ فَقِيلَ لَهُ تُذْكَرُ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلاَ تَبْكِى وَتَبْكِى مِنْ هَذَا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الْقَبْرَ أَوَّلُ مَنَازِلِ الآخِرَةِ فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ ». قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلاَّ وَالْقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ » ،وفتنة الملكين في القبر وسؤالهم، تكاد تكون معلومة لكل مسلم ، وهي ممثلة في سؤاله (عن ربه ، ودينه ، ونبيه ) ، ومع ذلك ، فإن الأمر ليس سهلا كما يعتقد البعض ، لأنه لا مجال هناك للكذب والخداع ، ولا مجال للمناورة والمداهنة ، فلن يستطيع أحد أن يقول ( الله ربي )، إلا إذا كان مؤمنا حقا ،وموقنا بها ، وعاش عليها ، ومات عليها ، وعمل من أجلها ، وفهم معناها ، وأخلص العمل لله ، وكان في الدنيا مراقبا لله ،ويحب الله ويخشاه ، ويتقه ويعمل بما يرضاه ، وحقق قوله تعالى :(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) (162) : (164) الانعام ، ولن يستطيع أحد أن يقول في قبره : ( الاسلام ديني ) ، إلا إذا كان عاملا به ، فعاش حياته للإسلام وبالإسلام ، أما من كان مكذبا به ، أو كان حظه من الاسلام مجرد اسمه المدون في هويته وبطاقته ، ولم يكن عاملا بالإسلام وشرائعه وأحكامه ، ولم يكن مجاهدا في سبيله ، وداعيا إليه، فلن يستطيع أن يكذب وينافق ويقول لهم (الاسلام ديني ) ، بل سوف يحال بينه وبين هذه الكلمة ، ولن يستطيع أحد أن يقول في اجابته على سؤال الملكين في قبره ( محمد رسول الله ) إلا إذا كان مؤمنا حقا به صلى الله عليه وسلم ، ومتبعا له ، وعاملا بسنته ، ومات على ذلك ، أما من كان مكذبا به ، أو كان ايمانه بالرسول صلى الله عليه وسلم إيمانا شكليا وليس عمليا ، واكتفى بترديد الاغاني والاشعار، فلن يستطيع أن يقول ( محمد رسول الله ) ، ، وسوف يصرف عن هذه الشهادة ، لأنه لا مجال للكذب والخداع ، ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث : (وَأَمَّا الْمُنَافِقُ – أَوِ الْمُرْتَابُ لاَ أَدْرِى أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ – فَيَقُولُ لاَ أَدْرِى ، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ »
أيها المسلمون
الأمر جلل ، والخطب عظيم ، ولن يثبت في قبره ، ويدلي بشهادته عن ربه ودينه ورسوله إلا من كان مؤمنا حقا ، اعتقادا وقولا وعملا وفعلا ، وثبت على ذلك حتى فارق الحياة ، فالمؤمن إذا رأى في قبره من الملكين ما يرعبه ويخيفه ،كما قال صلى الله عليه وسلم :«فيأتيه ملكان شديدَا الانتهار، فيَنتهرانه ويُجلسانه، فيقولان له: “مَن ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟” وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن، ) ، هنا يرسل الله تبارك وتعالى إلى عبده المؤمن ملائكة تثبته ، لينطق بالحق والصدق الذي عاش عليه ومات عليه ، يقول الله عز وجل: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:27]،وهنا ينطق المؤمن بشاهدة الحق والصدق ، فيقول: “ربي الله، وديني الإسلام، ونبيِّي محمد صلى الله عليه وسلم” فينادي منادٍ من السماء أن صدق عبدي» (السلسلة الصحيحة) ،وإذا أتي المؤمن من أي جهة ، قامت أعماله الصالحة تدفع وتدافع عنه ،فقد أخرج ابن حبان والطبراني في (الأوسط) والحاكم في (المستدرك) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده، إن الميت ليسمعُ خفقَ نعالِكم حين تولُّون عنه مُدبرين، فإن كان مؤمنًا كانت الصلاة عند رأسه، والزَّكاة عن يمينه، والصوم عن يساره، وكل فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيُؤْتى من قِبَل رأسه فتقول الصلاة: “ما قِبلي مدخلٌ”، فيُؤْتى عن يمينه فتقول الزَّكاة: “ما قِبلي مدخلٌ”، فيُؤْتى عن يساره فيقول الصيام: “ما قِبلي مدخلٌ”، فيُؤْتى من رِجْلَيْه فيقول فِعلُ الخيرات: “ما قِبلي مدخلٌ”، فيقال له: “اجلس”، فيجلِس، قد مثِّلت له الشمسُ قد دنت للغروب، فيقال: “أخبِرنا عمَّا نسألك”، فيقول: “دعني حتى أُصلي”، فيقال له: “إنك ستفعل، فأخبرنا عما نسألك”، فيقول: “وعمَّ تسألونني؟” فيقال: “أرأيتَ هذا الرجل الذي كان فيكم، ماذا تقول فيه، وما تشهد عليه؟” فيقول: “أمحمدٌ؟” فيقال له: “نعم”، فيقول: “أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه جاءنا بالبيِّنات من عند الله فصدَّقْناه”، فيقال له: “على ذلك حَييت، وعلى ذلك متَّ، وعليه تُبْعث إن شاء الله تعالى”، ثم يُفْسح له في قبره سبعون ذراعًا، ويُنوَّر له، ويُفْتح له باب إلى الجَنَّة، فيقال له: “انظر إلى ما أعدَّ الله لك فيها”، فيزداد غِبطةً وسرورًا، ثم تُجْعل نسمتُهُ في النَّسَم الطيِّب، وهي طير خُضر يعلق بشجر الجَنَّة، ويُعاد الجسد إلى ما بدأ من التراب، وذلك قول الله عز وجل: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: 27]».
فيا طِيب وكرامة المؤمن في قبره حين ينادي منادٍ من السماء: “أنْ صدَق عبدي”! ويا طِيب مثواه حين يقول الملَكان له: “على اليقين كنتَ، وعليه متَّ، وعليه تبعث إن شاء الله”.ويا سعادة المؤمن حين يقال له في قبره : فيقولان: “قد كُنَّا نعلم أنك تقول هذا”، ثم يُفْسح له في قبره سبعون ذراعًا في سبعين، ثم يُنوَّر له فيه، ثم يُقال له: “نَمْ”، فيقول: “أرجعُ إلى أهلي فأخبرهم”، فيقولان: “نَم كنومةِ العَروسِ الذي لا يُوقظه إلا أحب أهله إليه”، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك، وأخرج أبو داود عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن المؤمن إذا وُضِع في قبره أتاه ملك، فيقول له: “ما كنتَ تعبد؟” فإن الله هداه، قال: “كنت أعبد الله”، فيقول له: “ما كنت تقول في هذا الرجل؟” فيقول: “هو عبد الله ورسوله”، فما يُسأل عن شيء غيرها، فينطلق به إلى بيت كان في النار، فيقال له: “هذا بيتك كان في النار ولكن الله عصمك ورحمك، فأبدلك به بيتًا في الجَنَّة”، فيقول: “دعوني حتى أذهب فأُبشِّر أهلي”، فيقال له: “اسكن”، ثم يُفرجُ له فرجةٌ إلى الجَنَّة، فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له: “هذا مقعدك منها”، ويقال له: “على اليقين كنتَ، وعليه متَّ، وعليه تبعث إن شاء الله”،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (وَلَقَدْ أُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِى الْقُبُور )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما عن حال الكافر والمنافق والمرتاب ، وحال من اسلم بلسانه ولم يسلم قلبه ، ومن كان حظه من الاسلام اسمه ، وحظه من الكتاب رسمه ، ولم يتحاكم إلى شرعه ، ولم يتبع رسوله ، وكان بعيدا عن الطاعات ، ومنغمسا في المعاصي والشهوات ، ومات على ذلك ، ولم يتب ويرجع إلى رب الأرض والسموات ، فيحال بينه وبين هذه الشهادة ، ولا يثبت في قبره بقول الحق ، وإنما يكون في ريبة وشك ، يقول صلى الله عليه وسلم : ( وإن كان منافقًا قال: “سمعت الناس يقولون، فقلت مثله، لا أدري”، فيقولان: “قد كنا نعلم أنك تقول ذلك”، فيقال للأرض: “التئمي عليه “، فتلتئم عليه، فتختلف أضلاعه، فلا يزال فيها مُعذَّبًا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك». وفي رواية أخرى: قال النبي صلى الله عليه وسلم عن العبد الكافر أو الفاجر: «ويأتيه ملكان شديدَا الانتهار، فينتهرانه ويجلسانه، فيقولان له: “من ربك؟” فيقول: “هاه هاه لا أدري”، فيقولان: “ما دينك؟” فيقول: “هاه هاه لا أدري”، فيقولان: “ما تقول في هذا الرجل الذي بُعث فيكم؟” فلا يهتدي لاسمه، فيقال: “محمد صلى الله عليه وسلم؟” فيقول: “هاه هاه لا أدري، سمعت الناس يقولون ذلك”، فيقولان: “لا دَريتَ ولا تلوت” (لا دريت ولا تلوت: لا دريتَ ولا تَبِعت الناس بأن تقول شيئًا يقولونه)، فينادي منادٍ من السماء: أن كَذب عبدي» (السلسلة الصحيحة) ،وفي رواية (فينادي مناد من السّماء إن كذب فافرشوه من النّار، وألبسوه من النّار، وافتحوا له باباً من النّار، فيأتيه من حرّها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه “. وفي صحيح الجامع: ( وإن الكافر إذا وُضِع في قبره، أتاه ملك فينتهره، فيقول له: “ما كنتَ تعبد؟” فيقول: “لا أدري”، فيقال له: “لا دريتَ ولا تليت”، فيقال: “فما كنت تقول في هذا الرجل؟” فيقول: “كنتُ أقول ما تقول الناس”، فيضربه بمطراق من حديد بين أُذنيه، فيصيح صيحة يسمعها الخلقُ غيرَ الثقلين» وفي رواية “، ثم يُفْتح له باب إلى الجَنَّة، فيقال له: “انظر إلى مجلسك من الجَنَّة لو ثبتَّ”، ثم يُفتح له باب إلى النار فيقال له: “انظر إلى منزلك من النار إذ زغت”، فذلك قوله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } [إبراهيم:27]”
أيها المسلمون
قَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ لِرَجُلٍ : ” كَمْ أَتَتْ عَلَيْكَ ؟ ” قَالَ : سِتُّونَ سَنَةً , قَالَ : ” فَأَنْتَ مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً تَسِيرُ إِلَى رَبِّكَ تُوشِكُ أَنْ تَبْلُغَ ” , فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا أَبَا عَلِيٍّ ، (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) البقرة 156 ,قَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ : ” تَعْلَمُ مَا تَقُولُ ؟ ” قَالَ الرَّجُلُ : قُلْتُ : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) ،قَالَ الْفُضَيْلُ : ” تَعْلَمُ مَا تَفْسِيرُهُ ؟ ” قَالَ الرَّجُلُ : فَسِّرْهُ لَنَا يَا أَبَا عَلِيٍّ , قَالَ : ” قَوْلُكَ إِنَّا لِلَّهُ ، تَقُولُ : أَنَا لِلَّهِ عَبْدٌ ، وَأَنَا إِلَى اللَّهِ رَاجِعٌ , فَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ رَاجِعٌ , فَلْيَعْلَمْ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ , وَمَنْ عَلِمَ بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ فَلْيَعْلَمْ بِأَنَّهُ مَسْئُولٌ ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَسْئُولٌ فَلْيُعِدَّ للسُّؤَالَ جَوَابًا ” , فَقَالَ الرَّجُلُ : فَمَا الْحِيلَةُ ؟ قَالَ : ” يَسِيرَةٌ ” , قَالَ : مَا هِيَ ؟ قَالَ : ” تُحْسِنُ فِيمَا بَقِيَ ، يُغْفَرُ لَكَ مَا مَضَى وَمَا بَقِيَ , فَإِنَّكَ إِنْ أَسَأْتَ فِيمَا بَقِيَ أُخِذْتَ بِمَا مَضَى وَمَا بَقِيَ ” .فتدبر وتفكر أخي: بأي بدن ستقف بين يدي الله، وبأي لسان ستجيب! فأعد للسؤال جواباً وللجواب صواباً! فماذا أعددت للنجاة من عظيم عقاب الله وأليم عذابه؟ لا يندفع ذلك إلا بحصن التوحيد وخندق الطاعات
الدعاء