خطبة عن حديث (مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ)
ديسمبر 2, 2017خطبة عن حديث ( ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ )
ديسمبر 9, 2017الخطبة الأولى ( صلاة الجماعة وفضائلها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) (9) المؤمنون،وقال الله تعالى : (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ) النساء 102، وقال تعالى: ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ) (النور : 36 ، 37 ) ، وفي صحيح مسلم : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ». وفيه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا ».
إخوة الإسلام
صلاة الجماعة في المساجد من سنن الهدى ومن شعائر الإسلام الظاهرة ، وفي صحيح مسلم 🙁 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاَءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّى هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ) .وفي الصحيحين :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ :« وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ يُحْتَطَبُ ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ ، وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا أَوْ مَرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ » ،وفي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاَسْتَهَمُوا وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا ». فهذه الأحاديث وغيرها تدل على وجوب صلاة الجماعة في المسجد ،قال شيخ الإسلام ابن تيمية : لا ينبغي له أن يترك حضور المسجد إلاّ لعذر كما دلت على ذلك السنن والآثار
والصلاة في المساجد من أكبر شعائر الدين وعلاماته وفي تركها بالكلية أو في المسجد محو لآثار الصلاة بحيث إنه يفضي إلى تركها ولو كان الواجب فعل الجماعة لما جاز الجمع للمطر ونحوه وترك الشرط وهو الوقت لأجل السنة ومن تأمل الشرع المطهر علم أن إتيان المسجد لها فرض عين إلا لعذر .فصلاة الجماعة في المساجد من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الواجبة الاتباع وأن الصحابة رضي الله عنهم عملوا بها فحافظوا على صلاة الجماعة في المساجد وأنكروا على من تخلف عنها وأن من عادة المنافقين في زمانهم التخلف عن صلاة الجماعة في المساجد ، فليحذر المسلم من أن يشابه أولئك القوم في تخلفه عن الصلاة في المسجد مع جماعة المسلمين ، وهذا كله مأخوذ من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله في صلاة الجماعة . ومن ذلك ما رواه مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ. فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّىَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ فَقَالَ « هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ ». فَقَالَ نَعَمْ. قَالَ « فَأَجِبْ ». والتَّخلُّف عن الجماعة يجعل الصَّلاةَ ثقيلةً على المصلي لو صلى وحدَه، وفي سنن النسائي وصحَّحه ابن خزيمة (قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَا مِنْ ثَلاَثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلاَ بَدْوٍ لاَ تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إِلاَّ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ » . قَالَ السَّائِبُ يَعْنِى بِالْجَمَاعَةِ الْجَمَاعَةَ فِى الصَّلاَةِ.
أيها المسلمون
ومن العجيب أننا في هذا الزمن نسمع من يهون من أهمية صلاة الجماعة في المسجد نظرًا لأن بعض العلماء قال أنها سنة ،ولهذا يستنكرون الصلاة في وقت العمل ، ولا شك أن الواجب هو اتباع الدليل من الكتاب والسنة في وجوب صلاة الجماعة في المسجد ، ، فإن التهوين من أمر هذه الشعيرة في قلوب المسلمين مخالف لنصوص الكتاب والسنة ، قال الله تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا) (الأحزاب : 36 ) ، وقال تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (النور : آية 63 ) وقال الله تعالى عن المساجد : ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ (36) رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ) (النور 36 ، 37 ) ، قال ابن كثير في تفسيره : وقال مطر الوراق : كانوا يبيعون ويشترون ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه وأقبل إلى الصلاة ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : (لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ ) النور 37 ،يقول عن الصلاة المكتوبة وكذا قال الربيع بن أنس ومقاتل بن حيان ، وقال السدي يعني الصلاة في جماعة
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( صلاة الجماعة وفضائلها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولما فهم السلف الصالح أهمية صلاة الجماعة ، فقد كانوا يَعُدُّون فواتَ الجماعة مصيبةً عظيمة، ويعملون أعمالاً صالحةً كثيرةً؛ لعلَّها تكون عِوضًا عمَّا فاتهم من أجرِ الجماعة؛ كما روى نافع – رحمه الله تعالى – قال: “كان ابنُ عمر – رضي الله عنهما – إذا فاتتْه صلاةٌ في جماعةٍ، صلَّى إلى الصَّلاة الأخرى، فإذا فاتتْه العصر، يُسبِّح إلى المغرب، ولقد فاتتْه صلاةُ عِشاء الآخرة في جماعةٍ، فصلى حتَّى طلَع الفجرُ”.وعن نُعيمِ بن حمادٍ – رحمه الله تعالى – قال: “جاء ضِمَامُ بنُ إسماعيلَ إلى المسجدِ، وقد صلَّى النَّاس، وقد فاتتْه الصَّلاةُ، فجعل على نفسِه ألاَّ يخرجَ من المسجد، حتَّى يلقى الله – عزَّ وجلَّ – قال: فجعلَه بيتَه حتَّى مات”.وأحدُهم خرج إلى بستانٍ له، فيه نخلٌ له، فرجع منه وقد صلَّى النَّاس صلاةَ العصر، فقال: “إنَّا لله، فاتتْني صلاةُ الجماعة”، فتصدَّق ببستانه على المساكين. إنَّ هذه الأفعالَ مِن سلفِنا الصَّالح لَهي أكبر دليل على مكانة صلاة الجماعة في قلوبِهم، وسببُ ذلك ما عَلموا من الكتاب والسُّنة في فضل الجماعة، والتَّرغيب فيها، والتَّحذير مِن تَرْكها، فقدَّمُوها على أمورِ الدُّنيا مهما كانت،
أيها المسلمون
ولصلاة الجماعة في المساجد فوائد عظيمة ، وفضائل متعددة ، ومنها : أن فيها أداء شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام . ومن فضائل صلاة الجماعة : أن فيها براءة من النفاق . كما قال الله تعالى : (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ) التوبة 18 أي يعمرها بالصلاة فيها والتردد عليها . ومن فضائل صلاة الجماعة : أن المصلي في الجماعة يبتعد منه الشيطان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم : « مَا مِنْ ثَلاَثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلاَ بَدْوٍ لاَ تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاَةُ إِلاَّ قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ ». ومن فضائل صلاة الجماعة : أن الصلاة في الجماعة يحصل بها التعارف والتآلف والتعاون بين المسلمين إلى غير ذلك من المصالح العظيمة . ولذلك شرع الله بناء المساجد وتهيئتها لاجتماع المصلين فيها . ومن فضائل صلاة الجماعة : أن المحافظةُ على الصَّلاة في جماعة مِن صفات المؤمنين، الذين قال الله – تعالى – فيهم: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ ﴾ [المعارج: 34 – 35]. وأما التَّثاقُل عن الصَّلاة، والتَّخلُّف عن الجماعة ، فهي سِمةُ من سمات أهلِ النِّفاق؛ الذين قال الله تعالى في وصفهم: ﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى ﴾ [النساء: 142]، وفي آيةٍ أخرى، قال تعالى : ﴿ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى ﴾ [التوبة: 54]،
الدعاء