خطبة عن (اللغة العربية وأهمية تعلمها)
مايو 7, 2022خطبة عن حديث (الْعُطَاسُ مِنَ اللَّهِ وَالتَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ)
مايو 7, 2022الخطبة الأولى ستر العورة ، وحديث ( احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الترمذي في سننه : (حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ قَالَ « احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ». قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ قَالَ :« إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ فَلاَ يَرَيَنَّهَا ». قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا قَالَ :« فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يَسْتَحْيِىَ مِنْهُ النَّاسُ ». قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
أيها المسلمون
جاءت الشريعة الإسلامية لتأمرنا بكل حسن ، وتنهانا عن كل قبيح ، لأنها نزلت من عند رب العالمين، وهو العليم الخبير بما يصلح العباد سبحانه وتعالى ، ومن محاسن هذه الشريعة ستر العورات، وذلك لما فيه من درء للمفاسد ،قال الله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ [النور 31:30]، وروى الإمام مسلم في صحيحه : (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ وَلاَ يُفْضِى الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَلاَ تُفْضِى الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ».فالإسلام كرم الجنس البشري في مجالات متعددة، وكان من أبرزها أن أكرم الله الإنسان بأمره بستر عورته، وسمى ذلك زينة، ونهاه عن كشف العورة وسمى الكشف فتنة، فقال الله عز وجل: (يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ) الأعراف 27. وقال الله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) الأعراف 31.
والعورة تطلق على الخلل والسوءة، والشيء المستقبح، وكل ما يحرم كشفه، وهي مأخوذة من العور، وهو النقص والعيب، وسميت العورة عورة؛ لقبح ظهورها ،ولما يسبب كشفها من إلحاق المذمة والعار بكاشفها، والعورة شرعاً هي: كل ما حرم الله تعالى كشفه أمام من لا يحل النظر إليه، وما يجب ستره، ولا يجوز كشفه، قال الله عز وجل: (وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء) النور 31.
وعورة الرجل عند جمهور العلماء ما بين السرة والركبة، والفخذ عورة، كما في صحيح البخاري : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَرْهَدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ جَحْشٍ عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – « الْفَخِذُ عَوْرَةٌ »، أما المرأة فإن جميع بدن المرأة الحرة عورة، على الصحيح من أقوال أهل العلم، وقد جعل الله ستر العورة متلازماً مع التقوى ، كما في قول الله تعالى : (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ) الأعراف 26، فالتلازم بين شرع الله باللباس المأمور به لستر العورات، وبالزينة، وبين التقوى؛ لأن كلاهما لباس، فهذا يستر عورات القلب ويزينه، وذاك يستر عورات الجسم ويزينه، وهما متلازمان، فالذي عنده شعور بتقوى الله تعالى، والحياء منه، ينبثق منه الشعور بالحياء، واستقباح كشف العورة، والذي لا يتقِ الله ، لا يستحيي منه، ولا يهمه أن يتعرى، وأن يُدعى إلى العري فيجيب، فالستر من الحياء والإيمان والتقوى، والعري من انعدام هذه الأشياء، والتجرد عن ستر العورة ردة إلى الحيوانية، وعودة إلى الحياة البدائية، وإن من أعز ما يملكه الإنسان الحياء والعفاف والشرف، وهكذا جاءت الشريعة بالأمر بستر العورة ،لأن ستر العورة وقاية ؛ ولأنه يساعد على غض البصر الذي أمر الله تعالى به، ولذلك ذكر هذا بعد هذا، فقال تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ) النور 30-31. فإذا أردنا أن نحقق الأول فلا بد من تحقيق الثاني، والنظرة تزرع في القلب الشهوة، والشهوة توقع في المحظور، ولذلك قال الله لنساء المؤمنين منكراً عليهن عادة نساء أهل الجاهلية : (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) الأحزاب 33. فكانت المرأة في الجاهلية تمر بين الرجال مكشوفة الصدر، بادية النحر، حاسرة الذراعين، وربما أظهرت مفاتن جسمها وذوائب شعرها؛ لتغري الرجال،
أيها المسلمون
وفي قوله صلى الله عليه وسلم :« احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ » ، فيه جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، ويؤيده ما رواه البخاري ومسلم : (عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّها قالت: “كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم منْ إِنَاءٍ بَيْني وَبَيْنَهُ وَاحِدٍ، فَيُبَادِرَني حَتَّى أَقُولَ: دَعْ لي، دَعْ لي”
ويحرم على المسلم أن يغتسل أمام أحد وهو مكشوف العورة، ففي سنن أبي داود وغيره : (عَنْ عَطَاءٍ عَنْ يَعْلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى رَجُلاً يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ بِلاَ إِزَارٍ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِىٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ ».وفي سنن الترمذي وغيره : (حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قُلْتُ يَا نَبِىَّ اللَّهِ .. إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا قَالَ « فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يَسْتَحْيِىَ مِنْهُ النَّاسُ ». فينبغي عدم كشف العورة لغير حاجة وذلك حياء من الله تعالى، وإكراما للملائكة الحفظة الكاتبين، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِيَّاكُمْ وَالتَّعَرِّى فَإِنَّ مَعَكُمْ مَنْ لاَ يُفَارِقُكُمْ إِلاَّ عِنْدَ الْغَائِطِ وَحِينَ يُفْضِى الرَّجُلُ إِلَى أَهْلِهِ فَاسْتَحْيُوهُمْ وَأَكْرِمُوهُمْ » رواه الترمذي
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ستر العورة ، وحديث ( احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وفي هذا العصر الذي نعيش فيه ،خالفت البشرية أمر الله ورسوله بستر العورة، فكشفوا العورات على السواحل، والشواطئ، وفي المنتجعات، والأماكن التي يسمونها سياحة، وكشفوا العورات في الملاعب، وكشفوا العورات في الأسواق، وصار كشف العورة من سيما البهائم البشر في هذا الزمان، بهائم بشرية تتحرك، وصار هناك أندية للعراة، وشوارع للعراة، رجعوا إلى حياة البهائم، رغم ما هم عليه من التقدم الصناعي، أو الزراعي، والتجاري، لكنهم فيما يتعلق بالإيمان والحياء هم أدنى مستوى من البهائم، ومن المؤسف والمحزن أن بعض الأفراد من المسلمين يقلدون الكفار، ويسيرون على نهجهم في كشف العورة، وترى بعض الرجال من المسلمين يلبسون هذا السروال القصير، ويمارسون لعبة الجري في الشوارع؛ تقليداً للخواجات، وهكذا يفعلون، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الحال المزرية التي سنصل إليها، وهؤلاء الذين يجلسون في المجالس ليس تحت ثيابهم سراويل طويلة يضعون رجلاً على رجل ونحو ذلك، فتنكشف أفخاذهم، وهذا حرام لا يجوز، فانتبهوا رحمكم الله لهذه المسائل، كشف العورات أدى في هذه الزمان إلى شيوع الفواحش، ولو ستر الناس عوراتهم لكفينا شراً كثيراً، ولكن كشف العورات منتشرة ومنشورة على مرأى الناس، يرونه في كل حين، ولذلك تثور الغرائز، ويقع الناس في المحرمات. لذا فإنني أذكركم بما بدأت به ، إنه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : « احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ». قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ قَالَ :« إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ يَرَاهَا أَحَدٌ فَلاَ يَرَيَنَّهَا ». قَالَ قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا قَالَ :« فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يَسْتَحْيِىَ مِنْهُ النَّاسُ ».
الدعاء