خطبة عن فضل أمة الإسلام، وحديث (مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى)
أغسطس 20, 2022خطبة عن ( الخديعة والنصب والاحتيال)
أغسطس 27, 2022الخطبة الأولى : خطورة الفتيا ،وحديث 🙁 قَتلوهُ قتلَهُمُ اللَّهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى أبو داود في سننه ، وصححه الألباني : ( عن جابر بن عبد الله قال : خرَجْنا في سفَرٍ فأصابَ رجلًا منَّا حجَرٌ فشجَّهُ في رأسِهِ ،ثمَّ احتَلمَ ،فسألَ أصحابَهُ فقالَ : هل تَجِدونَ لي رخصةً في التَّيمُّمِ ، فَقالوا : ما نجِدُ لَكَ رُخصةً وأنتَ تقدرُ علَى الماءِ ، فاغتسَلَ فماتَ ،فلمَّا قدِمنا علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أُخْبِرَ بذلِكَ ،فقالَ : قَتلوهُ قتلَهُمُ اللَّهُ ،ألا سألوا إذْ لَم يعلَموا ،فإنَّما شفاءُ العيِّ السُّؤالُ ، إنَّما كانَ يَكْفيهِ أن يتيمَّمَ ويعصرَ – أو يعصبَ شَكَّ موسَى – علَى جرحِهِ خرقةً ، ثمَّ يمسحَ عليها ، ويغسِلَ سائرَ جسدِهِ)
إخوة الإسلام
لقد جاء الإسلامُ ميسِّرًا لا مُعسِّرًا، ومبشرا لا منفرا ، وحافظا لا مبددا ، فهو يَحفَظُ أرواحَ الناسِ ولا يُبدِّدها، وفي هذا الحديثِ المتقدم ذكره ، يَحكي لنا الصحابي الجليل : (جابِرُ بنُ عبدِ الله) – رضِيَ اللهُ عنهما- فيقولُ: “خَرَجْنا في سَفَرٍ، فأصاب رَجُلًا منَّا حَجَرٌ، فشَجَّه”، أي: جَرَحه “في رأسِه، ثُمَّ احْتَلَمَ”، أي: هذا الرجل نَزَل مِنه المَنِيُّ في حالِ نَومِه، فأصابَتْه جَنابَةٌ، “فسَأَل أصحابَه”، أي: سأل بعضَ الَّذِينَ كانوا معه في السَّفَرِ من الصحابة ، فقال الرجلُ: “هل تَجِدون لي رُخصةً في التيمُّم؟”، أي: هل لي أن أتيَمَّمَ لِجُرحِي دونَ غَسْلٍ؟ “فقالوا: ما نَجِدُ لك رُخصةً”، أي: لا نَجِدُ لك عُذرًا للتيمُّمِ “وأنتَ تَقدِرُ على الماءِ”، والمعنى: أنَّهم فَرَضوا عليه الغُسلَ؛ “فاغْتَسَل” الرَّجُلُ “فمَات، يقول جابر (رضي الله عنه ) فلمَّا قَدِمنا على النَّبيِّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) أُخبِر بذلك”، أي: بقِصَّة هذا الرَّجُلِ الذي مات من جرحه ، ، فقال النَّبِيُّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) : “قَتَلوه”، أي: الَّذِينَ أَوْجَبوا على صاحبِهم الغُسلَ، قتَلوه بفَتْواهم دونَ عِلم، “قَتَلهم الله “، أي: دعا عليهم مِن باب الزَّجرِ والتَّهدِيد لهم، ثم قال صلى الله عليه وسلم : “أَلَا سألوا إذ لم يَعْلَموا؟”، أي: ألَا طَلَبوا العِلمَ فيما لا يعرِفونه من أحكام ، وتفقهوا في دينهم ؛ ثم قال صلى الله عليه وسلم : “فإنَّما شِفاءُ العِيِّ السُّؤالُ”، أي: لا شِفاءَ لداءِ الجهلِ إلَّا التعلُّمُ ، ثُمَّ وضَّح النَّبِيُّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ما كان لِلرَّجُلِ مِن رُخصةٍ في أمرِه بقوله : “إنَّما كان يَكفِيه”، أي: هذا الرَّجُلَ المُحتَلِمَ “أن يَتَيَمَّمَ، ويَعصِرَ- أو يَعصِبَ، شَكَّ مُوسَى-” وهو ابنُ عبدِ الرَّحمنِ، أحدُ رواةِ الحديثِ، أي: شَكَّ أيُّهما قولُ النَّبيِّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) ؟ والمعنَى: يَربِط “على جُرحِه خِرقَةً”، أي: قِطعةً مِن الثِّيابِ ، لِيَمنَعَ وُصولَ الماءِ إليها، “ثُمَّ يَمْسَحَ عليها”، أي: على الخِرقَةِ بالماء، “ويَغسِلَ سائرَ جسدِه”، أي: ثُمَّ يُعَمِّمَ الماءَ على باقِي جسدِه ، دونَ أن يَصِلَ إلى جُرحِه.
أيا المسلمون
إن من أكبر الكبائر القول على الله بغير علم، فقد قال الله تعالى : ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (33) [الأعراف]، وقال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ (36) [الإسراء]، أي لا تتبع ما ليس لك به علم، فإن الله يسألك يوم القيامة عن كل صغير وكبير. وقال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾ (116) [النحل]، فلا شك أن الإفتاء له شأن عظيم ،وقد كان السلف الصالح من الصحابة والتابعين من بعدهم يتورعون تورعاً كبيراً عن الفتيا، حتى يود أحدهم لو كفاه غيره ذلك ، وربما أحال أحدهم المستفتي أو السائل إلى غيره وهو يملك الجواب، لكن من باب الورع والحفاظ على الدين.
وفي هذا الحديث المذكور أعلاه ، فهؤلاء المستفتون خرجت كلمة منهم كانت سببا في قتل هذا الرجل، فإن هؤلاء أخطأوا بغير اجتهاد؛ إذ لم يكونوا من أهل العلم، وقريبا من هذه القصة جاء عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ السُّلاسِلِ، فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ ، فَتَيَمَّمْتُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ ،فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : (يَا عَمْرُو صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟) فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الاغْتِسَالِ ، وَقُلْتُ : إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (النساء:29)، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا. (رواه أحمد وصححه الألباني). فهذا عمرو -رضي الله عنه- قد ذكر أن العبادة المفضية إلى قتل النفس بلا مصلحة مأمور بها هي مِن قتل النفس المنهي عنه، وأقره النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك ، وقتل الإنسان نفسه حرام بالكتاب والسنة والإجماع، كما ثبت عنه في الصحاح أنه قال: (مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (متفق عليه)، وفي الحديث الآخر: (بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ) (رواه البخاري ومسلم). قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى: “فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَصْدِ الإِنْسَانِ قَتْلَ نَفْسِهِ أَوْ تَسَبُّبِهِ فِي ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ بَيْعِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ لَهُ. كَمَا قَالَ الله -تعالى-: (إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) (التوبة:111)، وَقَالَ الله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ) (البقرة:207)، أَيْ يَبِيعُ نَفْسَهُ. وَالاعْتِبَارُ فِي ذَلِكَ بِمَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ لا بِمَا يَسْتَحْسِنُهُ الْمَرْءُ أَوْ يَجِدُهُ أَوْ يَرَاهُ مِنْ الأُمُورِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ بَلْ قَدْ يَكُونُ أَحَدُ هَؤُلاءِ كَمَا قَالَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِجَهْلِ أَفْسَدَ أَكْثَرَ مِمَّا يُصْلِحُ، وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ رِضَاهُ أَوْ مَحَبَّتُهُ فِي مُجَرَّدِ عَذَابِ النَّفْسِ وَحَمْلِهَا عَلَى الْمَشَاقِّ حَتَّى يَكُونَ الْعَمَلُ كُلَّمَا كَانَ أَشَقَّ كَانَ أَفْضَلَ كَمَا يَحْسَبُ كَثِيرٌ مِنْ الْجُهَّالِ أَنَّ الأَجْرَ عَلَى قَدْرِ الْمَشَقَّةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لا، وَلَكِنَّ الأَجْرَ عَلَى قَدْرِ مَنْفَعَةِ الْعَمَلِ وَمَصْلَحَتِهِ وَفَائِدَتِهِ”. فلابد لنا أن نتعلم مقاصد الشريعة الإسلامية، وأن نفهم النصوص فهمًا صحيحًا في ضوئها، ولابد مِن النظر إلى فقه المقاصد والمآلات، والجمع بيْن فقه الواقع وفقه الدليل.
أيها المسلمون
ومن فقه الحديث : أن العضو المصاب لا يخلو من أمرين : أولهما: أن يكون مستورا بجبيرة ونحوها، وقد نص الفقهاء على أنه لا يُجمع في هذه الحال بين التيمم، والمسح على العضو المصاب، إلا إذا كانت الجبيرة جاوزت قدر الحاجة، فيُتيمم حينئذ عن مكان الجرح، ويُمسح عما غطته الجبيرة من البدن الصحيح، ويُغسلُ بقية البدن. وإذا جمع بين التيمم، والمسح، مع الغسل، فإنه في الطهارة من الحدث الأكبر يخير بين: (1) أن يبدأ بالتيمم، فيتيمم أولا، ثم يمسح على الجرح، ثم يغسل سائر جسده. وهذا الترتيب هو الذي جاء به الحديث. (2) أو يمسح، ثم يغسل سائر جسده، ثم يتيمم.، (3) أو يغسل جسده، ثم يمسح على موضح الجرح، ثم يتيمم. وقال النووي في المجموع: وَأَمَّا وَقْتُ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ بِالْمَاءِ، فَإِنْ كَانَ جُنُبًا مَسَحَ مَتَى شَاءَ إذْ لَا تَرْتِيبَ عَلَيْهِ .) ، ثانيهما: أن يكون العضو المصاب مكشوفا ليس عليه جبيرة، فإنه يغسل الصحيح، ويتيمم عن العضو المصاب، ولا يمسح عليه.
أيها المسلمون
جاء في الصحيحين ، واللفظ للبخاري : (عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ » ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – : فتبين أن المجتهد مع خطئه له أجر ; وذلك لأجل اجتهاده وخطؤه مغفور له ، لأن درك الصواب في جميع أعيان الأحكام إما متعذر أو متعسر ، وقد قال الله تعالى :{ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } الحج 78، وقال الله تعالى : { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } البقرة 185، والصحابة لما اعتقدوا أن قوله تعالى { فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} البقرة 187،، أن معناه الحبال البيض والسود ،فكان أحدهم يجعل عقالين أبيض وأسود ،ويأكل حتى يتبين أحدهما من الآخر ،ففي صحيح البخاري : (عَنْ عَدِىٍّ قَالَ أَخَذَ عَدِىٌّ عِقَالاً أَبْيَضَ وَعِقَالاً أَسْوَدَ حَتَّى كَانَ بَعْضُ اللَّيْلِ نَظَرَ فَلَمْ يَسْتَبِينَا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، جَعَلْتُ تَحْتَ وِسَادَتِى . قَالَ « إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ أَنْ كَانَ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ وَالأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ » فبين له النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو بياض النهار وسواد الليل ، فأشار إلى عدم فقهه لمعنى الكلام ، ولم يرتب على هذا الفعل ذم من أفطر في رمضان ،وإن كان من أعظم الكبائر ، بخلاف الذين أفتوا المشجوج في البرد بوجوب الغسل ،فاغتسل فمات ، فإن هؤلاء أخطئوا بغير اجتهاد ; إذ لم يكونوا من أهل العلم،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية : خطورة الفتيا ،وحديث 🙁 قَتلوهُ قتلَهُمُ اللَّهُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
على الإنسان أن يعرف قدر نفسه ،ويخاف من الله عز وجل ،ولا يفتي إلا بعلم، ويتراجع مع العلماء ،ويتشاور معهم، فالفتوى أمرها خطير، ويترتب عليها مصير أمة ، قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن: قال لي ابن خلدة: «يا ربيعة، إني أرى الناس قد أحاطوا بك، فإذا سألك الرجل عن مسألة فلا تكن همتك أن تخلصه، ولكن لتكن همتك أن تخلص نفسك» [أخرجه أبو نعيم في الحلية]. ولو ذهبنا نجمع كلام السلف في خطورة الإفتاء والنهي عن التسرع في الفتوى لجمعنا سِفْراً كبيراً في مجلد ضخم، وليعلم الذي يفتي للناس إنما يُوقِّع عن رب العالمين، وذلك لأن المفتي يذكر للناس حكم الله تعالى الذي شرعه لعباده. حقاً ، فنحن في خطر كبير إلا أن يتداركنا الله تعالى برحمته ،ويمكننا من التوبة النصوح إليه، ويوفقنا للورع الحقيقي الذي يمنعنا من التسرع في الفتوى و إصدار الأحكام الشرعية.
الدعاء