خطبة عن قوله تعالى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ)
يناير 5, 2019خطبة عن حديث :(لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا)
يناير 5, 2019الخطبة الأولى عن : حوض النبي وحديث ( أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما : (عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ سَهْلاً يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ وَرَدَ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا وَلَيَرِدَنَّ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ »
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الحديث النبوي ، والذي يبشرنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بحوضه المتدفق ماؤه ، والحلو مذاقه، والذي يشرب منه أتباعه يوم القيامة ، فيوم القامة تتجلى رحمة الله تعالى ،حين تدنو الشمس من الرؤوس، ويتمكن العطش من الناس، ويشتد الكرب بهم ، حتى يطلبوا بدء الحساب، هنا تتجلى رحمة الله يومئذ بالمؤمنين، إذ لم يتركهم عطشى يعانون الظمأ، بل أكرمهم الله بحياض يشربون منها، وجعل لكل نبي من الأنبياء حوضا يشرب منه ،هو وأتباعه، ففي سنن الترمذي وصححه الألباني : (عَنْ سَمُرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوْضًا وَإِنَّهُمْ يَتَبَاهَوْنَ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَارِدَةً وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ وَارِدَةً » فمعتقد أهل السنة والجماعة ، أن للنبي صلى الله عليه وسلم حوضا ، وهذا الحوض ترده أمته يوم القيامة ، وهذا مما يجب الإيمان به ،وقد يختلط الأمر على البعض بين الكوثر والحوض ، فالكوثر : هو النهر الذي وعد الله به نبيه – صلى الله عليه وسلم – في الجنة، فقد روى البخاري في صحيحه : (حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « بَيْنَمَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ قُلْتُ مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا الْكَوْثَرُ الَّذِى أَعْطَاكَ رَبُّكَ . فَإِذَا طِينُهُ – أَوْ طِيبُهُ – مِسْكٌ أَذْفَرُ » ، وأما الحوض : فهو مجمع الماء في أرض المحشر، وماؤه مستمد من الكوثر، فالكوثر والحوض ماؤهما واحد، إلا أن أحدهما في الجنة، والآخر في أرض المحشر، لذلك يطلق على كل منهما اسم الكوثر، قال – صلى الله عليه وسلم – في وصف الحوض كما في صحيح مسلم : (يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ أَحَدُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَالآخَرُ مِنْ وَرِقٍ ». ويغت: أي يدفق دفقا شديدا متتابعاً، فتبين بهذا أن ماء الحوض مستمد من نهر الكوثر في الجنة . وقال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله -: “والحوض موجود الآن” لما جاء في الصحيحين: (عَنْ عُقْبَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – خَرَجَ يَوْمًا فَصَلَّى عَلَى أَهْلِ أُحُدٍ صَلاَتَهُ عَلَى الْمَيِّتِ ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ « إِنِّي فَرَطٌ لَكُمْ ، وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لأَنْظُرُ إِلَى حَوْضِي الآنَ ..) ،وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -: أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ( وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي )، ولهذا يحتمل أنه في هذا المكان، لكن لا نشاهده لأنه غيبي، ويحتمل أن المنبر يوضع يوم القيامة على الحوض
أيها المسلمون
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أوصافا متعددة لحوضه، ترغيبا للأمة في بذل الأسباب الموجبة لوروده والشرب منه، فذكر من أوصافه صلى الله عليه وسلم : أن (آنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ )، وهذا ورد في بعض ألفاظ الحديث في الصحيحين ، وفي بعضها: ” وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ ” ، وهذا لفظ أشمل لأنه يكون كالنجوم في العدد، وفي الوصف بالنور واللمعان، فآنيته كنجوم السماء كثرة، وإضاءة، ومن أوصافه أيضا : أن ماءه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأن طوله وعرضه سواء، وأن سعته كما بين أيلة وصنعاء، وأن عدد كؤوسه كعدد نجوم السماء، وأن من شرب منه لا يظمأ أبدا، وهذه الأوصاف ذكرها النبي – صلى الله عليه وسلم – في أحاديث، منها: ما رواه البخاري في صحيحه 🙁أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ قَدْرَ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ »، وفي صحيح مسلم ، أنه صلى الله عليه وسلم 🙁سُئِلَ عَنْ شَرَابِهِ فَقَالَ « أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ يَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ يَمُدَّانِهِ مِنَ الْجَنَّةِ أَحَدُهُمَا مِنْ ذَهَبٍ وَالآخَرُ مِنْ وَرِقٍ ». وفي سنن الترمذي – عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « حَوْضِي مِنْ عَدَنَ إِلَى عَمَّانَ الْبَلْقَاءِ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَأَكَاوِيبُهُ عَدَدُ نُجُومِ السَّمَاءِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ شَرْبَةً لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا) ، وفي صحيح مسلم : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: « وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لآنِيَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ وَكَوَاكِبِهَا أَلاَ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ الْمُصْحِيَةِ آنِيَةُ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهَا لَمْ يَظْمَأْ آخِرَ مَا عَلَيْهِ يَشْخُبُ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الْجَنَّةِ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ عَرْضُهُ مِثْلُ طُولِهِ مَا بَيْنَ عَمَّانَ إِلَى أَيْلَةَ مَاؤُهُ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ ». وفي الجمع والتوفيق بين تلك الروايات يقول الإمام القرطبي : ” ظن بعض الناس أن هذه التحديدات في أحاديث الحوض اضطراب واختلاف، وليس كذلك، وإنما تحدث النبي – صلى الله عليه وسلم – بحديث الحوض مرات عديدة، وذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة، مخاطبا كل طائفة بما كانت تعرف من مسافات مواضعها، فيقول لأهل الشام: ما بين أذرح و جربا، و لأهل اليمن: من صنعاء إلى عدن، وهكذا، وتارة أخرى يقدر بالزمان، فيقول: مسيرة شهر، والمعنى المقصود: أنه حوض كبير متسع الجوانب والزوايا، فكان ذلك بحسب من حضره ممن يعرف تلك الجهات، فخاطب كل قوم بالجهة التي يعرفونها، والله أعلم “
أيها المسلمون
وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن أوّل من يشرب من حوض النبي عليه الصلاة والسلام هم فقراء المهاجرين، شعث الرؤوس، دنس الثياب، الذين عاشوا في حياتهم الدنيا دون أن يذوقوا نعيمها، ثم يأتي بعد هذا الصنف أهل اليمن لفضلهم في الدنيا وإيمانهم بدعوة النبي عليه الصلاة والسلام ودفاعهم عنه، فقد روي الترمذي : أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: (أَوَّلُ النَّاسِ وُرُودًا عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ الشُّعْثُ رُءُوسًا الدُّنْسُ ثِيَابًا الَّذِينَ لاَ يَنْكِحُونَ الْمُتَنَعِّمَاتِ وَلاَ تُفْتَحُ لَهُمُ السُّدَدُ » ، والصنف الثاني: هم أهل اليمن، فقد روى مسلم (عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنِّي لَبِعُقْرِ حَوْضِي أَذُودُ النَّاسَ لأَهْلِ الْيَمَنِ أَضْرِبُ بِعَصَايَ حَتَّى يَرْفَضَّ عَلَيْهِمْ » ، قال الإمام النووي في شرحه: ” معناه: أطرد الناس عنه غير أهل اليمن، وهذه كرامة لأهل اليمن في تقديمهم في الشرب منه، مجازاة لهم بحسن صنيعهم ،وتقدمهم في الإسلام، فيدفع غيرهم حتى يشربوا، كما دفعوا في الدنيا عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أعداءه والمكروهات ” .ولا يعني كون الأنصار والمهاجرين هم أول واردي حوضه – صلى الله عليه وسلم – أن غيرهم لا يرده، غير أنهم – في الجملة – قلة، ففي صحيح البخاري :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« بَيْنَا أَنَا قَائِمٌ إِذَا زُمْرَةٌ ، حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ . فَقُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ . قُلْتُ وَمَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَي . ثُمَّ إِذَا زُمْرَةٌ حَتَّى إِذَا عَرَفْتُهُمْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ بَيْنِي وَبَيْنِهِمْ فَقَالَ هَلُمَّ . قُلْتُ أَيْنَ قَالَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهِ . قُلْتُ مَا شَأْنُهُمْ قَالَ إِنَّهُمُ ارْتَدُّوا بَعْدَكَ عَلَى أَدْبَارِهِمُ الْقَهْقَرَي . فَلاَ أُرَاهُ يَخْلُصُ مِنْهُمْ إِلاَّ مِثْلُ هَمَلِ النَّعَمِ » ،قال الحافظ في الفتح :” قوله: فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم، يعني: من هؤلاء الذين دنوا من الحوض، وكادوا يردونه، فصدوا عنه، والهمل بفتحتين الإبل بلا راع، والمعنى: أنه لا يرده منهم إلا القليل؛ لأن الهمل في الإبل قليل بالنسبة لغيره ” وواضح أن القلة هنا نسبية، أي: أن نسبة من يرد الحوض كبيرة لكن الذين يطردون أكبر من الذين يشربون . أما عن موضع الحوض يوم القيامة : قال الإمام القرطبي تعليقا على الحديث المذكور: ” فهذا الحديث – مع صحته – أدل دليل على أن الحوض يكون في الموقف قبل الصراط؛ لأن الصراط إنما هو جسر على جهنم ممدود يجاز عليه، فمن جازه سلم من النار ” فموضع الحوض قبل الصراط، إذ إن من مرَّ على الصراط كان من أهل الجنة، فلو كان الحوض بعد الصراط لامتنع أن يطرد عنه أحد .وموضع الحوض لا يكون على هذه الأرض، وإنما يكون وجوده في الأرض المبدلة، كما قال تعالى: { يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ } (إبراهيم:48) .
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية عن : حوض النبي صلى الله عليه وسلم ( أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ويرد حوض النبي – صلى الله عليه وسلم – في الجملة كل مؤمن لم يتلبس بمانع من موانع ورود الحوض التي تضمنتها الأحاديث السابقة، غير أن النبي ذكر بعض الأعمال الخاصة التي هي أسباب لنيل شرف وردود حوضه – صلى الله عليه وسلم – ومنها : أولًا: التمسك بالكتاب والسنة، والثبات على ذلك، والبعد عن البدع المحدثة في الدين وكبائر الذنوب، روى الترمذي في سننه (عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالاَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِى أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ مِنَ الآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَىَّ الْحَوْضَ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا » ، ثانيًا : ومن أسباب الورود على الحوض : عدم إعانة الولاة الظلمة على ظلمهم، فقد روى الإمام أحمد في مسنده (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ « أَعَاذَكَ اللَّهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ ». قَالَ َمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ قَالَ « أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِى لاَ يَقْتَدُونَ بِهَدْيِي وَلاَ يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّى وَلَسْتُ مِنْهُمْ وَلاَ يَرِدُوا عَلَىَّ حَوْضِي وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ فَأُولَئِكَ مِنِّى وَأَنَا مِنْهُمْ وَسَيَرِدُوا عَلَىَّ حَوْضِي ..) ، ثالثًا: ومن أسباب الورود على الحوض : الصبر على ما يصيب المؤمن من نقص في الدنيا، واستئثار غيره بها، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك: أن النبي – صلى الله عليه وسلم -: قَالَ « فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَثَرَةً شَدِيدَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنِّي عَلَى الْحَوْضِ ». رابعًا: المحافظة على الوضوء، فقد روى مسلم في صحيحه 🙁 قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَعْرِفُنَا قَالَ « نَعَمْ تَرِدُونَ عَلَىَّ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ لَيْسَتْ لأَحَدٍ غَيْرِكُمْ ».
أيها المسلمون
وأما عن المطرودين عن حوضه – صلى الله عليه وسلم- : فقد وردت أحاديث كثيرة في ذكر المطرودين عن حوضه – صلى الله عليه وسلم – وهي تحمل في طياتها تحذيرات من سلوك طريقهم، ومنها: روى البخاري ومسلم : (عَنْ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ سَهْلاً يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ مَنْ وَرَدَ شَرِبَ وَمَنْ شَرِبَ لَمْ يَظْمَأْ أَبَدًا وَلَيَرِدَنَّ عَلَىَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ وَيَعْرِفُونِي ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ » ،وفي مسلم : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ وَلأُنَازِعَنَّ أَقْوَامًا ثُمَّ لأُغْلَبَنَّ عَلَيْهِمْ فَأَقُولُ يَا رَبِّ أَصْحَابِي أَصْحَابِي. فَيُقَالُ إِنَّكَ لاَ تَدْرِى مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ ». قال ابن عبد البر: كل من أحدث في الدين فهو من المطرودين عن الحوض، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وطمس الحق، والمعلنون للكبائر. ومنها ما روي في الصحيحين 🙁عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ – رضى الله عنهما – قَالَتْ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « إِنِّي عَلَى الْحَوْضِ حَتَّى أَنْظُرُ مَنْ يَرِدُ عَلَىَّ مِنْكُمْ ، وَسَيُؤْخَذُ نَاسٌ دُونِي فَأَقُولُ يَا رَبِّ مِنِّى وَمِنْ أُمَّتِى . فَيُقَالُ هَلْ شَعَرْتَ مَا عَمِلُوا بَعْدَكَ وَاللَّهِ مَا بَرِحُوا يَرْجِعُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ » قال الإمام القرطبي في “التذكرة” : ” قال علماؤنا – رحمة الله عليهم أجمعين -: فكل من ارتد عن دين الله، أو أحدث فيه ما لا يرضاه الله، ولم يأذن به الله، فهو من المطرودين عن الحوض المبعدين عنه، وأشدهم طردا من خالف جماعة المسلمين، وفارق سبيلهم، كالخوارج على اختلاف فرقها، .. والمعتزلة على أصناف أهوائها، فهؤلاء كلهم مبدلون، وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وتطميس الحق، وقتل أهله وإذلالهم، والمعلنون بالكبائر المستخفون بالمعاصي، وجماعة أهل الزيغ والأهواء والبدع،
الدعاء