خطبة عن ( ضوابط الكلام وحفظ اللسان)
فبراير 2, 2016خطبة عن ( أهمية المحاسبة النفس )
فبراير 4, 2016الخطبة الأولى (حفظ اللسان )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق 18، وعن المنافقين يقول سبحانه (سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ ) الاحزاب 19، وروي البخاري في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا ، أَوْ لِيَصْمُتْ ) ،وفي صحيح البخاري ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا ، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ » ،وروى ابن حبان في صحيحه ،واحمد في مسنده (فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ قَالَ « أَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ » ،وفي سنن أبي داود قال صلى الله عليه وسلم « فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلاَّ مِنْ خَيْرٍ ». وفيه :« الْزَمْ بَيْتَكَ وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ بِمَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ) ، وفي البخاري ( وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ ) ، وفي صحيح البخاري ( عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ ») ، ورى الترمذي في سننه ( عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ قَالَ :« أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ ». ،وعنده (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَفَعَهُ قَالَ :« إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعْضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ فَتَقُولُ اتَّقِ اللَّهَ فِينَا فَإِنَّمَا نَحْنُ بِكَ فَإِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا ». وفي سنن ابي داود (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ تَسْتَنْظِفُ الْعَرَبَ قَتْلاَهَا فِي النَّارِ اللِّسَانُ فِيهَا أَشَدُّ مِنْ وَقْعِ السَّيْفِ ». وفي سنن الدارمي (عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ. قَالَ :« قُلْ رَبِّىَ اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقِمْ ». قَالَ قُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَكْثَرُ مَا تَخَوَّفُ عَلَىَّ؟ قَالَ : فَأَخَذَ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِلِسَانِهِ ثُمَّ قَالَ :« هَذَا » )
إخوة الإسلام
الآيات والأحاديث السابقة تبين لنا خطورة اللسان ، وتأمرنا بحفظه ، والمسلم مأمور بكلّ خُلقٍ حسن، ليجعله مستقيمًا في حديثه وفي سلوكه، وفي تعامله مع الآخرين، وفي ترك ما لا يعنيه؛ فقد روى الإمام أحمد في مسنده: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ يَسْتَقِيمُ إِيمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ وَلاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ وَلاَ يَدْخُلُ رَجُلٌ الْجَنَّةَ لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ ». فاستقامة الإنسان، مربوطة باستقامة جوارحه، واللسان هو القائد للجوارح، والمعبّر عما يكنه القلب، ولذا سمُّوه مَلِك الجوارح، لأنّه المتحكم فيها، المعبّر عنها. فكم أوردت فلتات اللسان ابن آدم في الأضرار الدنيوية، أو المهالك الأخروية، وكم هلك من إنسان، بزلة لسانه: بكلمة غير موزونة أو مقصودة، سواء كان ذلك بالغيبة، أو النميمة أو الكذب، أو القول البذيء، أو غير ذلك من أمور يحسبها الإنسان بسيطة؛ لكنها سيف حادّ الجوانب، فتسوء العلاقات بسبب كلمة، وتخرب بيوت ببذاءة هذا اللسان، وتُستباح أموال بشهادة زور، وتستحل حرمات باعترافات كاذبة، لغرض دنيوي، أو بسبب الغيرة والحسد. لذا نرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يشدِّد في أمر اللسان، والرقابة عليه، وحفظه عن الانفلات بغير حق؛ فقد روى البزار ( عَنْ أَبِي الْيَسَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ : دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ ، قَالَ : أَمْسِكْ هَذَا وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ ، فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ فَقَالَ : ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ ، هَلْ يُكَبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي النَّارِ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتُهُمْ ) ، فاللسان نعمة، والنطق والتعبير عما يريده الإنسان لا يقدّر فضلها، ولايعرف مكانتها، إلا من حُرِم من هذه النعمة، فالواجب أن يحمد الإنسان ربّه، ويقدر هذه النعمة، التي أسبغها الله عليه، وأنْ يعطيها حقها، ذلك أن الإسلام، قد بُنِيَتْ شرائعه على كيف يستفيد ابن آدم من هذه النعمة، التي تفضَّل الله بها، وبما وراءها من منافع ومصالح، وكيف يوازن بين النافع والضار، من فلتات هذا اللسان، الذي هو بضعة منا، لا يدرك الفرد مكانته إلا بأي أذى يصيبه: ألم يقل سبحانه: (وَإِن تَعُدُّوْا نِعْمَتَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (سورة إبراهيم 34).
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم
الخطبة الثانية (حفظ اللسان ) 1
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول ابن قيم الجوزية، في كتابه التبيان: ( وجعل الله سبحانه اللسان عضوًا لحمًا، لا عَظْم فيه ولا عَصب، لتَسْهل حركته، ولذا لا تجد في الأعضاء، من لا يكترث بكثرة الحركة سواه، فإن أي عضو من الأعضاء، إذا حركته كما تحرك اللسان، لم يطق ذلك، ولم يلبث أن يكلّ ويخلد إلى السكون، إلا اللسان) والعلماء قالوا الكثير في نظرتهم العامة نحو منافع اللسان، من ذلك قولهم : (الصمت حكمة، وقليل فاعله) ، ويعيبون على الثرثار، وهو كثير الكلام، فيقولون في حكمهم عليه: ( منْ كثُر كلامه كثُر سقطه). واللسان به ننطق ,وبه كلفنا فما يلفظه إلا وعلى حساب صاحبه الخاص, ومحاسب عليه في الدنيا عند ذوي السلطان, والآخرة بين يدي الله تعالى. يقول الله تعالى في محكم آياته (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق 18، فان قلت طيبا أستحسنك الناس, وان قلت سيئا استقبحك الناس; أي به يعلى شأن الانسان أو يحط قدره ، وبكلمة واحدة بسيطة قد تحيي شخصا ,أو تميته بعد قدرة الله تعالى أولا. فهذا اللسان دوره الأهم هو الكلام ,ولولا الكلام لما كان للإنسان دور في هذه الدنيا ، فبه بعث الله الانبياء والرسل مبلغين دين الله …ومن هنا كان للكلام الدور الفعال, والبناء, أو دورا أخر هدام ،ونستكمل الحديث عن حفظ اللسان في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء