خطبة عن (الإسلام دين العلم، وخطورة التخلف العلمي)
فبراير 12, 2024خطبة عن (التَّوَكُّلُ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)
فبراير 14, 2024الخطبة الأولى (رقة القلب وقسوته)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (22) الزمر، وقال تعالى: (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (74) البقرة، وقال تعالى: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (43) الانعام.
إخوة الاسلام
إن أثمن ما في هذه الحياة الدنيا: قلب رقيق طاهر عابد، يستشعر الخير فيسارع إليه، ويتأثر بكل متألم ومحتاج إليه، ويسارع في معونته والبذل له، إنه قلب يرتجف لصرخة طفل، ويهتز لنداء أم ثكلى، ويشفق على يتيم ضعيف، أو مسكين ملهوف، فالقلب الرقيق قلب يتأثر بما يحصل حوله، معطاء لما في يديه، متطلع للحياة الآخرة، زاهد عن متاع الحياة الدنيا.
والقلوب الرقيقة هي الأكثر قربا إلى الله سبحانه، وهي الأكثر تأثرا بالموعظة والتذكرة, والأقرب إلى الندم على ما فات، والأقرب بالبكاء من خشية الله, والأكثر شعورا بالفقراء والضعفاء والمرضى وذوي الشكوى, وهي الأرفق بالناس في المعاملات والتصرفات, وهي الأكثر استمساكا بالقيم العليا، والمبادئ السامية, وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ».
وقد وصف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالرقة والرفق والرحمة، فقال سبحانه: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) (159) آل عمران، وبين الله تعالى لنا أن القلوب الرقيقة هي القلوب الخاشعة المنيبة لله سبحانه، وهي صاحبة الرجاء في القبول، فقال سبحانه: (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (16) الحديد، ولهذا فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد التعهد لقلبه، يداويه ويصلحه, ففي سنن الترمذي: (عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا قَالَ «نَعَمْ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أَصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ». وكان السلف الصالح -رضوان الله عليهم-, يعتنون بقلوبهم أشد العناية, قال بكر المزني: (ما سبقهم أبو بكر بكثير صلاة ولا صيام ولكن بشيء وقر في صدره). وليس من قسوة القلب: الاسترواح بالأهل والأولاد والأحباب والضيعات، فإن للنفس إقبالا وإدبارا، ولا بد لها من شيء من اللهو تستجم به، وتدفع به نصب العبادة, وفي صحيح مسلم: (عَنْ حَنْظَلَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَوَعَظَنَا فَذَكَّرَ النَّارَ – قَالَ – ثُمَّ جِئْتُ إِلَى الْبَيْتِ فَضَاحَكْتُ الصِّبْيَانَ وَلاَعَبْتُ الْمَرْأَةَ – قَالَ – فَخَرَجْتُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا تَذْكُرُ. فَلَقِينَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَافَقَ حَنْظَلَةُ فَقَالَ «مَهْ». فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا قَدْ فَعَلْتُ مِثْلَ مَا فَعَلَ فَقَالَ «يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً وَلَوْ كَانَتْ تَكُونُ قُلُوبُكُمْ كَمَا تَكُونُ عِنْدَ الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ حَتَّى تُسَلِّمَ عَلَيْكُمْ فِي الطُّرُقِ ».
أيها المسلمون
والإسلام كما مدح كل قلب رقيق, فقد ذم القلوب القاسية, قال تعالى: “(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً” (74) البقرة، وهل اشتكت الأرض إلا من غلاظ القلوب, وهل تدنست مشارقها ومغاربها إلا من فظاظ الطباع والأخلاق، فإذا قسا القلب أظلم، وفسد حاله، وخلت عبادته من الخشوع, وغلب عليه البخل، والكبر، وسوء الظن, وصار بعيداً عن الله, فقيرا ولو ملك الدنيا بأسرها, وحرم لذة العبادة، والمناجاة لله، فقسوة القلب تعني: ذهاب اللين والرحمة والخشوع، وتعني فساد الطباع، وسوء الاخلاق، ففي الصحيحين: ( يقول صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ. أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ»، وقسوة القلب تعني: الأعراض عن الذكر: قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (124) طه، وفي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي مُوسَى – رضي الله عنه – قَالَ قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ»، وقسوة القلب تعني: التفريط في الفرائض: قال الله تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً) المائدة (13)، وقسوة القلب تعني: أكل المال الحرام: ففي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، لاَ يُبَالِي الْمَرْءُ مَا أَخَذَ مِنْهُ أَمِنَ الْحَلاَلِ أَمْ مِنَ الْحَرَامِ»، وقسوة القلب تعني: فعل المعاصي: قال تعالى: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (14) المطففين، وفي سنن الترمذي: (عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)»، وفي صحيح مسلم: (قَالَ حُذَيْفَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلاَّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ»،
وقسوة القلب تعني: المجاهرة بالمعاصي: فالعبد اذا جاهر بالمعصية، بارز الله واستخف بعقوبته، فعاقبه الله بفساد قلبه وقسوته, ففي صحيح مسلم: (أن أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافَاةٌ إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنَ الإِجْهَارِ أَنْ يَعْمَلَ الْعَبْدُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً ثُمَّ يُصْبِحُ قَدْ سَتَرَهُ رَبُّهُ فَيَقُولُ يَا فُلاَنُ قَدْ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ فَيَبِيتُ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ»، وقسوة القلب تعني: الجهل بدين الله، وترك التفقه في الدين، قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) فاطر (28)، فالجهل من أعظم أسباب القسوة، وقلة الخشية من الله. وقسوة القلب تعني: اتباع الهوى، وعدم قبول الحق والعمل به: قال تعالى: “فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) الصف (5)، وقال تعالى: (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ) التوبة (127)، وقسوة القلب تعني: الكبر وسوء الخلق :ففي الصحيحين: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ»، وقسوة القلب تعني: الإغترار بالدنيا، والتوسع في المباحات: فالإكثار من ملذات الدنيا والركون إليها مما يقسي القلب وينسيه الآخرة، وأيضا: كثرة الضحك، والانشغال باللهو: فالقلب إذا اشتغل بالباطل، انصرف عن الحق وأنكره، واشتبه عليه الأمر. وفي صحيح ابن حبان: قال صلى الله عليه وسلم:(إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (رقة القلب وقسوته)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
والسؤال: كيف نعالج القلوب القاسية؟، والجواب: إن علاج قساوة القلب تكون بأمور ترقق القلب وتزكيه، ومنها: كثرة ذكر الله تعالى، الذي يتواطأ عليه القلب واللسان، قال الله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) (28) الرعد، وقال تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (23) الزمر، وقال أحد الصالحين: (دواء القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتفكر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحر، ومجالسة الصالحين)، ونعالج قسوة القلب: بالإحسان إلى اليتامى والمساكين، روى ابن أبي الدنيا والبيهقي: (أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى سَلْمَانَ أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَسْوَةَ قَلْبَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلينَ قَلْبُكَ فَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ وَأَطْعِمْهُ». ونعالج قسوة القلب: بكثرة ذكر الموت ،ذكر ابن أبي الدنيا بإسناده، عن صفية: أن امرأة أتت عائشة لتشكو إليها القسوة، فقالت: أكثري ذكر الموت، يرق قلبك وتقدرين على حاجتك، قالت: ففعلت، فآنست من قلبها رشدا، فجاءت تشكر لعائشة رضي الله عنها، وعن سعيد بن جبير قال: (لو فارق ذكر الموت قلوبنا ساعة لفسدت قلوبنا). ونعالج قسوة القلب: بزيارة القبور، والتفكر في حال أهلها ومصيرهم ،وفي صحيح مسلم: عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ»
ونعالج قسوة القلب: بأكل الحلال: ففي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ)». ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ». ونعالج قسوة القلب: بالجود والإحسان الى الخلق. والحرص على مجالس العلم، والإكثار من التوبة والاستغفار, وعدم الإصرار على الذنب ،والنظر في سير العلماء، وصحبة الصالحين، والزهد في الدنيا، والتأمل في قصرها، وتغير أحوالها، والرغبة في ما عند الله من النعيم. وزيارة المرضى وأهل البلاء، ومشاهدة المحتضرين، والاتعاظ بحالهم. والإكثار من تلاوة القرآن بتدبر وتفهم وتأثر، والعناية بما أوجب الله من الصلاة وغيرها، والحذر مما حرَّم الله.
الدعاء