خطبة حول (الفرق بين التوكل والتواكل)
فبراير 8, 2016خطبة عن (حقوق الأبناء على الآباء)
فبراير 9, 2016الخطبة الأولى (التوكل على الله ) 1
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته( إِن كُنتُمْ ءامَنْتُمْ بِاللَّهِ.. فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ.. إِن كُنْتُم مُّسْلِمِينَ) يونس ( 84).. وقال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ.. إِنَّكَ عَلَى الْحَقّ الْمُبِينِ) النمل ( 79) .
أيها المؤمنون
من الواضح ومن المعلوم أن أمتنا الإسلامية تمر بمرحلة حرجة في حياتها حيث تداعت عليها أمم الكفر والضلال من كل حَدَبٍ وصَوْب.. تداعت عليهم الأمم كما تتداعى الأَكَلة على قَصْعَتها .يبتغون القضاء على الإسلام والمسلمين .فراحوا يقتلون ويدمرون ويكيدون ويتآمرون ويخططون ليحققوا اهدافهم.ويصلوا إلى إشاعة اليأس والقنوط في قلوب المسلمين.فلا يتمسكون بدينهم. ولا أخفي عليكم سرا فقد أثمر كيدهم بعض الشيء.. فضعفت العقيدة في كثير من النفوس، واخترق حصن التوكل في كثير من القلوب، فتعلقت بغير الله وتوكلت على الأسباب المادية، بل توكلت على أعداء الله واطمأنت إليهم من دون الله.ودب في كثير من قلوب المسلمين اليأس والقنوط ..وظن البعض أنه لا عودة للإسلام..ولا نصرة للمسلمين .وأن أعداء الإسلام لن يسمحوا لهم بنشر الحق وإقامة الدين .وفقدوا الأمل في عودة عزهم ومجدهم المفقود. وما بشرهم به الرسول الكريم . فكان لزاما علي أن أتحدث معكم عن التوكل على الله .. أيضا .. في سبيل الأزمة الإقتصادية التي تمر بها البلاد . وقلة فرص العمل لدى الشباب وما ترتب عليه من قلة الدخل لدى كثير من الأسر والأفراد. فأصبحوا مشغولين بالرزق وباتوا مهمومين بما يحمله الغد .وقد نسي الكثير منا أن الله هو الرزاق.وأنه قد تكفل برزق العباد .وتعلق الكثير منا بالأسباب وتركوا التوكل على رب الأرباب ومسبب الأسباب ..لذا . كان من الواجب علي أن أتحدث معكم عن التوكل على الله…
وبداية أقول ..التوكل على الله ..معناه.. صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلّها، التوكل معناه .تفويض الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه. التوكل معناه. قطع القلب عن العلائق .ورفض التعلّق بالخلائق. وإعلان الافتقار إلى محوّل الأحوال ومقدّر الأقدار، لا إله إلا هو.. التوكل على الله صدق وإيمان وسكينة واطمئنان، ثقة بالله وفي الله، وأمل يصحبه العمل، وعزيمة لا ينطفئ وَهَجُها مهما ترادفت المتاعب.. المتوكل على الله ذو يقظة فكرية عالية ونفس مؤمنة موقنة، قال بعض الصالحين: “متى رضيتَ بالله وكيلاً وجدتَ إلى كل خير سبيلاً ..التوكل إيمان بالغيب بعد استنفاد الوسائل المشروعة في عالم الشهادة،. التوكل. تسليم لله بعد أداء كل ما يرتبط بالنفس من مطلوبات وواجبات .. التوكل غذاء الجهاد الطويل الذي قاوم به النبيون وأتباعهم مظالم الطغاة وبغي المستبدّين كما بيّنه الله تبارك وتعالى: ( وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُتَوَكِّلُونَ) إبراهيم (12)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
التوكل الحق هوالإرادة القوية، وليس العجز والكسل وليس من التوكل ترك العمل بالأسباب .. فمن أقوال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: (أرى الرجل، فيعجبني، فإن قيل: لا حرفة له سقط من عيني)، فالرجل العاطل عن العمل يكون محتقراً في نظر أمير المؤمنين.. وشاهد عمر بن الخطاب أناساً يتعبدون في المساجد ولا يعملون، فسألهم عن عملهم ،فقالوا: نحن متوكلون، فقال لهم: لا، أنتم متواكلون، وبادرهم بالدرة. أي بالعصا التي يحملها، ثم قال: المتوكل هو الذي يلقي حبه في الأرض ويتوكل على الله، أي الذي يعمل ثم يتوكل على الله .وفي سنن الترمذي (أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضى الله عنه يَقُولُ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْقِلُهَا وَأَتَوَكَّلُ أَوْ أُطْلِقُهَا وَأَتَوَكَّلُ قَالَ « اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ ».. وهذا إمام المتوكلين نبينا محمد قد اختفى في الغار عن الكفار، وقد لبس درعين يوم أحد ، وقال: (من يحرسنا الليلة؟)، وتعاطى الدواء، وأمر بإغلاق الباب وإطفاء النار عند المبيت، وقال سبحانه لنبيه لوط عليه السلام:( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ ) هود (81) ، وأوحى إلى نبيه موسى: (أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ ) الشعراء (52) ، ونادى أهل الإيمان فقال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ) النساء (71) ، فليس التوكل بإهمال العواقب وترك التحفظ، .فهناك فرق شاسع بين التوكل والتواكل،.. ونستكمل الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله تعالى
الدعاء