خطبة عن (قواعد العناية بالصحة في نظام الطعام في الإسلام)
فبراير 22, 2020خطبة عن العلم والعمل (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)
فبراير 29, 2020الخطبة الأولى ( صلاح البال )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ) (2) محمد ،وقال الله تعالى : “سَيَهدِيهِم وَيُصلِحُ بَالَهُم ” محمد: 5 .
إخوة الإسلام
يشتكي الكثير من الناس من انشغال البال ،والهَم والقلق والاضطراب ،وتشعب الهموم ، فيجتهد المرء في مكابدة مشاغله الدنيوية ، مُعرِضًا عن إدراك أهمية صلاح بَالِه ، فصلاح البال هو طريق السعادة ، والتي ينبني عليها الفوز في الدنيا والآخرة ، يقول الامام السعدي في قوله تعالى: “سَيَهدِيهِم وَيُصلِحُ بَالَهُم ” محمد: 5 . “أي : أصلح دينهم ودنياهم، وقلوبهم وأعمالهم، وأصلح ثوابهم، بتنميته وتزكيته، وأصلح جميع أحوالهم “، وقال سيد قطب: “إصلاح البال نعمة كبرى ،تلي نعمة الإيمان في القدر والقيمة والأثر، ومتى صلح البال، استقام الشعور والتفكير، واطمأن القلب والضمير، وارتاحت المشاعر والأعصاب، ورضيت النفس واستمتعت بالأمن والسلام” فإصلاح البال : يجمع إصلاح الأمور كلها ، لأن تصرفات الإنسان تأتي على حسب رأيه، فالتوحيد أصل صلاح بال المؤمن، فالمؤمنون ،فلا يفكرون إلا صالحا ،ولا يتدبرون إلا ناجحا” .
أيها المسلمون
فقوله تعالى :{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْـحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ} [محمد: ٢]. فهذا خبر محقق لا يتخلف، فمن حقق الإيمان ؛ تصديقا بالقلب وقولا باللسان وعملا بالجوارح والأركان ، وبالصالحات من الأعمال ، وأولها الفرائض والواجبات ،ثم ما تيسر له من شعب الإيمان وخصاله، فهو موعود وعداً صادقاً بأمرين: الأول: تكفير السيئات؛ والثاني: صلاح البال؛ ومن ثمرات إصلاح البال : أن يرشدهم الله لأعمال الخير والبر في الدنيا، فيعيش مطمئن النفس، مرتاح الضمير، ، فيورثه الله نعيم الجنة في الآخرة مع صلاح الحال في الدنيا كما قال الله تعالى :{مَنْ عَمِلَ صَالِـحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، فمن أحسن عمله في الدنيا أحسن الله جزاءه في الآخرة. ، وعلينا أن نعلم أن لصلاح البال أسباباً من أعظمها: العبادة، وحسن العلاقة مع الله: وذلك أقصر طريق لصلاح البال، قال الله عز وجل في الحديث القدسي الذي رواه البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ،) ، فبقدر الابتعاد عن الله، وبقدر ضعف الصلة به، يكون الشقاء والضنك وسوء البال والحال. وبقدر قربك من الله ، وصلتك به ، يكون صلاح حالك وبالك .
ومن الأسباب المعينة على صلاح البال : سلامة القلب: ولا تكون إلا بتحقيق التوحيد وكمال تعلق العبد بالله عز وجل حباً وخوفاً ورجاءً وطمعاً وتوكلاً، مع سلامته من الآفات كالحسد والحقد والغل، قال الأصمعي: رأيت أعرابياً أتى عليه عمر كثير، فقلت: أراك حسن الحال في جسدك! قال: نعم تركت الحسد فبقيت نفسي. ومن الأسباب المعينة على صلاح البال : توحيد الهم: بأن يكون الهم هماً واحداً، وهو هم الآخرة، ففي سنن ابن ماجه : (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ الْمَعَادِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهِ هَلَكَ ». ومن الأسباب المعينة على صلاح البال : القناعة بالرزق، ومعرفة فضل الله في ما أعطى: قال تعالى:{وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: ١٣١]، وفي سنن الترمذي : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا ».،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( صلاح البال )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الأسباب المعينة على صلاح الحال والبال : تقوى الله، قال الله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ ) يونس62-64، فالمؤمن أطيب الناس عيشاً ، وأنعمهم بالاً ، وأشرحهم صدراً، وأسرهم قلباً، يدخل جنة الدنيا قبل أن يدخل جنة الآخرة، فهنالك نعيم في الدنيا وهو راحة البال وصلاح الحال، فلهم نعيم في الدنيا قبل أن يدخلوا نعيم الآخرة، ونعيم الدنيا هو انشراح الصدر، والراحة النفسية، وليس نعيم الدنيا في القصور والمراكب والمآكل اللذيذة، وإنما هو في راحة البال وصلاح الحال، وطمأنينة النفس، وانشراح الصدر ونور القلب، وصلاح البال يمكن أيضاً الحصول عليه من صلاة الاستخارة عند الحيرة، الإنسان يريد أن يتخذ قرارات في هذه الحياة، فقد روى البخاري في صحيحه : (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ – رضى الله عنهما قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ يَقُولُ « إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي – أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ – فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِى – أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِى وَآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّى وَاصْرِفْنِي عَنْهُ ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ أَرْضِنِي – قَالَ – وَيُسَمِّى حَاجَتَهُ »
أيها المسلم
إذا أصلح الله حالك وبالك، صلحت لك الحياة والأمور كلها ، وحصل لك الفوز والفلاح، وشعرت بالراحة والطمأنينة، وحصلت النعمة ،وحصل النعيم النفسي ،وإذا صلح حالك وبالك استقام أمرك ،ورضي قلبك ، واستمتعت بالحياة، ولهذا لما سئل بعض السلف : لماذا أنت في نعيم وهدوء بال؟ ، قال: لا أتكلم فيما لا يعنيني، وكان قلبي سليماً للمسلمين.
الدعاء