خطبة عن (صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، واعط من حرمك، واعْفُ عمَّنْ ظَلَمَكَ)
يوليو 17, 2024خطبة عن تبليغ العلم ( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَّغَهَا)
يوليو 20, 2024الخطبة الأولى (ذكريات الشهر المحرم) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ) التوبة (36)
إخوة الإسلام
نعيش أيام شهر الله المحرم، الذي يحمل في طياته العديد من الذكريات، التي ينبغي أن يقف معها المؤمن، ليستلهم منها الدروس والعبر، فشهر الله المحرم شهر عظيم مبارك ،وهو أحد الأشهر الحُرُم، ففي الصحيحين: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا، أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ، ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ»، وفي هذا الشهر يستحب الإكثار من صيام النافلة، ففي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلاَةُ اللَّيْلِ». وأفضل أيام هذا الشهر هو يوم العاشر من محرم، وهو يوم (عاشوراء)، فقد صامه النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه، ففي الصحيحين: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَوَجَدَ الْيَهُودَ صِيَامًا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تَصُومُونَهُ ». فَقَالُوا هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ أَنْجَى اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَقَوْمَهُ وَغَرَّقَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فَصَامَهُ مُوسَى شُكْرًا فَنَحْنُ نَصُومُهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ». فَصَامَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ). وقال صلى الله عليه وسلم في فضل صيام عاشوراء كما في سنن الترمذي: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ»، وأكمله صيام يوم قبله، أو يوم بعده، مخالفة لليهود، ففي صحيح مسلم: (حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ – إِنْ شَاءَ اللَّهُ – صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ». قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-)، وكلما أشرق هلال المحرم في كل عام، تتجدد ذكرى من أروع الذكريات وهي هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، تلك الهجرة التي تجلى فيها صدق الإرادة، وكمال البطولة، وقوة الإيمان ،وشرف التضحية والفداء، والتي فرقت بين الحق والباطل، وميزت بين الهدى والضلال، والنور والظلام، وأرست دعائم العدالة، وأقامت صروح الفضيلة، فالهجرة خلقت المسلمين خلقاً جديداً، وبعثت فيهم عزماً شديداً، وأيقظت فيهم روح الحماس للدفاع عن دينهم، والذود عن عقيدتهم، وحولت ضعفهم إلى قوة، وقلتهم إلى كثرة، وذلتهم إلى عزة، بعد أن كانوا مستضعفين في مكة يتخطفهم الناس. وتذكرنا الهجرة بحفظ الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، وتأييده له، فعندما أحاط به المشركون من كل جانب، جعل الله له من بينهم مخرجاً، وهذا يدل على أن المسلم متى ما حفظ أوامر الله ونواهيه، حفظه الله في الدنيا والآخرة، وحفظ له دينه وأهله وماله، وفي سنن الترمذي، يقول صلى الله عليه وسلم: (احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ»، وتذكرنا الهجرة النبوية بفضل المسجد، ودوره في التربية والتعليم، وتوحيد الكلمة، فأول عمل قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد دخوله المدينة المنورة هو بناء المسجد، وشاركه الصحابة رضي الله علنهم في البناء، فعلينا اليوم أن نفعِّل دور المسجد ،من خلال الاهتمام بصلاة الجماعة، والقيام بواجب الدعوة، وتذكرنا الهجرة بالأخوة الإيمانية، ففي سنن الدارمي: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ)، فحري بنا أن تتوحد كلمتنا، وتجتمع أمتنا على الحق، وتحت مظلة الإسلام والإيمان، وأن نكون كما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين : «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (ذكريات الشهر المحرم)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن الأحداث المؤلمة والمحزنة التي وقعت في شهر الله المحرم استشهاد الإمام الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما، على أيدي الظالمين من الطغاة البغاة في كربلاء بالعراق. والحسين هو سيد الشهداء، وريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا، وسيد شباب أهل الجنة يوم القيامة، ففي سنن الترمذي: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَبْصَرَ حَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا». وفيه: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ »، فنحن نحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونتقرب إلى الله بحبهم، ولكننا لا نفعل كما يفعل الشيعة، من أفعال تخالف الدين والشرع، ومن فضائل هذا الشهر: تحريمُ القتالِ والظلمِ، فقد نهى الله سبحانه عن ابتداءِ القتالِ في هذه الأشهرِ الحرم، وذلك تعظيمًا لهنَّ وتشريفًا، ومن فضائل شهر الله المحرم: ابتداءُ التأريخ الهجري به، فقد تشاورَ صحابة رسول الله مِن أيِّ شهر يكونُ ابتداء السنةِ، فاختار عمر وعثمان وعليٌ رضي الله عنهم أن يكون ابتداءُ السنةِ من المحرمِ، لأنه شهرٌ حرامٌ يلي شهر ذي الحجة الذي يؤدي المسلمون فيه حجهم، الذي به تمام أركان دينهم، ومِنْ فضائله: أَنْ نَسَبَه النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى ربِّه، ونَعَتَه بالشهر الحرام، ومِنْ فضائله: أن صيامه أفضل الصيام بعد صيام الفريضة، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (أَفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ، شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ)فهيا لنستقبل شهر المُحرَّم بالطاعة، وبالتوبةٍ النصوح، ونعظم هذا الشهر، ونسأل الله عزّ وجل فيه أن ينصر الاسلام، وأن يعز المسلمين، ويخذل الكفر والكافرين.
الدعاء