خطبة عن (أهل البلاء)
أبريل 17, 2024خطبة عن (طرق الشيطان)
أبريل 17, 2024الخطبة الأولى (سلامة الْقَلْب) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (88)، (89) الشعراء، وفي الصحيحين: (يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ. أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ)
إخوة الإسلام
الله تعالى لاَ يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ، والقلوب على قسمين (قلب أبيض، وقلب أسود): فالقلب الأبيض هو القلب المؤمن، ويسمى بالقلب السليم، لأنه سلم من الشرك والكفر والنفاق، وسلم من الحسد والحقد والغل والكراهية فهو قلب سليم أَبْيَض، مِثْل الصَّفَا، لاَ تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ. والْقَلْبُ السَلِيم هو القلب المطمئن إلى السنة النبوية، والخالي من البدع والمحدثات. وقد يظن بعض الناس خطأ، أن قلبه أبيض نظيف، لأنه لا يؤذي الناس، وهو لا يطيع الله، فلا يصلي، ولا يصوم، لا يؤدي ما عليه، وقد يشرب الخمر، فهذا قلبه أسود، لأنه قصر في الواجبات، ويعصي الله، فالْقَلْبُ السَلِيم هو القلب الذي لا يعرف سوى الإسلام دينا، والاستسلام لله والعمل بشرعه ودينه. القلب السليم هو قلب حيُّ بذكر الله، وقد خلصت عبوديته لله تعالى : إرادة ومحبة، وتوكلا، وإنابة وإخباتا وخشية، ورجاء، وخلص عمله لله، فإن أحب أحب في الله، وإن أبغض أبغض في الله، وإن أعطى أعطى لله، وإن منع منع لله، والإنسان لا يكون صاحب قلب سليم إلا إذا تحلى بأخلاق القرآن الكريم؛ وكان على هدي سيد المرسلين، وصاحب القلب السليم كُلَّما فعلَ ذنبًا أسْرعَ في التوبة والاستغفار، قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} [آل عمران:135]، والقلب السليم إذا عُرضت عليه الفِتَنُ والقبائحُ والشَّهواتُ والشُّبُهاتُ نَفَرَ منها بطبْعه، وأبْغَضَها ولم يلْتفتْ إليها، واستعاذَ بالله منها، فحياؤه يمنَعُهُ من الوُقوع في المعاصي والمخالفات، والقلب السليم عندما تفوتُه طاعةٌ من الطاعات، يجدُ لفواتِها ألَمًا عظيمًا في قلبه، يقول الرسول: «الذي تَفُوتُهُ صَلَاةُ العَصْرِ، كَأنَّما وُتِرَ أهْلَهُ ومَالَهُ» رواه الشيخان ،وفي سنن ابن ماجه: (قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ قَالَ «كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ». قَالُوا صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ قَالَ «هُوَ التَّقِىُّ النَّقِيُّ لاَ إِثْمَ فِيهِ وَلاَ بَغْيَ وَلاَ غِلَّ وَلاَ حَسَدَ».
والقلب السليم له ثلاث علامات أولها: أن لا يؤذي أحداً، والثاني: أن لا يتأذى من أحد، والثالث: إذا اصطنع معروفاً إلى أحد لم يتوقع منه المكافأة، فإذا هو لم يؤذ أحداً، فقد جاء بالورع، وإذا لم يتأذ من أحد، فقد جاء بالوفاء، وإذا لم يتوقع المكافأة فقد جاء بالإخلاص). وهذا ما حث عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمته بترك التشاحن والمخاصمة والغل والحسد على أحد من عباد الله تعالى،
وعلينا أن نلتمسَ سلامة وصلاحَ قلوبنا، ومما يعين على سلامة القلب: رضا المسلم عن ربه: فيرضى عن ربه بما قدره له وقضاه. قال ابن القيم: (وَتَسْتَحِيلُ سَلَامَةُ الْقَلْبِ مَعَ السُّخْطِ وَعَدَمِ الرِّضَا. وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَشَدَّ رِضًا كَانَ قَلْبُهُ أَسْلَمَ).
ومما يعين على سلامة القلب: تلاوة القرآن: فهي أعظم دواء لأمراض القلوب، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ﴾ [يونس:57].
ومما يعين على سلامة القلب: حسن الظن بالمسلمين، والنصيحة لهم، وألا تحمل غلا ولا حسدا لأحد، فقد جاء في حديث الرجل الذي بشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة أنه قال: (غَيْرَ أَنِّى لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِى لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلاَ أَحْسُدُ أَحَداً عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ). رواه أحمد،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (سلامة الْقَلْب)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومما يعين على سلامة القلب: الدعاء بسلامة القلب: فينبغي للمسلم أن يلجأ إلى الله بالدعاء ويرجوه أن يجعل قلبه سليما من الكفر والشرك والنفاق، خليا من الغل والحقد والحسد. والدعاء بسلامة القلب من صفات عباد الرحمن. قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10]. وفي صحيح مسلم: (كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَدْعُو يَقُولُ «اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ». وفي سنن الترمذي: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ». فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا قَالَ «نَعَمْ إِنَّ الْقُلُوبَ بَيْنَ أَصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ ».
ومما يعين على سلامة القلب: إفشاء السلام: فإفشاء السلام يؤلف بين القلوب المتنافرة، وينشر المحبة، ويذهب العداوة والبغضاء بين المسلمين. (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ) [رواه مسلم].
ومما يعين على سلامة القلب ذكر الله تعالى: فالقلوب تصدأ كما يصدأ الحديد والنحاس، وجلاؤها ذكر الله، ففي الصحيحين: (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «مَثَلُ الَّذِي يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِي لاَ يَذْكُرُ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ».
الدعاء