خطبة عن (ماذا بعد الحج؟) 1
يونيو 18, 2024خطبة عن (وقفات مع الحاج)
يونيو 18, 2024الخطبة الأولى (ذكر الله في الأيام المعدودات)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ) البقرة (203)
إخوة الإسلام
قَالَ الامام مَالِكٌ: (الأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ). وهي أيام الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة. لذا يُستحب لكل مسلم ومسلمة أن يذكر الله تعالى بالتكبير والتحميد والتهليل في هذه الأيام المعدودات، وخاصة عقب الصلوات المكتوبة،
وإذا كان ذكر الله تعالى لا يرتبط بزمان أو مكان، إلا أنه يُستحب الاكثار منه في هذه الأيام المباركات ،فذكر الله تعالى عبادة من أجل العبادات، وقربى إلى الله من أعظم وأجل القربات، وذكر الله تعالى هو قوت القلوب، وفيه عمارة الديار، ودواء الاسقام، وسلاح نهزم به الأعداء، ذكر الله تعالى: به نستدفع الآفات وبه تُكشف الكربات وتهون المصيبات، ذكر الله يجعل القلب الحزين ضاحكـًا مسرورًا، فهو جلاء القلوب، ونور الأبصار، قال الحسن البصري: (تفقدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة وفي الذكر وقراءة القرآن ،فإن وجدتم، وإلا فاعلموا أن الباب مغلق).
وذكر الله يطرد الشيطان، ويُرضى الرحمن، وينور الوجه، ويجلب الرزق. ويكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة، ويورثه المحبة
وذكر الله: يورث المراقبة حتى يدخل العبد في باب الإحسان فيعبد الله كأنه يراه، ويورثه الإنابة والقرب، فعلى قدر ذكر العبد لربه يكون قربه منه، وعلى قدر غفلته يكون بعده عنه.
وذكر الله: يحط الخطايا ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ. فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ»،
وذكر الله تعالى سبب لتنزل الرحمات: ففي صحيح مسلم: (أن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ حَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ».
وذكر الله غراس أشجار الجنة: ففي سنن الترمذي: (عَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ. غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ »، وفي سنن الترمذي: (عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلاَمَ وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ وَأَنَّهَا قِيعَانٌ وَأَنَّ غِرَاسَهَا سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ»،
وذكر الله تعالى يترتب عليه الفضل والعطاء العظيم، ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِىَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ ، إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ»،
وذكر الله تعالى فيه شفاء لقسوة القلوب، قال رجل للحسن: يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي، قال: أذِبْهُ بالذكر، وقال مكحول: ذكر الله شفاء، وذكر الناس داء.
والله تعالى يباهي بالذاكرين ملائكته، ففي صحيح مسلم: (أنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ « مَا أَجْلَسَكُمْ». قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلإِسْلاَمِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا. قَالَ «آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلاَّ ذَاكَ». قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلاَّ ذَاكَ. قَالَ «أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِى بِكُمُ الْمَلاَئِكَةَ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ذكر الله في الأيام المعدودات
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن فضائل ذكر الله تعالى أنه ينوب عن كل الأعمال الصالحة والصدقات، التي يعجز عنها الانسان، ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ جَاءَ الْفُقَرَاءُ إِلَى النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالُوا ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ مِنَ الأَمْوَالِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلاَ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ ، وَلَهُمْ فَضْلٌ مِنْ أَمْوَالٍ يَحُجُّونَ بِهَا ، وَيَعْتَمِرُونَ، وَيُجَاهِدُونَ، وَيَتَصَدَّقُونَ قَالَ « أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ بِأَمْرٍ إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ أَدْرَكْتُمْ مَنْ سَبَقَكُمْ وَلَمْ يُدْرِكْكُمْ أَحَدٌ بَعْدَكُمْ ، وَكُنْتُمْ خَيْرَ مَنْ أَنْتُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِ، إِلاَّ مَنْ عَمِلَ مِثْلَهُ تُسَبِّحُونَ وَتَحْمَدُونَ، وَتُكَبِّرُونَ خَلْفَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ»،
ومن فضائل الذكر: أن الذكر يعطي الذاكر قوة في قلبه، وفي بدنه، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه ، وقد علم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ابنته فاطمة وعليـًا ـ رضي الله عنهما ـ أن يسبحا كل ليلة إذا أخذا مضاجعهما ثلاثـًا وثلاثين، ويحمدا ثلاثـًا وثلاثين، ويكبرا ثلاثـًا وثلاثين، ففي الصحيحين: (أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أَثَرِ الرَّحَا ، فَأَتَى النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – سَبْىٌ ، فَانْطَلَقَتْ فَلَمْ تَجِدْهُ، فَوَجَدَتْ عَائِشَةَ ، فَأَخْبَرَتْهَا، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ بِمَجِيءِ فَاطِمَةَ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – إِلَيْنَا، وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْتُ لأَقُومَ فَقَالَ «عَلَى مَكَانِكُمَا ».فَقَعَدَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي وَقَالَ « أَلاَ أُعَلِّمُكُمَا خَيْرًا مِمَّا سَأَلْتُمَانِي إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا تُكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ ، وَتُسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَتَحْمَدَا ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ، فَهْوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ »، فقيل إن من داوم على هذا الذكر وجد قوة في يومه تغنيه عن خادم .
ألا فأكثروا من ذكر الله تعالى لتفوزوا بهذه الفضائل وتلك العطايا، فقد ذهب الذاكرون الله كثيرا بكل خير، وفازوا في الدنيا والآخرة ،
الدعاء