خطبة عن ( حقوق الجار وصور من أذيته )
فبراير 26, 2016خطبة عن (الامام الحسين: حياته ومواقفه ووفاته)
فبراير 28, 2016الخطبة الأولى ( حق الجار في الاسلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد ايها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ) النساء 36، وروى البخاري ومسلم : (( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِى بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ »)).
أخوة الإسلام
إن الروابط بين الناس كثيرة، فهناك رابطة القرابة، وهناك رابطة النسب والمصاهرة، وهناك رابطة الصداقة والزمالة، وهناك رابطة الجوار .واذا سارت هذه الروابط على أساس من البر والتقوى والمحبة والرحمة، عظمت الأمة، الاسلامية وقوي شأنها، .ومتى أهملت هذه الحقوق، شقيت الأمة، وهانت، وحل بها التفكك والدمار. ومن تلك الروابط التي دعمها الإسلام، وأوصى بمراعاتها، رابطة الجوار، تلك الرابطة العظيمة التي فرط فيها كثير من الناس ، ولم يرعوها حق رعايتها. وسوف يكون حديثي معكم اليوم ان شاء الله عن الجار : فمن هو الجار ؟ وما أقسام الجيران ؟ وما هي حقوق الجوار ؟ وما عقوبة الإساءة إلى الجيران ؟ ، فاستعين بالله وأقول : الجار هو من جاورك جوارًا شرعيًا، سواءً كان مسلمًا أو كافرًا، برًا أو فاجرًا، صديقًا أو عدوًا، محسنًا أو مسيئًا، قريبًا أو أجنبيًا. وللجوار مراتبُ بعضُها أعلى من بعض، فالجار الملاصق لك في الدار ليس كالبعيد، ، والجارُ ذي القربى ليس كالجار الجُنب، وصاحبُ الدين ليس كالفاسق المؤذي. وكما يكون الجوار في المسكن فيكون في العمل والسوق والمسجد والسفروفي صحيح الأدب المفرد (عن الحسن ؛ أنه سئل عن الجار ؟ فقال : ” أربعين داراً أمامه، وأربعين خلفه، وأربعين عن يمينه، وأربعين عن يساره “. والجيران ثلاثة : فمنهم من له ثلاثة حقوق ، ومنهم من له حقان ، ومنهم من له حق ، فأما الذي له ثلاثة حقوق فالجار المسلم القريب له حق الجار ، وحق الإسلام ، وحق القرابة ، وأما الذي له حقان فالجار المسلم له حق الجوار ، وحق الإسلام ، وأما الذي له حق واحد فالجار الكافر له حق الجوار، وفي سنن الترمذي وغيره (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « خَيْرُ الأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِجَارِهِ ». ولجارك عليك حقوق ومنها : ((إن استعانك أعنته إن مرض عدته، وإن مات شيعته، وإذا استقرضك أقرضته، وإذا افتقر عدت عليه، وإذا أصابه خير هنأته، وإذا أصابته مصيبة عزيته، ولا تستطل عليه بالبنيان فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، ولا تؤذه بقثار ريح قدرك إلا أن تغرف له منها، وإن اشتريت فاكهة فأهد له فإن لم تفعل فأدخلها سرا، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده)). ومن حق الجار على جاره ايضا : أن يكون له في الشدائد عونا، وفي الرخاء أخاً يَحزن لما يؤذيه، ويفرح لما يسره ويرضيه، ويأخذ بيده إذا أظلمت في وجهه الحياة، ويرشده إذا ضل أو أخطأ الطريق، ويهنئه إذا أصابه خير، ويبصره ، ويدفع عنه الأذى،وقد جمع العلماء حقوق الجار في اربعة حقوق وهي :-– كف الأذى عن الجار – وحماية الجار – والإحسان إلى الجار -واحتمال أذى الجار ، اما كف الأذى عنه فقد جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِ جَارَهُ )، وفي صحيح البخاري عَنْ أَبِى شُرَيْحٍ أَنَّ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ » . قِيلَ وَمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « الَّذِى لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَايِقَهُ »، ولأذى الجار في حياتنا صور كثيرة و متعددة كلنا نلمسها ونشكو منها واذكر لكم منها: التعدي على حقوق الجار وممتلكاته مثال التعدي على حدود منزله أو أرضه فقد روى مسلم في صحيحه : قال النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم “: (وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ ». ومن صور التعدي أيضا سرقة الجار، أو التعدي على أدواته وممتلكاته ، وفي مسند الامام احمد قال صلى الله عليه وسلم « مَا تَقُولُونَ فِى السَّرِقَةِ ». قَالُوا حَرَّمَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَهِىَ حَرَامٌ. قَالَ :« لأَنْ يَسْرِقَ الرَّجُلُ مِنْ عَشْرَةِ أَبْيَاتٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ جَارِهِ) – ومنها : خيانة الجار والغدر به: و صور ذلك كثيرة ومنها ، التجسس عليه، والوشاية به عند أعدائه. و تتبع عورات الجار، والنظر إلى نسائه عبر سطح المنزل، أو عبر النوافذ المطلة عليه، ولذلك نري الشاعر العربي الاصيل يتغنى بشعره بانه لا ينظر الى جارته
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( حق الجار في الاسلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد ايها المسلمون
ومن صور الخيانة والغدر بالجار معاكسة محارمه عبر الهاتف؛ وأقبح صور الغدر والخيانة بالجار أن يزاني الرجل حليلة جاره لأن الجار يعرف أوقات جاره دخولاً وخروجًا، وحضرًا وسفرًا، ويعرف غالبًا أحوال البيت وما يدور فيه. خرج الشيخان عن عبد الله بن مسعود÷قال: قلت: يا رسول الله، أي الذنب أعظم ؟قال: أن تجعل لله ندَّاً وهو خلقك. قلت: ثم أي ؟قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يَطعم معك. قلت: ثم أي ؟ قال: أن تزاني حليلة جارك ) ،وفي مسند أحمد وغيره (أن الْمِقْدَادَ بْنَ الأَسْوَدِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لأَصْحَابِهِ « مَا تَقُولُونَ فِي الزِّنَا ». قَالُوا حَرَّمَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لأَصْحَابِهِ « لأَنْ يَزْنِىَ الرَّجُلُ بِعَشْرِ نِسْوَةٍ أَيْسَرُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَزْنِىَ بِامْرَأَةِ جَارِهِ » ،ومن صور أذية الجار قلة الإحسان إلى الجار ففي صحيح الأدب المفرد عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ” كم من جار متعلقٍ بجاره يوم القيامة، يقول، يا رب! هذا أغلق بابه دوني، فمنع معروفه!”، ومن صور أذية الجار الغفلة عن تعاهد الجيران بالطعام ففي صحيح الأدب المفرد وسنن البيهقي (ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يُبَخِّلُ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِى يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ » ،وفي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ إِنَّ خَلِيلِي -صلى الله عليه وسلم- أَوْصَانِي « إِذَا طَبَخْتَ مَرَقًا فَأَكْثِرْ مَاءَهُ ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَأَصِبْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ ». وجاء الوعيد فيمن يصبحون، ومن بينهم جار جائع ففي مسند أحمد (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- « مَنِ احْتَكَرَ طَعَاماً أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرِئَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى » . ومن أذية الجار ، مضايقة الجار: ومن ذلك ترك المياه تتسرب أمام منزله مما يشق معها دخول الجار الى منزله، أو خروجه منه. ومنها إيذاء الجيران بالروائح المنتنة المنبعثة من المياه القذرة. كذا مضايقتهم بمخلفات البناء و وضع الزبالة والقمامة أمام أبوابهم . ومن اذية الجار أن يحسد الجار جاره فكم من الجيران يتمنى أن يزول ما بهم من نعمة، سواء كانت دينية أو دنيوية. وأكثر ما يقع الحسد بين النساء المتجاورات، أو التجار المتجاورين في محلات التجارة. ومن أذية الجار : احتقار الجار والسخرية منه لفقره، أو لجهله، أو وضاعته. ومن اذية الجار السخرية بحديثه إذا تحدث، والسخرية بملبسه ، أو منزله، أو أولاده أو نحو ذلك. ومن أذية الجار كشف أسراره فالجار هو أقرب الناس إلى جاره، وهو أعرفهم في الغالب بأسراره؛ فمن اللؤم والأذية للجار كشف سره، وهتك ستره، وإشاعة أخباره الخاصة بين الناس. ومن أذية الجار : تتبع عثرات الجار، والفرح بزلاته فمن االناس من يتتبع عثرات جيرانه واخطاءهم، ويفرح بزلاتهم، ولا يكاد يغض الطرف عمّا يراه من أخطائهم وهفواتهم. وفي سنن الترمذي (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ « يَا مَعْشَرَ مَنْ قَدْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ »، ومن أذية الجار : تنفير الناس منه : ومن ذلك : تنفير الناس من بضاعته إن كان التجاور في المتجر او من الزواج ببناته او أبنائه ،ومن إيذاء الجيران أن يزعجهم برفع الصوت وغيره : فمن الجيران مَنْ لا يأنف من إيذاء جيرانه برفع الأصوات بالغناء والملاهي، ، أو بلعب الأولاد بالكرة وإزعاجهم للجيران، أو بطرق بابه اوجرس منزله دون حاجة، أو بإطلاق الأبواقِ المزعجة والسماعات العالية فكل ذلك يؤذي الجيرا ن ، ومن أذية الجار : التأجير لمن لا يرغب الجيران في إسكانه: كحال من يؤجر بيته للفسقة ونستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء