خطبة عن (دعاؤك مستجاب)
نوفمبر 4, 2023خطبة عن (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)
نوفمبر 4, 2023الخطبة الأولى (دين الحق واحد)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (7): (9) الصف، وقال تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) (29) التوبة
إخوة الإسلام
الدين الحق: هو ما كان من عند الله تعالى، أنزله بواسطة مَلَك من الملائكة، على رسول من رسله، ليبلغه إلى عباده، لأن الدين الحق هو دين الله, والله سبحانه هو الذي يدين ويحاسب الخلائق يوم القيامة على الدين الذي أنزل إليهم, قال تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) (163) النساء, وقال سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (25) الأنبياء, والدين الحق: يدعو إلى إفراد الله سبحانه بالعبادة, وتحريم الشرك, وتحريم الوسائل المفضية إليه؛ لأن الدعوة إلى التوحيد هي أساس دعوة جميع الأنبياء والمرسلين، وكل نبي قال لقومه: (فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ) (32) المؤمنون، وعليه فإن أي دين اشتمل على الشرك، وأشرك مع الله غيره: من نبي، أو ملك، أو ولي، فهو دين باطل، ولو انتسب أصحابه إلى نبي من الأنبياء. والدين الحق: أن يكون متفقاً مع الأصول الذي دعت إليها الرسل: من عبادة الله وحده, والدعوة إلى صراطه المستقيم, وتحريم الشرك, وعقوق الوالدين، وقتل النفس بغير حق, وتحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن, قال تعالى: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (151) الأنعام, والدين الحق: لا يكون متناقضاً ولا مختلفاً بعضه مع البعض الآخر, فلا يأمر بأمر ثم ينقضه بأمر آخر, ولا يحرم شيئاً ثم يبيح ما يماثله من غير علة, ولا يحرم أمراً أو يجيزه لفرقة ثم يحرمه على أخرى، قال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) (82) النساء. والدين الحق: يتضمن ما يحفظ على الناس دينهم، وأعراضهم، وأموالهم، وأنفسهم وذرياتهم، بما يشرع من الأوامر والنواهي والزواجر، والأخلاق التي تحفظ هذه الكليات الخمس. وأن يكون الدين رحمة للخلق من ظلم أنفسهم، وظلم بعضهم لبعض, سواءً أكان هذا الظلم بانتهاك الحقوق, أم بالاستبداد بالخيرات, أم بإضلال الأكابر للأصاغر. والدين الحق: يتضمن الهداية إلى شرع الله, ودلالة الإنسان على مراد الله منه, وإخباره من أين أتى وإلى أين المصير؟، قال تعالى مخبراً عن التوراة: (إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ) المائدة:44, وقال تعالى عن الإنجيل: (وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) (46) المائدة, وقال جل ثناؤه عن القرآن الكريم: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (33) التوبة, والدين الحق: هو الذي يتضمن الهداية إلى شرع الله، ويحقق للنفس الأمن والطمأنينة, حيث يدفع عنها كل وسوسة, ويجيب عن كل تساؤل, ويبين عن كل مشكل. والدين الحق: يدعو إلى مكارم الأخلاق والأفعال: كالصدق، والعدل، والأمانة، والحياء، والعفاف، والكرم, وغيرها، وينهى عن سيئها: كعقوق الوالدين، وقتل النفس، وتحريم الفواحش، والكذب، والظلم، والبغي، والبخل، والفجور وغيرها. ويحقق السعادة لمن آمن به، قال تعالى: (طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) (1)، (2) طه, وأن يكون متفقاً مع الفطرة السوية، قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (30) الروم, ويكون متفقاً مع العقل الصحيح، لأن الدين الصحيح هو شرع الله, والعقل الصحيح هو خلق الله, ومحال أن يتناقض شرع الله وخلقه. والدين الحق: يدل على الحق، ويحذر من الباطل, ويرشد إلى الهدى، وينفر من الضلال, وأن يدعو الناس إلى صراط مستقيم، لا التواء فيه، ولا اعوجاج, قال تعالى مخبراً عن الجن أنهم حينما سمعوا القرآن قال بعضهم لبعض: (قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) (30) الأحقاف, فلا يدعوهم إلى ما فيه شقاؤهم, ولا يأمرهم بما فيه هلاكهم، قال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) (29) النساء, ولا يفرق بين أتباعه بسبب الجنس أو اللون أو القبيلة، قال تعالى: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (13) الحجرات, فالمعيار المعتبر للتفاضل في الدين الحق هو تقوى الله.
أيها المسلمون
ومن أهم قواعد معرفة دين الحق، وتمييزه من الباطل: أن دين الحق واحد، ولا يتعدّد: فمن أعظم السبُل الشيطانية في هذا الزمان: القول بإبطال تفرّد الحق، فيقول قائلهم: من قال أنكم على الحق؟، ومن قال أن الحق واحد أصلاً؟، فيقولون: الحق نسبي؛ يعني: أنت عندك نسبة، وأنا عندي نسبة، وهذا عنده نسبة، وأهل الأرض كل واحد منهم عنده نسبة من الحق، فالحق نسبي، وليس هناك حق واحد كامل. وهذه كارثة كبرى؛ لأننا إذا رضينا بهذا الكلام: كان اليهود عندهم حق، والنصارى عندهم حق، والبوذيين عندهم حق، والقاديانية عندهم حق، والرافضة عندهم حق، وكل واحد عنده جزء من الحق، وانتهى الأمر، فلا أحد ينكر على أحد، ولذلك كان لا بد من الانتباه إلى هذه المؤامرة الخطيرة في ادعاء أن الحق ليس محصوراً، وأنه ليس واحداً، أو ليس مجموعاً في شيء واحد،
ونحن نقول: إن دين الحق واحد، وهو صراط الله المستقيم، الذي أُمرنا بالتمسك به، قال تعالى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153]. وقال تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ما في إلا واحد دين حق، واحد، لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 33]، والفرقة الناجية (أهل السنة والجماعة) واحدة، فلا يوجد عدة فرق على الحق، فالطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، هم أهل السنة والجماعة، فهي فرقة واحدة ناجية، والبقية هلكى. وفي سنن أبي داود وغيره: « أَلاَ إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً وَإِنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ وَوَاحِدَةٌ فِي الْجَنَّةِ وَهِىَ الْجَمَاعَةُ»، وفي رواية: (قَالُوا وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي)، فلو كان الحق متعدداً لما عذَّب الله تلك الفرق، ولما كانت الاثنتين والسبعين في النار،
ومن هذه النسبية جاءت الدعوات بتوحيد الأديان: (وحدة الأديان)، و(الدين الإبراهيمي) أو (البيت الإبراهيمي): فيزعم بعض مدعي السلام والإصلاح في العالم أن وحدة الأديان ضرورة، ولا بد أن نسلك هذا الطريق، والتقريب بين الأديان، يعني: لا بد من القيام به على مستوى العالم، وأن هذا هو الطريق إلى السلام العالمي، وأنَّ تمسك كل أصحاب دين لدينهم يؤدي إلى تفرُّق الناس، وقيام الحروب والعداوات، ويقولون: الطريق إلى السلام العالمي هو التقريب بين الأديان، ووحدة الأديان، فبها يسود السلام، وتنتهي الحروب
ونقول: إن نظرية تقريب الأديان، أو وحدة الأديان، هي نظرية باطلة، فلا يمكن، أن يجتمع في قلب واحد الحب لله ولأعدائه، والحب لدينه وللأديان الباطلة؟، قال تعالى: (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (35)، (36) القلم. ونظرية وحدة الأديان، أو تقارب الأديان، نهايتها: أنه لا وجود للعذاب والعقاب، ولا وجود لنار جهنم؛ فإذا كان الناس كلهم على الحق، فمن الذي سيدخل النار؟. وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: (أن الدعوة إلى وحدة الأديان إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام؛ لأنها تصطدم مع أصول الاعتقاد، فترضى بالكفر بالله، وتبطل صدق القرآن ونسخه لجميع ما قبله من الشرائع والأديان. وبناء على ذلك فهي فكرة مرفوضة شرعاً، محرمة قطعاً بجميع أدلة التشريع في الإسلام، من قرآن وسنة وإجماع، وهي نظرية باطلة).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( دين الحق واحد )
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
فهذه الدعوة الإلحادية الكفرية الفاجرة، هدفها الأساس بث الكفر والإلحاد، طمس معالم الإسلام ،طمس معالم التوحيد، نشر الإباحية، تغيير الفطرة، مساواة الكفر بالإسلام، قال تعالى: (وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ) [فاطر: 19-22]، فلا يستوي الإسلام الكفر، ولا الشرك والتوحيد، ولا السنة والبدعة. فهذه الدعوات تبرر وجود الكفر، والشبهات، والشهوات، وهذه العبارات، وهذه النظرية تبرر استمرار وجود اليهودية، والنصرانية، والأديان الباطلة الأخرى، ويعذر بعضهم بعض، فلا أحد ينكر على أحد، ولا أحد يعادي أحد أبدا، فاعذروا اليهود في دينهم، واعذروا المشركين عباد الأوثان والأصنام في دينهم، واعذروا عباد القبور في دينهم، واعذروا عباد الكواكب والشمس في دينهم، اعذروهم، فلا أحد ينكر على أحد. قال بعض أهل العلم: هذا المذهب أوله سفسطة، وآخره زندقة؛ لأنه في أوله يجعل الشيء ونقيضه حقا، وفي آخره يخير المجتهدين بين النقيض عند تعارض الدليلين، فيختار، أو يخير المجتهدين بين النقيض عند تعارض الدليلين، فيختار من المذاهب ما يروق لهواه. والتسليم لهذه المقولة يناقض أصلا الإسلام، لو كانت الحقائق نسبية ما أهلك الله المكذبين بصالح عليه السلام، ولا أهلك الله قوم عاد لما كذبوا هودا، ولا أهلك الله فرعون؛ لأنه فرعون عنده شيء من الحق، وفي مسند البزار: (قَالَ عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: جَاءَتْ قُرَيْشٌ إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَقَالَتْ: إِنَّ ابْنَ أَخِيكَ يُؤْذِينَا فِي نَادِينَا وَمَسْجِدِنَا، فَانْهَهُ عَنْ إِيذَائِنَا، قَالَ: يَا عَقِيلُ ائْتِ مُحَمَّدًا فَادْعُهُ، فَذَهَبْتُ، فَأَتَيْتُهُ بِهِ، فَجَاءَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ يَتَخَلَّلُ الْفَيْءَ، فَجَلَسَ عِنْدَ أُسْكُفَّةِ الْبَابِ، وَقُرَيْشٌ عِنْدَ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي إِنَّ بَنِي عَمِّكَ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تُؤْذِيهِمْ فِي نَادِيهِمْ وَمَسْجِدِهِمْ فَانْتَهِ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَحَلَّقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ، قَالَ: هَلْ تَرَوْنَ هَذِهِ الشَّمْسَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: مَا أَنَا بِأَقْدَرَ أَنْ أَدَعَ ذَلِكَ مِنْكُمْ عَلَى أَنْ تَسْتَشْعِلُوا لِي مِنْهَا شُعْلَةً، قَالَ: فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: مَا كَذَبَنَا ابْنُ أَخِي فَارْجِعُوا، قَالَ: فَرَجَعُوا)، فلماذا يسلك النبي (عليه الصلاة والسلام) طريق الأخطار، ويجابه أقاربه، وقريش، والعرب، والعالم؟، لماذا كل هذا التعب إذا كان المسألة نسبية، وكل واحد معه الحق، وليست هناك حقيقة مطلقة، وليس هناك حق مطلق كامل، فلماذا فعل ذلك؟.
الدعاء