خطبة عن ( ذكر الله )
مارس 25, 2016خطبة عن ( صلة الرحم )
مارس 26, 2016الخطبة الأولى ( عقوبة قاطع الرحم ،ما يعين على صلة الرحم )
الحمد لله رب العالمين …. اللهم لك الحمد حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد ….. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له …. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله دعانا إلى الهدى وحذرنا من الردى فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) ( 22) ،(23) محمد
إخوة الإسلام
إن قطيعة الرّحم مِن كبائر الذّنوب، وقد وتوعد الله صاحبها باللّعنةِ والهلاك والثبور، فقال تعالى:( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَتُقَطّعُواْ أَرْحَامَكُمْ أَوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ) [محمد:22، 23]. وفي سنن ابي داود : ((عَنْ أَبِى بَكْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا – مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ – مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ » ، وأول عقوبة من عقوبات قاطع الرحم ألا يقبل الله جل وعلا من قاطع الرحم أعماله الصالحة، .. فقد روى الإمام احمد ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ أَعْمَالَ بَنِى آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ فَلاَ يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ ». ومن عقوبة قاطع الرحم أن صلته بالله مقطوعة وقد روى الإمام مسلم : ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ. قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى. قَالَ فَذَاكَ لَكِ ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ». ومن عقوبة قاطع الرحم الحرمان من الجنة. فقد روى البخاري ومسلم : (إِنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعٌ » ، وعن أبي موسى رضي الله عنه أنّ النبي قال: ((ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمنُ الخمر وقاطع الرحم ومصدِّقٌ بالسحر)) ، كما روى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق، وإن هذه الرحم شجنة من الرحمن عز وجل، فمن قطعها حرّم الله عليه الجنة)). وقاطع الرحم تغلق دونه أبواب السماء فلا تفتح له أبواب الرحمة والمغفرة فقدروى الطبراني عن ابن مسعود مرفوعاً: ((إن أبواب السماء مغلقة دون قاطع الرحم )
أيها المسلمون
إن الأمر جلل وعظيم ..والذنب كبير وخطير فقطيعة الأرحام تعني فساد الأخلاق .. قطيعة الأرحام تعني زوال الإيمان ..قطيعة الأرحام تعني الفساد في الأرض وإتباع الشيطان لذلك كان الصحابة رضي الله عنهم لا يجلسون مع قاطِع الرّحم، يقول أبو هريرة رضي الله عنه: (أحرِّج على كلِّ قاطعِ رحمٍ لَمَا قام من عندنا) ،وكان ابن مسعود رضي الله عنه جالسًا في حلقةٍ بعدَ الصبح فقال: (أنشد الله قاطعَ رحمٍ لَمَا قام عنَّا فإنّا نريدُ أن ندعوَ ربَّنا؛ وإنّ أبوابَ السماء مُرتَجَة ـ أي: مغلقة ـ دونَ قاطِع الرّحم)، وقطيعة الرحم قد تتطور وتزداد .. وينفخ الشيطان في نارها،.. فيتوارثها الأولاد عن الآباء،فيورث الأب لأبنائه قطيعة أرحامهم :( يقول احدهم لأولاده عند موته ..إياكم أن تكلموا فلانا او تتعاملوا معه .. فينشأ الأبناء وهم مخاصمون لأعمامهم أو أخوالهم أو خالاتهم وعماتهم ، وهكذا يتوارث الناس جيلا بعد جيل قطيعة الارحام.. ومعصية الرحمن..وهكذا تدوم هذه القطيعةُ بين ذوي الرحِم حتى يفرِّق بينهما الموتُ وعند ذلك لا ينفعُ الندم، .. فلا لقاءَ إلاَّ بعد البعث والنشور، فيجثو كلٌّ منهم أمام الله الحَكَم العدل، فيقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم .. وعن عُقبة بن عامر رضي الله عنه قال: لقيتُ رسولَ الله فأخذتُ بيده فقلت: يا رسول الله، أخبرني بفواضلِ الأعمال، فقال: ((يا عقبة، صِل من قطعَك، وأعطِ من حرمك، وأعرض عمّن ظلمك))، وفي رواية: ((واعفُ عمّن ظلمك)) رواه أحمد والحاكم صدق رسول الله
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( عقوبة قاطع الرحم ،ما يعين على صلة الرحم )
الحمد لله رب العالمين … اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه …. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له …. واشهد أن محمدا عبده ورسوله ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدتا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إنّ ذوي الرّحِم هم أناس غيرُ معصومين من الخطأ ، فهم يتعرّضون للزّلَل، ويقَعون في الخَلل، وتصدُر منهم الهَفوة، ويقَعون في الكبيرة، فإن بَدَر منهم شيءٌ من ذلك فالزَم أخي المسلم جانبَ العفوِ معهم، فإنَّ العفوَ من شِيَم المحسنين،. وما زادَ الله عبدًا بعفو إلاّ عِزًّا،.. وقابِل إساءَتهم بالإحسان، واقبل عُذرَهم إذا أخطأوا، ..لقد فعل إخوة يوسفَ مع يوسفَ ما فعلوا، وعندما اعتذروا لأخيهم قبِل عذرهم وصفَح عنهم الصفحَ الجميل، ولم يوبِّخهم، بل دعا لهم وسأل الله المغفرةَ لهم، قال :( لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرحِمِينَ ) [يوسف:92].
فغُضَّ الطرف أخي المسلم عن الهفواتِ، واعفُ عن الزّلاّت، وداوِم على صِلة الأرّحام ولو قطعوا، وبادِر بالمغفرة وإن أخطأوا، وأحسِن إليهم وإن أساؤوا، ودَع عنك محاسبةَ الأقربين، ولا تجعَل عِتابَك لهم في قطعِ رحمِك منهم، وكُن جوادَ النّفس كريمَ العطاء، وإياك والشحَّ فإنّه من أسباب القطيعة، قال عليه الصلاة والسلام: ((إيّاكم والشّحَّ؛ فإنّ الشحّ أهلك من كان قبلكم؛ أمرهم بالبُخل فبخلوا، وأمرهم بالظّلم فظلموا، وأمرهم بالقطيعةِ فقطعوا)) متفق عليه، وعظِّموا أوامرَ الله بالعمل بها، وعظِّموا ما نهى الله عنه باجتنابِه، قال تعالى :( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) [البقرة:281]، واعمَلوا للدار الآخرة صالحَ الأعمال، فإنها دار القرار، لا ينفَد نعيمها، ولا يبلى شبابها، ولا تخرب ديارها، ولا يموت أهلُها، واتّقوا نارًا وقودُها الناس والحجارة، عذابها شدِيد، وقعرُها بعيد، وطعام أهلِها الزقوم، وشرابهم المهلُ والصديد، ولباسهم القطران والحديد. واعلموا أن لله عمَلاً بالليل لا يقبله بالنهار، وعملاً بالنهار لا يقبله بالليل، وأعمالُ العباد هي ثوابُهم أو عقابهم، قال الله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) [الجاثية:15]، وفي الحديث عن النبيّ عن ربّه تعالى أنه قال: ((يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفّيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمدِ الله، ومن وجد غيرَ ذلك فلا يلومنّ إلاَّ نفسه)) ، وتذكَّروا تطايرَ صحفِ الأعمال، فآخذٌ كتابه بيمينه، فهو من أهل الجنة وآخذٌ كتابه بشماله، فهو من أهل السعير ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيد )
الدعاء