خطبة عن ( من صور خلق التقوى )
فبراير 8, 2016خطبة عن ( ثمار التوكل على الله )
فبراير 8, 2016الخطبة الأولى ( التقوى) 1
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ..ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
أما بعد أيها المسلمون
روى ابن حبان في صحيحه والطبراني في معجمه واللفظ له :(عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي ، قَالَ :(أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا رَأْسُ أَمْرِكَ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : عَلَيْكَ بِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَكَ نُورٌ فِي السَّمَاوَاتِ وَنَورٌ فِي الأَرْضِ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : لا تُكْثِرِ الضَّحِكِ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيُذْهِبُ نُورَ الْوَجْهِ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : عَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : عَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إِلا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّهُ مَرَدَّةٌ لِلشَّيْطَانِ عَنْكَ وَعَوْنٌ لَكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكَ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَكَ وَلا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لا تَزْدَرِي نِعْمَةَ اللَّهِ عِنْدَكَ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : صِلْ قَرَابَتَكَ وَإِنْ قَطَعُوكَ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : لا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي ، قَالَ : تُحِبُّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى صَدْرِي ، فَقَالَ : يَا أَبَا ذَرًّ لا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ وَلا وَرَعَ كَالْكَفِّ وَلا حَسَبَ كَحُسْن الْخُلُقِ )
إخوة الاسلام
مع هذه الوصايا الشاملة الجامعة النافعة نعيش لحظات طيبة بإذن الله.. ننهل من معينها ونرتشف من رحيقها ..وكانت الوصية الأولى من رسول الله.. قوله صلى الله عليه وسلم للصحابي أبي ذر ( أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهَا رَأْسُ أَمْرِكَ ).. فكانت أول وصاياه صلى الله عليه وسلم هي تقوى الله.. فما هي التقوى؟ ..التقوى أن تجعل بينك وبين ما حرّم الله حاجبا وحاجزا ووقاية. وعرّفها الامام علي بن أبي طالب .فقال:( هي الخوف من الجليل..والعمل بالتنزيل .والقناعة بالقليل.. والاستعداد ليوم الرحيل) ،وسأل عمر كعبا فقال له: ما التقوى؟.. فقال كعب: يا أمير المؤمنين.. أما سلكت طريقا فيه شوك؟.. قال: نعم. قال: فماذا فعلت؟.. فقال عمر : أشمر عن ساقي.. وانظر إلى مواضع قدمي وأقدم قدما وأؤخر أخرى.. مخافة أن تصيبني شوكة. فقال كعب: تلك هي التقوى.. نعم فتقوى الله ..تشمير للطاعة، ونظر في الحلال والحرام، وورع من الزلل، ومخافة وخشية من الكبير المتعال .وقال بعض الصالحين: التقوى:(أن يراك الله حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك) ..والتقوى محلها القلب ففي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لاَ تَحَاسَدُوا وَلاَ تَنَاجَشُوا وَلاَ تَبَاغَضُوا وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا. الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ وَلاَ يَخْذُلُهُ وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقْوَى هَا هُنَا ». وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ « بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ »…فليست التقوى مظهرا يكون عليه العبد..فيطأطأ رأسه أو يتمتم بشفتيه..ولكن التقوى في القلب ..ففي الحديث: ((إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلا أَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ ) رواه مسلم والتقوى هي منبع الفضائل كلها.. فالرحمة والوفاء والصدق والعدل.. والورع والبذل والعطاء.. كلها ثمرات من ثمار شجرة التقوى.. التي تنبت في القلب… وتثمر في الجوارح … والتقوى.. هي التي تصحبك إلى قبرك.. فهي المؤنس لك من الوحشة.. والمنجية لك من عذاب الله في يوم الحسرة (دخل سيدنا علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه المقبرة يوما .. فنادى: ( يا أهل القبور.. ما الخبر عندكم:… إن الخبر عندنا ..أن أموالكم قد قسمت ..وأن بيوتكم قد سكنت.. وإن زوجاتكم قد زوجت.. ثم بكى ثم قال: والله.. لو استطاعوا أن يجيبوا.. لقالوا:.. إنا وجدنا.. أن خير الزاد التقوى ).
اقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( التقوى ) 1
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك…واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين..
أما بعد أيها المسلمون
والتقوى: هي خير ضمانة تحفظ بها ولدك.. ومستقبل أبنائك من بعدك.. قال تعالى (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) النساء (9) ..والسؤال كيف يتقي العبد ربه؟.. فاقول : أن تتقي الله في أقوالك وأفعالك وأحوالك ..فتقدم أمر الله على أمرك. .وتقدم قول الله على قولك..و تقدم حكم الله على حكمك.. وتقدم قضاء الله واختيارالله على اختيارك .قال تعالى :( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة (216) ،ويقول سيدنا عمر.(والله لا أبالي. على خير أصبحت أم على شر.. لأني لا أعلم ما هو الخير لي ولا ما هو الشر لي)..وتقوى الله في قلبك :أن يكون قلبك سليما فلا غل ولا حسد ولا كراهية ولا ضغينة .. ففي سنن ابن ماجة : (قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَىُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ « كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ ». قَالُوا صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ قَالَ « هُوَ التَّقِىُّ النَّقِىُّ لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْىَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَدَ ».. تقوى الله في قلبك أن تكون متواضعا… فلا كبر ولا عجب ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه : ((لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ كِبْرٍ))..
الدعاء