خطبة عن الهداية ، وقوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ )
أكتوبر 31, 2020خطبة عن عدم موالاة الكافرين ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ)
نوفمبر 7, 2020الخطبة الأولى ( مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الترمذي في سننه وحسنه : (عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ : عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ».
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم إن شاء الله مع هذا الحديث النبوي الكريم ، والذي يرشدنا فيه صلى الله عليه وسلم إلى الدفاع عن الإخوان في حال غيبتهم ،إذا وقع أحد في أعراضهم ، وتكلم فيهم بما يكرهون ، وأَعْرَاضُ النَّاسِ : هي أَعْرَاقُهُمْ وَأَحْسَابُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ. وَالْعِرْضُ مَوْضِعُ الْمَدْحِ وَالذَّمِ مِنَ الإِنْسَانِ سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِهِ أَوْ سَلَفِهِ أَوْ مَنْ يَلْزَمُهُ أَمْرُهُ.فإذا انُتهك عرضُ المسلمِ، وأسيء إليه حال غيبته، فيجب على من سمع ذلك أن يرد عنه بالغيب، وأن يذكر محاسن هذا الذي وقع الطعن عليه ،ذبا عنه ،وردا لهذا المغتاب، فإذا فعل ذلك ، فإن الله تعالى يرد عنه النار يوم القيامة ، والجزاء من جنس العمل.وفي سنن أبي داود : (جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الأَنْصَارِيَّ يَقُولاَنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلاَّ خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ » وفي صحيح الأدب المفرد للبخاري : عن القاسم بن عبد الرحمن الشامي قال: (سمعت بن أم عبد يقول: من اغتيب عنده مؤمن فنصره، جزاه الله بها خيرًا في الدنيا والآخرة، ومن اغتيب عنده مؤمن فلم ينصره، جزاه الله بها في الدنيا والآخرة شرًّا، وما التقم أحد لقمة شرًا من اغتياب مؤمن، إن قال فيه ما يعلم فقد اغتابه، وإن قال فيه بما لا يعلم فقد بهته) ،ففي هذه الأحاديث ما يدل على فضل الذب عن أخيه المسلم، والمرأة تذب عن أخيها في الله، وأختها في الله، فإذا رآه يتكلم في عرضه، فليقل مثلا : يا أخي اتق الله، ما بلغنا هذا ، ولا نعلم عليه إلا خيراً، إذا كان يعلم عنه خير، ولم يبلغه عنه إلا الخير؛ فالغيبة شرها عظيم ،وفسادها كبير، والله سبحانه وتعالى يقول في محكم آياته : ( وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ) (12) الحجرات،، وفي سنن أبي داود ومسند أحمد : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« لَمَّا عُرِجَ بِي مَرَرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْتُ مَنْ هَؤُلاَءِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ » ، فالغيبة محرمة ،وهي من كبائر الذنوب ، فيجب الحذر منها، وإذا سمع المسلم أو المسلمة من يغتاب يرد عليه ، ويدافع عنه ، لأن هذا من إنكار المنكر، والله جل وعلا أمر بإنكار المنكر، قال جل وعلا في كتابه الكريم : (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) (104) آل عمران، وقال الله سبحانه وتعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) (71) التوبة، وروى مسلم في صحيحه أن (رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وقد ورد أن المستمع للغيبة أحد المغتابين ،فمن حضره الغيبة وجب عليه أحد أمور : الرد عن عرض أخيه ،ولو بإخراج من اغتاب إلى حديث آخر ، أو القيام عن موقف الغيبة، أو الإنكار بالقلب ،أو الكراهة للقول ،وقد عد بعض العلماء السكوت كبيرة ،لورود هذا الوعيد ،ولدخوله في وعيد من لم يغير المنكر ؛ ولأنه أحد المغتابين حكما ، وإن لم يكن مغتابا لغة وشرعا .وقد فطن الصحابة إلى ذلك الأمر ، وعملوا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياتهم ، فقد رد الصحابي معاذ بن جبل غيبة كعب بن مالك ، ففي صحيح مسلم : قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ..(حَتَّى بَلَغَ تَبُوكًا ( أي رسول الله ) فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْقَوْمِ بِتَبُوكَ : « مَا فَعَلَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ». قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِى سَلِمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطْفَيْهِ. فَقَالَ لَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ بِئْسَ مَا قُلْتَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا. فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ) والذب عن عرض المسلم بظهر الغيب أفضل منه بحضوره ،وإذا رد عن عرضه فأحرى أن لا يتولى ذلك فيغتابه ،بل ينبغي أن يكاشفه فيما ينكر منه ،لكن بلطف ،فذلك من نصره له كما دل عليه خبر انصر أخاك ظالما أو مظلوما ،قال الشيخ ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين:فيستفاد من ذلك : أن الواجب على الإنسان إذا سمع من يغتاب أحدا أن يكف غيبته ،وأن يسعى في إسكاته، إما بالقوة إذا كان قادرا، كأن يقول: اسكت، اتق الله، خاف الله ،وإما بالنصيحة المؤثرة، فإن لم يفعل فإنه يقوم ويترك المكان ؛ لأن الإنسان إذا جلس في مجلس يغتاب فيه الجالسون أهل الخير والصلاح، فإنه يجب عليه أولا أن يدافع، فإن لم يستطع فعليه أن يغادر ، وإلا كان شريكا لهم في الإثم .”
الدعاء