خطبة عن (مقام الرسول ومنزلته عند ربه)
سبتمبر 1, 2024خطبة عن (رسول الله قدوتنا) (فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)
سبتمبر 1, 2024الخطبة الأولى (صفات الرسول وشمائله الخلقية والخُلقية)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. صاحب الخلق العظيم والقلب الرحيم ورحمة الله للخلق أجمعين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : (عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ لَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ – رضى الله عنهما – قُلْتُ أَخْبِرْنِى عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِى التَّوْرَاةِ . قَالَ أَجَلْ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَوْصُوفٌ فِى التَّوْرَاةِ بِبَعْضِ صِفَتِهِ فِى الْقُرْآنِ يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ ، أَنْتَ عَبْدِى وَرَسُولِى سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ وَلاَ سَخَّابٍ فِى الأَسْوَاقِ ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللَّهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . وَيَفْتَحُ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا ، وَآذَانًا صُمًّا ، وَقُلُوبًا غُلْفًا )
إخوة الاسلام
إن الحديث يحلو عن عظماء الرجال ، ولكن الحديث إذا كان عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم فلا يجاريه حديث ، في روعته وحلاوته ، إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي ملأ حبه الأفئدة ، وتشتاق إليه النفوس ، وبذكره ترق وتلين القلوب ،وعند الحديث عنه ،تطمع النفوس المؤمنة إلى رؤيته ،والالتقاء به في جنات النعيم ، والموعد معه إن شاء الله عند حوضه الشريف ،لنشرب منه شربة هنيئة لا نظمأ بعدها أبدا، فرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، أحسن الناس خلقا وخُلقا ، فإذا أحببنا أن نتعرف على صفاته الخلقية والخلقية ، فتعالوا بنا ،نستمع إلى من تحدث عنها من أصحابه رضي الله عنهم ، يقول جابر بن سمرة (رضي الله عنه) كما في سنن الترمذي بسند حسن (عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي لَيْلَةٍ إِضْحِيَانٍ فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَإِلَى الْقَمَرِ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ فَإِذَا هُوَ عِنْدِي أَحْسَنُ مِنَ الْقَمَرِ ) ،أما الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه فيقول كما في صحيح ابن حبان ومسند الامام احمد(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : مَا رَأَيْتُ شَيْئاً أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِى فِى وَجْهِهِ ،وَمَا رَأَيْتُ أَحَداً أَسْرَعَ فِي مَشْيِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَأَنَّمَا الأَرْضُ تُطْوَى لَهُ إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ) وفي البخاري (سُئِلَ الْبَرَاءُ أَكَانَ وَجْهُ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – مِثْلَ السَّيْفِ قَالَ لاَ بَلْ مِثْلَ الْقَمَرِ) ، وفي سنن الدارمي وغيره (عَنْ أَبِى عُبَيْدَةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ قُلْتُ لِلرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ : صِفِى لَنَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- . فَقَالَتْ : يَا بُنَىَّ لَوْ رَأَيْتَهُ رَأَيْتَ الشَّمْسَ طَالِعَةً ) وقال كعب بن مالك كما في البخاري (سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَهْوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ ، حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ) وقال أبو جُحَيْفَةَ كما في البخاري (وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ يَدَيْهِ ، فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ ، قَالَ :فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ ، فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِى ، فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنَ الثَّلْجِ ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ ) ،وفي البخاري (عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَصِفُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: كَانَ رَبْعَةً مِنَ الْقَوْمِ ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلاَ بِالْقَصِيرِ ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ أَمْهَقَ وَلاَ آدَمَ ، لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ وَلاَ سَبْطٍ رَجِلٍ ) ،وفي صحيح مسلم (قَالَ أَنَسٌ مَا شَمِمْتُ عَنْبَرًا قَطُّ وَلاَ مِسْكًا وَلاَ شَيْئًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلاَ مَسِسْتُ شَيْئًا قَطُّ دِيبَاجًا وَلاَ حَرِيرًا أَلْيَنَ مَسًّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم ) ، وكان صلى الله عليه وسلم ( كما وصفه هند ابن أبي هالة كما في المعجم الكبير للطبراني (عن الحسن بن علي قال سألت خالي هند بن أبي هالة التميمي وكان وصافا عن حلية النبي صلى الله عليه و سلم وأنا أشتهي أن يصف لي منها شيئا أتعلق به فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم فخما مُفخما يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر أطول من المربوع وأقصر من المشذب عظيم الهامة رجل الشعر إن انفرقت عقيصته فرق ،وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره ،أزهر اللون واسع الجبين أزج الحواجب، سوابغ في غير قرن ،بينهما عرق يدره الغضب ،أقنى العرنين ،له نور يعلوه يحسبه من يتأمله أشم، كث اللحية سهل الخدين ضليع الفم أشنب مفلج الأسنان، دقيق المسربة ،كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة، معتدل الخلق بادن متماسك ،سواء البطن والصدر ،عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين ،ضخم الكراديس (عظم الترقوة)أنور المتجرد (مشرق ما تجرد عنه ثيابه ) موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط ،عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين(الذراعين) رحب الراحة ،سبط القصب ، شثن(غليظ) الكفين والقدمين ،سائل الأطراف، خمصان الأخمصين، مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء ،إذا زال زال قلعا (إذا مشى ضرب رجليه بشدة)،يخطو تكفيا ،ويمشي هونا، ذريع المشية (سريع)، إذا مشى كأنما ينحط من صبب ،وإذا التفت التفت جميعا، خافض الطرف ،نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة ،يسوق أصحابه(يمشي خلفهم) يبدأ من لقيه بالسلام قلت : صف لي منطقه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم متواصل الأحزان دائم الفكرة ليست له راحة لا يتكلم في غير حاجة طويل السكوت يفتتح الكلام ويختتمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلم فصل لا فضول ولا تقصير، دمث،(طيب الخلق) ليس بالجافي ولا المهين ،يعظم النعمة وإن دقت ،لا يذم منها شيئا، لا يذم ذواقا ولا يمدحه ولا تغضبه الدنيا ولا ما كان لها فإذا تعرض للحق لم يعرفه أحد ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له، لا يغضب لنفسه ولا ينتصر لها إذا أشار أشار بكفه كلها وإذا تعجب قلبها وإذا تحدث اتصل بها فيضرب باطن راحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى وإذا غضب أعرض وأشاح وإذا فرح غض طرفه جل ضحكه التبسم ويفتر عن مثل حب الغمام ،قال : فكتمتها الحسين زمانا ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه فسأله عما سألته عنه ووجدته قد سأل أباه عن مدخله ومجلسه ومخرجه وشكله فلم يدع منه شيئا ،قال الحسين سألت أبي عن دخول رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : كان دخوله لنفسه مأذون له في ذلك فكان إذا أوى إلى منزله جزأ نفسه دخوله ثلاثة أجزاء جزء لله وجزء لأهله وجزء لنفسه ثم جزء جزؤه بينه وبين الناس فيرد ذلك على العامة بالخاصة فلا يدخر عنهم شيئا فكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه وقسمه على قدر فضلهم في الدين فمنهم ذو الحاجة ومنهم ذو الحاجتين ومنهم ذو الحوائج فيتشاغل بهم فيما أصلحهم والأمة عن مسألة عنه وأخبارهم بالذي ينبغي لهم ويقول : ليبلغ الشاهد الغائب وأبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياي فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها إياه ثبت الله قدميه يوم القيامة ،لا يذكر عنده إلا ذاك ولا يقبل من أحد غيره يدخلون روادا ولا يفترقون إلا عن ذواق ويخرجون أدلة ،قال : فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه ؟ فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخزن لسانه إلا مما يعنيهم ويؤلفهم ولا يفرقهم أو قال ينفرهم فيكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه يتفقد أصحابه ويسأل الناس عما في الناس ويحسن الحسن ويقويه ويقبح القبيح ويوهنه معتدل الأمر غير مختلف لا يغفل مخافة أن يغفلوا ويميلوا لكل حال عنده عتاد لا يقصر عن الحق ولا يجوزه الذين يلونه من الناس خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة ، فسألته عن مجلسه ،فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر الله لا يوطن الأماكن وينهي عن إيطانها وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ويأمر بذلك ويعطى كل جلساته بنصيبه لا يحسب جليسه أن أحد أكرم عليه منه من جالسه أو قاومه في حاجة صابره حتى يكون هو المنصرف ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول قد وسع الناس منه بسطه وخلقه فصار لهم أبا وصاروا عنده في الحق سواء مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة لا ترفع فيه الأصوات ولا تؤبن فيه الحرم ولا تنثى فلتاته(تذاع أو تشاع) متعادلين ،يتفاضلون فيه بالتقوى، متواضعين يوقرون الكبير ويرحمون الصغير ويؤثرون ذوي الحاجة ويحظون الغريب ،قال قلت : كيف كانت سيرته في جلسائه ؟ قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا غياب ولا مداح يتغافل عما لا يشتهي ولا يوئس منه ولا يخيب فيه قد ترك نفسه من ثلاث المراء والإكثار ومما لا يعنيه وترك نفسه من ثلاث كان لا يذم أحدا ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير وإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده، يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوة ) وكان صلى الله عليه وسلم ( بين كتفيه خاتم النبوة ، كبيضة الحمامة بها شعيرات مجتمعات ،
وعاش صلى الله عليه وسلم عيشة الزهد ، فلم يشبع من خبز الشعير قط كما في البخاري (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ ابْنَ أُخْتِي ، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ ، ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – نَارٌ . فَقُلْتُ يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتِ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مِنْ أَلْبَانِهِمْ ، فَيَسْقِينَا ) ربما وضع حجرين على بطنه ليسكت جوع بطنه ، وكان يأكل بأصبعه الثلاث ،ويلعقها إذا انتهى ، أحب صلى الله عليه وسلم من الطعام الدباء (القرع ) والحلوى والعسل وكان لا يذم طعاما قط ، كان صلى الله عليه وسلم كريما سخيا جوادا، سأله يوما رجل ، فأعطاه غنما بين جبلين كما في صحيح مسلم (عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ فَأَتَى قَوْمَهُ فَقَالَ أَيْ قَوْمِ أَسْلِمُوا فَوَ اللَّهِ إِنَّ مُحَمَّدًا لَيُعْطِي عَطَاءً مَا يَخَافُ الْفَقْرَ)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (صفات الرسول وشمائله الخلقية والخُلقية)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. صاحب الخلق العظيم والقلب الرحيم ورحمة الله للخلق أجمعين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونواصل حديثنا عن أخلاق وصفات الرسول صلى الله عليه وسلم لعلنا نجد فيه الأسوة والقدوة الحسنة ، كان صلى الله عليه وسلم داخل بيته يقسم وقته ثلاثة ، قسم لله ، وقسم لأهله ، وقسم لنفسه ، كان يمازح أصحابه ويتألفهم ، ولا يقول إلا حقا ،وكان يسمر مع نسائه ويحدثهن ، وكان في بيته كما في البخاري (سَأَلْتُ عَائِشَةَ مَا كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ قَالَتْ كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ ) ،وفي مسند احمد (عن عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ عَائِشَةَ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ شَيْئاً قَالَتْ نَعَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيَخِيطُ ثَوْبَهُ وَيَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ كَمَا يَعْمَلُ أَحَدُكُمْ فِي بَيْتِهِ.) ،فكان يحلب شاته ويرقع ثوبه ويقم البيت ويعقل البعير ،ويعلف ناضحه ،ويأكل مع الخادم ويحمل بضاعته إلى السوق ،دخل عليه رجل فهابه كما في سنن ابن ماجه (عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ فَكَلَّمَهُ فَجَعَلَ تُرْعَدُ فَرَائِصُهُ فَقَالَ لَهُ « هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ إِنَّمَا أَنَا ابْنُ امْرَأَةٍ تَأْكُلُ الْقَدِيدَ » ، وكان صلى الله عليه وسلم أرفق الناس بالضعفاء ،وأعظمهم رحمة بالمساكين ، وكان من شدة شفقته أنه يتجوز في الصلاة إذا سمع بكاء الصبي ،وكان يحذر أصحابه من الجفاء فيقول لهم كما في البخاري ( قَالَ « دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِى هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا ، فَلَمْ تُطْعِمْهَا ، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشِ الأَرْضِ »
أيها المسلمون
إن الحديث عن صفات وأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم تشتاق إليها النفوس ، وتسمو بها الأرواح ، وترق لها القلوب ،فإذا كانت هذه هي أخلاقه ، فما منزلته عند ربه ، ذلك لنا معها لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء