خطبة عن (استقبال شهر رمضان) 2
فبراير 25, 2024خطبة عن (استقبال شهر رمضان) 4
فبراير 25, 2024الخطية الأولى ( رسالة من شهر رمضان)
الحمد لله الذي فاضل بين الشهور والأيام.. وجعل رمضان من أفضل مواسم العام.. وفتح فيه أبواب الخير للأنام.. الحمد له أولا وآخرا.. والشكر له ظاهرا وباطنا.. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .. أفعاله كلها محمودة.. ويده دائما بالعطاء مبسوطة ،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. خير من صلى وصام .. وأفضل من تهجد بالليل وقام ، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان .
أما بعد .. أيها المسلمون
في صحيح البخاري : ( أن أَبَا هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ »
إخوة الإسلام
إليكم هذه رسالة من شهر رمضان .. وهي إلى أهل التوحيد والإحسان…. يقول فيها : أنا رمضان .. أنا الشهر المبارك.. أنا الشهر الكريم. .شهر السكينة والوقار ..شهر الفضيلة والأذكار ..شهر الصدقة والصيام ..شهر التهجد والقيام .. خصني ربي بأجور.. ليست لغيري من الشهور ..كما في البخاري” (عَنْ أَبِى صَالِحٍ الزَّيَّاتِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ اللَّهُ : ( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ ، فَإِنَّهُ لِي ، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ . وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ . وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ ، وَإِذَا لَقِىَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ » .. أنا شهر رمضان ..جُعلت مضماراً للمتسابقين على التقوى..وميدانا للمتنافسين على الدرجات العلى قال تعالى.” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ” البقرة 183، أنا شهر رمضان.. أحل عليكم ضيفاً مضيافا فمن أكرمني يبشر بإكرامي له..ومن أدركني فليخلص في إدراكه لي فقد لا أعود إليه..نعم.. فقد تكون ضيافتك لي هي الأخيرة.. أنا رمضان.. جئتكم ومعي الرحمة والمغفرة من ربكم , من صام أيامي إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه كما في البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ » .. ومن قام ليالي إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه .كما في البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ » .. وعمرة في تعدل حجة والدعاء في لا يرد … نعم ..أنا رمضان ..شهر الجهاد والنصر … والعزة والتمكين …كانت أيامي تتلبس بثياب لُطخت بدم الشهداء والأتقياء…فتلكم بدر الكبرى , وفتح مكة لا ينسى … والأندلس وعموريّة وإنطاكية وعين جالوت ..كل تلك الأسماء ارتبطت بقدومي فسجلنا سوياً تاريخاً مشرقاً ومجداً عظيماً لأمتنا… نعم..أنا رمضان ..شهر الجود والعطاء …والبذل والسخاء …فأيامي اختبار لأهل الأموال فإن هم بذلوها وأعطوها ابتغاء لوجه الله تعالى طامعين فيما عنده.. أفلحوا وفازوا… وإن هم بخلوا واستغنوا فقد خابوا وخسروا … نعم …أنا رمضان الذي انزل الله بحلولي القرآن فقال تعالى : ” شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) ،ولقد كان لصحابة حبيبكم عليه الصلاة والسلام في دويٌّ كدويٌّ النحل يسمع لهم في بيوتهم ، ولقد كان جبريل عليه السلام يدارس الحبيب عليه الصلاة والسلام القرآن في رمضان ..فأيامي كلها خير.. وليالي كلها نعيم.. ونفحاتي مباركة …يغشاني الهدوء والسكينة وتغمرني الفرحة والطمأنينة .لا أعرف ولا أحب الرفث والصخب والسباب ،نعم أنا شهركم المبارك الحبيب إلى قلوبكم …وهذه رسالتي إليكم.. تخبركم بفضلي ومكانتي.. فادعوا الله أن يبلغكم إياي ..وأن يرزقكم صوم أيامي , وقيام ليالي . وأن يعتق رقابكم في من النيران .. هذه رسالتي إليكم / من حبيبكم رمضان
أيها المسلمون
ونحن – المؤمنين الصائمين – نرد عليه بهذه الرسالة … فنقول له : أقبلت يا رمضان.. أقبلت يا شهر الصيام والقيام ..أقبلت يا شهر النور والبركات.. أقبلت يا شهر الخشوع والطاعات.. أقبلت يا شهر النصر والمكرمات.. أقبلت يا شهر الذكريات.. أقبلت وقد اشتاق إليك المحبون .. فكم كنت ربيعا للطائعين.. وموسما للتائبين قد تاقت إليك نفوس المؤمنين.. واشتاقت إلى لياليك دموع المتهجدين.. فكم فيك من راكع وساجد..وكم فيك من تال للقرآن وذاكر..وكم فيك من مخبت وباك. قد فتحت فيك أبواب الجنان.. وغلقت أبواب النيران.. وصفد مردة الجان . فهنيئا لمن استغل أيامك ولياليك.. وتزود فيك من العمل الصالح ما يقربه إلى الله سبحانه وتعالى ويكسبه مرضاته .
أتى رمضان مزرعة العباد لتطهير القلوب من الفساد
فأد حقوقه قولاً وفعلا وزادك فاتخذه للمعاد
فمن زرع الحبوب وما سقاها تأوه نادماً يوم الحصاد
أيها الموحدون
وعند الإمام أحمد والنسائي بسند صحيح، { عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطية الثانية ( رسالة من رمضان)
الحمد لله رب العالمين.. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الترمذي وصححه الألباني رحمه الله أنه صلى الله عليه وسلم “قال: إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ “. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له ” رواه مسلم
إخوة الإسلام
لقد شرع الله الصيام لتهذيب النفوس وصقلها وتدريبها على مراقبة الله جلا وعلا . . ومن الحكم التي من أجلها شرع الصوم تضييق مجاري الشيطان فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم .. وزمام ذلك كله تقوى الله سبحانه وتعالى ولذا قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) البقرة 183 ، فالصوم الذي لا يربي صاحبه على تقوى الله جل وعلا واستشعار عظمته ..فيه خلل .. فليس الصوم الامتناع عن الطعام والشراب فقط !! بل الصوم أشمل من ذلك .. يشمل كل ما حرم الله .( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : « مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ » رواه البخاري ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :كما في مسند أحمد ” (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ ” ، وفي البخاري ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « الصِّيَامُ جُنَّةٌ ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَجْهَلْ ، وَإِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ . مَرَّتَيْنِ ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِى ، الصِّيَامُ لِى ، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا » ،وقال بعض السلف : أهون الصيام ترك الشراب والطعام . وقال جابر : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الجار ،وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك ، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء .
أيها المؤمنون
وأسوق إليكم نماذج من حال السلف في شهر رمضان.. يقول علي رضي الله عنه “والله لقد رأيت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وما أرى اليوم شيئا يشبههم، كانوا يصبحون شعثا غبرا صفرا قد باتوا لله سجدا وقياما، يتلون كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم، وكانوا إذا ذكروا الله مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح، وهملت أعينهم حتى تبل ثيابهم، وكأن القوم باتوا غافلين “.. وكان الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله الزاهد العابد إمام أهل السنة إذا دخل شهر رمضان دخل المسجد ومكث فيه يستغفر ويسبح وكلما انتقض وضوءه عاد فجدد وضوءه فلا يعود لبيته إلا لأمر ضروري من أكل أو شرب أو نوم هكذا حتى ينسلخ شهر رمضان وكان الإمام أبو حنيفة رحمه الله يختم القرآن في كل يوم وليلة مرة.. وفي رمضان كل يوم مرتين ..مرة في الليل ومرة في النهار . وكان قتادة يختم القرآن في كل سبع مرة فإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث ليال مرة فإذا جاء العشر ختم في كل ليلة مرة.. وكان الشافعي رحمه الله يختم في رمضان ستين ختمه ما منها شيء إلا في الصلاة . هذه نماذج يسيرة من حال السلف الصالح في رمضان فما هو حالنا في رمضان ؟ فأقول:
وزَوِّدْ نَفْسَك َالخَيْرْ .. .. وَدَع ْ مَا يُعْقِبُ الضَّيرْ
وَهَيِّيء مَركَبَ السَّيْرْ .. .. وَخَف مِنْ لُجِّةِ اليَّم
الدعاء