خطبة عن الرحمة والرفق بالحيوان وحديث :( وإِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ أَجْرًا ؟)
أكتوبر 28, 2023خطبة عن (النصر للمؤمنين وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ)
أكتوبر 31, 2023الخطبة الأولى ( قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رُوي في الصحيحين البخاري ومسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَبَعَثَ إِلَى نِسَائِهِ فَقُلْنَ مَا مَعَنَا إِلاَّ الْمَاءُ .فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -« مَنْ يَضُمُّ ،أَوْ يُضِيفُ هَذَا » فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ أَنَا .فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى امْرَأَتِهِ ،فَقَالَ أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَتْ مَا عِنْدَنَا إِلاَّ قُوتُ صِبْيَانِي .فَقَالَ هَيِّئِي طَعَامَكِ ،وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ ، وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إِذَا أَرَادُوا عَشَاءً .فَهَيَّأَتْ طَعَامَهَا وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَهَا ،وَنَوَّمَتْ صِبْيَانَهَا ،ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّهَا تُصْلِحُ سِرَاجَهَا فَأَطْفَأَتْهُ ،فَجَعَلاَ يُرِيَانِهِ أَنَّهُمَا يَأْكُلاَنِ ،فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ ،فَلَمَّا أَصْبَحَ ،غَدَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ « ضَحِكَ اللَّهُ اللَّيْلَةَ – أَوْ عَجِبَ – مِنْ فَعَالِكُمَا » فَأَنْزَلَ اللَّهُ 🙁 وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ، وفي رواية مسلم : (فَقَالَ :« قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ ».
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم – إن شاء الله- مع هذا الحديث النبوي الكريم ،والذي يحمل بين كلماته الكثير والكثير من الفوائد والدروس والعبر ،واللآلئ والدرر،ومنها: ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته من الزهد في الدنيا ،والصبر على الجوع ،وضيق الحال في الدنيا ،ومنها: أنه ينبغي لكبير القوم أن يبدأ في مواساة الضيف بنفسه، فيواسيه من ماله ،أولا بما يتيسر إن أمكنه ،ثم يطلب له على سبيل التعاون على البر والتقوى من أصحابه ،ومنها المواساة في حال الشدائد ،وفضيلة إكرام الضيف وإيثاره ،فإنَّ مِن الأخْلاقِ الحَميدةِ، والمَعاني النَّبيلةِ، والصِّفاتِ الأصيلةِ، الَّتي حَثَّ عَلَيها القُرآنُ، وسَطَّرَها الصَّحابةُ الكِرامُ: خُلَقَ الإيثارِ.
وفي هذا الحديثِ: يَحكِي أبو هُرَيرَة رضِي اللهُ عنه أنَّه أتى رَجُلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ونَزَلَ ضَيفًا عليه يَشْكو حالَه وحاجتَه، فَبَعَثَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى نِسائِه واحِدةً تِلوَ الأُخْرى هَل عِندَها شَيْء، فَكانَت كُلُّ واحِدة تَقولُ: “ما مَعَنا إلَّا الماءُ”، فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِصَحابتِه الكِرامِ رِضْوانُ الله عَلَيهم أجْمَعينَ: “مَن يَضُمُّ أو يُضيِّفُ هَذا؟”، فَقالَ رَجُل مِن الأنْصارِ: أنا، فانْطَلَقَ بِه إلى امرَأتِهِ، فَقالَ: أكْرِمي ضَيفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالتْ: “ما عِنْدَنا إلَّا قوتُ صِبْياني”، أي: ما عِندَهم إلَّا عَشاءُ تِلكَ اللَّيْلةِ، فَقالَ لَها: “أكْرِمي ضَيْفَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، هَيِّئي طَعامَك، وأصْبِحي سِراجَك”، أي: أوْقِديه أو نوِّريه، ونَوِّمي صِبيانَك إذا أرادوا عَشاءً. “فَهَيَّأت طَعامَها، وأصبَحَتْ سِراجَها، ونَوَّمَت صِبيانَها”، بِغَيرِ عَشاءٍ، ثُمَّ قامتْ كَأنَّها تُصلِحُ سِراجَها فَأطْفَأَتْه، فَجَعَلَا يُريانِه أنَّهما يَأْكُلانِ، فَباتا طاوِيَين” جائِعَين مِن غَيْرِ عَشاء، “فَلَمَّا أصْبَحَ” الأنْصاريُّ “غَدا إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “ضَحِكَ اللهُ اللَّيْلةَ، أو عَجِبَ، مِن فِعالِكما”. فَأنزَلَ اللهُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
[الحشر: 9].
ولنتوقف قليلا مع هذه الإشراقة : فذلك الصحابي الجليل ،والذي كان نموذجا رائعا في الإثار ، وفي إكرام الضيف ،والمبادرة لخدمته ،نرى كيف ان ذلك البيت مر بلحظات حرجة بين إكرام ضيفهم ،بين قلة الطعام وحاجة الصغار إليه ،ولكن في تلك اللحظات الحرجة تضيء فكرة عظيمة، تبدد تلك الأزمة ،ألا وهي فكرة (إطفاء السراج) أثناء الأكل ،وبها يكرم الضيف دون أن يشعر بعدم مشاركتهم له في الطعام.. لقد انتهت تلك الليلة ،ولكن لم تنته تلك القصة ،بل سطرتها السيرة ،ونقلها لنا الحديث الشريف ،حتى لنقرئها الآن ،وستقرئها الأجيال من بعدنا ، إنه إثار عجيب ،يحمل فوائد عدة لعل منها : الحرص على إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم دون تردد ،والتي كانت ديدن الصحابة رضي الله عنهم, والمسارعة إلى اعمال الخير ومكارم الأخلاق , ورأينا أيضا كيف وقفت تلك الصحابية مع زوجها ،وساندته في ازمته ،حتى خلد التاريخ قصة ضيفهما ،إذ لم تتذمر ،ولم تستأثر بالطعام لأبنائها، ولم تقف عاجزة ،بل وقفت مع زوجها ، وأخذت بيده إلى فعل الخير، فهل نجد مثل خلق تلك الصحابية اليوم ؟،هل نجد تلك النفوس السخية التي تعين على مكارم الأخلاق؟ ،فلتتعلم معشر النساء من موقفها ،ولنأخذ تلك الدرر الثمينة من ذلك البيت الذي عجب الله من صنيع أصحابه ،ونقتدي بهم .
أيها المسلمون
إنه خلق الإيثار ،والذي يشكّل مرحلة متقدمة ومرتبة راقية في تهذيب النفس ،وتدريبها على حبّ البذل والعطاء ،رغم كونها مفطورة على الشح ،والرغبة في منع الخير عن الآخرين، وقد يكون الإيثار سهل التصوّر عندما نجد الأمهات يؤثرن أولادهن على أنفسهن، وكذلك الآباء، وكذلك قد نجدها عند العشاق المتحابين ،فهؤلاء المؤثرون لو تعاملوا مع الآخرين ،لكانوا في غاية الأنانية وحبّ الذات، أما الإيثار الذي تحدث عنه الحديث الشريف لا نجده إلا عند المؤمنين الصادقين، الذين يبذلون كل شيء ابتغاء مرضاة الله تعالى، وهذه الدرجة لا يصلها الإنسان إلا بعد رياضة شديدة ،ومجاهدة كبيرة لغرائز النفس وشهواتها – كما ذكر هذا الحديث الشريف – الذي جعل هذين الوالدين يحرمان نفسيهما وأولادهما من العشاء، إكراماً وإيثاراً لضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه وقفة تربوية تبين أثر العاطفة الإيمانية الواعية في توجيه السلوك ،والارتقاء بالإنسان إلى درجة تجعل سلوكه ينال إعجاب الرحمن:« قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ ».
إخوة الإسلام
والإيثار والمواساة هي أعلى وأرفع مرتبة من الكرم والجود؛ لأن الإنسان قد يكون كريماً جواداً، وعنده الغنى والمال، وأما المواساة والإيثار فإن ذلك إنما يكون بتقديم الغير على النفس في حظوظها الدنيوية، ولا يكون إيثاراً إلا إذا كان مع الحاجة ،وأما تقديم الغير على النفس في الأمور والحظوظ الأخروية فإن هذا مذموم؛ لأنه يدل على زهد الإنسان فيما عند الله تعالى ، مثال الإيثار بالصف الأول، فهذا ليس فيه مجال للإيثار، فالإنسان يحرص على الخير والأجر وما عند الله. وقوله صلى الله عليه وسلم:« قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ » :قال القاضي : المراد بالعجب من الله رضاه ذلك . قال : وقد يكون المراد عجبت ملائكة الله ، وأضافه إليه سبحانه وتعالى تشريفا وقال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في (شرح رياض الصالحين): والعجب هنا : عجبُ استحسان ،استحسن عز وجل صنيعهما من تلك الليلة ،لما يشتمل عليه من الفوائد العظيمة .” ، وقد يدهش الانسان عندما يجد ذلك الاهتمام الكبير من الله بعبده:« قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ » ،ولكن تلك الدهشة تزول عندما يعلم هذا العبد مكانته العظيمة في الملأ الأعلى ،والتي تجعله محطة لأنظار الله ورحمته، فكم من موطن يباهي الله فيه ملائكته بهذا العبد المؤمن الطائع كما يحدث يوم عرفة وغيره ،
وإذا كان هذا الحديث قد أشار إلى هذا الخلق العظيم الذي ربّى الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه عليه، فقد شكل منهجاً فريداً في التربية الإنسانية الرفيعة التي تجعل الإنسان يفضل غيره على نفسه ، وهذه التربية طبقها الرسول صلى الله عليه وسلم عملياً مع أصحابه عندما خصّهم بكل ما هو بحاجة إليه ولو كان من أبسط الحاجات ففي صحيح البخاري : (عَنْ سَهْلٍ – رضى الله عنه – أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا – أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ قَالُوا الشَّمْلَةُ .قَالَ نَعَمْ . قَالَتْ نَسَجْتُهَا بِيَدِي ،فَجِئْتُ لأَكْسُوَكَهَا . فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ،فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ ، فَحَسَّنَهَا فُلاَنٌ فَقَالَ اكْسُنِيهَا ،مَا أَحْسَنَهَا .قَالَ الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ ، لَبِسَهَا النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – مُحْتَاجًا إِلَيْهَا ، ثُمَّ سَأَلْتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ . قَالَ إِنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لأَلْبَسَهَا إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي . قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ) ،وهؤلاء هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتدون به ،وكذلك التابعون لهم، قال عمر – رضي الله عنه -: أهدي إلى رجل من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رأس شاة فقال: إن أخي كان أحوج مني إليه فبعث به إليه، فلم يزل واحد يبعث به إلى آخر حتى تداوله سبعة أبيات ورجع إلى الأول.
وكان عبد الله بن أبي بكر – رضي الله عنهما – من أجود الناس، عطش يوماً في طريقه، فاستسقى من منزل امرأة، فأخرجت له كوزاً، وقامت خلف الباب وقالت تنحوا عن الباب، وليأخذه بعض غلمانكم، فإنني امرأة عزبٌ مات زوجي، فشرب عبد الله الماء وقال: يا غلام احمل إليها عشرة آلاف درهم، فقالت: سبحان الله أتسخر بي! فقال: يا غلام احمل إليها عشرين ألفاً، فقالت: أسأل الله العافية، فقال: يا غلام احمل إليها ثلاثين، فما أمست، حتى كثر خطابها.
وكان عبد الله بن أبي بكر رضي الله – تعالى -عنه ينفق على أربعين داراً من جيرانه عن يمينه، وأربعين عن يساره، وأربعين أمامه، وأربعين خلفه، ويبعث إليهم بالأضاحي والكسوة في الأعياد، ويعتق في كل عيد مائة مملوك رضي الله – تعالى -عنه.
وانطلق حذيفة العدوي في معركة اليرموك يبحث عن ابن عم له، ومعه شربة ماء. وبعد أن وجده جريحًا قال له: أسقيك؟ فأشار إليه بالموافقة. وقبل أن يسقيه سمعا رجلا يقول: آه، فأشار ابن عم حذيفة إليه؛ ليذهب بشربة الماء إلى الرجل الذي يتألم، فذهب إليه حذيفة، فوجده هشام بن العاص. ولما أراد أن يسقيه سمعا رجلا آخر يقول: آه، فأشار هشام لينطلق إليه حذيفة بالماء، فذهب إليه حذيفة فوجده قد مات، فرجع بالماء إلى هشام فوجده قد مات، فرجع إلى ابن عمه فوجده قد مات. فقد فضَّل كلُّ واحد منهم أخاه على نفسه، وآثره بشربة ماء.
واجتمع عند أبي الحسن الأنطاكي أكثر من ثلاثين رجلا، ومعهم أرغفة قليلة لا تكفيهم، فقطعوا الأرغفة قطعًا صغيرة وأطفئوا المصباح، وجلسوا للأكل، فلما رفعت السفرة، فإذا الأرغفة كما هي لم ينقص منها شيء؛ لأن كل واحد منهم آثر أخاه بالطعام وفضله على نفسه، فلم يأكلوا جميعًا.
وخرج عبد الله بن جعفر إلى ضيعة له فنزل على نخيل قوم وفيه غلام أسود يعمل فيه، إذ أتى الغلام بقوته، فدخل الحائطَ كلبٌ ودنا من الغلام فرمى إليه الغلام بقرص فأكله، ثم رمى إليه الثاني والثالث فأكله، وعبد الله ينظر إليه فقال يا غلام كم قوتُك كلَّ يوم؟ قال ما رأيتَ! قال فلم آثرتَ به هذا الكلب؟ قال ما هي بأرض كلاب، إنه جاء من مسافة بعيدة جائعاً، فكرهت أن أشبعَ وهو جائع! قال فما أنت صانع اليوم؟ قال: أطوي يومي هذا فقال عبد الله بن جعفر أُلامُ على السخاء! إن هذا الغلام لأسخى مني، فاشترى الحائطَ والغلامَ وما فيه من الآلات، فأعتق الغلام ووهبه منه.
ولما مرض قيس بن سعد بن عبادة استبطأ إخوانه في العيادة، فسأل عنهم فقيل له: إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدين. فقال: أخزى الله ما يمنع عني الإخوان من الزيارة، ثم أمر منادياً ينادي من كان لقيس عنده مال، فهو منه في حل، فكسرت عتبة بابه بالعشي لكثرة العواد.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الفوائد التي يمكن أن نستلهمها من قصة هذا الحديث النبوي الكريم : فَفي الحَديثِ: بَيانُ حالِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ،وما هو عليه مِن شَظَفِ العَيشِ ،وقِلَّة ذاتِ اليَدِ، مع أنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ أكْرَمُ الخَلقِ عَلى اللهِ، ولَو كانتِ الدُّنيا تُساوي عِندَ اللهِ شَيئًا; لَكانَ أبَرَّ النَّاسِ بِها وأحَقَّهم رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ولَكِنَّها لا تُساوي شَيئًا.، وفيه: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَم يَعرِضْ لِغَيرِهِ، حتَّى ذَكَرَ نِساؤُه رَضي الله عنهنَّ خُلوَّ بُيوتِهنَّ مِن قوتٍ، فَعَرَضَ بَعدَ ذَلِكَ عَلى أصْحابِه. ،وفيه: أنَّه لَيْسَ مِن المَسْألةِ المَذمومةِ عَرْضُ الضِّيافةِ عَلى النَّاسِ.، وفيه: أنَّ مِن أدَبِ الضِّيافة ألَّا يُري الرَّجُلُ ضَيفَه أنَّه مانٌّ عليه، أو أنَّ الضَّيفَ مُضَيِّقٌ عليه، ومُحرِجٌ لَه; لأنَّ الرَّجُلَ أمَرَ بِإطفاءِ المِصباحِ حتَّى لا يَظُنَّ الضَّيفُ أنَّه ضَيَّقَ عليهم. ،وفيهِ: مَنقَبةٌ لِهَذا الرَّجُلِ الأنْصاريِّ وإيثارُه العَظيم؛ حَيثُ باتَ هو وزَوجتُه وصِبيتُه مِن غَيْرِ عَشاءٍ إكرامًا لِهَذا الضَّيفِ الَّذي نَزَلَ ضيفًا عَلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. ، وفيه: إثْباتُ صِفةِ الضَّحِكِ لِلهِ عَزَّ وجَلَّ إثْباتًا يَليقُ بِجَلالِه وكَمالِه مِن غَيرِ تَكْيِيف ولا تَحْريف ولا تَعْطيل. ، وفيه :أنه يجوز للإنسان أن يؤثر الضيف ونحوه على عائلته ،وهذا في الأحوال النادرة العارضة، وإلا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ، وفيه: تعاون الزوج وزوجته على البرِّ والتقوى ، والصراحة والوضوح في الحياة الزوجيَّة؛ حيث أخبرته بقولها: “ما عندنا إلا قوت صبياني”.
الدعاء