خطبة عن (الرحمة من صفات الله ،ومن اخلاق الرسول)
يناير 12, 2016خطبة عن (خلق الرحمة )
يناير 12, 2016الخطبة الأولى (من صور الرحمة في حياتنا)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا ) (175) النساء ،
إخوة الإسلام
الإنسان -على عظيم قَدْره- قد يدخل النار على إساءة يرتكبها مع دابَّة عجماء أنه لم يرحمها ، كما في البخاري (عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا ، فَلَمْ تُطْعِمْهَا ، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشِ الأَرْضِ »، كما أن كبائر المعاصي تمحوها نزعة رحمة تغمر القلب ولو بإزاء كلب، ففي الحديث الذي رواه مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- : « أَنَّ امْرَأَةً بَغِيًّا رَأَتْ كَلْبًا فِى يَوْمٍ حَارٍّ يُطِيفُ بِبِئْرٍ قَدْ أَدْلَعَ لِسَانَهُ مِنَ الْعَطَشِ فَنَزَعَتْ لَهُ بِمُوقِهَا فَغُفِرَ لَهَا ». فالرحمة أثر من الجمال الإلهي الباقي في طبائع الناس يحدوهم إلى البِرِّ، ويهبُّ عليهم في الأزمات الخانقة ريحًا طيبة، ترطِّب الحياة وتنعش الصدور. وتفرج بها الهموم ، وقد جاءت الشرعيةُ بوجوب رحمة الضُّعفاء والمساكين والأيتام والمُحتاجين، وبوجوب بذلِ الرحمة لكلِّ من هو لها أهلٌ. فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ ». وَأَشَارَ مَالِكٌ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. رواه مسلم. ، وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ ». وَضَمَّ أَصَابِعَهُ.) رواه مسلم.ومعنى جاريتَيْن – أي: بنتَيْن ، وعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ رَأَى سَعْدٌ – رضى الله عنه – أَنَّ لَهُ فَضْلاً عَلَى مَنْ دُونَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : « هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلاَّ بِضُعَفَائِكُمْ ». حديثٌ صحيحٌ؛ رواه البخاري مرسلاً، ووصلَه غيرُه بإسنادٍ صحيحٍ.
أيها المؤمنون
و للرحمة صور متعددة ، وأول صور الرحمة: رحمة الله بعباد ،فرحمة الله لا تعز على طالب في أي مكان ولا في أي حال . فرحمة الله وجدها إبراهيم – عليه السلام – في النار .ورحمة الله وجدها يوسف – عليه السلام – في الجب كما وجدها في السجن .ورحمة الله وجدها يونس – عليه السلام – في بطن الحوت في ظلمات ثلاث . ورحمة الله وجدها موسى – عليه السلام – في اليم وهو طفل مجرد من كل قوة ومن كل حراسة , كما وجدها في قصر فرعون وهو عدو له متربص به ويبحث عنه .ورحمة الله وجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في القصور والدور . فقال بعضهم لبعض: (فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا) الكهف 16.، ورحمة الله سبحانه وتعالى وجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار والقوم يتعقبونهما ويقصون الآثار . . ورحمة الله يجدها كل من آوى إليه سبحانه وتعالى . ومنقطعاً عن كل شبهة في قوة , وعن كل مظنة في رحمة , قاصداً باب الله وحده دون الأبواب ، قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) الحديد 28
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (من صور الرحمة في حياتنا)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن صور رحمة الله تبارك وتعالى بعباده، أن يغفر لهم الذنوب والمعاصي والزلات، ففي سنن الترمذي وغيره (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ « كَيْفَ تَجِدُكَ ». قَالَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ ». ، وفي سنن الترمذي ومسند أحمد وغيرهما (أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « قَالَ اللَّهُ يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِى يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِى يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً » ، ويبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سعة رحمة الله تبارك وتعالى كما في الحديث القدسي الذي يرويه مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِيمَا يَحْكِى عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : « أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِى ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدِى أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِى ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ ». قَالَ عَبْدُ الأَعْلَى لاَ أَدْرِى أَقَالَ فِى الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ « اعْمَلْ مَا شِئْتَ » ولنا مع الرحمة لقاء آخر إن شاء الله
الدعاء