خطبة عن اسم الله (الْقَهَّارُ، الْقَاهِرُ)
ديسمبر 2, 2017خطبة عن حديث (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ)
ديسمبر 2, 2017الخطبة الأولى ( دروس وعبر من قصة ذي القرنين )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :( وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90) كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91) ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92) حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) الكهف (83) :(98)
إخوة الإسلام
في قصص القرآن عبرة لأولي الألباب، وهداية لأهل الرشاد، وزيادة في اليقين والإيمان ،وحديثنا اليوم إن شاء الله عن قصة قرآنية تحث المؤمنين على الأخذ بالأسباب ، والعدل بين الرعية ، والعمل الجماعي ، وشكر الله على نعمه ، إنها قصة : (ذِي الْقَرْنَيْنِ ) ، وسيرة ذي القرنين في قيادته الحضارية للبشرية في زمانه تعطينا صورة مشرقة للإنسان القوي المؤمن العالِم, الذي يسخِّر كل إمكانات دولته وجنوده وأتباعه وعلومه ووسائله وأسبابه لتعزيز شرع الله وتمكين دينه، وخدمة الإنسانية، وإعلاء كلمة الله, وإخراج الناس من الظلمات إلى النور, ومن عبادة الناس والمادة إلى عبادة الله وحده لا شريك له. فالإيمان الراسخ, والعمل الصالح, والسيرة الفاضلة, والمقاصد الخيِّرة, والدعوة إلى الله وإلى الحق، واستخدام كل ما أوتينا من علم وحكمة، يصنع الحضارة الربانية التي قاعدتها العقيدة الصحيحة, والتي تنبثق منها مبادئ وقيم وأخلاق ربانية، تُسعِد من دخل في منهجها في الدنيا والآخرة. وقصة ذي القرنين مليئة بالآيات والعبر والأحكام والآداب والثمرات والفوائد، ونذكر لكم منها: أولا : قال الله تعالى عن ذي القرنين : ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ) ، ثم قال الله عنه : ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ) ، ثم قال الله: ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) وهذا يدل على أن ذا القرنين سعى وجدّ واجتهد حتى بلغ حيث انتهت طاقته و قدرته , ولم يرض بمنزلةٍ دون منزلة أحد من أهل زمانه , ولم يقف عند حد , بل سعى في الأرض حتى بلغ مغرب الشمس ثم سار بجيوشه حتى بلغ مشرقها ثم أتبع سببا حتى بلغ بين السدين , وتملّك تلك المناطق كلها حتى حكم فيها, وأثّر بفكره ومبادئه على أهلها وسيطر عليها وغدا شرطياً أعلى للعالم وحارساً لأهل الأرض , وأصبح ملجأ للمظلومين , ومأمنا للخائفين ، عندها طابت نفسه وتحقق حلمه ، همة متفجرة وطموح يناطح السحاب. بهذا يبني ذو القرنين في نفوسنا طموحاً عالياً وهمةً شامخة , ويرسم لنا صورة مشرقة في سماء التفوق والجد والعزم، والتنافس والتصارع من أجل السيادة والغلبة والوصول إلى مفاصل التغيير والتأثير ،وهي صورة المؤمن القوي ، ويحطم في المقابل صور الهزيمة والخمول والكسل، والتي تعشعش في نفوس كثير ممن ضعفت همتهم وخارت عزائمهم ، ففي زماننا هذا نلحظ زهداً واضحاً ،وتكاسلا وضعفا من أبناء أمتنا في بناء الدنيا وعمارتها , بل يُتهم عالي الهمة فيها بأنه يلهث وراء الدنيا وأنه باع آخرته بدنياه , وبهذا رضينا لأنفسنا الهوان ،وذلت أمتنا حين مدت يدها إلى عدوها ،لتأكل وتشرب وتعيش من فتات غيرها , وازدادت مع بُعدها عن دينها وكتاب ربها ظلمة على ظلمة , وتأخر بهذا قطار أمتنا وتجاهَلَنا العالم وغَدونا لا نُهاب ولا يُعبأ بنا
ثانيا : قال تعالى: (قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ) أي : إما أن تعذبهم بقتل، أو ضرب، أو أسر أو نحوه، وإما أن تحسن إليهم، فخير الله ذا القرنين بين الأمرين، لأن الظاهر أنهم إما كفار أو فساق ،أو فيهم شيء من ذلك، لأنهم لو كانوا مؤمنين غير فساق لم يرخص له في تعذيبهم، فكان عند ذي القرنين من السياسة الشرعية ما استحق به المدح والثناء ،قال الله تعالى على لسانه : ﴿ قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ﴾ أي: سأجعلهم قسمين (أَمَّا مَنْ ظَلَمَ ) ، أي:( بالكفر) ، (فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا) أي: تحصل له العقوبتان، عقوبة الدنيا وعقوبة الآخرة، (وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى ) أي: فله الجنة والحالة الحسنة عند الله جزاء يوم القيامة ، ( وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ) أي : سنحسن إليه ونلطف له بالقول، ونيسر له المعاملة، وهذا يدل على كونه من الملوك الصالحين والأولياء العادلين العاملين حيث وافق مرضاة الله في معاملة كل احذ بما يليق بحاله ” .فالعدل بين الرعية من السياسة الشرعية ،وإحسان المعاملة يدل على صلاح الولاية ، وقد التزَم ذو القرنين العدلَ في حُكمه ومُلكه، وذلك في كل شيء، حتى مع المخالفين له، فلم يتخذِ الظلمَ والتجبُّرَ مسلكًا في تعامله مع الغير؛وهذا المنهج هو أساس إقامة أي ملك، وبناء أي أمة، وفي ذلك يقول ابن تيمية، المقولة الشهيرة: “إن اللهَ يُقيم الدولةَ العادلة وإن كانت كافرةً، ولا يُقيم الظالمةَ وإن كانت مسلمة، ويقال أيضا : الدنيا تدوم مع العدلِ والكفرِ، ولا تدوم مع الظُّلم والإسلامِ ،فعدل الحاكم يدفَعُه لأن يعطيَ أصحابَ الحقوق حقوقَهم، ولقد مر عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه بعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وهو صبيٌّ يلعب مع الصبيان، ففرُّوا، ووقف، وقال: ما لك لم تفِرَّ مع أصحابك؟ فقال: (يا أمير المؤمنين، لم أُجرِمْ فأخافَك، ولم تكن الطريقُ ضيقةً فأوسِّعَ لك )
ثالثا : في قوله تعالى : “ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُكْراً” يتبين أن العقوبات تطهر المؤمن ولا تطهر الكافر ، فالمسلم تطهره العقوبات، أما الكافر فلا، فإنه يعذب في الدنيا وفي الآخرة، نعوذ بالله من ذلك. رابعا : في قوله تعالى : ﴿ قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا ) ، في هذه الآية دليل على اتخاذ السجون، وحبس أهل الفساد فيها، ومنعهم من التصرف لما يريدون، ولا يتركون وما هم عليه، بل يوجعون ضربا ويحبسون ولا يطلقون ، كما فعل عمر رضي الله عنه ، خامسا : في قوله تعالى: (قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا ) ، في هذا بيان لأهمية العمل الجماعي والتعاون ، وليكُنْ تعاونُك في الحق لا في الباطل؛ وفي هذه الآية أيضا دليل على أن الملك أو ولي الأمر ، أو الحاكم فرض عليه أن يقوم بحماية الخلق في حفظ بيضتهم، وسد فرجتهم، وإصلاح ثغورهم، من أموالهم التي تفيء عليهم، وحقوقهم التي تجمعها خزائنهم تحت يده ونظره، حتى لو أكلتها الحقوق، وأنفدتها المؤن، لكان جبر ذلك من أموالهم، وعليه حسن النظر لهم، وذو القرنين لما عرضوا عليه المال في أن يكف عنهم ما يحذرون من فساد يأجوج ومأجوج؛ قال: لست أحتاج إلى المال، وإنما احتاج إليكم. (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ ) أي اعملوا بأنفسكم معي، فإن الأموال عندي والرجال عندكم. كما تبين الآية أن ذا القرنين كان حكيمًا في ما اختاره لهؤلاء القوم، عندما أرادوا أن يحميهم من شر يأجوج ومأجوج، فهم قد طلبوا منه أن يجعل لهم سدًّا، وهو أراد أن يبني لهم ردمًا، وفي اختياره الردم وتفضيله إياه على السد حكمة عظيمة توحي بحكمة ذي القرنين وبلوغه شأوًا بعيدًا في الصناعة والعمران.
سادسا : وفي قوله تعالى: ﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾، يتبين لنا من الآية أنه كلما كان البناء قويًّا، كان عمرُه أطولَ وأدوم، ولا يستطيع أحد أن ينقضه؛ فذو القَرنين بنى ما بين الجبَلين من حديد، ثم أذاب عليه النحاس؛ ليَزيدَه قوة وصلابة، فلما أراد القوم المفسدون أن يهدموه فشِلوا، فعجَزوا عن أن يعتلوه؛ لارتفاعِه، أو يثقُبوه؛ لصلابتِه. سابعا : ونستطيع أن نخرج من قصة ذي القرنين بسنة إلهية محكمة، وهي أن تغيير الواقع أمر لا عسر فيه ، إذا كان هناك جيل قادر على الأخذ بزمام المبادرة ، مع تقدير الأمور قدرها ،في ضوء المعطيات والأدوات المتاحة، وليس بعد ذلك إلا عون الله وتوفيقه ، طالما أن نية الإصلاح متحققة. فهؤلاء القوم المستضعفون الذين كانوا دون السدين، لم يستطيعوا تغيير واقعهم المرير، والذي ذاقوا فيه الويل والثبور، على يد يأجوج ومأجوج، وقد ظلوا ينتظرون المخلص لهم من شرهم، حتى جاءهم ذو القرنين، وما طلبه منهم ذو القرنين أن يعينوه بقوتهم فحسب (فأعينوني، آتوني زبر الحديد، انفخوا، آتوني أفرغ عليه قطرًا) ، فكانت كلماته بمثابة تحريك للهمم ،وتحفيزهم ،وإشراكهم في تغيير هذا الواقع؛ ليعلموا أن هذا التغيير كان بمقدورهم ،وبين أيديهم مقوماته، بيد أنهم لم يلتفتوا إليها، وظلوا ينتظرون من يلفتهم إليها
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( دروس وعبر من قصة ذي القرنين )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الدروس المستفادة من قصة ذي القرنين : الاعتراف بفضل الله: فمهما بلغ الإنسان مِن مُلك أو سلطان، فلا يجوز له أن يَشغَله ذلك عن شُكر نعمة الله، والإقرار بمنِّه وكرَمِه عليه، كما فعل ذو القرنين؛ فقد قال الله تعالى على لسانه : ﴿ قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ ، ومن الدروس المستفادة من القصة :العفَّة والقناعة: فلما عُرِضَ عليه أن يأخذ خَراجًا في مقابل أن يبنيَ لهم السد، عَفَّ عن مالهم؛ طمعًا فيما أعطاه الله له؛ قال تعالى : ﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ﴾ ،ومن الدروس المستفادة من القصة : الطموح والهمَّة العالية: فقد طاف ذو القَرنين مشارقَ الأرض ومغاربها؛ ليبلِّغَ دعوة الله عز وجل، وينشُرَ العدل في الأرض. ومن الدروس المستفادة من القصة : إتقان العمل : فلما بنى ذو القَرنين السدَّ بين الجبَلين ، أتقن بناءَه، وأحسن رفعه، فما استطاع القوم المفسدون أن يعلوه أو ينالوا منه، وتلك نتيجة الإتقان، فلما أتقَن أعداؤنا تقدَّموا، ولما أهمَلْنا فشِلْنا. ومن الدروس المستفادة من القصة : الأَخْذُ بالأسباب: فلَمَّا آتاه اللهُ الأسبابَ، أخَذ بها، وعندما أخَذ بها، مكن الله له في الأرض، فإذا أرادتِ الأمةُ أن يمكن اللهُ لها، فلتأخُذْ بأسباب التمكين والنصر، وبالتأمُّل ترى أن كلمة (سببًا)، تكررت في القصة أربعَ مرات، ففيها إشارةٌ واضحة للأخذ بالأسباب، والتوكُّل وليس التواكُل. ومن الدروس المستفادة من القصة : التواضُعُ لله : قال تعالى: ﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ﴾ ،فالعدلُ مع العمل، والتعاون من الجميع، ثم بتواضُع الحاكم والقائد، وقبل كل ذلك إيمان بالله جل جلاله هو الطريق إلى التمكين في الأرض
الدعاء