خطبة عن (الوسائل المعينة على خلق القناعة)
مارس 11, 2017خطبة عن(قصة سبأ) (كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ)
مارس 13, 2017الخطبة الأولى ( خلق القناعة )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى مسلم في صحيحه : (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ ».
إخوة الإسلام
مع خلق عظيم من أخلاق الإسلام، وأدب من آدابه العظيمة؛ إذا تخلق به العبد اطمأن قلبُه، وهدأت نفسُه، ونعِمَ بالراحة باله، وسلمت من الحرام جوارحُه. مع خلق من أخلاق الأنبياء، وسمة من سمات الأتقياء، وصفة من صفات أهل الفوز والفلاح. مع خلق القناعة. والقناعة: هي رضا العبد بما أعطاه الله، وكتبه وقسمه. والقناعة: هي استغناء بالموجود، وترك للتشوف إلى المفقود. والقناعة: هي استغناء بالحلال الطيب عن الحرام الخبيث. والقناعة : هي أن يكتفي المرء بما يملك، ولا يطمع فيما لا يملك. وهي علامة على صدق الإيمان ، والقناعة: هي امتلاء القلب بالرضا، والبعد عن التسخّط والشكوى. فليس القانع ذلك الذي يشكو خالقه ورازقه إلى الخلق، ولا الذي يتطلع إلى ما ليس له، ولا الذي يغضب إذا لم يبلغ ما تمنى من رُتَب الدنيا؛ لأن الخير له قد يكون عكس ما تمنى. كما أن القناعة لا تعني بالضرورة أن يكون العبد فقيرا، فالغني أيضا في حاجة إلى قناعة، كما أن الفقير في حاجة إلى قناعة؛ وقناعة الغني أن يكون راضيا شاكرا، لا جاحدا ظالما، قناعته أن لا تَلجَ أمواله إلى قلبه، حتى يصبح عبدا لها. قناعته أن لا يستعلي بماله على الفقراء، وأن لا يوظف ماله في الاستيلاء على ممتلكات الآخرين والاعتداء على حقوقهم. فكم من صاحب مال وفير، وخير عظيم، رُزق القناعة! فلا يغشّ في تجارته، ولا يمنَع أُجَراءَهُ حقوقَهم، ولا يذلّ نفسه من أجل مال أو جاه، ولا يمنع زكاة ماله؛ إن ربح شكر، وإن خسر رضي؛ فهذا قنوع وإن ملك مال قارون. وقناعة الفقير أن يكون راضيا بقسمة الله، مستسلما لأمر الله، لا ساخطا ولا شاكيا، ولا جزعا من حالِه، ولا غاضبا على رازقه. قناعته أن لا يتطلع إلى ما في أيدي الآخرين، قناعته أن يكون عفيفا متعففا، وأن لا يرتكب الحرام من أجل الحصول على لقمة العيش. فكم من مستور يجد كفافًا؛ قد ملأ الطمع قلبه، ولم يُرْضِه ما قُسِم له! فجزع من رزقه، وغضِب على رازقه، وبثّ شكواه للناس، وارتكب كل طريق محرم ليُغني نفسه؛ فهذا منزوع القناعة وإن كان لا يملك درهمًا ولا فلسًا. ما أحوجنا إلى القناعة، وما أحوجنا إلى الرضا بما قسم الله، في زمن تكالب فيه كثير من الناس على الدنيا، وانغمسوا في شهواتها، في زمن كثر فيه التسخط والتذمر والتشكي، وضعُف فيه الرضا بما قسَم وقدر ربّ العالمين سبحانه.
أيها المؤمنون
ولخلق القناة منزلة عظيمة ، ومكانة رفيعة ، فالقناعة شفاء ودواء؛ شفاء من داء الجشع والطمع، شفاء من الهموم والأحزان، شفاء من الكراهية والحسد، شفاء من نهب الأموال والاعتداء على الممتلكات. فمَن عُدِم القناعة ازداد تسخّطه وقلقه، وحُرِمَ من الرضا بما رزقه الله وآتاه. وحينئذ لا يُرضيه طعام يُشبعه، ولا لباس يواريه، ولا مركب يحمله، ولا مسكن يؤويه؛ “ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب”. تراه يبحث عن المال في كل مكان، يخلط بين الحلال والحرام، بل ربما كان ماله كله من الحرام لأنه لا يقتنع بما هو حلال. ولقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على القناعة، وبيّن أنها طريق إلى السعادة والفلاح، فقال عليه الصلاة والسلام: “قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ، وَرُزِقَ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ”. أخرجه مسلم عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( خلق القناعة )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وعَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ – وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: “مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا”. أخرجه الترمذي وابن ماجة وحسنه الألباني. فلماذا التسخط ؟ ولماذا التذمر؟ ولماذا التشكي؟.. وأنت آمِن في نفسك ومالك وأهلك، معافى في بدنك، عندك قوتُ يومك، بل قوتُ عامٍ أو يزيد.. لكنه الطمع الذي استولى على القلوب، فلم تعد تقنع لا بالقليل ولا بالكثير. وهذا ما حذرنا منه نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام، كما في صحيح مسلم : (عَنْ أَنَسٍ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَوْ كَانَ لاِبْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لاَبْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا وَلاَ يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إِلاَّ التُّرَابُ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ ». وقال أبو حاتم رحمه الله: (مِنْ أكثر مواهب الله لعباده وأعظمها خطراً؛ القناعة. وليس شيءٌ أروحَ للبدن من الرضا بالقضاء والثقة بالقَسْم، ولو لم يكن في القناعة خصلة تحمد إلا الراحة وعدم الدخول في مواضع السوء لِطلب الفَضلِ، لكان الواجبُ على العاقل ألا يفارق القناعة على حالة من الأحوال). وقال أيضاً: (القناعة تكون بالقلب؛ فمن غني قلبه غنيت يداه، ومن افتقر قلبه لم ينفعه غناه، ومن قنع لم يتسخطْ وعاش آمنا مطمئنا، ومن لم يقنع لم يكن له في الفوائت نهاية لرغبته). ونواصل الحديث عن خلق القناعة في لقاء قاد م إن شاء الله
الدعاء