خطبة عن ( حال السلف وحسن الظن بالله)
مارس 21, 2016خطبة عن (حسن الظن بالله تعالى )
مارس 21, 2016الخطبة الأولى (من أخلاق المسلم (حسن الظن بالله تعالى)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « قَالَ اللَّهُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى » ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: “والذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئا خيرا من حسن الظن بالله تعالى، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنه، ذلك بأن الخير في يده ” رواه ابن ابي الدنيا”
إخوة الإسلام
ما أروع حسن الظن بالله حين يوقن المؤمن أن بعد الكسر جبرا، وأن بعد العسر يسرا، وأن بعد التعب راحة، وبعد الدمع بسمة، وبعد المرض شفاء، وبعد الدنيا جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين. ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « قَالَ اللَّهُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى » ، فمن ظن بالله خيرا أفاض عليه جزيل خيراته وجميل كراماته، ومن عامل الله باليقين أدهشه الله من عطائه بما يفوق خياله، فالله جل جلاله يعامل عباده على حسب ظنونهم به، ويفعل بهم ما يتوقعونه منه وفوقه. فإذا دعوت فظن بالله خيرا أنه سيستجيب دعاءك، وإذا أنفقت في سبيل الله فظن بالله خيرا أنه سيخلف عليك، وإذا تركت شيئا لله فظن بالله خيرا أنه سيعوضك خيرا مما تركت، وإذا استغفرت فظن بالله خيرا أنه سيغفر لك وسيبدل سيئاتك حسنات. ومن المواطن التي يتأكد فيها حسن الظن بالله تعالى: أولا: عند الأزمات، والملمات، والتضحيات، وكثرة الفتن، وتقلب الأمور، وغلبة الديون، وضيق العيش ومثل ذلك ، ففي سنن الترمذي: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ » ، ومن موطن حسن الظن بالله : ثانيا: عند الدعاء: فمن كانت علاقته بالدعاء قوية هانت عليه المصائب، وتيسرت له السبل، وبورك له في كل شيء يسلكه، ففي صحيح ابن حبان “لن يهلك مع الدعاء أحد” وفي الحديث الآخر ” عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ” رواه الترمذي. وقال عمر: “إني لا أحمل هم الإجابة ولكن أحمل هم الدعاء، فإذا أُلهِمت الدعاء فإن الإجابة معه”.
ومن موطن حسن الظن بالله : ثالثا: عند التوبة: فيوقن المسلم بسعة رحمة الله، وأنه يقبل التوبة عن عباده وأنه يعفو عن السيئات. جاء الفضيل إلى سفيان الثوري في يوم عرفة وقال له: من أسوأ الناس حالا في هذا اليوم؟ قال: من ظن أن الله لا يغفر لهم. لأن هذا من سوء الظن بالغفار الذي وسعت رحمته كل شيء. ومن موطن حسن الظن بالله : رابعا: عند الاحتضار ففي الحديث: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِىِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُولُ « لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ». رواه مسلم. ، وقال إبراهيم النخعي: “كانوا يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند موته لكي يحسن الظن بربه”.
أيها المسلمون
لماذا نحسن الظن بالله ..؟ : لأن فيه امتثالا واستجابة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم ،قال تعالى ” يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ” [ الأنفال : 24 ]، ونحسن الظن بالله لأن له ارتباط وثيق بنواحي عقدية متعددة ومن ذلك مثلا : نحسن الظن بالله ، لأنه مرتبط بالتوكل على الله تعالى والثقة به ، قال بن القيم رحمه الله : ” الدرجة الخامسة [ أي من درجات التوكل ] حسن الظـن بالله عز وجل فعلى قدر حسن ظنك بربك ورجائك له يكون توكلك عليه ” ، وفي حسن الظن بالله تعالى : الاستعانة بالله والاعتصام به واللجوء إليه سبحانه ، قال بعض الصالحين ” استعمل في كل بلية تطرقك حسن الظن بالله عز وجل في كشفها ؛ فإن ذلك أقرب إلى الفرج ” ، وفيه : الخوف منه سبحانه وتعالى ، يقول أبو سليمان الداراني رحمه الله ” من حَسُنَ ظنه بالله عز وجل ثم لا يخاف الله فهو مخدوع ” ، ونحن نحسن الظن بالله : لأن العبد من خلاله يرجو رحمة الله ورجائه ويخاف غضبه وعقابه ، يقول بن القيم رحمه الله : “ويكون الراجي دائماً راغباً راهباً مؤملاً لفضل ربه حسن الظن به ” ونحسن الظن بالله ، فقد حثت عليه النصوص النبوية ودعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( حسن الظن بالله تعالى )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولمعرفة واقع الناس وحالهم مع حسن الظن بالله ، يقول بن القيم رحمه الله ” فأكثر الخلق بل كلهم إلا من شاء الله يظنون بالله غير الحق ظن السوء ؛فإن غالب بني آدم يعتقد أنه مبخوس الحق ، ناقص الحظ ، وأنه يستحق فوق ما أعطاه الله ، ولسان حاله يقول : ظلمني ربي ومنعني ما أستحق ، ونفسه تشهد عليه لذلك ، وهو بلسانه ينكره ولا يتجاسر على التصريح به ومن فتش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها ، رأى ذلك فيها كامناً كمون النار في الزناد ولو فتشت من فتشته ، لرأيت عنده تعتباً على القدر وملامة له ، واقتراحاً عليه خلاف ما جرى به ، وأنه ينبغي أن يكون كذا وكذا ، فمستقل ومستكثر ، وفتش نفسك هل أنت سالم من ذلك؟ ، ونحسن الظن بالله لأن مَنْ أحسن الظن بربه عز وجل فأيقن صدق وعده وتمام أمره وما أخبر به من نصرة الدين والتمكين في الأرض للمؤمنين ، اجتهد في العمل لهذا الدين العظيم والدعوة إلى الله والجهاد في سبيله بماله ونفسه ، ونحسن الظن بالله لأن أثره الإيجابي على نفس المؤمن في حياته وبعد مماته ، فمن أحسن الظن بربه وتوكل عليه حق توكله جعل الله له في كل أمره يسراً ومن كل كرب فرجاً ومخرجاً ،فاطمأن قلبه وانشرحت ونفسه وغمرته السعادة والرضى بقضاء الله وقدره وخضوعه لربه جلا وعلا ، ونحسن الظن بالله بالمبادرة إلى طلب عفو الله ورحمته ورجائه ومغفرته ليطرق بعد ذلك العبد باب ربه منطرحاً بين يديه راجياً مغفرته تائبا من معصيته « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا » [ رواه مسلم ] ونحسن الظن بالله لأن فيه النجاة والفوز بالجنان ورضى الرحمن ” لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل “روى أبو بكر بن أبي الدنيا عن إبراهيم قال : كانوا يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند موته لكي يحسن ظنه بربه عز وجل ، ونحسن الظن بالله، لأنه يعين على التدبر والتفكر في أسماء الله وصفاته وما تقتضيه من معاني العبودية والإخلاص ،
الدعاء