خطبة عن ( خلق الستر)
يناير 12, 2016خطبة عن ( ثمرات الشورى، واختلافها عن الديمقراطية)
يناير 12, 2016الخطبة الأولى ( الشورى في الاسلام )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) (38) الشورى ،
إخوة الإسلام
بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمع أهل الحل والعقد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار ومن قريش لتنصيب خليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم (وأهل بيته وأبناء عمومته عليه الصلاة والسلام كانوا منشغلين بتكفين جثمانه الشريف صلى الله عليه وسلم) فأخذوا يتناقشون حول كيفية ترشيح الخليفة، أيكون من الأنصار؟ أم من المهاجرين؟ أم واحد من هؤلاء وواحد من هؤلاء؟ حتى استقروا بعد نقاش مستفيض على أبي بكر رضي الله عنه وبايعوه جميعًا ثم خرج يخطب في الناس خطبة توليه الخلافة وقبوله البيعة، فكان مما قال : “أيها الناس إني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن رأيتموني على حق فأعينوني وإن رأيتموني على باطل فقوموني، أطيعوني ما أطعت الله فيكم، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم…”. وبعد حكم عامين أوصى أبو بكر بالخلافة لعمر رضي الله عنهما – وذلك بعدما استشار كبار الصحابة – ولم تنعقد الخلافة لعمر (رضي الله عنه) بمجرد وصية أبي بكر (رضي الله عنه)، بل كانت هذه الوصية بمثابة ترشيح من أبي بكر لعمر، وكان عمر الفاروق هو المرشح الوحيد الذي اختاره أبو بكر لدرايته به وبإمكانياته وأمانته وجدارته وتوقعه قبول الناس به، فلما مات أبو بكر (رضي الله عنه) أعلن أهل الحل والعقد قبولهم بعمر – مرشح أبي بكر (رضي الله عنه) – لهذا المنصب، فبايعوه ليبايعه عامة الناس من ورائهم، وبهذه البيعة انعقدت الخلافة شرعًا لعمر (رضي الله عنه) وليس بمجرد ترشيح أبي بكر له، فخطب بالناس خطبة شبيهة بخطبة أبي بكر، وكان مما قال فيها: “أيها الناس من رأى في اعوجاجًا فليقومني…”ويرد عليه واحد من الجمهور أمام الناس فيقول: “والله يا ابن الخطاب لو رأينا فيك اعوجاجًا لقومناه بحد سيوفنا!”. فكان يحض الناس ويشجعهم ويفتح لهم الباب للتدخل لتقويمه وإصلاح خطأه، فلم تكن البشرية آنذاك قد عرفت مجالس الشورى المنتخبة ذات الصلاحية الرسمية لمحاسبة الرئيس إذا ظهر منه اعوجاج عن الدستور المنظم لمصالح البلاد، ولو كانت موجودة وقتها لسارع عمر رضي الله عنه لأسلمتها لحماية دستور الأمة الإسلامية (الشريعة المستقاة من القرآن والسنة الصحيحة..) من استبداد أمير أو حتى سهوه وخطأه غير المتعمد، حتى ولو كان ذلك الأمير هو عمر نفسه رضي الله عنه، فما أحرصه وأغيره على هذه الأمانة العظيمة – هذا الدين الحنيف -، فهو الذي قام بأسلمة نظام الديوان الفارسي وطوعه لخدمة الإسلام والمسلين. وهو الذي ردت عليه امرأة رأيه وهو فوق المنبر أمام الناس، فلم يجد في نفسه غضاضة، بل قال أمام الملأ: “أصابت امرأة وأخطاء عمر” وتراجع عن رأيه. وكان عمر رضي الله عنه إذا حزبه أمر لم يجده في الكتاب والسنة، جمع له أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وجعله شورى بينهم!. ، وعندما طُعن عمر بن الخطاب وقارب الأجل، سأله الصحابة أن يترك عهدًا لمن سيخلفه فرفض، بيد أنه جعل البيعة في ستة من صحابة رسول الله ، وهم الذين أجمعت الأمة على صلاحهم والالتفاف حولهم، ومن ثَمَّ قرَّر عمر أن يوقظ أمر الشورى بين المسلمين، فقال: “عليكم هؤلاء الرهط الذين قال رسول الله : إنهم من أهل الجنة. سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل منهم؛ ولست مدخله؛ ولكن الستَّة: عليٌّ وعثمان ابنا عبد مناف، وعبد الرحمن وسعد خالا رسول الله ، والزبير بن العوام حواريُّ رسول الله وابن عمته، وطلحة الخير بن عبيد الله ؛ فليختاروا منهم رجلاً؛ فإذا وَلَّوا واليًا فأحسنوا مؤازرته وأعينوه، إن ائتَمَن أحدًا منكم فليؤدِّ إليه أمانته…” ،
وبعدما فرغ المسلمون من دفن عمر بن الخطاب ، اجتمع مجلس الشورى، وفي داخل هذا المجلس المحدَّد عددًا بستة أفراد، وزمنًا بثلاثة أيام، استطاع المجتمعون أن يفرغوا من الأمر بسلام، حيث تمكَّنوا من تولية عثمان بن عفان ، وكان أولُ المبايعين المنافسَ الأول علي بن أبي طالب ، وهذا دليل على رُقي نظام الشورى الإسلامي القائم على احترام حرية الأمة في الاختيار؛ ، فأهل المدينة قد وافقوا على ترشيح عمر بن الخطاب لمن عَيَّنهم لأمر الخلافة، ولم يكن هذا الترشيح من عمر قسرًا للأمة وإجبارًا لها، ثم وافق أعضاء الهيئة الاستشارية، وهم في ذات الوقت المرشحون أنفسهم على استخلاف أحدهم وهو عثمان ، ولم تكن موافقتهم وحدها هي المعتمد في تنصيب عثمان ، بل استشير في هذا الأمر كلّ من كان بالمدينة من ساكنيها، أو من زوارها، أو القادمين إليها من أمراء الأجناد وأشراف الناس ، ومن ثَمَّ فقد اجتمعت الأمة كلها، والمتمثلة في الأنصار والمهاجرين على عثمان وبايعوه.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الشورى في الاسلام )
الحمد لله على الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
اعلموا أن الشورى في الاسلام عبادة، وهي أسلوب للبحث عن الحق والصواب، ووسيلة للكشف عن المواهب والقدرات، واختبار لمعادن الرجال، وجمع للقلوب وتأليف بينها على العلم والخير والإيمان، وتربية للأمة، وبناء لقواها الفكرية، وتنسيق لجهودها، وإفادة من كل عناصرها، وإغلاق لأبواب الشرور والفتن والأحقاد. قال الحسن: “ما تشاور قوم إلا هداهم الله لأفضل ما يحضرهم”. رواه البخاري في الأدب المفرد. وفي لفظ: “إلا عزم لهم بالرشد أو بالذي ينفع”. ، فالشورى هي السبيل الأمثل إلى الرأي الجماعي، الذي هو خير للفرد والمجتمع من رأي الفرد، روى ابن ماجه (أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « إِنَّ أُمَّتِى لَنْ تَجْتَمِعَ عَلَى ضَلاَلَةٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُ اخْتِلاَفًا فَعَلَيْكُمْ بِالسَّوَادِ الأَعْظَمِ ». وعند الترمذي (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « إِنَّ اللَّهَ لاَ يَجْمَعُ أُمَّتِى – أَوْ قَالَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- – عَلَى ضَلاَلَةٍ وَيَدُ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَمَنْ شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّارِ » ، وفي مسند أحمد (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « سَأَلْتُ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ أَرْبَعاً فَأَعْطَانِي ثَلاَثاً وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً سَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لاَ يَجْمَعَ أُمَّتِى عَلَى ضَلاَلَةٍ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لاَ يُهْلِكَهُمْ بِالسِّنِينَ كَمَا أَهْلَكَ الأُمَمَ قَبْلَهُمْ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لاَ يَلْبِسَهُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيهَا »
الدعاء