خطبة عن (من أخلاق المسلم :(الخوف من الله والرجاء)
يوليو 14, 2018خطبة عن (العقوبات في الإسلام: أهدافها وأنواعها والشبهات المثارة حولها)
يوليو 21, 2018الخطبة الأولى خطورة الكذب على رسول الله(مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ) (68) العنكبوت ، وقال الله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُولَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (18) الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) (18) ،(19) هود ، وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ». وفيه أيضا : (عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا – رضى الله عنه – يَخْطُبُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَكْذِبُوا عَلَىَّ فَإِنَّهُ مَنْ يَكْذِبْ عَلَىَّ يَلِجِ النَّارَ ». وروى البخاري في صحيحه : (عَنْ سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : « مَنْ يَقُلْ عَلَىَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ »
إخوة الإسلام
إن الكذب والبهتان صفة ذميمة ، وخلق سيئ ، ودليل على انتكاسة الفطرة ، فالكذب كبيرة من أعظم الكبائر ، وهو من المعاصي التي اتفق المسلمون على تحريمها والكذب هو: الكلام الذي يخالف الواقع ،ويعرف الشخص أنه بخلاف الواقع، ومن أعظم الكذب وأخطره ، الكذب على الله تعالى ، والكذب على رسوله صلى الله عليه وسلم ، يقول الله تبارك وتعالى: { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ } الزمر (60) ، وقال تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (7) الصف ،وفي الصحيحين : (قَالَ الْمُغِيرَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ كَذِبًا عَلَىَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ فَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ ». فالكذب على الله كبيرة من أعظم الكبائر ، وأما من نسب إلى الله ما لا يليق به فقد كفر، كمن نسب له ولداً ،أو شريكاً ،أو نسب له كلاماً سفيهاً ، وأما من لم يؤد به كذبه على الله إلى الكفر بأن قال مثلاً: خلق الله كذا وكذا فيما مضى لشيء لم يحصل ، فهذا ذنبه ذنب الكذب ، وليس فيه كفر. وقد قال العلماء: “إن من زاد على القرآن حرفاً ليس منه عمداً كفر” فكيف بهذا الذي ينسب لله كلاماً سفيهاً ، كما نسمعه ممن يتصدرون المجالس لإضحاك الناس ، بالكذب والبهتان ؟؟ ومن أعظم الكذب والذنب أيضا : الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّ كَذِبًا عَلَىَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ ” متفق عليه ، فإن الذنب أشد ما يكون في الكذب على مخلوقاته هو في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليعلم الذين يكذبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم ملعونون مستحقون للعذاب الشديد في الآخرة. فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ » متفق عليه فالكذب على النبي صلى الله عليه وسلم هو من أخطر أنواع الكذب، وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في آخر الزمان أناس يكذبون عليه؛ ففي الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ يَأْتُونَكُمْ مِنَ الأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ لاَ يُضِلُّونَكُمْ وَلاَ يَفْتِنُونَكُمْ ». فالنبي صلى الله عليه وسلم حذَّر من هؤلاء؛ لأنهم يغيرون معالم الدين؛ حيث يدخِلون فيه ما ليس منه، أو يخرِجون منه ما هو ثابت فيه، وأيضًا بهذا الكذب ربما يُحلُّون حرامًا ، أو يُحرِّمون حلالاً، وكفي بهذا إثمًا مبينًا، وإفكًا عظيمًا. وقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري (وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرَى أَنْ يَدَّعِىَ الرَّجُلُ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، أَوْ يُرِىَ عَيْنَهُ مَا لَمْ تَرَ ، أَوْ يَقُولُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مَا لَمْ يَقُلْ » . ولهذا توعَّد النبي صلى الله عليه وسلم مَن يكذب عليه بوعيد شديد؛ ففي البخاري (أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ قَالَ سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ : قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « لاَ تَكْذِبُوا عَلَىَّ ، فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ » ، وأخرج الإمام أحمد 🙁عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « إِنَّ الَّذِى يَكْذِبُ عَلَىَّ يُبْنَى لَهُ بَيْتٌ فِي النَّارِ ».
أيها المسلمون
والكذب على الله ورسوله سيؤدي بالطبع إلى تغيير معالم الدين، وهذا يؤدي بدوره كذلك إلى كثرة الاختلاف وافتراق الأمة، وقد حذَّر رب العالمين من هذا، فقال تعالى: ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [آل عمران: 105، 106]. وقد نقل ابن كثير رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسير الآية السابقة: ﴿ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ : قال: يوم تبيض وجوه أهل السُّنَّة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة. وروى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم يقول: « أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ». وفي سنن الترمذي : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِى مَا أَتَى عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ حَتَّى إِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَتَى أُمَّهُ عَلاَنِيَةً لَكَانَ فِي أُمَّتِى مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ وَإِنَّ بَنِى إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِى عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إِلاَّ مِلَّةً وَاحِدَةً قَالُوا وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد كثر في هذا العصر انتشار الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الانترنت ، لهذا فليحذر الأخوة والأخوات من نقل هذه الأحاديث الموضوعة ،والمكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وليحذروا أن يندرجوا تحت وعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن كذب عليه ، أو نقل عنه كلاما مكذوبا ، لذا فنرجو عند نقل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكون من مواقع معتمدة يشرف عليها العلماء ،وطلبة العلم الشرعي ،فهم أدرى بالصحيح من السقيم. ومن المعلوم أن حكم الوضع بأنواعه حرام بإجماع المسلمين الذين يُعتد بهم. ، كما اتفق العلماء على أن الحديث الموضوع ساقط الاعتبار بكل اعتبار، لأنه كذب مختلق. ولنعلم يقينا أن الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو كذب على الله ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ” إِنَّ كَذِبًا عَلَىَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ ” متفق عليه ، فإن ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أمر الله به ، يجب اتباعه كوجوب اتباع أمر الله ، وما أخبر به وجب تصديقه كما يجب تصديق ما أخبر الله به ، ومن كذّبه في خبره أو امتنع من التزام أمره ، فهو كمن كذب خبر الله وامتنع من التزام أمره، ومعلوم أن من كذب على الله بأن زعم أنه رسول الله أو نبيه أو أخبر عن الله خبرا كذب فيه كمسيلمة والعنسي ونحوهما من المتنبئين فإنه كافر حلال الدم ، والكذب عليه بمنزلة التكذيب له ، ولهذا جمع الله بينهما بقوله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ) العنكبوت 68،
الدعاء