خطبة حول حديث (مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلاَّ غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا)
مايو 7, 2022خطبة عن حديث (إِنَّمَا جُعِلَ الاِسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ)
مايو 7, 2022الخطبة الأولى : سُنن الْفِطْرَةِ، وحديث ( عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام مسلم في صحيحه : (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ وَقَصُّ الأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَنَتْفُ الإِبْطِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ ». قَالَ زَكَرِيَّاءُ قَالَ مُصْعَبٌ وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ. زَادَ قُتَيْبَةُ قَالَ وَكِيعٌ انْتِقَاصُ الْمَاءِ يَعْنِى الاِسْتِنْجَاءَ.
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع هذا الأدب النبوي، والذي يبين لنا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم سنن الفطرة ،وذلك من خلال قوله صلى الله عليه وسلم (عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ) ، والفطرة : هي الخلقة التي خلق الله عباده عليها، وجعلهم مفطورين عليها : على محبة الخير وإيثاره، وكراهة الشر ودفعه، وفطرهم حنفاء مستعدين، لقبول الخير والإخلاص لله، والتقرب إليه، وجعل الله تعالى شرائع الفطرة نوعين: أحدهما: يطهر القلب والروح، وهو الإيمان بالله وتوابعه: من خوفه ورجائه، ومحبته والإنابة إليه. قال الله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (30) ،(31) الروم ، فهذه تزكي النفس، وتطهر القلب وتنميه، وتذهب عنه الآفات الرذيلة، وتحليه بالأخلاق الجميلة، وهي كلها ترجع إلى أصول الإيمان وأعمال القلوب . والنوع الثاني: ما يعود إلى تطهير الظاهر ونظافته، ودفع الأوساخ والأقذار عنه، وهي هذه العشرة، وهي من محاسن الدين الإسلامي ؛ إذ هي كلها تنظيف للأعضاء، وتكميل لها، لتتم صحتها، وتكون مستعدة لأداء وظيفتها ومهمتها ، فالفطرة هي شاملة لجميع الشريعة، باطنها وظاهرها؛ لأنها تنفي الباطن من الأخلاق الرذيلة، وتحلّيه بالأخلاق الجميلة التي ترجع إلى عقائد الإيمان والتوحيد، والإخلاص لله والإنابة إليه، وتنقي الظاهر من الأنجاس والأوساخ وأسبابها ،فالشريعة كلها طهارة وزكاء وتنمية وتكميل، وحث على معالي الأمور، ونهي عن سفسافها ، ثم بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سنن الفطرة : أولها : (قَصُّ الشَّارِبِ) : فقصّ الشارب أو حَفُّه حتى تبدو الشَّفَّة، ففي ذلك من النظافة، والتحرز مما يخرج من الأنف، فإن شعر الشارب إذا تدلى على الشفة ، وخالط ما يتناوله الانسان من مأكول ومشروب، مع تشويه الخلقة بوفرته، وروي في الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ ، وَفِّرُوا اللِّحَى ، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ » . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَجَّ أَوِ اعْتَمَرَ قَبَضَ عَلَى لِحْيَتِهِ ، فَمَا فَضَلَ أَخَذَهُ) ، وقد كان صلى الله عليه وآله وسلم يحف شاربه ، ويأمر أصحابه بذلك ، قال المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – : (ضِفْتُ بِالنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ لَيْلَةٍ فَأَمَرَ بِجَنْبٍ فَشُوِىَ – قَالَ – فَأَخَذَ الشَّفْرَةَ فَجَعَلَ يَحُزُّ لِي بِهَا مِنْهُ – قَالَ – فَجَاءَهُ بِلاَلٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلاَةِ فَأَلْقَى الشَّفْرَةَ وَقَالَ « مَا لَهُ تَرِبَتْ يَدَاهُ ». قَالَ مُغِيرَةُ وَكَانَ شَارِبِي وَفَى فَقَصَّهُ لِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى سِوَاكٍ أَوْ قَالَ « أَقُصُّهُ لَكَ عَلَى سِوَاكٍ » رواه أحمد وأبو داود وغيره ، وصححه الألباني .
ومن سنن الفطرة (إِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ) : وهو أن يوفر شعرها ولا يقص ، وروى مسلم في صحيحه : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَحْفُوا الشَّوَارِبَ وَأَعْفُوا اللِّحَى ». فذهب كثير من العلماء إلى وجوب تركها ، وقال آخرون أنها سنة، واللحية جعلها الله وقاراً للرجل وجمالاً به. ولهذا يبقى جماله في حال كبره بوجود شعر اللحية. ومن سنن الفطرة كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : (السِّوَاكُ ) : وهو استعمال عود أو نحوه في الأسنان ليذهب الصفرة أو غيرها عنها ، وفي مسند أحمد وغيره : (عَنْ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِ ». ويتأكد التسوك في مواضع منها : عند الصلاة ، وعند الوضوء ، بعد الاستيقاظ من النوم، وعند تلاوة القرآن ، وتغير الفم؛ ومن سنن الفطرة كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : (اسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ ) ، واستنشاق الماء : أي ادخال الماء في الأنف وجذبه بريح أنفه واستنثاره، وفيه تنقية مجرى النفس ، ومن سنن الفطرة كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : (قَصُّ الأَظْفَارِ) أو تقليمها ، قال النووي: ” مجمع على أنه سنة، وسواء فيه الرجل والمرأة، واليدان والرجلان ” وهذه خصلة من خصال الفطرة ، وهي من محاسن هذا الدين . وفي النص عليها دليل على شمولية الإسلام ، وأنه دين الفطرة ، ودين الكمال ، والمراد به قطع ما طال عن اللحم منها، وينبغي الاستقصاء في إزالتها إلى حدٍ لا يدخل فيه ضرر على الإصبع، وينبغي غسل رؤوس الأصابع بعد تقليم الأظافر، لإزالة ما قد يكون تحتها من أوساخ ،لا سيما إذا طالت، والحكمة من حثِّ الشرع على قصِّ الأظافر: لأنَّ الوسخ يجتمعُ تحت الظفر فيستقذر، وقد ينتهي إلى حدٍ, يمنع من وصول الماء إلى ما يجبُ غسله في الطهارتين، وللبعد من مشابهة الحيوان ذي المخالب – هذا وقد انتشرت اليوم – عادة إطالة الأظافر بين نسائنا تأثراً بنساء الغرب، فتطيل المرأة أظافرها، وتضع عليها الصبغ المعروف بالمناكير! وكما تفعله النساء يفعله الشبابُ وبعض الكبار، وهذه عادةٌ سيئة، منافية لتعاليم الدين لأمور: أن في ذلك تشبها بالكفار، لأن هذه العادة دخيلة علينا لم تكن معروفة بين أبناء المسلمين حتى صار تقليد الغرب في زيه ولباسه تقدماً ومدنية ، وأن فيه مخالفة للفطرة التي فطر الله الناس علي حسنها وكمالها، فمن أطال أظافرهُ فقد عدل عن الفطرة، ورغب في القباحة، ولم يرض بالزينة وتحسين الهيئة. وقد ثبت طبياً أن إطالة الأظافر تُكون سببا في بعض الأمراض ، وما فيها إذا طالت من أذى للشخص أو لغيره ، فيؤذي نفسه بأن يجرح جلده أو يجرح غيره ، أو ينكسر ظفره فيتأذى بذلك . ويُستثنى من تقليم الأظفار من أراد أن يُضحّي بعد دخول شهر ذي الحجة إلى أن يُضحّي .واستثنى بعض العلماء من ذلك حالة الغزو ، فقالوا : له أن يُطيل أظافره ؛ لأنه قد يحتاج إليها . ومن سنن الفطرة كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : (غَسْلُ الْبَرَاجِمِ )، والبراجم : هي عقد الأصابع ومفاصلها كلها ،وغسلها سنة مستقلة ليست بواجبة ، قال العلماء : ويلتحق بالبراجم ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن ،وقعر الصماخ فيزيله بالمسح ،لأنه ربما أضرت كثرته بالسمع ، وكذلك ما يجتمع في داخل الأنف وكذلك جميع الوسخ المجتمع على أي موضع كان من البدن بالعرق والغبار ونحوهما، وغسل البراجم مستحب، وليس بواجب، ويندرج غسل البراجم في الوضوء، وفي الغُسل،
ومن سنن الفطرة كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : (نَتْفُ الإِبْطِ ) : والنتف: هو إزالة الشعر بالقلع، ونتفه لقطع الروائح التي تنشأ من الوسخ الذي يجتمع بسبب العرق فيعلق بالشعر، ونتفهُ وجه من أوجه النظافة، التي تديم العشرة بين الزوجين، وكمال الاستمتاع لأنَّ رائحة الإبط كريهة جداً، فنتفهُ من خصال الفطرة الدالة على اشتمال دين الإسلام على الآداب العالية. ونتف الإبط أفضل من حلقه، لورود الحديث به، ولأنَّ النتف يضعفُ الشعر فتضعف الرائحة الكريهة، بخلاف الحلق فإنَّهُ يقوي الشعر ويهيجه فتقوى الرائحة، لكن إذا لم يقوى على النتف جازت إزالته بأيِّ مزيل مما وجد في هذا العصر، لحصول المقصود وهو الإزالة ، وإذا كان يشق عليه نتف إبطه ، فإنه يُحصّل المقصود بالحلق ،فعن يونس بن عبد الأعلى قال: دخلت على الشافعي ورجل يحلق إبطه ، فقال: إني علمت أن السنة النتف ، ولكن لا أقوى على الوجع ، ومن سنن الفطرة كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : (حَلْقُ الْعَانَةِ ) ،ويسمى أيضا : (الاستحداد ) والاستحداد مأخوذ من استعمال الحديدة ، وهي الموسى ، ويُقصد بها هنا حلق شعر العانة للرجل والمرأة على حـدّ سواء ، ففي الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنهما – أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا دَخَلْتَ لَيْلاً فَلاَ تَدْخُلْ عَلَى أَهْلِكَ حَتَّى تَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ »، وعبر بالاستحداد ؛ لأنه الغالب استعماله في إزالة الشعر ، وليس في ذلك منع إزالته بغير الموسى، ويجوز استعمال غير الموس ،لأن المقصود هو إزالة الشعر ، وقد كان بعض السلف يستعملون النّورة ، وهي ما يُطلى به الجسم لإزالة الشعر من الموضع المراد إزالته منه ، فحلق العانة من سنن الفطرة ، والحكمة من الحث على إزالة شعر العانة للرجل والمرأة :أنَّ إزالة هذا الشعر تقي الإنسان من الأمراض والالتهابات، بسبب تراكم الأوساخ. وإزالته متضمنة لكمال الطهارة. وإزالته تلطف العشرة بين الزوجين، وتزرع الألفة بينهما، وتؤدي إلى كمال الاستمتاع ، ومن سنن الفطرة كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : (انْتِقَاصُ الْمَاءِ ) ، والمقصود به ( الاستنجاء) وهو غسل القبل والدبر ( مخرج البول والبراز ، مع الخصيتين) بالماء ، فالاستنجاء من البول والغائط واجب بالاتفاق؛ لأنه إزالة نجاسة والنجاسة يجب إزالها عن البدن ،لما في ذلك من النظافة والطهارة، ومن سنن الفطرة كما بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : (الْمَضْمَضَةَ ) : وهي ادخال الماء إلى الفم ومجه ، وفي ذلك تطهير للفم مما علق به من أطعمه وغيرها ، وقد ورد الأمر بها والاستنشاق في الوضوء ، فاذا تمضمض المسلم خرجت ذنوبه مع قطر الماء
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية : سُنن الْفِطْرَةِ، وحديث ( عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وفي صحيح مسلم : (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ أَنَسٌ وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ وَنَتْفِ الإِبْطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لاَ نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ). فمعنى هذا إنه لا يجوز تعدي أربعين، هذا يقتضي الوجوب، ما يجوز أن يترك الإنسان هذه الشعور أكثر من أربعين، هذا حد أعلى، حد أقصى، ولكن مع ذلك ممكن بعض الناس يتأكد عليه أن يبادر؛ فالمقصود الشرعي يقتضي أن يبادر وأن يزيلها قبل ذلك. وهذه الخصال يجمعها النظافة والجمال، كلها ترجع إلى النظافة، وإلى الجمال؛ فالمضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب، ونتف الإبط، يعني منها ما يظهر فيه يعني جانب النظافة، وفي النظافة حسن الجمال؛ ففي قص الشارب جمال، وفي إعفاء اللحية جمال، وفي تقليم الأظفار جمال ونظافة، وفي نتف ففي إزالته نظافة، وكذلك حلق العانة، ومن سنن الفطرة التي لم يرد زكرها في هذا الحديث : الختان : والخِتان أو الاختتان هو : قطع القلفة التي تكون على رأس الذّكر ، وهو سِمة لهذه الأمة ، وكان معروفاً في الأمم السابقة ، ويدل عليه ما جاء في قصة هرقل ، ففي صحيح البخاري : (وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّأْمِ ، يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ ، فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ . قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ قَالُوا لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلاَّ الْيَهُودُ فَلاَ يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ ، فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنَ الْيَهُودِ . فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ أُتِىَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ ، يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لاَ . فَنَظَرُوا إِلَيْهِ ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ ، وَسَأَلَهُ عَنِ الْعَرَبِ فَقَالَ هُمْ يَخْتَتِنُونَ . فَقَالَ هِرَقْلُ هَذَا مَلِكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ ). وثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « اخْتَتَنَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً ، وَاخْتَتَنَ بِالْقَدُومِ » . وختان النساء سُنة للنساء ، ففي سنن البيهقي وصححه الألباني : (عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ : كَانَ بِالْمَدِينَةِ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا أُمُّ عَطِيَّةَ تَخْفِضُ الْجَوَارِي فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« يَا أُمَّ عَطِيَّةَ اخْفِضِي وَلاَ تَنْهَكِي فَإِنَّهُ أَسْرَى لِلْوَجْهِ وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ ». ومعنى لا تنهكي : أي لا تبالغي في استقصاء الختان . وأما وقته : فقيل يُستحب يوم سابعه ، والأمر فيه موسّع ، بل كان الصحابة لا يختنون إلا عند مقاربة البلوغ . ومن أقوال العلماء في حكمه : أنه واجب في حق الرجال ،وسنة في حق النساء، وسبب التفريق أنه في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط من شروط الصلاة وهو الطهارة لأن الرجل إذا لم يختتن صارت هذه الجلدة سبب في تجمع البول وسبب في الالتهاب أيضاً ، وأما المرأة ففائدة الختان لها أنه يقلل من شهوتها وهذا طلب كمال وليس من باب إزالة النجاسة، وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- من أسلم من الرجال أن يختتن، كما عند أحمد وأبي داود : (عَنْ عُثَيْمِ بْنِ كُلَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ جَاءَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ قَدْ أَسْلَمْتُ. فَقَالَ « أَلْقِ عَنْكَ شَعَرَ الْكُفْرِ ». يَقُولُ احْلِقْ. قَالَ وَأَخْبَرَنِي آخَرُ مَعَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لآخَرَ « أَلْقِ عَنْكَ شَعَرَ الْكُفْرِ وَاخْتَتِنْ »
الدعاء