خطبة عن (صدقة الفطر، وداعا رمضان) مختصرة
مارس 21, 2025خطبة عن (هَذَا عِيدُنَا) مختصرة
مارس 21, 2025الخطبة الأولى (صدقة الفطر، ووداع رمضان)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ)، وفي سنن أبي داود: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ).
إخوة الإسلام
ها هو شهر رمضان قد آذن بالرحيل، وصدق الله العظيم حين قال عنه: (أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ) البقرة:184. فهي سرعان ما تنقضي، فها هي أيامه ولياليه قد أوشكت على الانتهاء، فسبحان من: (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ، يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ، وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى، أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (5) الزمر، فهذا صوم رمضان يودعنا، ونسأل الله العلي القدير أن يتقبله منا، وأن يجعله شاهدا لنا، لا شاهدا علينا، وأن يعيده علينا مرات عديدة، في أعمار مديدة،
وقد جعل الله لنا في ختام هذا الشهر عبادة عظيمة، ألا وهي زكاة الفطر، فهي صدقة مالية واجبة؛ فقد روى البخاري في صحيحه: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاَةِ)، وفي سنن أبي داود: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاَةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاَةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ).
وصدقة الفطر تجب على كل من ملك زيادة عن قوته يوم العيد، فكل من ملك زيادة عن قوته، وقوت عياله يوم العيد، يجب عليه أن يخرج زكاة الفطر، فإذن عدد مخرجي زكاة الفطر أكثر من زكاة المال، يعني كأن هذه العبادة حتى لأشباه المساكين مشمولون بها، ولذلك قالوا: إن الفقير إذا اجتمع عنده صبيحة يوم العيد أكثر من قوته، وقوت عياله يخرج عن نفسه، وعياله،
والحكمة منها: أنها طهرة للصائم، فالشرع يحرص على تطهير الصائمين من الذنوب والمعاصي، وأن يرقعوا ما انخرق من صيامهم، فصدقة الفطر ، تجبر ما نقص، فتجبر خلل الصيام، وما أكثر ما يقع من الخلل من قبلنا، إذن فهي طهرة للصائم. والمقصد الثاني، أنها طعمة للمساكين؛ لأن يوم العيد يوم فرح، ولا يريد الشرع أن يوجد في المسلمين في يوم فرحهم من يمد يده، ولا يريد الشرع أن يوجد في يوم فرح المسلمين من هو جائع، إذن فأغنوهم بها عن السؤال في ذلك اليوم، حتى يعيش المسلمون كلهم في فرحة، وأن تعم هذه الفرحة الجميع بلا منغصات، فليفرح العيال، ورب العيال.
ونلاحظ أيضاً أن صدقة الفطر تذكر الإنسان بمسؤوليته في الإنفاق؛ لأن صدقة الفطر عنك وعمن تلزمك نفقتهم من أهل بيتك، فتذكرك أنك مسؤول عن الزوجة، والأولاد ذكوراً، وإناثاً، وإذا كنت تعول والديك أيضاً، فتذكرك بالمسؤولية في الإنفاق؛
وهذه الصدقة فيها دقة التوقيت، فمن أداها قبل صلاة العيد فهي صدقة فطر متقبلة، ومن أداها بعد صلاة العيد “فهي صدقة من الصدقات” فليست زكاة فطر، بل صارت صدقة عامة،
إذن فيجب أن يحرص المسلم على إخراجها قبل صلاة العيد، ويجوز قبل العيد بيوم، أو يومين، والسُنة أن يخرجها وهو ذاهب لصلاة العيد، ويجوز قبل ذلك، وقال ابن قدامة رحمه الله: (فَأَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ فَإِنَّهُ يُفَرِّقُهَا فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَجَبَتْ عَلَيْهِ فِيه، سَوَاءٌ كَانَ مَالُهُ فِيهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ؛ لأَنَّهُ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَفُرِّقَتْ فِي الْبَلَدِ الَّذِي سَبَبُهَا فِيهِ).
وزكاة الفطر زكاةٌ للبَدَنِ؛ حيث أبقاه اللهُ تعالى عامًا مِنَ الأعوامِ، وأنعَمَ عليه بالبَقاءِ؛ ولأجْل ذلك وجبَت للصَّغيرِ الذي لا صَومَ عليه، والمجنونِ، ومَن عليه قضاءٌ، وهي مِن شُكرِ نِعَمِ الله على الصَّائمينَ بالصِّيامِ، وفيها حصولُ الثَّوابِ والأجْرِ العظيمِ،
أيها المسلمون
وإذا كنا نودع أيام هذا الشهر الكريم، فالعبرة بالخواتيم، يمضى رمضان بعد أن أحسن فيه أقوام، وأساء فيه آخرون، يمضى وهو شاهد لنا أو علينا، شاهد للمشمر بصيامه وقيامه وبره وإحسانه، وشاهد على المقصر بغفلته وإعراضه ونسيانه، فشهر رمضان سوق، قام ثم انفض، ربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر، فكم سجد فيه من ساجد؟، وكم ذكر فيه من ذاكر؟، وكم شكر فيه من شاكر؟، وكم خشع فيه من خاشع؟، وكم فرّط فيه من مفرِّط؟، وكم عصى فيه من عاص؟، يرتحل شهر الصوم، فما أسعد نفوس الفائزين، وما ألذ عيش المقبولين، وما أذل نفوس العصاة والمذنبين، وما أقبح حال المسيئين والمفرطين.
فتذكر أيها الصائم وأنت تودع شهرك: تذكر سرعة مرور الأيام، وانقضاء الأعوام؛ فإن في مرورها وسرعتها عبرة للمعتبرين، وعظة للمتعظين، قال الله عز وجل: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} (النور:44)،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (صدقة الفطر ووداع رمضان)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
بالأمس القريب كنا نتلقى التهاني بقدوم شهر رمضان، ونسأل الله بلوغه، واليوم نودعه بكل أسىً، فما أسرع مرور الليالي والأيام، وهكذا الأعمار، فالعمر فرصة لا تمنح للإنسان إلا مرة واحدة، فإذا ما ذهبت هذه الفرصة وولت، فهيهات هيهات أن تعود مرة أخرى، فاغتنم أيام عمرك قبل فوات الأوان، ما دمت في زمن الإمكان، قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: “إن الليل والنهار يعملان فيك، فاعمل أنت فيهما”، وقال ابن مسعود رضي الله عنه: “ما ندمتُ على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزد فيه عملي”.
وتذكر دائماً أن العبرة بالخواتيم، فاجعل ختام شهرك الاستغفار والتوبة، فإن الاستغفار ختام الأعمال الصالحة، وقد قال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم في آخر عمره: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا) (1): (3) النصر، كان سلفنا الصالح رضوان الله عليهم يجتهدون في إتمام العمل وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من رده، كما وصف الله عز وجل عباده المؤمنين: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) (60)، (61) المؤمنون، فهل شغلت بهذا وأنت تودع شهرك، قال علي رضي الله عنه: “كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الحق عز وجل: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} (المائدة:27)،
الدعاء